قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" ثم إن الإمام أحمد في المحنة عارضهم بقوله تعالى : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام } قال قيل : إنما يأتي أمره هكذا نقل حنبل ؛ ولم ينقل هذا غيره ممن نقل مناظرته في " المحنة " كعبد الله بن أحمد وصالح بن أحمد والمروذي وغيره ؛ فاختلف أصحاب أحمد في ذلك . فمنهم من قال : غلط حنبل لم يقل أحمد هذا . وقالوا حنبل له غلطات معروفة وهذا منها وهذه طريقة أبي إسحاق بن شاقلا.
ومنهم من قال : بل أحمد قال ذلك على سبيل الإلزام لهم . يقول : إذا كان أخبر عن نفسه بالمجيء والإتيان ولم يكن ذلك دليلا على أنه مخلوق ؛ بل تأولتم ذلك على أنه جاء أمره فكذلك قولوا : جاء ثواب القرآن لا أنه نفسه هو الجائي فإن التأويل هنا ألزم فإن المراد هنا الإخبار بثواب قارئ القرآن وثوابه عمل له لم يقصد به الإخبار عن نفس القرآن . فإذا كان الرب قد أخبر بمجيء نفسه ثم تأولتم ذلك بأمره فإذا أخبر بمجيء قراءة القرآن فلأن تتأولوا ذلك بمجيء ثوابه بطريق الأولى والأحرى . وإذا قاله لهم على سبيل الإلزام لم يلزم أن يكون موافقا لهم عليه وهو لا يحتاج إلى أن يلتزم هذا . فإن هذا الحديث له نظائر كثيرة في مجيء أعمال العباد والمراد مجيء قراءة القارئ التي هي عمله وأعمال العباد مخلوقة وثوابها مخلوق".
"مجموع الفتاوى" ( 5/399-400).