قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وقد أمر الرسل كلهم بهذا ، وأن لا يتفرقوا فيه فقال : { إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } وقال : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم *وإن هذه أمتكم أمة واحدة } الآية .
قال قتادة : أي دينكم واحد ، وربكم واحد ، والشريعة مختلفة .
وكذلك قال الضحاك ، وعن ابن عباس أي : دينكم دين واحد ، قال ابن أبي حاتم ، وروي عن سعيد بن جبير وقتادة وعبد الرحمن نحو ذلك ، قال الحسن بين لهم ما يتقون ، وما يأتون، ثم قال : إن هذه سنتكم سنة واحدة، وهكذا قالجمهور المفسرين، والأمة الملة والطريقة، كما قال:{إنا وجدنا آباءنا على أمة} كما تسمى الطريق إماما ؛ لأن السالك فيها يؤتم به، فكذلك السالك يؤمه ويقصده، والأمة أيضا معلم الخير الذي يأتم به الناس، وإبراهيم عليه السلام جعله الله إماما، وأخبر أنه كان أمة .
وأمر الله تعالى الرسل أن تكون ملتهم ودينهم واحدا ، لا يتفرقون فيه كما في "الصحيحين": « إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد » وقال تعالى:{شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا} الآية.
ولهذا كان يصدق بعضهم بعضا لا يختلفون مع تنوع شرائعهم ؛ فمن كان من المطاعين من الأمراء والعلماء والمشايخ متبعا للرسول صلى الله عليه وسلم أمر بما أمر به ودعا إليه وأحب من دعا إلى مثل ما دعا إليه ، فإن الله يحب ذلك ، فيحب ما يحبه الله ؛ لأن قصده عبادة الله وحده ؛ وأن يكون الدين لله ؛ ومن كره أن يكون له نظير يدعو إلى ذلك ؛ فهذا يطلب أن يكون هو المطاع المعبود ؛ وله نصيب من حال فرعون وأشباهه ؛ فمن طلب أن يطاع دون الله فهذا حال فرعون ؛ ومن طلب أن يطاع مع الله فهذا يريد من الناس أن يتخذوا من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ؛ والله سبحانه أمر أن لا يعبد إلا إياه ولا يكون الدين إلا له ؛ وتكون الموالاة فيه والمعاداة فيه ؛ ولا يتوكل إلا عليه ؛ ولا يستعان إلا به".
"مجموع الفتاوى" ( 8/219-220).