السؤال:
هل يجوز للشخص أن يقرأ القرآن من المصحف بدون وضوء؟
الجواب:
جمهور العلماء وهو مذهب الأئمة الأربعة على أنه لا يجوز مس المصحف مباشرةً دون وضوء، وقد جاءت الإشارة لذلك في قول الله تعالى: {إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ}سورة الواقعة، آية رقم، 77، 78.، والاتفاق منعقد على أن الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ، {لا يَمَسُّهُ} يعود إلى أقرب مذكور وهو الكتاب المكنون، {إلاَّ المُطَهَّرُونَ} أي: الملائكة، فإذا كان الكتاب المكنون الذي حوى القرآن لا يمسه إلا المطهرون، فالقرآن أيضا لا يمسه إلا متطهر، هذه دلالة يسميها العلماء دلالة إشارية، وذكر ذلك جمع من أهل العلم، أما دليل النص، هو ما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه «أن لا يمس القرآن إلا طاهر»رواه مالك مرسلا (1/199)، ووصله الدارمي (2312)، وصححه ابن حبان (6559)، والحاكم (1447)، انظر: البدر المنير (2/499).
، وهذا الحديث وإن كان في إسناده فيه مقال، لكن العلماء تلقوا مضمونه بالقبول، ولهذا قال ابن عبد البر في كتاب عمرو بن حزم: إنه كتاب مشهور عند أهل العلم، يستغنى بشهرته عن الإسناد، ويدل على صحته تلقي جمهور العلماء له بالقبولالتمهيد (17/396_397) بتصرف..
وذهب طائفة من أهل العلم وهو مذهب الظاهرية، وبعض المعاصرين من الأئمة الأعلام، إلى أنه لا تجب الطهارة لمس المصحف؛ لعدم الدليل، وأجابوا عن الاستدلال بالآية بأن المقصود بها الكتاب المكنون، وأما الحديث فقالوا: على القول بصحته، فالطاهر هو المسلم؛ بدليل قول النبي صلى الله وعليه وسلم:«إن المؤمن لا ينجس»رواه البخاري (285)، ومسلم (371) عن أبي هريرة رضي الله عنه..
لكن هذا ليس بسديد؛ فإن الأصل في كلمة طاهر أنها ضد المحدث، وقوله صلى الله وعليه وسلم: «إن المؤمن لا ينجس» فبالتأكيد أن المؤمن لا ينجس حتى ولو كان على جنابة، ولا يعني ذلك أنه متطهر، وإلا لكان يمكن أن يستدل بها على جواز قراءة الجنب، وهذا خلاف قول عامة العلماء.
وبالتالي فليس مع القائلين بالجواز دليل قائم على الجواز، فالراجح من القولين مذهب الأئمة الأربعة وعامة العلماء من السلف والخلف أنه لابد لمن أراد أن يقرأ من المصحف أن يكون متوضئًا، فإن لم يتيسر له الوضوء، فيمكن أن يمسك المصحف بقفاز، أو منديل، ونحو ذلك.
وأما القراءة من الأجهزة الإلكترونية كالهواتف والحواسيب، فهذه لا تأخذ حكم المصحف، وبالتالي من معه جهاز فيه مصحف، فله أن يقرأ فيه وأن يمسه من غير طهارة، والله أعلم.