قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" قال تعالى {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه مايشاء}، فانه فرق بين الايحاء وبين التكليم من وراءالحجاب وبين إرسال رسول يوحي بإذنه ما يشاء فدل على أن التكليم من وراء حجاب كما كلم موسى أمر غير الايحاء، وأيضا فقوله {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم}، وقوله {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم} وقوله {حم تنزيل من الرحمن الرحيم}.
وأمثال ذلك يدل على أنه منزل من الله لا من غيره وكذلك قوله {بلغ ما أنزل اليك من ربك}.
فانه يدل على اثبات أن ما أنزل اليه من ربه وانه مبلغ مأمور بتبليغ ذلك
... وقال تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء } .
ففرق بين التكليم من وراء حجاب - كما كلم موسى - وبين التكليم بواسطة الرسول - كما كلم الأنبياء بإرسال رسول إليهم - والناس يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلام تكلم به بحروفه ومعانيه بصوته صلى الله عليه وسلم ثم المبلغون عنه يبلغون كلامه بحركاتهم وأصواتهم كما قال صلى الله عليه وسلم «نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه» فالمستمع منه يبلغ حديثه كما سمعه : لكن بصوت نفسه لا بصوت الرسول فالكلام هو كلام الرسول تكلم به بصوته والمبلغ بلغ كلام الرسول لكن بصوت نفسه وإذا كان هذا معلوماً فيمن يبلغ كلام المخلوق فكلام الخالق أولى بذلك.
" مجموع الفتاوى" (12/129 )، (12/ 137).