قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" قوله:{إنك لا تسمع الموتى}، إنما أراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه فإن هذا مثل ضرب للكفار والكفار تسمع الصوت لكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتباع كما قال تعالى : {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء} .
فهكذا الموتى الذين ضرب لهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع السماع المعتاد أنواع السماع كما لم ينف ذلك عن الكفار ؛ بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به وأما سماع آخر فلا ينفى عنهم .
وقد ثبت في "الصحيحين" وغيرهما أن الميت يسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين فهذا موافق لهذا فكيف يدفع ذلك ؟
ومن العلماء من قال : إن الميت في قبره لا يسمع ما دام ميتا كما قالت عائشة .
واستدلت به من القرآن وأما إذا أحياه الله فإنه يسمع كما قال قتادة : أحياهم الله له .
وإن كانت تلك الحياة لا يسمعون بها كما نحن لا نرى الملائكة والجن ولا نعلم ما يحس به الميت في منامه وكما لا يعلم الإنسان ما في قلب الآخر وإن كان قد يعلم ذلك من أطلعه الله عليه .
وهذه جملة يحصل بها مقصود السائل وإن كان لها من الشرح والتفصيل ما ليس هذا موضعه فإن ما ذكرناه من الأدلة البينة على ما سأل عنه ما لا يكاد مجموعا . والله أعلم . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم".
"مجموع الفتاوى" ( 4/298-299).