إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدِ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، لا إِلَهُ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ؛ فَتَقْوَى اللهِ تَعالَى تَفْتَحُ أَبْوابَ الخَيْراتِ، {ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} سُورَةُ الطَّلاقِ، الآية 2، 3.
بِالإِيمانِ وَالتَّقْوَى، تُسْتَفْتَحُ بَركاتُ السَّماواتُ وَالأَرْضِ، قالَ اللهُ جَلَّ في عُلاهُ: {ولَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ}الأَعراف:96 إِنَّ فَتْحَ بَرَكاتِ السَّمواتِ وَالأَرْضِ، لا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِالاسْتِقامَةِ عَلَى أَمْرِ اللهِ وَشَرْعِهِ، {وأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا}الجن:16 وَقالَ جَلَّ في عُلاهُ: {ولَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ والإنجِيلَ ومَا أُنزِلَ إلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ ومِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم}المائدة:66.
أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ تَقْوَى اللهِ تَعالَى هِيَ القِيامُ بِشَرْعِهِ، هِيَ امْتِثالُ أَمْرِهِ، هِيَ تَعْظِيمُ ما عَظَّمَهُ، وَاجْتِنابُ ما نَهَى عَنْهُ وَحَرَّمَهُ.
عِبادَ اللهِ, المالُ قَوامُ الحَياةِ، المالُ زِينَةُ الحَياةِ الدُّنْيا، قالَ جَلَّ في عُلاهُ: {المَالُ والْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} سُورَةُ الكَهْفِ، الآية 46، فَبِالمالِ تُعْمَرُ الأَرْضُ، بِالمالِ يَطِيبُ العَيْشُ.
بِالعِلْمِ وَالمالِ يَبْنِي النَّاسُ مُلْكَهُمُ *** لَمْ يُبْنَ مُلْكٌ عَلَى جَهْلٍ وَإِقْلالٍ
حُبُّ المالِ فِطْرَةٌ فَطَرَ اللهُ تَعالَى النُّفُوسِ عَلَيْها؛ {وتُحِبُّونَ المَالَ حُبًا جَمًا}الفجر:20 وَقَدْ قالَ جَلَّ في عُلاهُ، عَنِ الإِنْسانِ: {وإنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ}العاديات:8.
السَّعْيُ في اكْتِسابِ المالِ شِرْعَةٌ أَذِنَ اللهُ تَعالَى بِها في كِتابِهِ، فَقالَ جَلَّ في عُلاهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} سورة الجمعة، الآية 9، 10, وَقالَ جَلَّ في عُلاهُ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وإلَيْهِ النُّشُورُ}الملك:15.
أَيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ المالَ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ، تَحْصُلُ لِبَنِي آدَمَ في اكْتِسابِهِ، وَفي إِمْساكِهِ، وَفِي إِنْفاقِهِ، قالَ اللهُ جَلَّ وَعَلا: {أنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}الأنفال:28، ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ تَعالَى طَرِيقَ السَّلامَةِ مِنْ تَلْكَ الفِتْنَةِ فَقَالَ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ (16) إن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} سُورَةُ التَّغابُنِ، الآية 16، 17.
وَقَدْ جاءَ في جامِعِ التِّرْمِذِيِّ، بِإِسْنادِ لا بَأْسَ بِهِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالِ «لا تَزُولَ قَدما عَبْدٍ يَوْمَ القِيامَةِ حَتَّى يُسْئَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْناهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ؟ وَعَنْ مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟» سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ: بابُ في القِيامَةِ ، حَدِيثُ رقم(2417)، قالَ الأَلْبانِيُّ : صَحِيحُ، فَواجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٌ، وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَرادَ النَّجاةَ يَوْمَ الميعادِ، أَنْ يُعِدَّ لهَذِهِ الأَسْئِلَةِ جَوابًا، سَلْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دِرْهَمٍ في جَيْبِكَ، أَوْ في حِسابَكَ، أَوْ في مِلْكِكَ، مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ؟ وَفِيما أَنْفَقْتَهُ؟ هَذا سُؤالٌ سَيُوجَّهُ إِلَيْكَ، بَيْن يَدَيْ مَلَكٍ حَقٍّ، يَعْلَمُ الدَّقِيقَ وَالجَلِيلَ، لا تَخْفَى عَلَيْهِ خافِيَةٌ، سُبْحانُهُ وَبِحَمْدِهِ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ مِنَ فِتْنَةِ المالِ أَنْ لا يُبالِي الإِنْسانُ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَلا يَكْتَرِثُ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ، فَتَجِدُهُ لاهِثًا في اكْتِسابِهِ وَتَحْصِيلِهِ، تَجِدُهُ ساعِيًا في الاسْتِكْثارِ مِنْهُ، دُونَ تَفْكِيرٍ، في حَلالٍ أَوْ حرامٍ، وَإِنَّهُ لمنِ البَلاءِ العَظِيمِ، أَنْ تَكُونَ مِنْ أُولَئِكَ الَّذينَ قالَ فِيهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيما رَواهُ البُخارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمانٌ لا يُبالِي المرْءُ بِما أَخَذَ المالَ أَمِنَ حَلالٍ أَمْ مِنْ حَرامٍ» صَحيحٌ البُخارِيِّ حَدِيثُ رقم(2417) يَعْنِي بِأَيِّ سَبَبٍ، وَمِنْ أَيِّ طَرِيقٍ «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمانٌ لا يُبالِي المرْءُ بِما أَخَذَ المالَ أَمِنْ حَلالٍ أَمْ مِنْ حَرامٍ» .
وَإِنَّ مِنْ أَكْثَرِ ما يَحْصُلُ بِهِ التَّساهُلُ، في اكْتِسابِ الأَمْوالِ، ما تَوَرَّطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَبْرَ الأَزْمانِ، وَفِي زَمَنِنا هَذا، عَلَى وَجْهِ الخُصُوصِ، مِنْ أَكْثَرِ ما يَحْصُلُ بِهِ التَّساهُلُ في التَّكَسُّبِ وَالتَّوَرُّطِ في المالِ الحَرامِ، الجنايَةُ عَلَى المالِ العامِّ، فَإِنَّ الِجنايَةَ عَلَى المالِ العامِّ، سَبِيلٌ مَسْلُوكٌ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، وَالمالِ العامِّ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُهُ النَّاسُ كافَّةً، وَتُشْرِفُ عَلَى إِدارَتِهِ الدَّوْلَةُ، سَواءٌ كانَ ذَلِكَ نُقُودًا، أَوْ كانَ ذِلِكَ عَقارًا، أَوْ كانَ ذَلِكَ ثَرَواتٍ، أَوْ كانَ ذَلِكَ مُرافِقٌ وَخَدَماتٍ، أَوْ كانَ ذَلِكَ طُرُقًا وَمَسْتَشْفَياتٍ، أَوْ كانَ ذَلِكَ ما كانَ مِنَ المالِ الَّذِي يَشْتَرِكُ النَّاسُ في الانْتِفاعِ بِهِ، وَالمِلْكُ فِيهِ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَالدَّوْلَةُ تُشْرِفُ عَلَيْهِ.
كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، لا يُقِيمُ لهذا المالِ حُرْمَةً، وَلا يَرَى لَهُ قِيمَةً، وَلا يَتَحَرَّجُ في الاسْتِكْثارِ مِنْهُ وَالأَخْذِ، يَأْخُذُ مِنْهُ ما اسْتَطاعَ، وَيَعُدُّهُ غَنِيمَةً بارِدَةً، وَيَقُولُ كَما يَقُولُ كَثِيٌر مِنَ النَّاسِ: هُوَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ، كَذَبَ وَاللهِ؛ إِنَّهُ مالٌ يَشْتَرِكُ جَمِيعُ النَّاسِ في اسْتِحْقاقِهِ، فَالجِنايَةُ عَلَيْهِ عَظِيمَةٌ؛ قالَ اللهُ تَعالَى: {ومَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ} سُورةُ آلِ عِمْرانِ، الآية 161، لا فَرْقَ في ذَلِكَ بَيْنَ قَلِيلِ المالِ وَكَثِيرِهِ، المالُ العامُّ عَظِيمُ التَّحْرِيمُ، لَيْسَ في ذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَ المالِ اليَسِيرِ وَالمالِ الكَثِيرِ، جاءَ في صَحِيحِ الإِمامِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثَ عَدِيٍّ الكِنْدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، انْتَبِهْ أَيُّها الأَخُ، انْتَبِهْ يا مَنْ تُرِيدُ النَّجاةَ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَعْمَلْناهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنا مَخِيطًا فَما فَوْقَهُ كانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ»، أَتَدْرُونَ ما هُوَ المخِيطُ؟ إِنَّهُ الإِبْرَةُ «فَكَتَمَنا مَخِيطًا فَما فَوْقَهُ كانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ» صَحِيحُ مُسْلِمٍ حَدِيث رَقَم(1833(، فالغُلُولُ كُلُّ مالٍ أُخِذَ مِنَ المالِ العامِّ، بِغَيْرِ حَقٍّ، سَواءٌ كانَ ذَلِكَ، مِنْ صاحِبِ الوِلايَةِ، أَوْ كانَ ذَلِكَ مَنِ المسْتَفِيدُ مِنْ هَذِهِ المرافِقِ، وَمِنْ هَذِهِ الأَمْوالِ، لا فَرْقَ في ذَلِكَ بَيْنَ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَقَدْ سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلُولًا؛ لأَنَّهُ يَغُلُّ يَدَ صاحِبِهِ، كالأَسِيرِ الَّذِي يَغُلُّ بِالحَدِيدِ، إِنَّهُ غُلُولٌ تَغُلُّ بِهِ يِدَكَ بَيْنَ يَدِيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَالغُلُولُ - أَيُّها المؤْمِنُونَ - كَبِيرَةٌ مِنْ كَبائِرِ الذُّنُوبِ عَظِيمَةٌ، وَمِنْ عِظَمِ الغُلُولِ الكَثِيرُ أَوِ القَلِيلُ أَنَّهُ يُبْطِلُ أَجْرَ الجِهادِ، وَيُذْهِبُ أَجْرَ الشَّهادَةِ، وَاسْتَمِعْ إِلَى هَذا الحَدِيثِ، جاءَ في صَحِيحِ الإِمامِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: «لمَّا كانَ يَوْمُ خَيْبرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحابِةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقالُوا: فُلانٌ شَهِيدٌ، فُلانٌ شَهِيدٌ, حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقالُوا: فُلانٌ شَهِيدٌ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ في النَّارِ في بُرْدَةٍ غَلَّها»مُسْلِم(114)، بُرْدَةٌ مِثْلُ مِشْلَحٍ، بُرْدَةٌ غَلَّها في الجِهادِ فَأَبْطَلَتْ عَمَلَهُ، «إِنِّي رَأَيْتُهُ في النَّارِ بِبُرْدَةٍ غَلَّها»، وفي حَدِيثٍ آخَرَ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في رَجُلٍ قُتِلَ في الجِهادِ، فَقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نارًا أَخَذَها مِنَ الغَنائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصْبْها المقاسِمُ»مُسْلم(115)، (شملة) مِنْ أَبْخَسِ ما يَكُونُ مِنَ المالِ، لَكِنَّها غُلُولٌ، يَأْتِي بِها يَوْمَ القِيامَةِ، كَما قالَ اللهُ جَلَّ في عُلاهُ: {ومَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ}آل عمران:161، فَكُلُّ دِرْهَمٍ وَكُلُّ دِينارٍ، وَكُلُّ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ، وَكُلُّ عَقارٍ تَسْتَوْلِي عَلَيْهِ، أَوْ مالٍ تَأْخُذُهُ مِنَ المالِ العامِّ بِغَيْرِ حَقٍّ، سَتَأْتِي بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ، يَشْتَعِلُ عَلَيْكَ نَارًا وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، تَتَزَوَّدْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ تَسْتَقِلُّ، فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ؛ فَإِنَّ المالَ العامَّ، شَأْنُهُ خَطِيرٌ.
اللَّهُمَّ قِنا شَرَّ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، وَارْزُقْنا الاسْتِقامَةَ عَلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى، يَسِّرْ لَنا حَلالًا طَيِّبًا تُغْنِينا بِهِ عَمَّنْ سِواكَ، أَقُولُ هَذا القَوْلَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
***
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيهِ، أَحْمَدُهُ حَقَّ حَمْدِهِ، لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْهِ، هُوَ كَما أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى حَقَّ التَّقْوَى، وَراقِبُوهُ جَلَّ في عُلاهُ في الدَّقِيقِ وَالجَلِيلِ، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ؛ فَإِنَّ حُقُوقَ الخَلْقِ عَظِيمَةٌ، وَاللهُ تَعالَى يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَيَتَجاوَزُ فِيما يَكُونُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مِنَ الحُقُوقِ، إِذا تُبْتَ، وَأَنَبْتَ، وَحَقُّ الخَلْقِ مَوْقُوفٌ عَلَى التَّحَلُّلِ وَالاسْتِباحَةِ؛ فاتَّقِ اللهَ في حُقُوقِ الخَلْقِ، في دِمائِهِمْ، وَأَمْوالِهِمْ وَأَعْراضِهِمْ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ نِعَمَ اللهِ تَعالَى تَدُومُ بِالشُّكْرِ، وَقَدْ قالَ اللهُ جَلَّ وَعَلا: {وإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِن كَفَرْتُمْ إنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}إبراهيم:7، وَإِنَّ مِنْ شُكْرِ النِّعِمْ، أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ تَعالَى العَبْدَ في الأَمْوالِ الخَاصَّةِ وَالعامَّةِ، فَيُقِيمَ حَقَّ اللهَ تَعالَى في مالِهِ، فَيَنْظُرَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيما أَنْفَقَهُ، وَيَتَّقِي اللهَ تَعالَى في المالِ العامِّ بِصِيانَتِهِ وَحِفْظِهِ، وَأَنْ لا يَدْخُلُ عَلَيْهِ قَلِيلًا مِنَ المالِ، أَوْ كَثِيرًا مِنَ المالِ، إِلَّا وَهُوَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِيما حَلَّ في يَدِهِ، في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بْنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِتَمْرَةٍ في الطَّرِيقِ، فَقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لَوْلا أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقِةِ لأَكَلْتُها»مُسْلِمٌ(1071)، لَوْلا أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالصَّدَقَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، فاحْتاطَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِه التَّمْرَةِ، أَنْ تَكُونُ مِنَ الصَّدَقَةِ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْها شَيْئًا، وَتَجْنَبَّها وَقالَ: «لَوْلا أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُها»، فَما بالُكُمْ بِالَّذِي يَأْكُلُ الأَمْوالَ الطَّائِلَةَ، مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ، سَواءً كانَتْ حُقُوقًا خاصَّةً، أَوْ حُقُوقًا عامَّةً، سَواءً كانَتْ مِنَ الأَمْوالِ الخاصَّةِ بِالنَّاسِ، أَوْ الأَمْوالِ العامَّةِ الَّتي يَشْتَرِكُ النَّاسُ في مُلْكِها، كالمالِ العامِّ الَّذي في بَيْتِ المالِ، الَّذي تُشْرَّفُ الدَّوْلَةُ، عَلَى تَوْزِيعِهِ، وَإِيصالِهِ لمسْتَحِقِّيهِ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ الأَمْرَ خَطِيرٌ, فاتَّقُوا اللهَ وَأَدُّوا الأَمانَةَ إِلَى أَهْلِها، فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا}النساء:58، وَإِنَّ اللهَ تَعالَى قَدْ أَفاضَ عَلَى بِلادِكُمْ بِخَيْرٍ كَثِيرٍ، فَمِيزانِيَّتُكُمْ مِيَزانِيَّةٌ مُمَيَّزَةٌ، فِيها خَيْرٌ كَثِيرٌ، تَنْمِيَةٌ وَنُمُوٌّ، وَلا سَبِيلَ لِلاسْتِكْثارِ مِنْ ذَلِكَ الخَيْرِ، وَإِنْزالِ البَرَكَةِ في هَذِهِ الأَمْوالِ، إِلَّا بِأَنْ نَعْرِفَ أَنَّ هَذا المالَ، نَحْنُ مُحاسَبُونَ عَلَى دَقِيقِهِ وَجَلِيلِهِ، لا يَحِلُّ لَنا مِنْهُ فِلْسٌ أَوْ قِرْشٌ، إِلاَّ بِحَقٍّ، إِذا تَعامَلْنا مَعَ المالِ العامِّ بِهَذِهِ الرُّوحِ، وَانْطَلَقْنا مِنْ هَذا المنَطَلَقِ، أَفاضَ اللهُ عَلَيْنا مِنَ البَرَكاتِ، وَوَفَّرَ لَنا مِنَ الخَيْراتِ، ما يَكُونُ سَبَبًا لِكَثْرَةِ الخَيْرِ، وَصَلاحِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الأَمْوالِ، العامَّةَ تَنْتَهِكُ كَثِيرًا، وَأَنا مِنْ جُمْلَةِ النَّاسِ، أَنا مَعَهُمْ، آكُلُ كَما يَأْكُلُونَ، وَيَحْتَجُّ بِما ذَكَرْتُ: هِيَ لَكَ أَوْ لَأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ، وَهَذا كَذِبٌ لا يَعْذُرُكَ أَمامَ اللهِ تَعالَى يَوْمَ القِيامَةِ، فَلَنْ تُحاسَبَ يَوْمَ القِيامَةِ، إِلَّا عَلَى عَمَلِكَ؛ {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}المدثر:38وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، «لا تَزُولُ قَدما عَبْدٍ يَوْمَ القِيامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَ أَفْناهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ؟ وَعَنْ مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟» سُنَنُ التَّرْمِذِيِّ: بابَ في القيامة، حَديثُ رقم(2417 )، قالَ الأَلْبانِيُّ : صَحيحٌ ، لَنْ يَعْذُرَكَ عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولَ: وَاللهِ السُرَّاقُ كُثُرٌ يا رَبَّ، المالُ العامُّ يَنْتَهِكُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، لَنْ يَعْذُرَكَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ تَعالَى، بَلْ وَاجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا، أَنْ يَكُونَ ناصِحًا للهِ، وَلِرَسُولِهِ، للهِ وَلِكِتابِهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ المسْلِمِينَ وَعامَّتِهِمْ، وَمِنَ النَّصِيحَةِ أَنْ نَصُونَ هَذا المالَ العامَّ بِما اسْتَطَعْنا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، وَقَدْ جاءَ عِنْدَ التَّرْمِذِيِّ، مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، بِإِسْنادٍ فِيهِ ضَعْفٌ، لَكِنْ مَعْناهُ صَحِيحٌ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ، «لا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ أَحْسنًّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنا، وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ، أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَساءُوا فَلا تَظْلِمُوا»الترمذي(2007), وَقالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى صِيانَةِ أَنْفُسَكُمْ مِنَ المالِ الحَرامِ، فَكُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ خِيانَةَ المالِ العامِّ، تَكُونُ عَلَى أَوْجُهٍ عَدِيدَةٍ، لَيْسَتْ فَقَطْ بِالاخْتِلاساتِ، إِنَّما تَكُونُ بِعَدَمِ أَداءِ الأَمانَةِ، بِأَخْذِ الأَمْوالِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ، بِسَبَبِ الوِلايَةِ، فَإِنَّ مِنِ النَّاسِ مَنْ يَضَّطَرُّ المراجِعِينَ، إِلَى أَنْ يَبْذُلُوا لَهُ مالًا بِطُرُقٍ مُلْتَوِيَةٍ: هَدِيَّة، بَقْشِيش، عُمولَةٍ، إِعانَةٍ لأَجْلِ أَنْ يُسَيِّرَ أَعْمالَهُمْ، وَيُجْرِي مُعاملاتِهِمْ، وَهَذا قَدْ جَمَعَ سَوْءَتَيْنِ: أَكْلَ المالِ الحَرامِ وَخِيانَةِ الأَمانَةِ، وَإِضافَةً إِلَى هَذا أَذِيَّةُ الخَلْقِ، بِتَعْطِيلِ مُعاملاتِهِمْ.
فَلْيَتَّقِ اللهَ كُلُّ واحِدٍ مِنَّا أَيُّها الِإخْوَةُ، وَلا يَقُولَنَّ الواحِدُ مِنَّا: أَنَّا ما لي دَخْلٌ، هَذا غَيْرِي، هَذا فُلانٌ، هَذا الجِهَةُ الفُلانِيَّةُ، «كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» صَحِيحٌ البُخارِيِّ: بابُ الجُمْعَةِ في القُرَى َوالمدُنِ، حَدِيثُ رقَم(853) وَمُسْلِمٌ(144)، «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكرًا فَلْيُغَيِّرْهُ»مُسْلِم(49)، الَّذِي يَدْفَعُ العُمُولَةُ البَقْشِيش، لِلعامِلِ وَالموَظَّفِ، هُوَ مُشْتَرِكٌ في الخِيانَةِ، الوَاجِبُ أَنْ يَبْذُلَ كُلَّ طَرِيقٍ، لِقَطْعِ الخِيانَةِ وَإِيقافِها، وَأَنْ يَحْتَسِبَ الأَجْرَ عِنْدَ اللهِ تَعالَى في ذَلِكَ، أَمَّا أَنْ أَسْكُتْ أَنا، وَتَسْكُتُ أَنْتَ، وَأَدْفَعُ أَنا وَتَدْفَعُ أَنْتَ، فَكَيْفَ تُعالِجُ مَظاهِرَ الفَسادِ؟ وَكَيْفَ تَخْتَفِي مِثْلُ هَذِهِ المظاهِرِ السَّيِّئَةِ الَّتي إِذا فَشَتْ في المجْتَمَعِ هَلَكَ المجْتَمَعُ وَتَعَطَّلَتْ مَصالِحُهُ؟!
اللَّهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدَنا، وَقِنا شَرَّ أَنْفُسِنا، وَارْزُقْنا حَلالًا طَيِّبًا تُغْنِنا بِهِ عَمَّنْ سِواكَ، يا رَبَّ العالمينَ.
اللَّهُمَّ بارِكْ لَنا فِيما رَزَقْتَنا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، افْتَحْ لَنا بَركاتِ السَّماءِ وَالأَرْضِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِنا إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ بِارِكْهُمْ وَبارِكْ لَهُمْ، وَأَعِنْهُمْ وَسَدِّدْهُمْ، وَاجْعَلْهُمْ رَحْمَةً لِلعِبادِ وَالبِلادِ يا رَبَّ العالمينَ.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرادَنا أَوْ أَرادَ المسْلِمينَ بِسُوءٍ أَوْ شَرٍّ فَأَشْغِلْهُ بِنْفَسِهِ، وَاكْفِ المسْلِمينَ شَرَّهُ، أَعِنَّا بِعَوْنٍ مِنْكَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ، اهْدِنا سَواءَ السَّبِيلِ، وَأَعِنَّا عَلَى سُلُوكِ الصِّراطِ المسْتَقِيمِ، وَأَعِذْنا مِنْ مُضِلاَّتِ الفِتَنِ يا رَبَّ العالمينَ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسائِرَ بِلادِ المؤْمِنينَ، الَّلهُمَّ اجَعَلْهُ سَخاءً رَخاءً يا رَبَّ العالمينَ.
اللَّهُمَّ بارِكْ لَنا في أَقْواتِنا، وَأَرْزاقِنا وَأَمْوالِنا، وَأَهْلِينا وَاكْفِنا شَرَّ أَنْفُسِنا وشَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِهِ، رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا ِبما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا، وَأَعِنَّا عَلَى طاعَتِكَ وَانْصُرْنا عَلَى أَعْدائِكَ، وَوَفِّقْنا إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى ظاهِرًا وباطِنًا.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلِإخْوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالإيمانِ، وَلا تَجْعَلْ في قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذَينَ آمَنُوا، رَبَّنا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ؛ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.