المقدم: مداخلة معنا من مدينة عنيزة مع الشيخ الدكتور خالد المصلح مفتي منطقة القصيم سلام عليكم شيخ خالد.
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحبًا أهلًا وسهلًا.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله يا شيخ خالد، ما الذي ترغب أن تقوله في مثل هذا الحدث.
الشيخ: أولًا أحمد الله ـ تعالى ـ على ما قضى وقدر وأسأل الله ـ تعالى ـ أن يغفر للملك عبد الله بن عبد العزيز وأن يخلفه في عقبه في الصالحين وأن يفسح له في قبره وأن ينور له فيه وأن يجعل ما أقدم عليه خيرًا مما أدبر عنه، فقد أفضى ـ رحمه الله ـ إلى ما قدم، وأسأل الله أن يضيفه الكريم جنة الفردوس إنه على كل شيء قدير، أعزي نفسي الحقيقة وأعزي الجميع ممن أصيب بوفاة الملك رحمه الله.
ومع شدة الألم الذي ساور القلوب بفقد الملك عبد الله ـ رحمه الله ـ إلا أن المنح تأتي في ثنايا المحن، فنعمة الله ـ تعالى ـ على هذه البلاد بما يسره من توالي الحكم على هذا النحو السلس، على هذا النحو المطمئن الذي يؤكد مسيرة ملوك هذه البلاد بانتقال الحكم بكل طمأنينة وسكون يبشر بخيرٍ كثير ويبرز قوة ومتانة هذه القيادة ويظهر عمقها في قلوب الشعب الذي اطمأن وبات ليلة البارحة بعد ألم فقد الملك عبد الله ـ رحمه الله ـ مستبشرًا بمستقبلٍ زاهر بتولي الأمير سلمان ملكًا لهذه البلاد، وكذلك بالتنظيم الذي جرى من تعيين الأمير مقرن وليًا للعهد، وكذلك التعيين الجديد الي سمعناه صباحًا من تعيين الأمير محمد بن نايف وليًا لولي العهد.
هذا الاتساق في ترتيب البيت السعودي في هذه العجالة يبشر بخيرٍ كثير، ويظهر هذه البلاد على خلاف ما يحاول كثير من المتربصين أن يظهروها عليه من تفكك ونزاعات هي في خيالاتهم وليس لها في واقع بيتنا السعودي وجود ولله الحمد.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتمم هذا الالتئام وأن يجمع الكلمة على الحق والهدى وأن يسدد ولي أمرنا خادم الحرمين الملك سلمان لما فيه خير العباد والبلاد وأن يجمعنا وإياكم على الحق والهدى وأن يجمع كلمتنا على ما فيه الصلاح وأن يكفينا شر المتربصين كما أؤكد أننا لم نمت ليلة البارح إلا وفي أعناقنا بيعة امتثالًا لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهلية»صحيح مسلم (1851).
ولذلك المخلصون المحبون كانوا على تأهب لاستماع هذا الخبر السار الذي أعلن من تولي الأمير سلمان الملك وكذلك الترتيب الذي حصل بعد ذلك، أسأل الله ـ تعالى ـ أن يسددهم وأن يعينهم، وأؤكد على معنى مهم أنه في مثل هذه الظروف التي يتربص فيها المتربصون بالبلاد شرًا يجب على كل مؤمن أن يشعر بالمسؤولية تجاه هذا الوطن المبارك، هذا البلد الذي خصه الله تعالى بالقبلة والحرم الشريف وحرم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحرمين.
أن أمن هذا البلد واجتماع الكلمة والتئام الصف هو من نعمة الله ـ تعالى ـ التي ينبغي أن يحافظ عليها، وهي مسؤولية للجميع، ليست مسؤولية لفرد، ليست مسؤولية للجهات الأمنية ولا لأصحاب القرار، بل هي مسؤولية كل فرد منا سواء كان مواطنًا أو كان مقيمًا أن نبذل سعينا في شكر هذه النعمة، نحن نعيش في واحة تحيط بها الأخطار من كل جانب، شمالًا لا يخفى ما يجري، وجنوبًا كذلك.
المقدم: شيخ خالد أريد أن أسأل عن موضوع بحكم أنك شخصية شرعية، قضية البيعة الشرعية ما هي البيعة الشرعية وكيف تتم؟ وهل الآن البيعة تمت شرعيًا ولا ما تمت؟ ولا تمت البارحة ولا تمت مبايعة الناس؟ أنا أريد أن أفهم منك أكثر في قضية البيعة الشرعية تطبيقها على حالنا اليوم؟
الشيخ: البيعة سلمك الله أخي الكريم والأخوة والأخوات، البيعة عهدٌ وثيق وميثاقٌ غليظ ومعاقدة رشيدة لتحقيق مصالح الأمة، وتتم في شريعة الإسلام على أنحاء متعددة منها ما يكون بالشورى كما جرى في تولية أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ومنها ما يكون بالاستخلاف كما جرى في ولاية عمر ـ رضي الله عنه ـ وكذلك في ولاية عثمان رضي الله عنه.
فما جرى من بيعة هي بيعة أهل الحل والعقد؛ لأن البيعة ليس المقصود بها أن يذهب كل فرد من أفراد الوطن وأفراد الأمة لولي الأمر ويصافحه حتى يعقد عهدًا، إنما البيعة تكون بمبايعة أهل الحل والعقد، وما جرى من مبايعة الأمير سلمان ملكًا هي بيعة رشيدة مكتملة وما يتبع ذلك من توافد المواطنين هو تأكيد لذلك المعنى، تأكيد للأمر الموجود وليس إنشاءً؛ لأن البيعة تتحقق؛ لأن البيعة تحصل باجتماع أهل الحل والعقد على رجلٍ يعطونه ثمرة قلوبهم ويعطونه السمع والطاعة وهذا ما جرى حسب ما أعلن من الديوان الملكي، أسأل الله أن يكون خيرًا للأمة وأن يوفق القائمين إلى ما فيه الخير للبلاد والعباد.
المقدم: عذرًا على المقاطعة قبل قليل، أنا أسأل الآن يا شيخ الملك سلمان بن عبد العزيز يا شيخ خالد هل الآن هذه البيعة هي بيعة شرعية مكتملة؟
الشيخ: نعم.
المقدم: هذه مكتملة الأركان.
الشيخ: نعم هي بيعةٌ شرعية مكتملة الأركان؛ لأنها جرت من قبل أهل الحل والعقد واستقبلها المواطنون بالطمأنينة والقبول والسرور والابتهاج والاطمئنان على مستقبل بلادهم، أي بيعةٍ أعظم من هذه، يعني هذا شرعية ليست شيئًا يطلب على نمط معين أو صورة معينة إنما هو ما ارتضاه الناس ومعلوم أن الناس مرتضين هذا قبل أن يتولى فهو كان ـ رحمه الله ـ وليًا للعهد وبايعه الناس على ذلك، ومقتضى هذا أنه عندما فرغ وشغر منصب الملك ـ رحمه الله ـ بوفاته أن يتولى الملك سلمان زمام الأمور وهذا ما جرى، وذلك أيضًا بتراضي وموافقة أهل الحل والعقد.
وبهذا تكون البيعة بيعة شرعية بيعة مكتملة الأركان، وما يجري من مبايعة المواطنين هذه الليلة والليالي القادمة إنما هو تأكيد لهذا المعنى وإظهار لإجماع القلوب على ولي الأمر الملك سلمان وفقه الله.
المقدم: من هم أهل الحل والعقد يا شيخ خالد؟
الشيخ: هم أعيان البلد ووجهائها من الأسرة المالكة وغيرهم من أهل العلم وأهل الحل والعقد، والموضوع يا أخي عبد الله ينبغي أن يظهر على نحوٍ جلي، يعني أنا ذكرت أن الملك سلمان بويع بولاية العهد من الأمة كلها زمن الملك عبد الله ـ رحمه الله ـ ثم أُكد هذا المعنى بهذا الإعلان الذي أعلن البارح وقد بويع من الأسرة المالكة، وكذلك أهل الحل والعقد على هذا الأمر، وهذا القبول الواسع العام العارم الذي تشاهده وتسمعه في أصقاع البلاد من قبول هذه بيعة يؤكد هذا المعنى أنها بيعة شرعية.
وأنا أقول البحث في هذا على نحو الاستجلاء جيد، لكن هناك من يتناول مثل هذه الأمور على نحو التشكيك.
المقدم: لا ليس على التشكيك، علشان نفهم يعني الآن هذه البيعة للملك سلمان هي تمت أساسًا أمام وقت الملك عبد الله ـ رحمه الله ـ لما بويع الأمير سلمان وليًا للعهد، وما يحدث الآن هو تأكيد لما تم فقط.
الشيخ: تأكيد لما تم وتوثيق للعهد السابق، وأنت أيضًا يعني حتى يتبين الأمر أنه بعض الناس يتصور أن البيعة لكل واحد من أفراد المواطنين ومن أفراد الشعب والأمة يقول: يا طويل العمر بايعتك على الكتاب والسنة، بايعتك على الحكم، هذا لا يمكن أن يكون، أبو بكر وهو الخليفة الأول بعد رسول الله بإجماع الأمة بايعه من حضر السقيفة وتمت له الولاية بذلك، ثم تتابع الناس في مبايعته وهكذا ما يجري الآن في مبايعة الملك سلمان، وكذلك من عينهم وفقهم الله في ولاية العهد وفي ولاية ولاية العهد.
المقدم: سؤال أخير لك شيخ خالد قضية الآن الناس تكتب مبايعات في تويتر أو في غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي أبايع الملك سلمان، هذه هل هذه تصح شرعًا تعتبر شيء إيجابي.
الشيخ: هذه إخبار هو الإنسان لا يحتاج إلى أن يعني يعمل عملًا للبيعة إذا بايع أهل الحل والعقد كما هو الجاري الآن في بيعة الملك سلمان.
المقدم: أنا أقصد الإعلان.
الشيخ: إذا بايع أهل الحل والعقد تمت البيعة، فإذا جاء أحد وقال: أنا أبايع الملك سلمان وليًا للأمر وملكًا للبلاد فجزاه الله خيرًا هو يظهر ما هو معلوم من مبايعة أهل الحل والعقد، هذا تأكيد لشيءٍ موجود.
المقدم: شكرًا لك شيخ.
الشيخ: أسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء وشر وأن يجمع كلمتنا على الحق والهدى، وأنا أقول في كلمة أخيرة يا أخ عبد الله قبل أن أغادرك يعني من حق ولي أمرنا خادم الحرمين، من حق بلادنا، من حق أنفسنا أن نجتهد في الدعاء أن يحفظ الله هذه البلاد وأن يسدد مسيرتها وأن وفق ولاتها إلى كل خير فهذا نفعه للجمع، لجميع الأمة وليس فقط للشعب السعودي، وفق الله الجميع لما فيه الخير.
المقدم: شكرًا لك شيخ خالد المصلح مفتي منطقة القصيم.