×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مرئية / خطبة: لقد رأى من آيات ربه الكبرى (رحلة الإسراء والمعراج)

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:13340

إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِه اللهُ فَلا مُضِلِّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى حَقَّ التَّقْوَى فَتَقْواهُ تَجْلِبُ كُلَّ خَيْرٍ، وَتَدْفَعُ كُلَّ شَرٍّ، بِها يُدْرِكُ العَبْدُ سَعادَةَ الدُّنْيا وَفَوْزَ الآخِرَةِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ عِبادِكَ المتَّقِينَ، وَحِزْبِكَ المفْلِحينَ، وَأَوْلِيائِكَ الصَّالِحينَ يا رَبَّ العالمينَ.

أَيُّها النَّاسُ, بَعَثَ اللهُ تَعالَى مُحَمَّدًا- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجًا مُنِيرًا، بَعَثَهُ عَلَى حِينِ انْقِطاعٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَانْطِماسٍ مِنْ سُبُلِ الهِدايَةِ، وَضَلالاتٍ عَمَّتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا النَزْرَ القَلِيلَ مِمَّنْ كانَ عَلَى دِينِ النَّبِيِّينَ، بَعَثَهُ اللهُ تَعالَى بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ، فَنبَّأَهُ بـ﴿اقْرَأْالعلق:1 ؛ حَيْثُ جاءَهُ جِبْرِيلُ في الغَارِ، فَقالَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَالعلق:1 ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ بِأَمْرِهِ بِالنِّذارَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ1  قُمْ فَأَنذِرْ 2  وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ 3  وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْالمدثر:1-4 .

فَأَنْذَرَ قَوْمَهُ، وَابْتَدَأَ سِرًّا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دَعْوَتهِ، فآمَنَ بِهِ مَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ للإِيمانِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الإِسْلامِ مَنْ نَوَّرَ اللهُ قَلْبَهُ بِأَنْوارِ الهِدايَةِ، فَكانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذا الأَمْرِ دَعْوَة لِقَوْمِهِ، عَلَى السِّرِّ وَالخَفاءِ، حَتَّى قَبِلَهُ مَنْ قَبِلَ، فَجاءَهُ الأَمْرُ بِالصَّدْعِ بِالحَقِّ ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَالحجر:94 ، فَأَنْذَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ وَدَعاهُمْ إِلَى عِبادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، فَعارَضَهُ مَنْ عارَضَهُ، وَسَفَّهَ قَوْلَهُ المعانِدُونَ وَالمشْرِكُونَ، ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌص:5 ، فَلَقِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْمِهِ تَرْغِيبًا وَتَرْهِيبًا، تَرْغِيبًا في تَرْكِ الحَقِّ وَالهُدَىَ، وَتَرْهِيبًا في حَمْلِهِ عَلَى تَرْكِ دَعْوَتِهِ وَالإِعْراضِ عَمَّا أَمَرَهُ اللهُ تَعالَى بِهِ مِنَ الصَّدْعِ بِالتَّوْحِيدِ وَإِنْذارِ النَّاسِ.

ثُمَّ إِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضَى عَلَى هَذِهِ الحالِ وَسَخَّرَ اللهُ لَهُ نَصِيرًا، وَعَضُدًا، وَأَصْحابًا يُعِينُونَهُ؛ فَكانَ أَوَّلُ مَنْ أَعانَهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلَدَ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْها، دَافَعَتْ عَنْهُ، وَآزَرَتْهُ، وَعاضَدَتْهُ، وَثَبَّتَتْهُ، وَكانَتْ عَوْنًا لَهُ عَلَى تَحَمُّلِ هَذِهِ الرِّسالَةِ، وَالْتَفَّ حَوْلَهُ أَصْحابُهُ، فَدَوْهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وَأَمْوالِهِمْ، وَأَهْلِيهِمْ. وَكانَ مِمَّنْ أَعانَهُ أَبُو طالِبٍ عَمُّهُ الَّذِي رُبِّي في حُضْنِهِ، وَكانَ قائِمًا عَلَيْهِ، لَمْ يَتَّبِعْ أَبُو طالِبٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَخْوَةً لأَبِيِهِ وَدِينِ آبائِهِ وَأجْدادِهِ، لَكِنَّهُ عَلِمَ أَنَّ ما جاءَ بِهِ حَقٌّ، فَناصَرَهُ وَآزَرَهُ، عَلَىَ أَنَّهُ لَمْ يُوافِقْهُ في دِينِهِ حَيْثُ بَقِيَ عَلَى الشِّرْكِ.

بَقِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذا المِنْوالِ مِنَ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ، وَالتَّحَمُّلِ لِلأَذَى مَعَ وُجُودِ مَنْ يُناصِرُهُ وَيُعاضِدُهُ وَيُدافِعُ عَنْهُ، ماتَتْ زَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ، ثُمَّ تَبِعَها بِقَلِيلٍ عَمَّهُ أَبُو طالِبٍ، فَفَقَدَ نَصِيرًا، يَمْنَعُهُ مِنْ قَوْمِهِ، وَيُثَبِّتُهُ عَلَى ما هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الحَقِّ، فاشْتَدَّ بَلاءُ المشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ يَطْلُبُ نَصِيرًا في غَيْرِ مَكَّةَ، وَكانَ ما تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الطَّائِفُ فجاءَهُمْ يَدْعُوهُمْ وَيَطْلُبُهُمْ النُّصْرَةَ لِتَبْلِيغِ دِينِ اللهِ، فَلَمْ يَلْقَ مِنْهُمْ إِلَّا الأَذَى وَالتَّهَكُّمُ، فَرَجَعَ مَهْمُومًا مَغْمُومًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِما أَصابَهُ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالأَذَى، فَجاءَهُ جِبْرِيلُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قالَ لَهُ: «يا مُحَمَّدُ هَذا مَلَكُ الجِبالِ أَرْسَلَهُ اللهُ تَعالَى فَمُرْهُ بِما شِئْتَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مَلَكُ الِجبالِ فَقالَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبِيْنِ - جَبَلَيْ مَكَّةَ – فَعَلْتُ»، فَثَبَّتَ اللهُ تَعالَى مُحَمَّدًا بِناصِرٍ مِنَ الملائِكَةِ وَمَعِينًا مِنْ عِنْدِهِ جَلَّ في عُلاهُ، فَقالَ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ، لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا«البُخارِيُّ(3231), وَمُسْلِمٌ(1795). فَكانَ هَذا تَثْبِيتًا مِنَ اللهِ: ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًاالإسراء:74 ، فَثَبَّتَ اللهُ رَسُولَهُ بِما أَمَدَّهُ بِهِ مِنَ الملائِكَةِ الَّذينَ ثَبَّتُوا قَلْبَهُ، وَبَيَّنُوا لَهُ عَظِيمَ نُصْرَةِ رَبِّهِ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ، وَكانَ مِمَّا ثبَّتَ اللهُ بِهِ  مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هَذِهِ الفَتْرَةِ الحَرِجَةِ بَعْدَ مَوْتِ نَصِيرِهِ أَنْ أَسْرَى بِهِ إِلَى المسْجِدِ الأَقْصَى، لِيُرِيَهُ مِنَ الآياتِ ما يَنْقَطِعُ بِهِ كُلُّ تَرَدُّدٍ، وَما يَنْقَشِعُ بِهِ كُلُّ إِغْراءٍ، وَما يَتَبَيُّنُ بِهِ صِدْقُ ما جاءَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُسْرِيَ بِهِ مِنَ المسْجِدِ الحرامِ إِلَى المسْجِدِ الأَقْصَى بَعْدَ أَنْ هَيَّأَهُ اللهُ تَعالَى بِما أَجْرَى مِنَ الآياتِ الَّتِي هَيَّأَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهذا المَوْقِفِ العَظِيمِ، وَهَذِهِ الرِّحْلَةِ الَّتي لَها ما بَعْدَها وَهِيَ أَشْرَفُ أَيَّامِهِ، وَأَعْظَمُ لَيالِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

يَقُصُّ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَيَقولُ: "بَيْنا أَنا نائِمٌ في الحِجْرِ" في الكَعْبَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ، أَتاهُ آتٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَقَّ ما بَيْنَ ثَغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى أَسْفَلَ بَطْنِهِ، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ قَلْبَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَلَأَهُ حِكْمَةً وَإِيمانًا، ثُمَّ أُوتِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدابَّةٍ بَيْضاءَ يُقالُ لَهُ: البُراقُ، يَضَعُ خُطْوَهُ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ بَصَرُهُ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الدَّابَّةُ وَمَعَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتَّى أَتَيا بَيْتَ المقْدَسِ، وَكانَ هَذا مَبْدَأُ المعْراجِ، وَمَبْدَأُ الآياتِ العَظِيمَةِ الَّتي سَيَراها.

فَدَخَلَ المسْجِدَ الأَقْصَى فَلَقِيَ الأَنْبِياءَ جَمِيعًا جَمَعَهُمُ اللهُ تَعالَى لَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلَّهُمْ يُصَلِّي خَلْفَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المسْجِدَ الأَقْصَى، فَجاءَهُ جِبْرِيلُ، وَأَتاهُ بِإِناءَيْنِ؛ إِناءٌ بِهِ خَمْرٌ وَإِناءٌ بِهِ لَبَنٌ، وَخَيَّرَهُ بَيْنَهُما فاخْتارَ الَّلبَنَ، فَقالَ لَهُ جِبْرِيلُ: "اخْتَرْتَ الفِطْرَةَ". ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّماءِ. صَعَدَ بِهِ إِلَى السَّماءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ السَّماءَ الدُّنْيا فَقِيلَ:" مَنْ؟ فَقالَ: جِبْرِيلُ، وَمَنْ مَعَكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، فَقالَتْ لَهُ الملائِكَةُ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْه؟ أَيْ: أُوحِيَ إِلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المجِيءُ جاءَ"، فَفُتِحَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ في السَّماءِ الدُّنْيا آدَمَ أَبا البَشَرِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَقالَ: "مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالحِ."

ثُمَّ عُرِجَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاسْتَفْتَحَ، فَفَتَحَ لَهُ فَرَأَى فِيها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْسَى ابْنَ مَرْيَمَ، وَيَحْيَي بْنَ زَكَرِيَّا صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِما، فَرَحَّبا بِهِ وَدَعَيا لَهُ بِخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّماءِ الثَّالِثَةِ، فَإِذا هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيُوسَفَ بْنِ يَعْقُوبَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ، فَرَحَّبَ بِهِ وَدَعا لَهُ بِخَيْرٍ.

ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّماءِ الرَّابِعَةِ، فَسَلَّمَ عَلَى إِدْرِيسَ بَعْدَ أَنْ رَحَّبَ بِهِ وَدَعا لَهُ بَخْيَرٍ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّماءِ الخامِسَةِ فَلَقِيَ فِيها هارُونَ فَرَحَّبَ بِهِ وَدَعا لَهُ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّماءِ السَّادِسَةِ فَلَقِيَ فِيها مُوَسَى بْنِ عِمْرانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَحَّبَ بِهِ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّماءِ السَّابِعَةِ فَلَقِيَ فِيها إِبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَبا الأَنْبِياءِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى البَيْتِ المعْمُورِ، وَالبَيْتُ المعْمُورُ بَيْتٌ في السَّماءِ السَّابِعَةِ تَفِدُ إِلَيْهِ الملائِكَةُ، "يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ".

ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سِدْرَةِ المنْتَهَى، وَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ عالِيَةٌ سامِقَةٌ، فَبَقِيَ عِنْدَها جِبْرِيلَ، وَرَأَى مِنَ الآياتِ ما يُبْهِرُ العُقُولَ، وَيُزِيغُ الأَبْصارَ، لَكِنَّ اللهَ رَبَطَ عَلَى قَلْبِهِ، فَلَمْ يَجِدْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتِلْكَ الأَحْوالِ، وَتِلْكَ الحوادِثِ، وَذَلِكَ الَّذِي شاهَدَهُ مِنَ الآياتِ العَظِيمَةِ أَثَرًا يُزِيغُ قَلْبَهُ أَوْ يُطْغِي بِهِ بَصَرَهُ، بَلْ كانَ ثابِتًا ثبَّتَهُ اللهُ جَلَّ في عُلاهُ.

ثُمَّ إِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ، بِفَرْضِ الصَّلاةِ، فَفَرَضَها اللهُ تَعالَى أَوَّلَ ما فَرَضَها خَمْسِينَ صَلاةً، فَلَمَّا قَبِلَ ما فَرَضَ اللهُ تَعالَى وَنَزَلَ بَعْدَ أَنْ لَقِيَ رَبَّهُ لَقِيَهُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَأَشارَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُراجِعِ اللهَ في التَّخْفِيفِ مِنْ هَذا العَدِد ِالَّذِي يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ فِيما خَبَّر وَعَرَفَ مِنْ حالِ النَّاسِ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقالَ لَهُ: "ارْجِعْ إِلَى رَبِّك فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ؛ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ"، فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَىَ رَبِّهِ، فَوَضَعَ عَنْهُ عشرًا أول ما وضع، وهكذا إلى أن انتهى الفرض إلى خمس صلوات، «فَقَالَ الجَبَّارُ: يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، كَمَا فَرَضْتُهُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الكِتَابِ، قَالَ: فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الكِتَابِ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ»البُخارِيُّ(7517)؛ وَقالَ اللهُ تَعالَى: «أمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي«الحَدِيثُ بِطُولِهِ أَخْرَجُهُ: البُخارِيُّ(3207), وَمُسْلِمٌ(164)بِمَعْناهُ مِنْ رِوايَةِ أَنَسٍ, عَنْ مالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ.

ثُمَّ عادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لَيْلَتِهِ إِلَى فِراشِهِ، وَأَصْبَحَ في قَوْمِهِ.

هَذا خَبَرُ الإِسْراءِ الَّذي أَخْبَرَ اللهُ تَعالَى بِهِ في كِتابِهِ، حَيْثُ قالَ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُالإسراء:1 ، وقَدَ ْذَكَرَهُ اللهُ تَعالَى في قَوْلِهِ: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِالإسراء:60 ، فَجَعَلَها اللهُ تَعالَى اخْتِبارًا وَابْتِلاءً لِلنَّاسِ وَأَخْبَرَ اللهُ عَنِ المعْراجِ في سُورَةِ النَّجْمِ فَقالَ: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى 1  مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى 2  وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى 3  إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى 4  عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىالنجم:1-5  جبريل عليه السلام، ﴿ذُو مِرَّةٍالنجم:6  أي: ذو خلق حسن ﴿فَاسْتَوَى﴾ أي: ارتفع وعلا، ﴿وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى 7  ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾النجم:7-8 .

هَذا شَأْنُ جَبْريلُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى 9  فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى 10  مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى 11  أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى 12  وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى 13  عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى 14  عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى 15  إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىالنجم:16 .

ثُمَّ زَكَّى اللهُ ثَباتَ رَسُولِهِ فَقالَ: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى 17  لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىالنجم:17-18 .

آمَنَّا بِذَلِكَ، وَصَدَّقْنا خَبَرَ اللهِ وَخَبَرَ رَسُولِهِ، وَنَسْأَلُهُ جَلَّ في عُلاهُ أَنْ يُثَبِّتَنا عَلَى الحَقِّ وَالهُدَى، أَقُولُ هَذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

* * *

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيّبِاً مُبارَكًا فِيهِ، أَحْمَدُهُ حَقَّ حَمْدِهِ لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْهِ. وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى وَآمِنُوا بِهِ جَلَّ في عُلاهُ، وَبِما أَخْبَرَتْ بِهِ رُسُلَهُ فَهُوَ العَلِيمُ الخَبِيرُ، وَهُوَ جَلَّ في عُلاهُ رَبُّ العالمينَ، مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْهُ حَدِيثًا ـ جَلَّ في عُلاهُ. ـ

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ اللهَ تَعالَى يَلْطُفُ بِعِبادِهِ بِأَنْواعٍ مِنَ الأَلْطافِ، وَمِنْ ذَلِكَ ما جَرَىَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هَذِهِ القِصَّةِ وَفي هَذا النَّبَأِ العَظِيمِ، في إِسْرائِهِ وَمِعْراجِهِ حَيْثُ لَطَفَ بِهِ، فَثَبَّتَهُ وَبَيَّنَ لَهُ مِنَ الآياتِ ما زَادَهُ يَقِينًا، بِصِدْقِ ما جاءَهُ بِهِ الرُّسُلُ، وَثَبَّتَ فُؤادَهُ، وَقَشَعَ عَنْهُ أَلَمَ أَعْدِائِهِ، وَتَكْذِيبِ المكَذِّبينَ.

أَيُّها المؤْمِنُونَ؛ إِنَّ خَبَرَ الإِسْراءِ وَالمعْرِاجِ خَبَرٌ عَظِيمٌ، فِيِهِ يَتَبَيِّنُ صِدْقَ الصَّادِقِينَ، وَتَكْذِيبَ الكاذبينَ، وَتَرَدُّدَ المتَرَدِّدِينَ، فَإِنَّ اللهَ تَعالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ فِتْنَةٌ لِلنَّاسِ، ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِالإسراء:60 ، فَكانَ فِتْنَةً لِلنَّاسِ فَكانَ مِنْهُمْ مَنْ قَبِلَ ما جاءَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَدَّقَهُ، كَما كانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ حَيْثُ ما كانَ يَقُولُ شَيْئًا مِنْ أَخْبارِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَحَوادِثِها إِلَّا كانَ يَقُولُ: «صَدَقْتَ, صَدَقْتَ صَدَقْتَ»أَخْرَجَ ذَلِكَ الحاكِمُ في المسْتَدْرَكِ ح (4458) - وَقالَ: صَحِيحُ الإِسْنادِ - وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ - وَانْظُرْ السِّلْسِلَةَ الصَّحيِحةَ لِلأَلْباني ح(306).

فكان الصديق رضي الله عنه مصدقًا للنبي صلى الله عليه وسلم، بل كان يقول:"إِنِّي لَأَصُدِّقُهُ فِي مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ أُصَدِّقُهُ فِي خَبَرِ السَّمَاءِ فِي غُدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ"أَخْرَجَ ذَلِكَ الحاكِمُ في المسْتَدْرِكِ ح (4458) - وَقالَ: صَحِيحُ الإِسْنادِ - وَوافَقَهُ الذَّهَبِيُّ - وَانْظُرِ السِّلْسِلَةَ الصَّحِيحَةَ لِلأَلْبانِيِّ ح(306).وَهَذَا مِنْ كَمالِ عَقْلِهِ، وَوَفْرَةِ يَقِينِهِ، وَسَلامِةِ إِيمانِهِ، حَيْثُ هَداهُ اللهُ تَعالَى لِلاسْتِدْلالِ عَلَى صِدْقِ ما أَخْبَرَ بِهِ مِنَ الِإسْراءِ بِما هُوَ أَعْظَمُ حَيْثُ يُخْبِرُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللهَ أَخْبَرَهُ بِكَذا وَكَذا فَيَكُونُ مُصَدِّقًا لَهُ فِيما أَخْبَرَ بِهِ مِنْ خَبَرِ السَّماءِ

أَيُّها المؤْمِنُونَ, إِنَّ حادِثَةَ الإِسْراءِ، وَتَكْذِيبَ المشْرِكِينَ لَها هُوَ اخْتِبارٌ لإِيمانِ المؤْمِنينَ، وَصِدْقِ الصَّادِقينَ، وَلِذَلِكَ إِذا جاءَكَ الخَبَرُ عَنِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَإِيَّاكَ أَنْ تُعْرِضَهُ عَلَى عَقْلِكَ بِتَصْدِيقٍ أَوْ تَكْذِيبٍ، اعْرِضْهُ عَلَى عَقْلِكَ لِتَتَبَصَّرَ وَتَفْهَمَ، أَمَّا أَنْ تَجْعَلَهُ مَحَلًّا لِلتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ وَهُوَ خَبَرُ رَبِّ العالمينَ الَّذي إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ، خَبَرُ رَبِّ العالمينَ الَّذي هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، فَهذا لا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلا إِلَيْهِ إِلَّا مَنْ في قَلْبِهِ مَرَضٌ، فَإِنَّ خَبَرَ اللهِ صِدْقٌ لا يَأْتِيهِ كَذِبٌ، وَخَبَرُهُ عِلْمٌ لا يَتَخَلَّلُهُ جَهْلٌ

وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ إِذا جَاءَهُ الخَبَرُ عَنِ اللهِ أَوْ الخَبَرُ عَنْ رَسُولِهِ ثابِتًا أَنْ يُصَدِّقَ بِهِ وَأَنْ يُؤْمِنَ، وَأَنْ يُسَلِّمَ لَهُ، فَعَقْلُكَ مِهْما كانَ وَفْرَةً وَقُوَّةً وَقُدْرَةً هُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ، يَعْجَزُ عَنْ إِدْراكِ قُدْرَةِ اللهِ الَّذِي هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلمُؤْمِنَ أَنْ لا يَجْعَلَ أَخْبارَ اللهِ وَأَخْباَر َرسولشه مَحَلًّا لِلعَرْضِ عَلَى العَقْلِ، لِيَقْبَلَ أَوْ يَرُدَّ، إِنَّما العَقْلُ دَوْرُهُ أَنْ يَفْهَمَ عَنِ اللهِ، أَنْ يُدْرِكَ مَقاصِدَ كَلامِهِ، وَأَمَّا ما أَخْبَرَ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَحلًّا لِلمُراجَعَةِ وَالبَحْثِ.

وَلِذَلِكَ نِبَّهَ إِلَى هَذا الأَئِمَّةُ المتَقَدِّمُونَ في التَّعاطِي وَالتَّعامُلِ مَعَ القُرْآنِ، جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنْ حَشْرِ النَّاسِ يَوْمَ القِيامَةِ، كَما قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْالإسراء:97 ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: « أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يَمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْم الْقِيَامَة؟ »البُخارِيُّ(6523), وَمُسْلِمٌ(2806).فالشَّأْنُ في القُدْرَةِ لَيْسَ مَحَلَّ نَظَرٍ وَلا مَحَلَّ تَفْكِيرٍ؛ لأَنَّهُ شَأْنُ رَبِّ العالمينَ، أَنْتَ مُؤْمَنٌ بِأَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ إِذا أَرادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ: كُنْ فَيَكُونَ، فَسَلِّمْ لِخَبَرِ اللهِ وَخَبَرِ رَسُولِهِ

جاءَ قَوْمٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الحِسابِ، قَالُوا: إِنَّ اللهَ يُحاسِبُ النَّاسَ في ساعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَهُمْ خَلْقٌ، لا يُحْصِيهُمْ إِلَّا هُوَ جَلَّ في عُلاهُ، فَكَيْفَ يُحاسِبُهُمْ وَهُوَ واحِدٌ وَهُمْ خَلْقٌ؟ قالَ - وَانْتَبِهْ - قالَ: «الَّذِي يَرْزُقُهُمْ في ساعَةٍ واحِدَةٍ قادِرٌ عَلَى أَنْ يُحاسِبُهُمْ في ساعَةٍ واحِدَةٍ» التَّذْكِرَةُ لِلقُرْطُبِيُّ ص(563), وَلَمْ أَجِدْهُ مُسْنَدًا، هَلْ رَزَقَ اللهُ لَكَ يَشْغَلُهُ عَنْ رِزْقِ غَيْرِكَ؟! لا وَاللهُ، سُبْحانَهُ، فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ثِقْ أَنَّ خَبَرَ اللهِ وَخَبَرَ رَسُولِهِ إِذا جاءَ ثابِتًا فَلا يُمْكِنُ أَنْ يُعارِضَهُ عَقْلٌ مَهْما كانَ العَقْلُ صَرِيحًا قَوِيًّا، إِنَّهُ يَقِفُ عاجِزًا أَمامَ قُدْرَةِ اللهِ، ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِالبقرة:255 ، ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًاطه:110  فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا أَنْ تَقُولَ: سُبْحانَكَ ما قَدَرْناكَ حَقَّ قَدْرِكَ

أَقُولُ هَذا القَوْلَ وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُثَبِّتَ إِيمانِي وَإِيمانَكُمْ، وَأَنْ يُعِيذَنا مِنْ تَشْكِيكِ المشَكِّكينَ، وَتَضْلِيلِ الضَّالِينَ.

اللَّهُمَّ ارْبِطْ عَلَى قُلُوبِنا، وَثبِّتْ أَقْدامَنا. اللَّهُمَّ ارْزُقْنا الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفافَ وَالرَّشادَ وَالغِنَى، اجْعَلْنا مِمَّنْ آمَنَ بِكَ وَسَلَّمَ لِخَبَرِ رَسُولِكَ، وَاتَّبَعَهُ ظاهِرًا وَباطِنًا يا رَبَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا رَبَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ انْصُرْ إِخْوانَنا المجاهِدينَ الَّذينَ يُجاهِدُونَ لِإعْلاءِ كَلِمَتِكَ في العِراقِ وَسُورِيَّا وَاليَمَنِ وَفي سائِرِ البُلْدانِ يا رَبَّ العالمينَ.

 اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِهِ، الَّلهُمَّ مَنْ أَرادَ بِلادَنا وَبِلادَ المسْلِمينَ بِكَيْدٍ أَوْ شَرٍّ أَوْ فَسادٍ فاجْعَلْ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ عَاقِبَةَ السُّوءِ تُحِيطُ بِهِ. اللَّهُمَّ أَعِذْنا مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِهِ يا رَبَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكَ وَاتَّقْاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا رَبَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمِّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93793 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89654 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف