قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" ولما كان العبد ميسرا لما لا ينفعه بل يضره من معصية الله والبطر والطغيان وقد يقصد عبادة الله وطاعته والعمل الصالح فلا يتأتى له ذلك أمر في كل صلاة بأن يقول : {إياك نعبد وإياك نستعين}.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يقول الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال : {الحمد لله رب العالمين} قال : حمدني عبدي ؛ فإذا قال : {الرحمن الرحيم} قال : أثنى علي عبدي فإذا قال : {مالك يوم الدين} قال : مجدني عبدي فإذا قال : {إياك نعبد وإياك نستعين} قال : هذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال:{اهدنا الصراطالمستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل».
وقال بعض السلف: أنزل الله عز وجل مائة كتاب وأربعة كتب جمع علمها في الكتب الأربعة : التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وجمع الأربعة في القرآن وعلم القرآن في المفصل وعلم المفصل في الفاتحة وعلم الفاتحة في قوله:{إياك نعبد وإياك نستعين}.
فكل عمل يعمله العبد ولا يكون طاعة لله وعبادة وعملا صالحا فهو باطل فإن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله وإن نال بذلك العمل رئاسة ومالا فغاية المترئس أن يكون كفرعون وغاية المتمول أن يكون كقارون .
وقد ذكر الله في سورة القصص من قصة فرعون وقارون ما فيه عبرة لأولي الألباب .
وكل عمل لا يعين الله العبد عليه فإنه لا يكون ولا ينفع فما لا يكون به لا يكون وما لا يكون له لا ينفع ولا يدوم فلذلك أمر العبد أن يقول : { إياك نعبد وإياك نستعين } .
والعبد له في المقدور " حالان " حال قبل القدر .
و حال بعده فعليه قبل المقدور أن يستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه فإذا قدر المقدور بغير فعله فعليه أن يصبر عليه أو يرضى به وإن كان بفعله وهو نعمة حمد الله على ذلك وإن كان ذنبا استغفر إليه من ذلك".
"مجموع الفتاوى" ( 8/75-76).