السؤال:
أرجو منكم الشرح الوافي لهذه الآية الكريمة: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إلَيْكَ وضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ واللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وكِيلٌ}سورة هود، آية رقم 12..
الجواب:
هذه الآية ذَكَرَها الله تعالى مسليًا بها رسوله صلى الله عليه وسلم، ومبينًا له ما يجب تجاه هذا التكذيب الذي واجهه من أهل الشرك، فقال: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إلَيْكَ وضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} يعني قد يرد هذا عليك بسبب قولهم: {أَن يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} يعني طلب الكفار أن ينزل عليه كنز، أو ينزل معه ملك قد يجعل النبي صلى الله عليه وسلم يشعر بالضيق بهذا القول؛ لأنهم ردوه بأمر لا علاقة له بصدق ما جاء به، إنما هو نوع من التعنت الذي يصدون به الناس عن الحق، ويعرضون به عن الهدى، فقال الله عز وجل له: {إنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ واللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وكِيلٌ} يعني لا يبلغ بك الحرص على هدايتهم مبلغًا أن يضيق صدرك، أو يوهمونك بأنهم سيستجيبون لك إن تركت بعض ما يوحى إليك، فالتزم الحق واستمسك به، كما قال الله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ}سورة الحجر، آية رقم 94.، وذكر الله ضيق صدره {ولَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98) واعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ}سورة الحجر، آية رقم 97، 98، 99.فلا يستجيب لهم فيما يزينونه من باطل، أو مساومة على ترك بعض الحق، يتوهم منها أنه يمكن أن يستجيبوا إذا ترك بعض الحق، فقطع الله الطريق وبيَّن أن مهمته النذارة: {إنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ}سورة هود، آية رقم 12.وقال: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُم}سورة البقرة، آية رقم 272، كما قال تعالى: {َمَنِ اهْتَدَى فَإنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ومَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ومَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ}سورة يونس، آية 108..