السؤال: ما هي الأحكام المتعلقة بزكاة عروض التجارة؟
الجواب: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد،
فهذا السؤال الذي تفضلت به هو من الأسئلة المهمة، التي يسأل عنها الكثير من الناس، لاسيما أن هذا السؤال يتعلق بركنٍ من أركان الإسلام، وهو الزكاة، وقد أمر الله تعالى بالزكاة في كتابه، وجعلها قرينة الصلاة، ولذلك ينبغي لكل مؤمنٍ ومؤمنه أن يعرف من أحكام الزكاة ما يحقق به هذا الركن.
وذلك إذا كان له مال، سواءً كان من النقدين - الذهب والفضة- أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية المعاصرة، أو كان ذلك من سائر أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة، كالحبوب، والثمار، وبهيمة الأنعام بصنوفها، وشتى أنواعها.
الزكاة فيما يتعلق بعروض التجارة.
أولا: ما هي عروض التجارة؟
عروض التجارة، عروض جمع عرْض بتسكين الراء, وهو ما يعرف، بالتأكيد أن أصحاب أموال والتجارات يعرضون سلعهم، ويعرضون ما أعدوه للبيع، رغبًة في التكسب من خلال بيعه، هذا المال الذي يعرض هو في الحقيقة مال نامي، بمعنى أنه مال يؤمل فيه النماء والزيادة.
وقد قال الله جل وعلا: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} سورة: التوبة، الآية (103) وهذه الآية في عمومها توجب الزكاة في كل الأموال، لكن جاءت النصوص في الكتاب والسنة ببيان ما هي الأموال التي تجب فيها الزكاة.
عروض التجارة: وهي ما يعرض للبيع، سواءً كان ذلك في العقارات، أو كان ذلك في المنقولات، سواءً كان ذلك في الأجهزة، أو كان ذلك في الأغذية، أو كان ذلك في الثياب، أو كان ذلك في سائر أنواع المتاع كالسيارات، وما إلى ذلك مما يبيعه الناس، هذه المعروضات هي مال تجارة، ولذلك سميت عروض تجارة، أي أنها أعيان تعرض يقصد بها التكسب، وهو مقصود التجارة، يقصد بها الربح، وهو مقصود التجارة.
جمهور العلماء من الأئمة الأربعة، وقد نقل جماعة من أهل العلم على أن الزكاة تجب في عروض التجارة، معنى هذا أن كل ما يعرضه الناس للتجارة، فإنه ينبغي أن ينظر هل فيه زكاة؟، أو ليس فيه زكاة؟، إن كان قد تملكه بنية الاتجار, واستمرت هذه النية، وصاحبها عرض، فهذه تجب فيها الزكاة في قول عامة العلماء.
أما ما يكون من أموال الناس التي يستفيدون منها، وينتفعون بها، ما قدر الله تعالى لهم من الانتفاع، كالبيوت مثلا يسكنها مدًة من الزمن, السيارات يركبها مدًة من الزمن, الثياب يلبسها مدًة من الزمن, ثم يبدوا له أن يبيعها، ليستبدلها بغيرها، هذه لا تجب فيها زكاة التجارة، لماذا؟، لأنها ليست عروضًا التجارة.
إنما في الحقيقة هي أموال استغنى عنها الإنسان, رأى أنه بحاجه إلى استبدالها، رأى أنه بحاجه إلى ما هو أجد منها، فبدلها، غيرها, عند ذلك لا تجب في هذا المال زكاةٌ ليس أنه ليس عروض تجارة.
عروض التجارة هي الأموال التي أعدت للتجارة، وتملكها أصحابها بنية التجارة، وهذا الشرط وهو التملك بنيه التجارة، قول عامة الفقهاء الذين يرون وجوب الزكاة في عروض التجارة؛ لأنه ذكرت هو مذهب الأئمة الأربع, وهو قول حكي الإجماع عليه, وقد قال بعض أهل العلم لم يخالف فيه إلا ما شذ من أهل العلم استنادًا إلى عمومات الآيات في وجوب الزكاة.
وعلى خصوص ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سمره بن جندب رضي الله عنه حيث قال: «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ» سنن أبي داود: باب العروض إذا كانت للتجارة، فهل فيها من زكاة، حديث رقم(1562) وهذا يدل على أن ما يعد للتجارة تجب زكاته، وجاء مثل ذلك أيضا عن عمر رضي الله عنه، فالأدلة داله على وجوب الزكاة في عروض التجارة.
إذا عرفنا ما هي عروض التجارة، وعرفنا أن عامة العلماء رحمهم الله على وجوب الزكاة في التجارة، وعرفنا أيضا أن عروض التجارة التي تجب فيها الزكاة هي ما يتملكها الإنسان بنية التجارة، أما إذا تملكها بنية التملك، أو بنيه الحفظ، أو ما إلى ذلك من أنواع المقاصد في تملك الأموال، فإنه لا تجب فيه الزكاة؛ لأنه لابد من نية، ولابد من نية التجارة، ولابد من أن يعرضها للتجارة، يعني أن يستمر هذا القصد مع مدة التملك، هذا ما يتعلق بعروض التجارة من حيث وجوب الزكاة.
لكن هنا سؤال:
كيف تُزكي عروض التجارة؟
تزكي عروض التجارة بأن تُقَّوم؟ كيف تقوم؟، يعنى ينظر كم قيمة ما عنده من أموال أعدها للتجارة، فإذا نتج مثلا أن ما عنده مليون ريال مما أعد للتجارة، فيزكي بمليون ريال فيه ربع العشر، فزكاة عروض التجارة ملحقه بزكاة النقدين، فيها ربع العشر.
وطريقة إيجاد زكاة عروض التجارة سهله، اجرد ما عندك مما أعددته للتجارة، وأحصه، ثم أخرج من قيمته ربع العشر، وبذلك تكون قد أخرجت زكاة عروض التجارة.
وفق الله الجميع إلى ما يحب ويرضى، وصلى الله على نبينا محمد.