×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / فادعوه بها-4 / الحلقة (13) الظاهر والباطن ج3

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

{الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين}  +++الفاتحة: 2-4--- ،  أحمده حق حمده، أحمده كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، أحمده الحمد كله، أوله وآخره، ظاهره وباطنه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، رب العالمين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم،  وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك ربنا على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، أما بعد:
فأهلا وسهلا ومرحبا بكم أيها الأخوة والأخوات، في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم (فادعوه بها).
{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}+++الأعراف:180--- ، ودعاء الله تعالى بأسمائه يتضمن سؤاله وعبادته، والتعبد له بهذه الأسماء.
تحدثنا عن جملة من أسماء الله عز وجل جمعها الله في سياق واحد، وهي قوله تعالى : {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم}+++الحديد: 3--- .
وهذه الأسماء الأربعة لها شأن عظيم، قال ابن القيم رحمه الله : «فمعرفة هذه الأسماء الأربعة -الأول، والآخر، والظاهر، والباطن- هي أركان العلم بالله عز وجل هي أركان معرفته جل في علاه» يقول رحمه الله : «فحقيق بالعبد أن يبلغ في معرفتها إلى حيث ينتهي به قواه وفهمه».
يعني: أن يبالغ فيما يستطيع أن يفهم من هذه الأسماء الأربعة، فإن فهمها يبين لك كمال الرب جل في علاه ولهذا بقدر ما مع الإنسان من الإحاطة عموما بأسماء الله، وبهذه الأسماء الأربعة التي تشتمل على بيان كمال الله عز وجل وكمال ما له من الصفات ومن الأسماء؛ يكمل علم العبد بربه سبحانه وبحمده.
أيها الأخوة والأخوات، الله جل في علاه أخبر في كتابه بأنه هو الأول والآخر، الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء.
وأخبر بأنه الظاهر والباطن، وظهوره بينه بقوله: الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء سبحانه وبحمده.
وإن إدراك المؤمن لإحاطة الله عز وجل التي تفيدها هذه الأسماء الأربعة يبين عظيم صدق قول الله تعالى : {وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس}+++الإسراء: 60---  ، فالله تعالى أحاط بالناس، والناس هم أشرف خلق الله عز وجل فإذا أحاط بهم أحاط بغيرهم.
والإحاطة بهم زمانا باسمه: الأول والآخر، فهو السابق لكل شيء، وهو  الباقي بعد كل شيء.
ومكانا، فهو الظاهر فوق كل شيء، وهو الباطن الأقرب إلى كل شيء من نفسه، كما قال تعالى : {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}+++ق: 16--- .
وبهذا يتحقق له جل في علاه الإحاطة الزمانية بكل شيء، والإحاطة المكانية بكل شيء؛ ولذلك ختم الله تعالى هذه الآية بقوله: {وهو بكل شيء عليم}  +++الحديد: 3--- .
الله سبحانه وبحمده أحاط بعباده إحاطة تامة مطلقة، لا يخرج عنه شيء من عباده، ولا من خلقه، وهذا ما أفادته هذه الأسماء الأربعة، وإن المؤمن يتعبد الله تعالى بدعائه بأسمائه، ودعاء الله تعالى بأسمائه الظاهر والباطن يكون دعاء مسألة، بأن يذكر ذلك في دعائه، وفي مسألته، فيقول: يا ظاهر، أظهرني على من خاصمني، يا ظاهر، أبن الحق وجليه لي، يا باطن، اكفني شر كل ذي شر أنت أخذ بناصيته، يا باطن، بين لي ما خفي من العلم، وبهذا يتحقق دعاء الله تعالى باسمه الظاهر واسمه الباطن في دعاء المسألة.
وقد جاء ذلك فيما علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، فيما يقولونه من أذكار النوم، حيث جاء عنه صلى الله عليه وسلم أن من أراد أن ينام يقول إذا اضطجع على جنبه الأيمن: «اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، واغننا من الفقر»+++سنن أبي داود (5051)، وسنن الترمذي (3481)---.
هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم كيف يدعو المؤمن ربه جل وعلا بهذه الأسماء، ومنها اسمه الظاهر، واسمه الباطن سبحانه وبحمده، إلا أنه ينبغي أن يعلم أن دعاء الله تعالى بأسمائه لا يقتصر فقط على دعاء المسألة، بل أعظم من دعاء المسألة دعاء العبادة؛ لأن الدعاء نوعان:
دعاء مسألة يسأل فيها الإنسان ربه حوائجة، وقضاء مطالبه، وبلوغ أمانيه، وهذا يضطر إليه كل الخلق، فلا بد لهم من رب يسألونه، وينزلون به حوائجهم سبحانه وبحمده لكن هناك نوع آخر من الدعاء، وهو أعلى منزلة من دعاء المسألة، وهو دعاء العبادة.
ودعاء العبادة بأسمائه جل وعلا هو التعبد له بذكرها، واستحضار معانيها، وإثبات مدلولاتها، واستحضار آثارها في حياتك، وما تنتج عنه من ثمار طيبة، وآثار زاكية في ظاهرك وباطنك.
إن اسم الله تعالى الظاهر والباطن من الأسماء التي إذا استحضرها المؤمن تجلى له عظمة ربه سبحانه وبحمده فما من شيء إلا الله عليه ظاهر جل في علاه.
أولا: من حيث ظهوره بدلائل آياته التي تدل عليه سبحانه وبحمده وهذا من آثار التعبد، وهذا من صور التعبد له جل وعلا باسمه الظاهر، فإنك تستظهر أن هذه الآيات أظهرت كمال الرب، وأنه الحق جل وعلا كما قال: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}+++فصلت: 3--- .
{أنه} ضمير عائد إلى الله كما قال بعض المفسرين، أو القرآن الذي هو صفته جل في علاه أو الرسول الذي هو المبلغ عنه سبحانه وبحمده المهم أنه ظاهر جل وعلا بهذه الآيات، فإذا رأيت علمت ظهوره، وتجليه لعباده بآياته التي في الآفاق وفي الأنفس.
ومن ظهوره جل في علاه من التعبد له بهذا الاسم: أن تستحضر غلبته وقدرته على جميع خلقه، فلا يفلت منه شيء، ولا يغلبه شيء سبحانه وبحمده فمهما علا ظالم، وتجبر متجبر، وتسلط عليك متسلط؛ فاستحضر بقلبك أن الله عليه ظاهر.
وإذا كان كذلك فستجد في قلبك طمأنينة وثقة بأن الله لن يضيعك، وأن الله لن يخيب رجاءك، وأن ما ترفعه من مسائل فإنها في علمه، ولها أثر في تحصيل مطلوبك؛ ولذلك يذكر الله تعالى عباده المظلومين أنه ليس غافلا عن الظالمين، كما قال تعالى : {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون}+++إبراهيم: 42--- ، فهو عليهم قدير، وهو القاهر فوق عباده سبحانه وبحمده، هذا من آثار الإيمان بأنه الظاهر.
ومما يتعبد به جل وعلا في تحقيق قوله تعالى : {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}+++الأعراف: 180---  مما يتبين به تحقيق العبودية لله عز وجل باسمه الباطن: أن تعلم أن الله مطلع عليك، يعلم خفايا قلبك، وما يكنه ضميرك وفؤادك، فما أخفيته عن الناس هو عند الله علانية، فهو الباطن المطلع على السر وأخفى، {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}  +++الملك: 14--- .
فكن رقيبا على نواياك ومقاصدك، كن رقيبا على أغراضك وأهدافك، فإن الله بها عليم، وهو عليها مطلع، وهو منك قريب سبحانه وبحمده، قريب بعلمه وإحاطته، فلا يخفى عليه شيء من شأنك، {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا}  +++المجادلة: 7--- .
إن استخفيت عن الناس فاعلم أن الله باطن، وأنه يعلم ما يكون منك، فأري الله من نفسك خيرا في قصدك وإرادتك، وأري الله من نفسك خيرا عندما تكون في الخلوات، وفي أحوال الانفراد والانعزال، وفي حال غيابه المشاهد، فإنك لا تخفى على الباطن، الذي يعلم دقائقك وتفاصيلك، هذا من التعبد لله عز وجل باسمه الباطن.
مجموع هذه الأسماء وهذه الصفات التي دلت عليها هذه الأربعة أسماء {هو الأول والآخر والظاهر والباطن} يلقي في قلبك هيبة الرب وتعظيمة، يلقي في قلبك محبته، والانجذاب إليه، يجعلك تخلص له في قولك، وفي عملك، فليس شيء قبله حتى تقصده، وليس شيء بعده حتى تتوجه إليه، ليس شيء فوقه، وليس شيء دونه سبحانه وبحمده فليس لك عنه مفر، بل أنت في قبضته، فكن كما يحب يكن لك كما تحب.
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، وسر بنا سبيل أوليائك، واجعلنا من حزبك، إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم (فادعوه بها) أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المشاهدات:4725

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِالفاتحة: 2-4 ،  أحمده حقَّ حمده، أحمده كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، أحمده الحمد كُلَّه، أوله وآخره، ظاهره وباطنه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، رب العالمين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم،  وأشهد أنَّ محمداً عبدُ الله ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، اللهم صلِّ على محمد، وعلى آلِ محمد، كما صليتَ على إبراهيم، وعلى آلِ إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك ربنا على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، أمَّا بعد:
فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أيها الأخوة والأخوات، في هذه الحلقةِ الجديدة من برنامجكم (فادعوه بها).
{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}الأعراف:180 ، ودعاء الله ـ تعالى ـ بأسمائه يتضمن سؤاله وعبادته، والتعبُّد له بهذه الأسماء.
تحدَّثنا عن جملة من أسماء الله ـ عزَّ وجل ـ جمعها الله في سياقٍ واحد، وهي قوله ـ تعالى ـ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}الحديد: 3 .
وهذه الأسماء الأربعة لها شأن عظيم، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: «فمعرفة هذه الأسماء الأربعة -الأول، والآخر، والظاهر، والباطن- هي أركان العلم بالله ـ عزَّ وجل ـ هي أركان معرفته جلَّ في علاه» يقول ـ رحمه الله ـ: «فحقيقٌ بالعبدِ أن يبلُغَ في معرفتها إلى حيثُ ينتهي به قواه وفهمه».
يعني: أن يبالغ فيما يستطيع أن يفهم من هذه الأسماء الأربعة، فإنَّ فَهْمَها يبيِّنُ لك كمال الرب ـ جلَّ في علاه ـ ولهذا بِقَدْرِ ما مع الإنسان من الإحاطة عموماً بأسماء الله، وبهذه الأسماء الأربعة التي تشتملُ على بيان كمالِ الله ـ عزَّ وجل ـ وكمال ما له من الصفات ومن الأسماء؛ يَكملُ علمُ العبدِ بربه سبحانه وبحمده.
أيها الأخوة والأخوات، الله ـ جلَّ في علاه ـ أخبر في كتابه بأنه هو الأول والآخر، الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء.
وأخبر بأنه الظاهر والباطن، وظهوره بَيَّنه بقوله: الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء سبحانه وبحمده.
وإنَّ إدراك المؤمن لإحاطة الله ـ عزَّ وجل ـ التي تفيدها هذه الأسماء الأربعة يُبيِّن عظيم َصدق قول الله ـ تعالى ـ: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ}الإسراء: 60  ، فالله ـ تعالى ـ أحاطَ بالناس، والناس هم أشرفُ خلق الله ـ عزَّ وجل ـ فإذا أحاطَ بهم أحاط بغيرهم.
والإحاطة بهم زَمَاناً باسمه: الأول والآخر، فهو السابق لكلِّ شيء، وهو  الباقي بعد كلِّ شيء.
ومكاناً، فهو الظاهر فوق كلِ شيء، وهو الباطن الأقرب إلى كلِ شيءٍ من نفسه، كما قال ـ تعالى ـ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}ق: 16 .
وبهذا يتحقق له ـ جلَّ في علاه ـ الإحاطة الزمانية بكلِّ شيء، والإحاطة المكانية بكلِّ شيء؛ ولذلك ختم الله ـ تعالى ـ هذه الآية بقوله: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌالحديد: 3 .
الله ـ سبحانه وبحمده ـ أحاط بعباده إحاطةً تامةً مطلقة، لا يخرجُ عنه شيءٌ من عباده، ولا من خلقه، وهذا ما أفادته هذه الأسماء الأربعة، وإنَّ المؤمن يتعبُّد الله ـ تعالى ـ بدعائه بأسمائه، ودعاء الله ـ تعالى ـ بأسمائه الظاهر والباطن يكون دعاء مسألة، بأن يذكر ذلك في دعائه، وفي مسألته، فيقول: يا ظاهر، أظهرني على من خاصمني، يا ظاهر، أَبنِ الحقَّ وجلِّيه لي، يا باطن، اكفني شر كل ذي شرٍّ أنت أخذ بناصيته، يا باطن، بَيِّن لي ما خفيَ من العلم، وبهذا يتحقق دعاء الله ـ تعالى ـ باسمه الظاهر واسمه الباطن في دعاء المسألة.
وقد جاء ذلك فيما علَّمه النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أمته، فيما يقولونه من أذكارِ النوم، حيثُ جاء عنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أنَّ من أراد أن ينام يقول إذا اضطجع على جنبه الأيمن: «اللهم رب السماواتِ ورب الأرضِ ورب العرش العظيم، رَبَّنا وربَّ كل شيء، فالق الحب والنوى، منزِّل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذُ بكَ من شرِّ كل ذي شرٍّ أنت آخذٌ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدكَ شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونكَ شيء، اقضِ عنَّا الدين، واغننا من الفقر»سنن أبي داود (5051)، وسنن الترمذي (3481).
هكذا علَّمَ النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كيف يدعو المؤمن ربه ـ جلَّ وعلا ـ بهذه الأسماء، ومنها اسمه الظاهر، واسمه الباطن سبحانه وبحمده، إلا أنه ينبغي أن يُعلم أنَّ دعاء الله ـ تعالى ـ بأسمائه لا يقتصر فقط على دعاء المسألة، بل أعظمُ من دعاء المسألة دعاءُ العبادة؛ لأنَّ الدعاء نوعان:
دعاء مسألةٍ يسأل فيها الإنسان ربه حوائجة، وقضاء مطالبه، وبلوغ أمانيه، وهذا يضطر إليه كلُّ الخلق، فلا بدَّ لهم من ربٍّ يسألونه، وينزِلون به حوائجهم ـ سبحانه وبحمده ـ لكن هناك نوع آخر من الدعاء، وهو أعلى منزلةً من دعاء المسألة، وهو دعاء العبادة.
ودعاء العبادة بأسمائه ـ جلَّ وعلا ـ هو التعبُّد له بذكرها، واستحضارِ معانيها، وإثباتِ مدلولاتها، واستحضارِ آثارها في حياتك، وما تنتجُ عنه من ثمارٍ طيبة، وآثارٍ زاكية في ظاهرك وباطنك.
إنَّ اسم الله ـ تعالى ـ الظاهر والباطن من الأسماء التي إذا استحضرها المؤمن تجلَّى له عظمةُ ربه ـ سبحانه وبحمده ـ فما من شيء إلا الله عليه ظاهر جلَّ في علاه.
أولاً: من حيثُ ظهوره بدلائل آياته التي تدلُ عليه ـ سبحانه وبحمده ـ وهذا من آثارِ التعبُّد، وهذا من صورِ التعبُّدِ له ـ جلَّ وعلا ـ باسمه الظاهر، فإنك تستظهر أنَّ هذه الآيات أظهرت كمال الرب، وأنه الحق ـ جلَّ وعلا ـ كما قال: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق}فصلت: 3 .
{أَنَّهُ} ضمير عائد إلى الله كما قال بعضُ المفسرين، أو القرآن الذي هو صفته ـ جل في علاه ـ أو الرسول الذي هو المبلِّغ عنه ـ سبحانه وبحمده ـ المهم أنه ظاهر ـ جلَّ وعلا ـ بهذه الآيات، فإذا رأيتَ علِمتَ ظهوره، وتجليه لعباده بآياته التي في الآفاق وفي الأنفس.
ومن ظهوره ـ جلَّ في علاه ـ من التعبُّد له بهذا الاسم: أن تستحضر غلَبته وقدرته على جميع خلقه، فلا يُفلت منه شيء، ولا يغلِبُه شيء ـ سبحانه وبحمده ـ فمهما علا ظالمٌ، وتجبَّرَ متجبِّر، وتسلطَ عليك متسلِّط؛ فاستحضر بقلبك أنَّ الله عليه ظاهر.
وإذا كان كذلك فستجد في قلبك طمأنينةً وثقةً بأنَّ الله لن يُضيعك، وأنَّ الله لن يخيِّبَ رجاءك، وأنَّ ما ترفعه من مسائل فإنها في عِلْمه، ولها أثرٌ في تحصيل مطلوبك؛ ولذلك يذكِّرُ الله ـ تعالى ـ عباده المظلومين أنه ليس غافلاً عن الظالمين، كما قال ـ تعالى ـ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}إبراهيم: 42 ، فهو عليهم قدير، وهو القاهر فوق عباده سبحانه وبحمده، هذا من آثار الإيمان بأنه الظاهر.
ومما يُتعبَّد به ـ جلَّ وعلا ـ في تحقيق قوله ـ تعالى ـ: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}الأعراف: 180  مما يتبيَّن به تحقيق العبودية لله ـ عزَّ وجل ـ باسمه الباطن: أن تعلم أنَّ الله مطلعٌ عليك، يعلم خفايا قلبك، وما يُكنِّه ضميرك وفؤادك، فما أخفيته عن الناس هو عند الله علانية، فهو الباطن المُطَّلع على السر وأخفى، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُالملك: 14 .
فكن رقيباً على نواياك ومقاصدك، كن رقيباً على أغراضك وأهدافك، فإنَّ الله بها عليم، وهو عليها مُطَّلع، وهو منكَ قريب سبحانه وبحمده، قريبٌ بعلمه وإحاطته، فلا يخفى عليه شيءٌ من شأنك، {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواالمجادلة: 7 .
إن استخفيت عن الناس فاعلم أنَّ الله باطن، وأنه يعلمُ ما يكونُ منك، فَأَرِي الله من نفسكَ خيراً في قصدك وإرادتك، وَأَرِي الله من نفسك خيراً عندما تكون في الخلوات، وفي أحوالِ الانفراد والانعزال، وفي حالِ غيابه المُشاهد، فإنك لا تخفى على الباطن، الذي يعلمُ دقائقك وتفاصيلك، هذا من التعبُّد لله ـ عزَّ وجل ـ باسمه الباطن.
مجموع هذه الأسماء وهذه الصفات التي دلَّت عليها هذه الأربعةُ أسماء {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} يُلقي في قلبك هيبة الربِّ وتعظيمة، يلقي في قلبك محبته، والانجذاب إليه، يجعلُك تُخْلِص له في قولك، وفي عملك، فليس شيءٌ قبله حتى تقصده، وليس شيءٌ بعده حتى تتوجه إليه، ليس شيءٌ فوقه، وليس شيءٌ دونه ـ سبحانه وبحمده ـ فليس لك عنه مفر، بل أنت في قبضته، فكن كما يُحِب يكن لك كما تُحِب.
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، وسر بنا سبيل أوليائك، واجعلنا من حزبك، إلى أن نلقاكم في حلقةٍ قادمة من برنامجكم (فادعوه بها) أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المادة التالية

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91560 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87258 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف