×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

صوتيات المصلح / برامج / رسلا مبشرين / الحلقة(4) ما يجب علينا نحو الرسل.

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الحلقة(4) ما يجب علينا نحو الرسل.
00:00:01

الحلقة الرابعة (( ما يجب علينا نحو الرسل )) الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، أحمده حق حمده، لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة أرجو بها النجاة من النار، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إليه بإذنه، وسراجا منيرا، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين وهو على ذلك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الأخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم (رسلا مبشرين). الله تعالى أرسل الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، وفرض لهم حقوقا، هم صفوة الخلق، كما قال جل في علاه: {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير} +++[الحج: 75]---. وقد قال الله جل في علاه: {الله أعلم حيث يجعل رسالته} +++[الأنعام: 124]---، فهؤلاء الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اصطفاهم الله تعالى، وهذا الاصطفاء هو تميز وتخصيص، وربك يخلق ما يشاء ويختار. وحق هذا الاختيار أن يعرف حق الله فيه، فالله تعالى عندما اصطفاهم أوجب لهم حقوقا، {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} +++[الحج: 32]---، {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له} +++[الحج: 30]---. فتعظيم حق الرسل، ومعرفة ما يجب لهم من الحقوق والواجبات مما يدرك به الإنسان خيرا كثيرا، فمعرفة حق الرسل هو طريق القيام بحقهم، هو طريق ما أمر الله تعالى به من تعظيم شعائره، هو طريق حفظ حرماته جل في علاه. إن من أعظم حقوق الرسل صلوات الله وسلامه عليهم الإيمان بهم، والإيمان بهم يقتضي تصديقهم جميعا، كما قال الله تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} +++[البقرة: 285]---. وقال تعالى: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا} +++[النساء: 150-151]---. فيجب على كل مؤمن أن يؤمن بكل رسول ذكره الله تعالى في كتابه، أو ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، فهذا من حقهم، ومن لوازم الإيمان بهم أن يصدقهم فيما أخبر به عن الله عز وجل. ومن حقوق الرسل صلوات الله وسلامه عليهم محبتهم؛ فإن محبتهم فرع عن محبة الله عز وجل، كيف لا يحبون صلوات الله وسلامه عليهم وهم الذين أخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، هم الذين أنقذوا البشرية من أنواع الضلالات والانحرافات، هم الذين تحملوا ما تحملوا من الأذى والضيق والكدر، وسائر ألوان المكاره في سبيل إخراج الناس من الظلمات إلى النور؟ محبتهم حق إيماني، يقول الله تعالى: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}+++ [المائدة: 56]---. وإنما تتحقق ولاية رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم بمحبتهم ونصرتهم، فمن عاد رسولا من رسل الله عز وجل ولم يؤمن به ولم يحبه كان من الظالمين؛ بل كان من الكافرين، قال الله تعالى: {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} +++[البقرة: 98]---. وهذا يتحقق ويصدق بمعاداة رسول من الرسل، فإذا كانت عداوة ملك من الملائكة موجبة لعداوة الله تعالى موجبة للكفر فكذلك عداوة رسول من الرسل وعدم الإيمان به هي من موجبات الكفر، وهي من عداوة الله عز وجل. إن من حقوق الرسل صلوات الله وسلامه عليهم معرفة فضلهم، ومعرفة منزلتهم، ومعرفة المكانة التي بوأهم الله تعالى، فإن الله تعالى فضلهم على العالمين، قال الله تعالى: {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس} +++[الحج: 75]---. وقال جل وعلا: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء} +++[الأنعام: 83]---. وقال جل في علاه بعد أن ذكر من ذكر من الأنبياء والرسل: {وكلا فضلنا على العالمين} +++[الأنعام: 86]---. نعم، رسل الله تعالى في الذروة، وفي سنام المجد والفضل في البشرية، وتلك منزلة بوأهم الله تعالى إياها، فمن حقهم صلوات الله وسلامه عليهم أن يعرف فضلهم، وأن تحفظ مكانتهم. إن الفضل ثابت لجميع المرسلين؛ لكن ذلك الفضل ليس على درجة واحدة؛ بل هم فيه على مراتب ومنازل، قال الله تعالى: { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} +++[البقرة: 253]---. فهم ليسوا على منزلة واحدة؛ بل هم على منازل ومراتب؛ ولكن تلك المنازل وتلك المراتب لا يجوز أن تذكر في سياق التنقص لبعضهم، فإن ثبوت الفضل لأحد منهم ليس نقصا لغيره؛ إنما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وفي هذا السياق جاء ما رواه البخاري ومسلم من حديث الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئا كرهه، فقال: لا، والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فقام فلطم وجهه، وقال: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ فذهب إليه، فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدا، فما بال فلان لطم وجهي -الله أكبر، إن هذا اليهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم  يقص ما جرى، ويطلب العدالة والإنصاف: إن لي ذمة وعهدا، فما بال فلان لطم وجهي- فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصاري: «لم لطمت وجهه؟» فقص عليه الخبر، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى رئي في وجهه، ثم قال: «لا تفضلوا بين الأنبياء؛ فإنه ينفخ في الصور، فيصعق من السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي»+++ أخرجه البخاري (3414)، ومسلم (2373).--. نعم، إن النبي ﷺ أكد هذا المعنى في سياق هذا الخبر، وهو أنه لا يسوغ ذكر المفاضلة بين الأنبياء على وجه التنقص لأحدهم، وفي هذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم: «لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى»+++ أخرجه البخاري (4603).---. نؤمن ونصدق أن سيد الثقلين وأفضل الخلق هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ؛ لكن ذلك لا يسوغ أن يأتي في سياق التنقص لأحد من رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم. أيها الأخوة والأخوات، يلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفضل والمنزلة والمكانة  أولو العزم من الرسل، وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، كما قال الله تعالى: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا} +++[الأحزاب: 7]---، ثم الرسل أعلى مرتبة من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم . إن من حق الرسل أن يسلم عليهم، وأن يصلى عليهم، وقد ذكر الله ذلك في كتابه، فقال: {وتركنا عليه في الآخرين * سلام على نوح في العالمين} +++[الصافات: 78-79]---. قال في إبراهيم: {وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إبراهيم} +++[الصافات: 108-109]---. قال في موسى وهارون: {وتركنا عليهما في الآخرين * سلام على موسى وهارون} +++[الصافات: 119-120]---؛ بل قال ذلك في حق جميع المرسلين، فقال: {وسلام على المرسلين} +++[الصافات: 181]---. ومما ينبغي أن ينبه إليه أن هذه الحقوق ثابتة لجميع رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم، إلا أن حق النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من حق غيره، فينبغي أن يعلم ذلك، وأن النبي صلى الله عليه وسلم له من الحقوق ما ليس لغيره من النبيين والمرسلين. اللهم أرزقنا محبتك، ومحبة أوليائك، واسلك بنا سبيلك، وأعنا على طاعتك، ولزوم شرعك، أقول هذا القول وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:3231
الحلقة الرابعة
(( ما يجبُ علينا نحو الرسل ))
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، أحمده حقَّ حمده، لا أُحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، شهادةً أرجو بها النجاةَ من النار، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُ الله ورسوله، صفيه وخليله، خيرته من خلقه، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إليه بإذنه، وسراجاً منيراً، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهدَ في الله حقَّ الجهاد حتى أتاه اليقينُ وهو على ذلك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبعَ سنته، واقتفى أثره بإحسانٍ إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:
فالسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الأخوة والأخوات، في هذه الحلقةِ الجديدة من برنامجكم (رسلاً مُبشرين).
اللهُ تعالى أرسلَ الرُّسلَ صلوات الله وسلامه عليهم، وفرضَ لهم حقوقاً، هم صفوةِ الخلقِ، كما قال جلَّ في علاه: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 75].
وقد قال اللهُ جلَّ في علاه: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]، فهؤلاء الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اصطفاهم الله تعالى، وهذا الاصطفاء هو تميزٌ وتخصيص، وربك يخلقُ ما يشاءُ ويختار.
وحقُّ هذا الاختيار أن يُعرفَ حقُّ اللهِ فيه، فاللهُ تعالى عندما اصطفاهم أوجبَ لهم حقوقاً، {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [الحج: 30].
فتعظيم حق الرسل، ومعرفة ما يجبُ لهم من الحقوقِ والواجبات مما يدركُ به الإنسانُ خيراً كثيراً، فمعرفةُ حقِّ الرسل هو طريقُ القيامِ بحقهم، هو طريقُ ما أمرَ اللهُ تعالى به من تعظيمِ شعائره، هو طريقُ حفظِ حرماته جلَّ في علاه.
إنَّ من أعظمِ حقوق الرسل صلوات الله وسلامه عليهم الإيمان بهم، والإيمانُ بهم يقتضي تصديقهم جميعاً، كما قال اللهُ تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء: 150-151].
فيجبُ على كُلِّ مؤمن أن يؤمنَ بكُلِّ رسولٍ ذكرَهُ الله تعالى في كتابه، أو ذكرَه رسولُهُ صلى الله عليه وسلم في سنته، فهذا من حقهم، ومن لوازم الإيمانِ بهم أن يُصدِّقهم فيما أخبَرُ به عن الله عزَّ وجل.
ومن حقوق الرسلِ صلوات الله وسلامه عليهم محبتهم؛ فإنَّ محبَّتهم فرعٌ عن محبةِ الله عزَّ وجل، كيف لا يُحبُّون صلوات الله وسلامه عليهم وهم الذين أخرجوا الناس من الظلماتِ إلى النور، همُ الذين أنقذوا البشرية من أنواعِ الضلالاتِ والانحرافات، هم الذين تحملوا ما تحملوا من الأذى والضيق والكدر، وسائر ألوان المكاره في سبيلِ إخراجِ الناس من الظلمات إلى النور؟
محبتهم حقٌ إيماني، يقولُ اللهُ تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56].
وإنما تتحققُ ولايةُ رسلُ الله صلوات الله وسلامه عليهم بمحبتهم ونصرتهم، فمن عادَ رسولاً من رُسلِ الله عزَّ وجل ولم يُؤمن به ولم يُحبه كان من الظالمين؛ بل كانَ من الكافرين، قال اللهُ تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98].
وهذا يتحققُ ويصدق بمعاداةِ رسولٍ من الرسل، فإذا كانت عداوة ملَك من الملائكة موجبة لعداوةِ الله تعالى موجبة للكفر فكذلك عداوة رسولٍ من الرسل وعدم الإيمانِ به هي من موجبات الكفرِ، وهي من عداوةِ الله عزَّ وجل.
إنَّ من حقوقِ الرسلِ صلوات الله وسلامه عليهم معرفةَ فضلهم، ومعرفةَ منزلتهم، ومعرفةَ المكانة التي بوأهم اللهُ تعالى، فإنَّ الله تعالى فضَّلهم على العالمين، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75].
وقال جلَّ وعلا: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [الأنعام: 83].
وقال جلَّ في علاه بعدَ أن ذكرَ مَن ذكرَ مِن الأنبياءِ والرسل: {وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 86].
نعم، رسلُ اللهِ تعالى في الذروةِ، وفي سنام المجد والفضلِ في البشرية، وتلكَ منزلةٌ بوَّأهم الله تعالى إياها، فمن حقهم صلوات الله وسلامه عليهم أن يُعرفَ فضلهم، وأن تُحفظَ مكانتهم.
إنَّ الفضلَ ثابتٌ لجميع المرسلين؛ لكنَّ ذلك الفضل ليس على درجةٍ واحدة؛ بل هم فيه على مراتبَ ومنازل، قال اللهُ تعالى: { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253].
فهم ليسوا على منزلة واحدة؛ بل هم على منازل ومراتب؛ ولكن تلك المنازل وتلك المراتب لا يجوز أن تُذكرَ في سياقِ التنقُّصِ لبعضهم، فإنَّ ثبوتَ الفضلِ لأحدٍ منهم ليس نقصاً لغيره؛ إنما ذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء.
وفي هذا السياق جاء ما رواهُ البخاري ومسلم من حديث الأعرجِ عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: بينما يهوديٌ يعرضُ سلعته أُعطيَ بها شيئاً كرِهه، فقال: لا، والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فقامَ فلطمَ وجهه، وقالَ: تقول: والذي اصطفى موسى على البشر، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ فذهبَ إليه، فقال: أبا القاسم، إنَّ لي ذمةً وعهداً، فما بالُ فلانٍ لطمَ وجهي -الله أكبر، إنَّ هذا اليهودي جاءَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم  يقصُ ما جرى، ويطلبُ العدالة والإنصاف: إنَّ لي ذمةً وعهداً، فما بالُ فلانٍ لطمَ وجهي- فقال النبيُ صلى الله عليه وسلم للأنصاري: «لمَ لطمتَ وجهه؟» فقص عليه الخبر، فغضبَ النبيُ صلى الله عليه وسلم حتى رئُيَ في وجهه، ثمَّ قال: «لا تفضلوا بين الأنبياء؛ فإنه يُنفخُ في الصورِ، فيُصعقُ من السماوات ومن في الأرض إلا من شاءَ الله، ثمّ يُنفخُ فيه أُخرى، فأكونُ أولَ من بُعثَ، فإذا موسى آخذٌ بالعرش، فلا أدري أُحوسِبَ بصعقته يوم الطور أم بُعثَ قبلي» أخرجه البخاري (3414)، ومسلم (2373).--.
نعم، إنَّ النبيَ ﷺ أكدَ هذا المعنى في سياقِ هذا الخبر، وهو أنه لا يسوغُ ذكرُ المفاضلةِ بين الأنبياء على وجهِ التنقُّصِ لأحدهم، وفي هذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم: «لا ينبغي لأحدٍ أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بنُ متَّى» أخرجه البخاري (4603)..
نؤمن ونصدِّق أنَّ سيِّدَ الثقلين وأفضلَ الخلق هو مُحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ؛ لكنَّ ذلكَ لا يسوغُ أن يأتي في سياقِ التنقُّص لأحدٍ من رُسلِ الله صلوات الله وسلامه عليهم.
أيها الأخوة والأخوات، يلي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الفضلِ والمنزلةِ والمكانة  أولو العزمِ من الرسل، وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، كما قالَ اللهُ تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [الأحزاب: 7]، ثم الرسلُ أعلى مرتبةً من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم .
إنَّ من حقِّ الرسلِ أن يُسلَّمَ عليهم، وأن يُصلى عليهم، وقد ذكرَ اللهُ ذلك في كتابه، فقال: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} [الصافات: 78-79].
قال في إبراهيم: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 108-109].
قال في موسى وهارون: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} [الصافات: 119-120]؛ بل قال ذلكَ في حقِّ جميعِ المرسلينَ، فقال: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 181].
ومما ينبغي أن يُنبَّه إليه أنَّ هذه الحقوق ثابتة لجميع رُسُلِ الله صلوات الله وسلامه عليهم، إلا أنَّ حق النبي صلى الله عليه وسلم أعظمُ من حقِّ غيره، فينبغي أن يُعلمَ ذلك، وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لهُ من الحقوق ما ليس لغيره من النبيين والمرسلين.
اللهم أرزقنا محبتك، ومحبة أوليائك، واسلُك بنا سبيلك، وأعنا على طاعتك، ولزومِ شرعك، أقولُ هذا القولِ وأستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : فابتغوا عند الله الرزق ( عدد المشاهدات19194 )
4. خطبة: يسألونك عن الخمر ( عدد المشاهدات12366 )
8. خطبة : عجبا لأمر المؤمن ( عدد المشاهدات9957 )
12. الاجتهاد في الطاعة ( عدد المشاهدات8466 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف