×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / رسلا مبشرين / الحلقة(3) الإيمان بالرسل.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة(3) الإيمان بالرسل.
00:00:01

الحلقة الثالثة ((الإيمان بالرسل)) الحمد لله {الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} +++[التوبة: 33]---، أحمده حق حمده، من على عباده بأن أرسل إليهم رسلا مبشرين ومنذرين، أحمده حق حمده، أنزل على رسله الكتب؛ ليبين للناس طريق الهدى، ويوضح لهم الصراط المستقيم، أحمده حق حمده، لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها المستمعون والمستمعات، أيها الأخوة والأخوات،  في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم (رسلا مبشرين). نعم، الإيمان بالرسل أصل من أصول الإيمان، لا يصح إيمان أحد حتى يؤمن بالرسل، فالإيمان بالرسل ركيزة من ركائز الإيمان، وداعمة من دعائمه العظام، التي لا يستقر إيمان، ولا يصلح إسلام إلا بتحقيقها، فقد قال الله تعالى أمرا عباده: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون} +++[البقرة: 136]---. وقد أمر الله تعالى عباده أن يؤمنوا بالرسل، فقال: {فآمنوا بالله ورسله}، ورتب على ذلك أجرا عظيما، وخيرا كبيرا: {وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم}+++ [آل عمران: 179]---. وقال تعالى: {والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما} +++[النساء: 152]---. وقال تعالى: {والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم}+++ [الحديد: 19]---. وقال تعالى: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} +++[الحديد: 21]---. إن النبي صلى الله عليه وسلم بين مرتبة الإيمان بالرسل، فجاء رجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان؟ فقال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره»+++ أخرجه مسلم (8).---. فقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم الأصل الرابع من أصول الإيمان، التي لا يصح إيمان أحد إلا بها، وقد بين الله تعالى خطورة الإخلال بهذا الأصل، وأن الإخلال بهذا الأصل ينتقض به الإيمان، ويقع الإنسان بسببه في حبائل الكفر، والخروج عن الصراط المستقيم، قال تعالى: {ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا}+++ [الأنبياء: 136]---. نعم، إنه قد ذهب مذهبا بعيدا شاطا في الخروج عن الصراط المستقيم بكفره بالله تعالى. وقد حكم الله تعالى بالكفر على أولئك الذين كفروا برسله، فقال: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا}+++ [النساء: 150-151]---. الإيمان بالرسل أصل من الأصول التي تطيب بها القلوب، فإنهم خيار الخلق، هم صفوة الله تعالى من الناس، فمن آمن بهم سعد قلبه، واطمأن فؤاده، وكان له فيهم أسوة حسنة، كما قال الله تعالى: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} +++[الأنعام: 90]---. أيها الأخوة والأخوات، أيها المستمعون والمستمعات، إن الإيمان بالرسل على مرتبتين: المرتبة الأولى: الإيمان بجميع من أرسلهم الله تعالى، من علمنا منهم ومن لم نعلم، من قص الله تعالى خبرهم في كتابه ومن لم يقصص خبرهم في كتابه، وهذا يسمى الإيمان المجمل الذي ينتظم جميع المرسلين، فلا يخرج عنه أحد من الأنبياء والمرسلين؛ لأنه إيمان بكل من أرسله الله تعالى، وقد قسمهم الله تعالى في كتابه، فقال: {ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك} +++[النساء: 164]---. وقال جل وعلا: {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك} +++[غافر: 78]---. فالإيمان بالرسل هو إيمان بجميع هؤلاء، من سماهم الله في كتابه ومن لم يسمهم، من قص خبرهم ومن لم يقصص خبرهم. أما المرتبة الثانية من الإيمان فهو الإيمان بأعيان الرسل، الذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابه، أو أخبر عن قصصهم في كتابه، أو جاء الخبر عنهم في قول رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وهذا النوع من الإيمان إيمان خاص، يجب على الإنسان إذا بلغه خبر عن الله  أو خبر عن رسوله باسم رسول أو بخبره؛ يجب عليه أن يؤمن بذلك، وأن يصدقه. فالرسل كثيرون؛ فقد جاء في مسند الإمام أحمد عن أبي ذر أنه قال: قلت: يا رسول الله: كم المرسلون؟ قال: «ثلاثمائة وبضعة عشر جما غفيرا»، وقال مرة: «خمسة عشر»+++ أخرجه أحمد (21546)، وقال الهيثمي في المجمع 1/160: فيه المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط.---. وقد جاء في المسند من حديث أبي أمامة: قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله، كم وفى عدة الأنبياء؟ قال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا»+++ أخرجه أحمد (22288)، وقال الهيثمي في المجمع 1/159: مداره على علي بن يزيد، وهو ضعيف.---. وهذا عدد كثير بالنظر إلى من أخبر الله تعالى عنهم في كتابه، فإن الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه خمسة وعشرين نبيا رسولا، ذكرهم في مواضع متفرقة. وأجمع سورة ذكر الله تعالى فيها المرسلين هي سورة الأنعام، قال تعالى: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين} +++[الأنعام: 83-86]---. هؤلاء جماعة مما أخبر الله تعالى بأسمائهم في كتابه، فنؤمن بأسمائهم، وبما قص الله تعالى من أخبارهم، ومن لم يخبرنا عنهم، ولم يقصص خبرهم، نؤمن به على وجه الإجمال دون تحديد أو تعيين، ولا تثبت الرسالة لأحد من البشر إلا بنص من القرآن، أو بخبر من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذاك أمر يتعلق بالإيمان، فلا يثبت إلا بالوحي والقرآن. وليعلم المؤمن أن عدم الإيمان برسول أخبر الله تعالى عنه في كتابه أو أخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ينقض هذا الأصل؛ ولذلك قال الله تعالى: {كذبت قوم نوح المرسلين} +++[الشعراء: 105]---، مع أنهم لم يكذبوا إلا نوحا؛ لكنهم لما كذبوا نوحا كانوا كمن كذب كل رسول أرسله الله تعالى. ومن هذا ما ذكره الله تعالى وقصه عن فرعون، حيث قال: {فعصى فرعون الرسول}+++ [المزمل: 16]---. قال جماعة من أهل العلم: «إن الرسول هنا اسم جنس، يشمل كل رسول؛ لأن فرعون لما كذب موسى وهارون فقد كذب كل المرسلين»، وقيل: «بل الألف واللام هنا للعهد الذهني، وهو موسى عليه السلام». ومهما يكن من أمر فإن الله تعالى أمرنا بالإيمان بجميع الرسل، ونهانا عن التفريق بينهم، قال الله جل وعلا: {والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما} +++[النساء: 152]---. وقد أثنى الله تعالى على رسوله والمؤمنين بإيمانهم بجميع المرسلين، فقال: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} +++[البقرة: 285]---. وقد ذم الله تعالى أهل الكتاب لإيمانهم ببعض الرسل، وكفرهم ببعض، فقال: {وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم} +++[البقرة : 91]---. اللهم ارزقنا تمام الإيمان بك، وتمام الإيمان برسلك، واجعلنا من حزبك، وأوليائك، إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم (رسلا مبشرين) أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:3044
الحلقة الثالثة
((الإيمان بالرسل))
الحمد لله {الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]، أحمده حقَّ حمده، منَّ على عباده بأن أرسلَ إليهم رسلاً مبشرين ومنذرين، أحمده حقَّ حمده، أنزل على رُسُله الكتب؛ ليُبيِّنَ للناسِ طريقَ الهدى، ويوضِّحَ لهم الصراطَ المستقيم، أحمده حقَّ حمده، لا أُحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُ الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبعَ سنته، واقتفى أثَرَهُ بإحسانٍ إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:
فالسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها المستمعون والمستمعات، أيها الأخوة والأخوات،  في هذه الحلقةِ الجديدة من برنامجكم (رسلاً مُبشرين).
نعم، الإيمانُ بالرسل أصلٌ من أصول الإيمان، لا يصحُ إيمانُ أحدٍ حتى يؤمنَ بالرسل، فالإيمانُ بالرسلِ ركيزة من ركائز الإيمان، وداعمة من دعائمهِ العِظام، التي لا يستقرُ إيمان، ولا يصلحُ إسلام إلا بتحقيقها، فقد قالَ اللهُ تعالى أمِراً عباده: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136].
وقد أمرَ اللهُ تعالى عباده أن يؤمنوا بالرسلِ، فقال: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}، ورتبَ على ذلكَ أجراً عظيماً، وخيراً كبيراً: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 179].
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 152].
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [الحديد: 19].
وقال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21].
إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بيَّنَ مرتبة الإيمانِ بالرسل، فجاءَ رجلٌ يسألُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان؟ فقال: «أن تؤمنَ بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وأن تؤمنَ بالقدرِ خيره وشره» أخرجه مسلم (8)..
فقد جعلَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأصل الرابع من أصول الإيمان، التي لا يصحُ إيمانُ أحدٍ إلا بها، وقد بيَّنَ اللهُ تعالى خطورة الإخلال بهذا الأصل، وأنَّ الإخلالَ بهذا الأصل ينتقِضُ به الإيمان، ويقعُ الإنسانُ بسببه في حبائل الكُفرِ، والخروج عن الصراط المستقيم، قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [الأنبياء: 136].
نعم، إنه قد ذهبَ مذهباً بعيداً شاطاً في الخروجِ عن الصراط المستقيم بكفره بالله تعالى.
وقد حكمَ اللهُ تعالى بالكُفرِ على أولئكَ الذينَ كفروا برُسله، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 150-151].
الإيمانُ بالرسلِ أصلٌ من الأصولِ التي تطيبُ بها القلوب، فإنهم خيارُ الخلق، هم صفوة اللهِ تعالى من الناس، فمن آمن بهم سعِدَ قلبُه، واطمأنَّ فؤادُه، وكان لهُ فيهم أسوةٌ حسنة، كما قال اللهُ تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].
أيها الأخوة والأخوات، أيها المستمعون والمستمعات، إنَّ الإيمان بالرسل على مرتبتين:
المرتبة الأولى: الإيمانُ بجميع من أرسلَهم اللهُ تعالى، مَن علمنا منهم ومن لم نعلم، من قصَّ اللهُ تعالى خبرَهم في كتابه ومن لم يقصُص خبرَهم في كتابه، وهذا يُسمى الإيمان المُجمل الذي ينتظمُ جميعَ المرسلين، فلا يخرُجُ عنهُ أحدٌ من الأنبياءِ والمرسلين؛ لأنه إيمانٌ بكلِّ من أرسلَهُ اللهُ تعالى، وقد قسمهمُ اللهُ تعالى في كتابه، فقال: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} [النساء: 164].
وقال جلَّ وعلا: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر: 78].
فالإيمانُ بالرُسل هو إيمانٌ بجميع هؤلاء، من سمَّاهُمُ اللهُ في كتابه ومن لم يُسمِّهم، من قصَّ خبرَهم ومن لم يقصص خبرَهم.
أما المرتبة الثانية من الإيمان فهو الإيمانُ بأعيانِ الرُسل، الذين أخبرَ اللهُ تعالى عنهم في كتابه، أو أخبرَ عن قصَصِهم في كتابه، أو جاءَ الخبرُ عنهم في قولِ رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وهذا النوعُ من الإيمان إيمانٌ خاص، يجبُ على الإنسانِ إذا بلَغهُ خبرٌ عن الله  أو خبرٌ عن رسوله باسمِ رسولٍ أو بخبره؛ يجبُ عليه أن يؤمن بذلك، وأن يُصدِّقه.
فالرسلُ كثيرون؛ فقدَ جاءَ في مسند الإمام أحمد عن أبي ذر أنه قال: قلتُ: يا رسول الله: كمِ المرسلون؟ قال: «ثلاثمائة وبضعة عشر جماً غفيراً»، وقال مرة: «خمسةَ عشَر» أخرجه أحمد (21546)، وقال الهيثمي في المجمع 1/160: فيه المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط..
وقد جاءَ في المسندِ من حديث أبي أمامة: قال أبو ذر: قلتُ: يا رسول الله، كم وفَّى عِدَّة الأنبياء؟ قال: «مائةُ ألفٍ وأربعةٍ وعشرون ألفاً، الرسلُ من ذلكَ ثلاثمِائة وخمسةَ عشَر جمَّاً غفيراً» أخرجه أحمد (22288)، وقال الهيثمي في المجمع 1/159: مداره على علي بن يزيد، وهو ضعيف..
وهذا عددٌ كثير بالنظرِ إلى مَن أخبرَ اللهُ تعالى عنهم في كتابه، فإنَّ الذين ذكرَهمُ اللهُ تعالى في كتابه خمسةً وعشرينَ نبياً رسولاً، ذكرَهم في مواضعَ مُتفرقة.
وأجمع سورةٍ ذكرَ اللهُ تعالى فيها المرسلين هي سورةُ الأنعام، قال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 83-86].
هؤلاءِ جماعة مما أخبرَ اللهُ تعالى بأسمائهم في كتابه، فنؤمنُ بأسمائهم، وبما قصَّ اللهُ تعالى من أخبارِهم، ومن لم يُخبرنا عنهم، ولم يقصُص خبَرَهم، نؤمنُ به على وجهِ الإجمال دونَ تحديدٍ أو تعيين، ولا تثبتُ الرسالة لأحدٍ من البشر إلا بنصٍ من القرآنِ، أو بخبرٍ من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ ذاكَ أمرٌ يتعلَّقُ بالإيمان، فلا يثبتُ إلا بالوحي والقرآن.
وليعلم المؤمن أنَّ عدمَ الإيمانِ برسولٍ أخبرَ الله تعالى عنه في كتابه أو أخبرَ عنه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ينقُضُ هذا الأصل؛ ولذلكَ قال اللهُ تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 105]، مع أنهم لم يكذِّبوا إلا نوحاً؛ لكنَّهم لما كذبوا نوحاً كانوا كمن كذَّبَ كُلَّ رسولٍ أرسلَهُ الله تعالى.
ومن هذا ما ذكرَهُ اللهُ تعالى وقصَّهُ عن فرعون، حيثُ قال: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 16].
قال جماعة من أهل العلم: «إنَّ الرسول هنا اسمُ جنسٍ، يشملُ كُلَّ رسول؛ لأنَّ فرعون لما كذَّبَ موسى وهارون فقد كذَّب كُلَّ المرسلين»، وقيلَ: «بل الألف واللام هنا للعهد الذهني، وهو موسى عليه السلام».
ومهما يكن من أمر فإنَّ الله تعالى أمرَنا بالإيمان بجميع الرسل، ونهانا عن التفريق بينهم، قال الله جلَّ وعلا: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 152].
وقد أثنى اللهُ تعالى على رسوله والمؤمنين بإيمانهم بجميع المرسلين، فقال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].
وقد ذمَّ الله تعالى أهلَ الكتابِ لإيمانهم ببعضِ الرسل، وكفرهم ببعض، فقال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة : 91].
اللهم ارزقنا تمام الإيمانِ بك، وتمام الإيمان برُسُلك، واجعلنا من حزبك، وأوليائك، إلى أن نلقاكم في حلقةٍ قادمةٍ من برنامجكم (رسلاً مبشرين) أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19140 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12318 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9773 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8398 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف