×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة : أقوى أسلحة الحرب

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:9675
- Aa +

إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرينَ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ.

فاتَّقُوا اللهَ أيُّها المؤْمِنُونَ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى كَما أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} سُورَةُ الأَحْزابِ: الآيَةُ رَقَم (70-71).
عِبادَ اللهِ، إِنَّ اللهَ تَعالَى أَمَرَ المؤْمِنينَ بِأَنْ يَعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ، جَلَّ في عُلاهُ، فَقالَ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ}آلَ عِمْران:103. فالاعْتِصامُ بِكِتابِ اللهِ الحَكِيمِ وَشَرْعِهِ القَوِيمِ، يَحْمِي مِنَ الضَّلالَةِ وَالهَلَكَةِ، وَبِهِ تَجْتَمِعُ القُلُوبُ، وَتَأْتَلِفُ الكَلِمَةُ، نِعْمَةً مِنَ اللهِ وَفَضْلاً؛ فَتِلْكَ الثِّمارُ الطَّيِّبةُ الزَّاكِيَةُ الَّتي تَصْلُحُ بها دُنْيا النَّاسِ وَدِينُهِمْ، لا يُمْكِنُ أَنْ تُدْرَكَ إِلَّا بِفَضْلِ اللهِ وَمِنَّتِهِ، قالَ اللهُ لِرَسُولِهِ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ: {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} سُورَةُ آلِ عِمْرانِ: الآيةُ رقم (103).
أيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ الأُمَّةَ عَبْرَ تارِيخِها، كُلَّما اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُها، وَائْتَلَفَتْ قُلُوبُ أَبْنائِها؛ حازَتْ كُلَّ عِزٍّ وَنَصْرٍ، وَحَقَّقَتْ كُلَّ سَبْقٍ وَفَضْلٍ، وَلا غَرْوَ فَإِنَّ القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتي هِيَ أَقْوَمُ؛ فََمَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ هُدِيَ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ ضَلَّ وَعَمِيَ.
أيُّها المؤْمِنُونَ، لا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ما أَصابَ أُمَّتَنا، في هَذِهِ الأَزْمِنَةِ المتَأَخِّرَةِ، مِنَ افْتِراقٍ وَضَعْفٍ وَتَشَرْذُمٍ وَتَنازُعٍ؛ كانَ سَبَباً رََئيساً لِتَسَلُّطِ أَعْدائِها عَلَيْها، مِنْ دَاخِلِها  وَخَارجِها. وَإِنَّ عَدُوَّ الدَّاخِلِ أَخْطَرُ عَلَى الأُمَّةِ مِنْ عَدُوِّ الخارِجِ الكاشِحِ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كِتابُ اللهِ تَعالَى، وَشَهِدَ بِه حاضرُ الأُمَّة وَماضِيْها، لِذَلِكَ بَيَّنَ اللهُ تعالَى عَظِيمَ خَطِرِهِمْ وَشِدَّةَ عَداوَتِهِمْ، فَقالَ جَلَّ وَعَلَا: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} سُورَةُ المنافِقُونَ: الآيَةُ رقم (4).، فَحَصَرَ العَدَاوَة فِيهِمْ، كَمَا لَوْ قالَ: لَا عَدُوَّ إِلَّا هُمْ، وَمَا ذاكَ إِلاَّ لِشِدَّةِ بَلِيَّةِ المسْلِمينَ بهِمْ، فَهُمْ أَعْظَمُ بَلِيَّةً عَلَى المسْلِمينَ مِنَ الكُفَّارِ المُجَاهِرِين؛ فالمُنافِقون يَنْتَسِبُونَ إِلَى المسْلِمينَ ظاهِرًا، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْْ يَنْصُرُونَ الإِسْلامَ، وَيَذُبُّونَ عَنْهُ، وَيَسْعَونَ في مَصالحِهِ، وَهُمْ كاذِبونَ، كَما قالَ اللهُ تعالى فيهم: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} سُورةُ البَقَرَةِ: الآية رقم 12، فَهُمْ أَحَقُّ بِالعَداوةِ مِنْ سائِرِ الأَعْداءِ، بَلْ هُمْ عَوْنٌ لِكُلِّ عَدُوٍّ عَلى أَهْلِ الإسْلَامِ، يَتَرَبَّصُونَ بِهِمُ الدَّوائرَ.
نعم، هُمُ العَدُوُّ فخُذُوا حِذْرَكُم مِنْهُم؛ فإنَّه لا يَنَالُكُمْ شَرٌّ مِنْ عَدُوٍّ خارِجٍ في غالِبِ الحالِ، إِلَّا مِنْ طَرِيقِ عَدُوٍّ مُخْتَفٍ مُسْتَتِرٍ مُنافِقٍ، يَسْعَى في تَفْرِيقِ كَلِمَتِكُمْ، وَتَشْتِيتِ شَمْلِكُمْ، وَإِيقاعِ الضُّرِّ بِكُمْ.
أيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ مَصائِبَ أُمَّتِنا اليَوْمَ بِالمنافِقينَ عَظِيمَةٌ، وَإِنَّ اللهَ تَعالَى قَيَّضَ لِهَذِه ِالأُمَّةِ عُلَماءَ وَحُكَماءَ وَناصِحَيْنَ، بَيَّنُوا خَطَرَ هَؤُلاءِ الأَعْداءِ، وَكَشَفُوا أَطْماعَهُمْ، وَحَذَّرُوا الأُمَّةَ مِنْ أَلاعِيبِهِمْ، مُنْذُ سَنواتٍ بَعِيدَةٍ. نَعَمْ، صاحَ النَّاصِحُونَ مُنْذُ بِدايَةِ ظُهُورِهِمْ، وَحَذَّرُوا مِنْ شِعَارَاتِهِمْ الَّتي خَدَعُوا بِها كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ، كِشعارِ "الموتُ لأَمْرِيكا، وَالموْتُ لإِسْرائِيلَ"؛ فَتَكَشَّفَ الأَمْرُ عَنْ نِفاقٍ وَكَذِبٍ وَتَضْلِيلٍ عَظِيمٍ، تَظاهَرُوا بِنُصْرَةِ الإِسْلامِ وَهُمْ سَاعُونَ في هَدْمِهِ، وَيَدَّعُونَ جَمْعَ كَلِمَةِ المسْلِمينَ، وَهُمْ لا يَألُونَ جُهْداً في التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمْ.
وَقَدْ أَظْهَرَ اللهُ كَذِبَ تِلْكَ الدَّعَواتِ لِلقَرِيبِ وَالبَعِيدِ وَالعالِمِ وَالجاهِلِ، وَافْتَضَحَ بَيْنَ العالَمينَ نِفاقُهُمْ وَضلالُهُمْ، وَشاهَدَ النَّاسُ قَاصِيْهِمْ وَدَانيهِمْ كَذِبَ تِلْكَ العَمائِمِ الَّتي ما دَخَلَتْ بَلَدَاً إِلَّا أَفْسَدَتْهُ، وَلا ظَهَرَتْ في مِصْرٍ إِلاَّ فَرَّقَتْ أَهْلَهُ وَأَشْاعَتْ بَيْنَهُمُ الفَسادَ وَالنِّزاعَ وَالدَّمارَ، شَواهِدُ ذَلِكَ ناطِقَةٌ في العِراقِ وَسُورِيَّا. وَقَدْ بَدَتْ بَوادِرُ شَرِّهِمْ وَعَلائِمُ فِتْنَتِهِمْ، وَمَظاهِرُ فَسادِهِمْ تَلُوحُ في اليَمَنِ، مِنْ خِلالِ الحُوثِيِّينَ المفْسِدِينَ الَّذينَ تَسَلَّطُوا عَلَى اليَمَنيِّينَ؛ قَتْلاً وَتَشْرِيداً؛ سَجْناً وَتَعْذِيباً؛ تَخْرِيباً لِلبِلادِ وَتَدْمِيراً لَها، احْتَلُّوا المدُنَ وَاسْتَباحُوا الممْتَلَكاتِ، وَانْتَهَكُوا الحُرُماتِ، هَدَّمُوا المساجِدَ، وَدَمَّرُوا دُورَ القُرْآنِ وَمَعاهِدَ الذِّكْرِ، وَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى ذَلِكَ، بَلْ تَجاوَزَ شَرُّهُمُ الحُدُودَ، فَهَدَّدُوا بِلادَ الحَرَمَيْنِ، وَزَعَمُوا احْتِلالَ مَكَّةَ وَالمدِينَةَ، إِلَّا أَنَّ اللهََ تَعالَى قَيَّضَ مَنْ أَدْرَكَ الخَطرَ، وَاسْتَشْعَرَ النُّذُرَ، وَبادَرَ إِلَى قَطْعِ يَدِ الفَسادِ وَالفِتْنَةِ وَالشَّرِّ في اليَمَنِ؛ فَهَبَّتْ بِفَضْلِ اللهِ وَتَسْدِيدِهِ وَعَوْنِهِ وَتَوْفِيقِهِ عاصَفِةُ الحَزْمِ الَّتي هَبَّتْ مِنْ بِلادِ الحَرَمَيْنِ، نَجْدَةً لِليَمَنِ وَنُصْرَةً لِلمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ أَهْلِها، وَاسْتِنْقاذاً لَهُمْ مِنْ طُغْيانِ الحُوثِيِّينَ الَّذينَ اسْتَقْوَوْا ِبمَنْ دَمَّرَ العِراقَ، وَمَزَّقَ سُورِيَّا، وَفَرَّقَ لِبْنانَ.
أَلا وَإِنَّ مِنْ بَشائِرِ النَّصْرِ وَعَلائِمِ التَّوْفِيقِ اجْتِماعُ قُلُوبِ الأُمَّةِ عَلَى تَأْيِيدِ هَذِهِ العاصِفَةِ المبارَكَةِ الَّتي قادَتْها بِلادُ الحَرَمَيْنِ وَدُوَلُ الخَلِيجِ، فَجاءَ التَّأْييدُ مِنْ غَرْبِ الأُمَّةِ وَشَرْقِها، فَتَشَكَّلَ حِلْفٌ عَرَبِيٌّ إِسْلامِيٌّ، لحِمايَةِ بِلادِ الحَرَمَيْنِ، وَنُصْرَةِ أَهْلِ اليَمَنِ الَّذينَ اصْطَلَوْا بِأَذَى الحُوثيِّينَ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ، فَنَحْمَدُ اللهَ تَعالَى عَلَى ذَلِكَ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ. أَقُولُ ما تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهََ العَظِيمَ، لِي وَلَكُمْ، فاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ الملِكِ الحَقِّ المبينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العالمينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
 
أَمَّا بَعْدُ.
 
فاتَّقُوا اللهَ أيُّها المؤْمِنونَ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى حَقَّ التَّقْوَى؛ فَبِالتَّقْوَى تُدْرِكُونَ الآمالَ، وَبالتَّقْوَى تَنْجُونَ مِنَ الأَخْطارِ، قالَ اللهُ تَعالَى: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} سُورَةُ الزُّمَر: الآيَةُ رقم (61).. وَقالَ تَعالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} سُورَةُ الطَّلاقِ: الآية رقم (2- 3(.
أيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ هَذِهِ العاصَفَةَ المبارَكَةَ، لَيْسَتْ نُزْهَةً وَلا رِحْلَةً، بَلْ هِيَ دِفاعٌ عَنْ بِلادِ الحَرَمَيْنِ، وَكَبْحٌ لِجِماحِ المعْتَدِينَ، وَنُصْرةٌ لِإخْوانِكُمُ المسْتَضْعَفِينَ. وَالحَرْبُ لَها حُقُوقٌ وَواجِباتٌ عَلَى الصَّغِيرِ وَالكبيرِ، فَواجِبٌ عَلَيْنا اسْتِشْعارُ الخَطَرِ، فالعَدُوُّ مُتَرَبِّصٌ لا يَأْلُو جُهْداً في النَّيْلِ مِنَّا بِكُلِّ وَسِيلَةٍ وَسَبِيلٍ،  فَلابُدَّ مِنْ أَخْذِ الحِيطَةِ وَالحَذَرِ، وَتَوَقِّي كُلِّ سَبَبٍ يَكُونُ عَوْنًا لأَعْدائِنا عَلَيْنا، سَواءٌ أَكانَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِنا أَمْ مِنْ غَيْرِنا. وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ ما نَحْتاجُ إِلَى تَذَكُّرِهِ في مِثْلِ هَذِهِ الظُّرُوفِ، ما كَتَبهُ الفارُوقُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-  لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قائِدِ القادِسِيَّةِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الأَجْنادِ، كَتَبَ لَهُمْ، فَقالَ:"فَإنِّيْ آمرُكَ وَمَنْ مَعَكَ بِتَقْوَى اللهِ عَلَى كُلِّ حالٍ؛ فَإِنَّ تَقْوَى اللهِ أَفْضَلُ العُدَّةِ عَلَى العَدُوِّ، وَأَقْوَى المكِيدَةِ في الحَرْبِ، وَآمُرُكَ وَمَنْ مَعَكَ أَنْ تَكُونُوا أَشَدَّ احْتِراسًا مِنَ المعاصِي مِنكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، فَإِنَّ ذُنُوبَ الجَيْشِ أَخْوَفُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَإِنَّما يُنْصَرُ المسْلِمُونَ بِمَعْصِيَّةِ عَدُوِّهِمْ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ بِهِمْ قُوَّةٌ؛ لَأَنَّ عَدَدَنا لَيْسَ كَعَدَدِهِمْ وَلا عُدَّتَنا كَعُدَّتِهِمْ، فَإِنِ اسْتَوَيْنا وَأَعْداءَنا في المعْصِيةِ، كانَ لَهُمُ الفَضْلُ عَلَيْنا في القُوَّةِ، وَلا نَنْتَصِرُ عَلَيْهِمْ بِفَضْلِنا، وَلَمْ نَغْلِبْهُمْ بِقُوَّتِنا، وَاعْلَمُوا أَنَّ عَلَيْكُمْ في سَيْرِكُمْ حَفَظَةً مِنَ اللهِ، يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ؛ فاسْتَحْيُوا مِنْهُمْ، وَلا تَعْمَلُوا بِالمعاصِي، وَأَنْتُمْ في سَبِيلِ اللهِ، وَلا تَقُولُوا: إِنَّ عَدُوَّنا شَرٌّ مِنَّا فَلَنْ يُسَلَّطَ عَلَينَا، فَرُبَّ قَوْمٍ سُلِّطَ عَلَيْهِمْ شَرٌّ مِنْهُمْ، كَما سُلِّطَ عَلَى بَنِي إِسْرائِيلَ لمَّا عَمِلُوا بِمساخِطِ اللهِ كُفَّارُ المجُوسِ {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا} سُورة الإسراءِ: الآية رقم (5), وَاسْأَلُوا اللهَ العَوْنَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، كَما تَسْأَلُونَهُ النَّصْرَ عَلَى عَدُوِّكُمْ، أَسْألُ اللهَ ذَلِكَ لَنا وَلَكُمْ" أَوْرَدَ هَذا الأَثَرَ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ في العِقْدِ الفَرِيدِ بِدُونِ سَنَدٍ(1/117). فَما أَحْوَجَنا أَيُّها المؤْمِنُونَ لاسْتِحْضارِ هَذِهِ المعانِي، فَقَدْ جَمَعَتْ أَسْبابَ النَّصْرِ عَلى الأَعْداءِ.
أيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ الدُّعاءَ أَعْظَمُ ما يُسْتَنْزَلُ بِهِ النَّصْرُ، قالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم: «هَلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ » صَحيحُ البُخارِيُّ: بابُ مَنِ اسْتَعانَ بِالضُّعَفاءِ وَالصَّالحينَ في الحَرْبِ, حَدِيثُ رَقَم: (2739).، بِدُعائِهِْمْ وَصَلاحِهِمْ، وَلا يَغْتَرَنَّ أَحَدٌ بِقُوَّةٍ أَوْ عُدَّةٍ أَوْ عَتادٍ أَوْ كَثْرَةِ جَمْعٍ، فاسْأَلُوا اللهََ النَّصْرَ بِتَضَرُّعٍ وَتَمامِ افتِقَارٍ.
فَنَسْأَلُ اللهَ العَظِيمَ، رَبَّ العَرْشِ الكَرِيمِ، أَنْ يَحْفَظَ اليَمَنَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ، وَأَنْ يُطَهِّرَهُ مِنَ الحُوثيِّينَ وَمَنْ وَراءَهُمْ، وَأَنْ يُعِيدَهُ عَزِيزًا سَعِيداً، كَما نَسْأَلُهُ جَلَّ في عُلاهُ أَنْ يَحْمِيَ بِلادَنا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْألُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، نَسْألُكَ بعِزَّتِكَ وَقُوَّتِكَ، أَنْ تَنْصُرَنا عَلَى مَنْ عادَانا، اللَّهُمَّ انْصُرْنا وَلا تَنْصُرْ عَلَيْنا، اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَلَيْنا، اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذاتَ بَيْنِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَليَّ أَمْرِنَا الملِكَ سَلْمانَ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى.
اللَّهُمَّ وَاكْتُبْ مِثْلََ ذَلِكَ لِإخْوانِهِ وَأَعْوانِهِ وَوُزرائِهِ وَجَمِيعِ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُ، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ وَبِرٍّ، وَسَدِّدْهُمْ في آرائِهِمْ وَأَعْمالِهِمْ، اللَّهُمَّ وَسَدِّدْ رَمْيَ جُنُودِنا يا رَبَّ العَالمينَ، اللهُمَّ احَفَظْهُمْ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرادَ بِهِمْ سُوءًا أَوْ مَكْرًا؛ فَرُدَّ سُوءَهُ وَمَكْرَهُ إِلَى نَحْرِه يا رَبَّ العالمينَ، رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْألُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفافَ وَالرَّشادَ وَالغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتنِ ما ظَهرَ مِنْها وَما بَطنَ، وَإِذا أَرَدْتَ بِعبادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنا رَبَّنا إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونِينَ، وَصَلِّ اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحابِهِ أَجْمَعِينَ.

 

 

المادة السابقة
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91415 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87216 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف