يقول: هل يجوز وصف الله بالمعرفة بأنه "يعرف" أم نقول :"يعلم"، وهل هناك فرقٌ بين المعرفة والعلم؟
الشيخ: نعم، الذي جاء في الكتاب والسنة إثبات وصف العلم له جلَّ وعلا، فهو العليم الخبير جلَّ في علاه، ولم يأت في كتاب الله -عزَّ وجل- ما يُعبَّر عنه بالمعرفة فيما يتعلق بعلم الله -عزَّ وجل- إنما كل ما جاء هو من العلم واشتقاقاته، وكذلك في السنة في غالب ما ثبت إلا فيما جاء عن ابن عباس في وصيته أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ»مسند أحمد: مسند عبد الله بن العباس، حديث رقم(2804)، قال شعيب الأرناؤوط: صحيح.
وهذه لا تُعارِض مع.. أولاً الرواية في إسنادها مقال، وعلى القول بثبوتها فهي لا تُعارِض ما دلت عليه النصوص، فالمعرفة هنا ليست المقصود بها المعرفة التي ينفيها مَنْ ينفيها عن الله -عزَّ وجل- وهي المسبوقة بجهلٍ وعدم علم، إنما المقصود بالمعرفة هنا أنه يغيثك ويقضي حاجتك، ويكون لك لحفظك له -جلَّ في علاه- في الرخاء فإنه يحفظك في الشدة، هذا معنى التعرُّف.
ذهب بعض أهل العلم إلى جواز إطلاق لفظ المعرفة في حق الله -عزَّ وجل- لأن المعرفة رديفة للعلم، والذين منعوا وهم الأكثرون قالوا: إن العلم يختلف عن المعرفة؛ ولذلك كل ما جاء في الكتاب في إثبات هذه الصفة جاء بإثبات العلم لا بإثبات المعرفة، والفرق بينهما أن العلم لا يسبقه جهل، علم الله يُطلَق ولا يسبقه جهلٌ في حقه جلَّ وعلا، والمعرفة في الغالب أنها تكون مسبوقة بجهلٍ أو غفلة أو نسيان وهذا يُنَزَّه عنه الله -عز وجل-.
وعلى كل حالٍ إذا أُطلقت في حق الله فهي بمعنى العلم، لو قال أحد: "ربي يعرف حالي" المقصود أنه يعلم بالتأكيد أنه يريد (أن يعلم)، ولكن الأولى استعمال اللفظ القرآني، فإن استعمله أحد وأراد به العلم فإنه مما يكون رديفًا للعلم في بعض الاستعمالات، ولكن الذين يعتنون بالفروق بين الألفاظ والمفردات يفرقون بين العلم والمعرفة، فالعلم وصفٌ أكمل من المعرفة من حيث إن العلم لا يلزم أن يسبقه جهلٌ بخلاف المعرفة فإنه يسبقها جهل.
والعلم.. أيضًا من الفروق بينه وبين المعرفة العلم ينفذ إلى الظاهر والباطن، وأما المعرفة فإنها تتعلق بالظواهر والمدركات الحسية، سواءً بالسمع أو البصر أو الشم أو ما إلى ذلك.
لكن لا تنفذ إلى البواطن، والله تعالى عليمٌ خبير يعلم الظاهر والباطن، السرَّ والإعلان.