قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" (المقصود) هنا أن ما تضمنته "قصة ذي النون" مما يلام عليه كله مغفور بدله الله به حسنات ؛ ورفع درجاته وكان بعد خروجه من بطن الحوت وتوبته أعظم درجة منه قبل أن يقع ما وقع قال تعالى:{فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم * فاجتباه ربه فجعله من الصالحين }.
وهذا بخلاف حال التقام الحوت فإنه قال:{فالتقمه الحوت وهو مليم}،فأخبر أنه في تلك الحال مليم و " المليم " الذي فعل ما يلام عليه فالملام في تلك الحال لا في حال نبذه بالعراء وهو سقيم فكانت حاله بعد قوله :{لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} أرفع من حاله قبل أن يكون ما كان والاعتبار بكمال النهاية لا بما جرى في البداية والأعمال بخواتيمها والله تعالى خلق الإنسان وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئا ثم علمه فنقله من حال النقص إلى حال الكمال فلا يجوز أن يعتبر قدر الإنسان بما وقع منه قبل حال الكمال بل الاعتبار بحال كماله ويونس صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء في حال النهاية حالهم أكمل الأحوال".
"مجموع الفتاوى" ( 10/299).