×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

المكتبة المقروءة / مقالات / مفطرات الصيام المعاصرة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:10232

الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ، وأُصَلِّي وأُسَلِّمُ عَلَى المَبعوثِ رَحمةً للعالَمينَ، نَبيِّنا مُحمدٍ، وعَلَى آلِهِ وأصحابِهِ، ومَنِ اتَّبعَ سُنَّتَهُ بإحسانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.

أمَّا بَعْدُ:

فإنَّ الصَّومَ رُكنٌ مِنْ أركانِ الإسلامِ، وشَعيرَةٌ مِنْ شَعائرِهِ العِظَامِ، فَرضَهُ اللهُ ـتَعالَىـ عَلَى أهلِ الإسلامِ، كما دلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الأدِلَّةُ مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ، وقَدْ أجمَعَ عَلَى ذَلِكَ عُلَماءُ الأُمَّةِ.

 فواجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسلمٍ ومُسلِمةٍ أنْ يَتعلَّمَ مِنْ أحكامِ الصِّيامِ ما يُقِيمُ بِهِ هَذا الرُّكنَ عَلَى الوَجْهِ الَّذي يُرضِي اللهَ ـ تَعالَى ـ فإنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ لا يَقبَلُ مِنَ العَملِ إلَّا ما كانَ صالِحًا، ولا يَكونُ العَملُ صالحًا إلَّا إذا كانَ للهِ خالِصًا، ولهدْيِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ مُوافِقًا، ومِنْ وَسائلِ تَحقيقِ ذَلِكَ مُطالَعَةِ ومُراجَعَةِ كُتُبِ أهلِ العِلمِ، فقَدْ كَتَبوا في الصَّومِ قَديمًا وحَديثًا في مَسائلِهِ وأحكامِهِ، ونَوازِلِهِ  ومُستَجدَّاتِهِ، فمَنْ طالَعَ ذَلِكَ أدرَكَ كَثيرًا مِنْ أحكامِهِ، ومَنْ أُشكِلَ عَلَيْهِ شَيءٌ، واحتاجَ إلى مَزيدِ إيضاحٍ وبَيانٍ، فليَسأَلْ أهلَ العِلمِ والبَيانِ، كما أمَرَ اللهُ في مُحْكَمِ القُرآنِ، حَيثُ قالَ: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَسُورَةُ النَّحْلِ:43.

ولَمَّا كانَ الصَّومُ يَقومُ عَلَى رُكنَيْنِ؛ الأوَّلِ: النِّيَّةُ، والثَّاني: الإمساكُ عَنِ المُفطِّراتِ، كانَ لِزامًا عَلَى المُسلِمِ أنْ يَتعرَّفَ عَلَى المُفطِّراتِ الَّتي يَلزَمُهُ الإمساكُ عَنْها، وقَدْ بَيَّنَ اللهُ ـ تَعالَى ـ أُصولَ المُفطِّراتِ فقالَ: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِسُورَةُ البَقرَةِ:187، فأُصولُ المُفطِّراتِ هِيَ ما أمَرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بالإمساكِ عَنْهُ في يَوْمِ الصِّيامِ، فذَكَرَ في الآيَةِ ثَلاثَةً مِنْها، وهي: الجِمَاعُ والأكلُ والشُّربُ، وجاءَ في السُّنَّةِ المُطهَّرَةِ أنَّ الحَيضَ والنِّفَاسَ، وتَعمُّدُ إخراجِ ما في الجَوفِ بالاستِقاءَةِ، مِنَ المُفطِّراتِ، وقَدْ أجمَعَ عَلَى ذَلِكَ أهلُ العِلمِ.

فتَكونُ المُفطِّراتُ الْمُجْمَعُ عَلَيْها هذِهِ الأشياءُ الخَمسَةُ المَذكورَةُ آنِفًا.

أمَّا ما عَداها مِنَ المُفطِّراتِ فقَدِ اختَلفَ أهلُ العِلمِ في حُصولِ الفِطرِ بِها، وسَبَبُ هَذا الاختِلافِ مِنْهُ ما يَرجِعُ إلى العِلمِ بالدَّليلِ أو الاختِلافِ في ثُبُوتِهِ، أو في فَهْمِهِ، أو في تحَقيقِ مَنَاطِهِ في الوَقائعِ والنَّوازلِ والمُستجِدَّاتِ.

 والْمُطَالِعُ في دَواوينِ الفِقْهِ وشُروحِ السُّنَّةِ يَقِفُ عَلَى أشياءَ عَديدَةٍ اختَلفَ العُلَماءُ في كَوْنِها مُفطِّرَةً: كالحِجَامَةِ، والاستِعاطِ، والاكتِحالِ، ونَحوِ ذَلِكَ.

وقَدْ جَدَّتْ مَعَ الثَّورَةِ الصِّناعيَّةِ الَّتي غَيَّرَتْ نَمَطَ حَياةِ النَّاسِ أشياءُ كَثيرَةٌ مُتَّصِلةٌ بالمُفطِّراتِ، اختَلفَ العُلَماءُ المُعاصِرونَ في كَوْنِها مُفطِّرةً، وغالِبُها ذو صِلَةٍ بالطبِّ كَشفًا وتَشخيصًا، ومُعالَجةً ودَواءً، كالبَخَّاخاتِ المُستعمَلَةِ في عِلاجِ الصَّدْرِ، وأنواعِ المَناظيرِ الطبيَّةِ المُستَعملَةِ في التَّشخيصِ والعَملياتِ، والْحُقَنِ بأنواعِها، والقَطراتِ في العَينِ والأنفِ والأُذُنِ، وحَقْنِ الدَّمِ وسَحبِهِ، وأنواعِ الغَسيلِ الكُلَويِّ، والتَّخديرِ والتَّبنيجِ وغَيْرِ ذَلِكَ.

ومِنَ الجَديرِ بالذِّكْرِ أنَّ في كلِّ مَسألَةٍ مِنْ هذِهِ المَسائِلِ، أقوالًا واستِدلالاتٍ ومُناقشاتٍ وتَرجيحاتٍ صَدرَتْ في غالِبِها قَراراتٌ مِنْ مَجامِعَ فِقهيَّةٍ، وهَيئاتٍ عِلميَّةٍ، ولِجانٍ شَرعيَّةٍ تُوضِّحُ حُكمَها مِنْ حَيثُ كَوْنُها مُفطِّرَةً أو لا.

ومِمَّا يَنبَغي مُراعاتُهُ عِنْدَ النَّظَرِ في اختِلافِ العُلَماءِ في المُفطِّراتِ المُعاصِرَةِ أنَّهُ لا يُحكَمُ في شَيءٍ مِنَ الأشياءِ أنَّهُ يُفطِّرُ إلا بدَليلٍ، وهَذا أصلٌ مَتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أهلِ العِلمِ، وذَلِكَ أنَّ اللهَ ورَسولَهُ قَدْ بيَّنَا ما يَحصُلُ بِهِ الفِطْرُ، فلا يُزَادُ عَلَى ما جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، فإذا كانَ لَدَى المُسلِمُ قُدرةٌ في التَّوصُّلِ إلى حُكْمِ هذِهِ المَسائِلِ المُستَجدَّةِ فالواجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ الوُسْعِ في ذَلِكَ، ويَلزَمُهُ ما انتَهَى إلَيْهِ اجتِهادُهُ، وأمَّا إذا كانَ غَيْرَ قادِرٍ عَلَى ذَلِكَ -كما هُوَ حالُ عامَّةِ الناسِ مِنْ غَيْرِ المتخصِّصينَ- فإنَّ الواجِبَ عَلَيْهِ ما أمَرهُ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ مِنَ الرُّجوعِ إلى أهلِ الذِّكرِ: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَالنَّحْلِ:43.

فإذا اختَلفَتْ عَلَيْهِ الأقوالُ في شَيءٍ، هَلْ هُوَ مُفطِّرٌ أو لا، فإنْ أمكَنَهُ أنْ يَعرِفَ الرَّاجِحَ مِنَ الأقوالِ فهَذا هُوَ المَطلوبُ، وإلَّا فإنَّ عَلَيْهِ أنْ يَأخُذَ بقَوْلِ الأعلَمِ مِنَ المُختَلِفينَ، فإنْ كانوا في العِلمِ سَواءً فبقَوْلِ الأكثَرِينَ مِنْ أهلِ العِلمِ، فإنَّهُ أقرَبُ إلى الصَّوابِ في الغالِبِ، واللهُ أعلَمُ.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات85989 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80480 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74767 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات61831 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56369 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53355 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50919 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50644 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46025 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45573 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف