المقدم: إذًا صاحب الفضيلة مشاهدينا الكرام اعتادوا أن يكون منكم أنتم ـ حفظكم الله ـ التعليق على الأحداث التي نشاهدها ويتناقلونها أيضًا وتعلقون عليها من جانبٍ شرعي تناقلت أغلب وسائل التواصل اليوم يا شيخ عندما أوقف خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ورعاه ـ مراسم استقبال الرئيس الأمريكي لحظة رفع أذان صلاة العصر والانصراف للصلاة، بعض الناس يا شيخ ربما كأنه يستغرب مثل هذا الأمر وهو غير مستغرب، ما تعليقكم يا شيخ حفظكم الله وقراءتكم أيضًا؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد: فأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا السداد في القول والصواب في العمل، وأن يهدينا سبل السلام، وأن يقينا شر كل ذي شر هو آخذٌ بناصيته، كما أسأله ـ جل وعلا ـ أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده وولي ولي العهد إلى ما فيه خير العباد والبلاد، وأن يجعل عملهم في رضاه وأن ينير طريقهم لكل خير وأن يرزقهم السداد في القول والعمل.
بالتأكيد أن صلاة العصر لها مكانة كبرى قال الله ـ جل وعلا ـ فيها: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾[البقرة:238]، أمر الله ـ تعالى ـ بالمحافظة على الصلاة عمومًا ثم خصَّ منها صلاةً فقال:﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى﴾، وقد جاء في بيان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الصحيح أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وجاء في التشديد والتغليظ في تركها أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في الصحيح قال: «من فاتته العصر فكأنما وتر ماله وأهله»صحيح مسلم (626) أي فقد ماله وأهله، وجاء في حديث «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله»صحيح البخاري (553) مجموع هذه الأحاديث يبين لنا شريف مقام هذه الصلاة وأنها في منزلةٍ سامية وعالية، وأن المحافظة عليها من دلائل الإيمان وبه يتوقى الإنسان الخروج عن صراط النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهديه القويم.
الملك سلمان ـ حفظه الله ورعاه وسدد خطاه ـ لا يستغرب منه مثل هذا التصرف، هذا هو المأمول منه وهو المتوقع وهو تصرفٌ صادر من معدنه وأهله، ذلك لأنه ولي أمر المسلمين وهو إمامنا في كل خير وقدوتنا في البر والطاعة وهذا ترجمة عملية لما ينبغي أن يكون عليه ولاة أمر المسلمين من عناية بالصلاة.
عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ خليفة خليفة رسول الله أمير المؤمنين الفاروق ثاني الخلفاء الراشدين كان يكتب لولاته، فيقول: إن أهم شأنكم عندي الصلاة، إلى الولاة الذين نصبهم أمراء وأصحاب ولاية على المسلمين في جهات الدنيا التي فتحت في وقته ـ رحمه الله ـ يكتب إليهم بهذه الوصية التي هي وصية الله ـ تعالى ـ للمؤمنين فكم من آيةٍ قال ـ تعالى ـ فيها ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾، كم من آيةٍ أمر الله ـ تعالى ـ فيها بالمحافظة على الصلاة، وحذر فيها من إضاعتها.
بالتأكيد أن هذا التصرف تسر به النفوس ويعطي لأبناء المسلمين عمومًا ولأبناء هذا البلد وهذا الوطن خصوصًا قوة وحماس في المحافظة على الصلوات، وهو يبين أن هذه الدولة حفظها الله وبارك فيها دولة تقيم شرع الله عز وجل من رأسها إلى كل أفرادها، ورأسها مقدمٌ في هذا الأمر، فلا شك أن هذا الفعل، وهو رسالة أيضًا للضيوف الجاءين أننا مهما كانت أعمالنا ومهما كان مقام زائرنا، فإننا عندما يأتي الصلاة لا نجد فسحةً من أن نتوجه إلى رب الأرباب مالك الملك جل في علاه فنيمم شطر المسجد الحرام معظمين لله ـ عز وجل ـ ما عدا حق من جاءنا من ضيوفنا لكن حق الله فوق كل حق وحق الله سابق لكل حق.
فهو رسالة الحقيقة وترجمة عملية لهذه المعاني العظيمة من عزة المؤمن، من محافظته على حقوق الله عز وجل، من عدم اشتغاله عن الصلاة، الله ـ تعالى ـ يقول في الصلاة وبيان عظيم العناية بها ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾[مريم:59].
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجزي خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء وأن يعلي مقامه وأن يرفع قدره وأن يسدده وأن يجعل له سلطانًا نصيرًا ويجعل له معينًا وظهيرًا وأن يكتب مثل ذلك لولي عهده وولي ولي العهد وسائر ولاة المسلمين وأن يجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المقدم: اللهم آمين، أحسن الله إليكم.