×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مطبوعة / خطبة : التشاؤم

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

التشاؤم الخطبة الأولى :  إن الحمد  لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.  أما بعد. فيا أيها الناس. اتقوا ربكم وعلقوا قلوبكم به، وادعوه خوفا وطمعا، رغبا ورهبا لعلكم تفلحون، فإن أصل الدين الذي بعث الله به النبيين إخلاص العمل لله وحده لا شريك له: ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )+++ سورة الببينة (5) ---.  أيها المؤمنون. إن ربكم الذي تعبدون ﴿هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون)+++ سورة الحشر (22-23)---.  أيها المؤمنون. إن إلهكم الذي ترغبون وترهبون هو الذي:﴿خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش)+++ سورة الحديد (4)--- ،﴿يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير)+++ سورة الحج (70)---. لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، قدر الخير والشر، وله في ذلك الحكمة البالغة والقدرة النافذة ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير)+++ سورة الحديد (22)---.  فكل شيء بقضاء وقدر ﴿إنا كل شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر)+++ سورة القمر (49-50) ---.  عباد الله، إذا علم المؤمن ذلك صدق في توكله على الله عز وجل، في جلب كل خير ودفع الضر، وعلم أن ما أصابه من أقدار الله تعالى لم يكن ليخطئه ويتعداه إلى غيره، وما تعداه وأخطأه إلى غيره لم يكن ليصيبه، وبهذا كله يتخلص العبد من أوضار الشرك، ولوثات الوثنية.  أيها المؤمنون. إن من أعظم فوائد التوحيد الصادق في هذه الدنيا السعادة والأمن والاهتداء، الذي يجده المؤمن المحقق لتوحيده، قال الله تعالى:﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)+++ سورة الأنعام:82.---.  أيها المؤمنون. إن مما ابتلي به بعض الناس التشاؤم بالأيام أو الشهور، أو التشاؤم ببعض الأشخاص أو الحيوانات أو الأحداث، أو غير ذلك، من المسموعات أو المعلومات أو المرئيات، ولا شك أن التشاؤم بهذه الأشياء، واعتقاد أنها سبب للشرور من الشرك الذي يذهب الإيمان، وينكد على المرء حياته، ويلحقه الضيق والكدر فيها، بلا سبب شرعي ولا مسوغ حقيقي.  أوهام وظنون وخيالات ووساوس، فالخير كله بيد الله تعالى، لا راد لما أعطى ولا معطي لما منع؛ ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشاؤم والتطير، فهما من أعمال الجاهلية، ومن المحرمات الشرعية، ففي حديث عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطيرة شرك، الطيرة شرك»+++ أخرجه أحمد (3679)؛ وأبو داود (3910)؛ وابن ماجه (3538) ،وصححه الألباني---. وقال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر»+++ أخرجه البخاري (5757) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ---، فنفى النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقد أهل الجاهلية من العدوى أن الشيء يعدي بنفسه، دون تقدير الله تعالى، ونفى ما كانوا يعتقدونه من التشاؤم بالطيور وبعض الشهور، كشهر صفر أو غير ذلك من الأمور. إن ما يجده المرء من كراهة للشيء بسبب التشاؤم والتطير، إنما هو وهم يجده في نفسه، فلا يجوز الالتفات إليه، ففي صحيح مسلم قال معاوية بن الحكم  رضي الله عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم: ومنا أناس يتطيرون؟ فقال: «ذاك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم»+++ أخرجه مسلم (537) من حديث أبي سلمة رضي الله عنه.---؛ أي: عما أردتم وقصدتم من الأعمال، فالواجب على المؤمن إذا عزم على أمر وأراده، ثم عرض له التشاؤم بسبب مسموع يسمعه، أو معلوم يدركه، أو مرئي يشاهده، ألا يرجع عما عزم عليه، بل يمضي متوكلا على الله تعالى. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الطيرة، فقال: «لا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك»+++ أخرجه أبو داود (3919) ---.  وليعلم المؤمن أنه إذا استجاب لهذه الظنون الكاذبة، والأوهام الفاسدة، التي يلقيها الشيطان في قلبه بسبب التشاؤم، فقد وقع في الشرك، فليتب إلى الله عز وجل، وليمض في عمله، وليقل: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك، فإن الطيرة لا تدل على الغيب، ولا تخبر عنه. فدون الغيب أقفال. لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى 0 ولا زاجرات الطير ما الله صانع+++ البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه (1|157)---   ﴿قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون)+++ سورة النمل (65)---.      الخطبة الثانية : أما بعد. فاتقوا الله عباد الله، وحققوا إيمانكم بصدق الاعتماد على الله، في جلب كل خير، ودفع كل ضر ،﴿ومن يتوكل على الله فهو حسبه )+++ سورة الطلاق (3)--- . أما من ركن إلى الطيرة والتشاؤم في أموره، فإنه قد فتح على قلبه بابا عظيما من الشر، تدخل منه الوساوس والأوهام، فيضعف قلبه ويخاف من كل شيء، ويتعلق بالمخلوقين دون الله تعالى، فتنقلب حياته هما وغما وحزنا ونكدا؛ ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الطيرة، وأمر من وقع في قلبه شيء من ذلك أن يجاهده غاية المجاهدة، قبل أن يتمكن فيه فتفسد عليه حياته.  أيها المؤمنون. إن الشريعة حرصت غاية الحرص على دفع كل مؤذ ومنغص؛ ولذلك نهت عن أسبابها، وحثت على كل ما هو سبب للفلاح والنجاح؛ ولذلك شرعت طرقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل». قيل: وما الفأل؟ قال:«الكلمة الطيبة»+++ أخرجه البخاري (5776)، ومسلم (2224) من حديث أنس رضي الله عنه---.  فالفأل لا حرج فيه، بل هو مما يعجب النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا استبشر المؤمن بالكلمة الطيبة، وزاده ذلك نشاطا على الخير، أو على ما هو فيه من عمل، لم يكن في ذلك حرج عليه، وصفة ذلك أن يعزم العبد على أمر من أموره، ثم يسمع كلاما يسره، كأن يسمع: يا راشد أو سالم أو غانم، فيفرح بذلك ويستبشر، وتزداد رغبته في ذلك الأمر، فليس في ذلك محذور.  

المشاهدات:14478

التشاؤم

الخطبة الأولى

إن الحمد  لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 أَمَّا بَعْدُ.
فيا أيها الناس.
اتقوا ربَّكم وعلِّقوا قلوبَكم به، وادْعُوه خوْفاً وطَمَعاً، رَغَباً ورَهَباً لعلَّكم تفلحون، فإنَّ أصلَ الدِّينِ الذي بَعثَ اللهُ به النبيين إخلاصُ العمَلِ للهِ وحدَه لا شرِيكَ له: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) سورة الببينة (5)
أيها المؤمنون.
إنَّ ربَّكم الذي تعبُدون ﴿هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) سورة الحشر (22-23)
أيها المؤمنون.
إن إلهَكُم الذي تَرغبُون وتَرهبُون هو الذي:﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) سورة الحديد (4) ،﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) سورة الحج (70).
لا مانعَ لما أعطَى، ولا مُعطِيَ لما مَنَعَ، قدَّر الخيرَ والشرَّ، وله في ذلك الحِكمةُ البالغةُ والقُدرةُ النافِذةُ ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) سورة الحديد (22)
فكلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدَرٍ ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) سورة القمر (49-50)
عبادَ اللهِ، إذا علِمَ المؤمنُ ذلك صَدَقَ في توكُّلِهِ على اللهِ عزَّ وجل، في جَلْبِ كلِّ خيرٍ ودفعِ الضُّرِّ، وعلِمَ أن ما أصابَه من أقدارِ اللهِ تعالى لم يكن ليخطِئَه ويَتَعدَّاه إلى غيِره، وما تَعدَّاه وأخطأَه إلى غيرِه لم يكن ليصيبَه، وبهذا كلِّه يتخلصُ العبدُ من أوضارِ الشركِ، ولوثاتِ الوثنيةِ. 
أيها المؤمنون.
إن من أعظمِ فوائدِ التوحيدِ الصادقِ في هذه الدُّنيا السعادةَ والأمنَ والاهتداءَ، الذي يجدُه المؤمنُ المحقِّقُ لتوحيدِه، قال اللهُ تعالى:﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) سورة الأنعام:82.
أيها المؤمنون.
إن مما ابتُلي به بعضُ الناسِ التَّشاؤمُ بالأيامِ أو الشُّهورِ، أو التشاؤمُ ببعضِ الأشخاصِ أو الحيواناتِ أو الأحداثِ، أو غيرِ ذلك، من المسمُوعاتِ أو المعلوماتِ أو المرْئِيَّاتِ، ولا شكَّ أن التَّشَاؤمَ بهذِه الأشياءِ، واعتقادَ أنها سَبَبٌ للشُّرورِ من الشِّركِ الذي يُذهِبُ الإيمانَ، وينكِّدُ على المرْءِ حياتَه، ويَلحقُه الضِّيقُ والكدَرُ فيها، بلا سببٍ شرعيٍّ ولا مسوِّغٍ حقيقيٍّ.
 أوهامٌ وظنونٌ وخيالاتٌ ووساوسُ، فالخيرُ كلُّه بيدِ اللهِ تعالى، لا رادَّ لما أَعطى ولا معطِيَ لما منعَ؛ ولذلك نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن التشاؤمِ والتطيُّرِ، فهُما من أعمالِ الجاهليةِ، ومن المحرَّماتِ الشرعيةِ، ففي حديث عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطيرةُ شِركٌ، الطِّيرةُ شركٌ» أخرجه أحمد (3679)؛ وأبو داود (3910)؛ وابن ماجه (3538) ،وصححه الألباني. وقال الصادقُ المصدوقُ صلى الله عليه وسلم: «لا عَدْوى ولا طِيَرةَ ولا هامَّةَ ولا صَفَرَ» أخرجه البخاري (5757) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، فنفَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقِدُ أهلُ الجاهليةِ من العَدوى أن الشيءَ يعدِي بنفسِه، دون تقديرِ اللهِ تعالى، ونفى ما كانوا يعتقدونَه من التشاؤمِ بالطُّيورِ وبعض الشهورِ، كشهرِ صفرٍ أو غيرِ ذلك من الأمورِ.
إن ما يجدُه المرءُ من كراهةٍ للشيءِ بسببِ التشاؤمِ والتطيرِ، إنما هو وهْمٌ يجدُه في نفسِه، فلا يجوزُ الالتفاتُ إليه، ففي صحيحِ مسلمٍ قال معاوية بن الحكم  رضي الله عنه يسألُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: ومِنَّا أناسٌ يتطيَّرون؟ فقال: «ذاك شيءٌ يجدُه أحدُكم في نفسِه فلا يَصدَّنَّكم» أخرجه مسلم (537) من حديث أبي سلمة رضي الله عنه.؛
أيْ: عمَّا أردْتُم وقصدْتُم من الأعمالِ، فالواجبُ على المؤمنِ إذا عزَمَ على أمرٍ وأرادَه، ثم عرَضَ له التشاؤمُ بسببِ مسموعٍ يسمعُه، أو معلومٍ يُدركُه، أو مرئيٍّ يشاهدُه، ألا يرجِعَ عمَّا عزمَ عليه، بل يمضِي متوكِّلاً على الله تعالى.
وقد روي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم لما سُئِل عن الطِّيرةِ، فقالَ: «لا تَردُّ مسلماً، فإذا رأى أحدُكم ما يَكرَهُ فليقل: اللهمَّ لا يأتي بالحسَناتِ إلا أنتَ، ولا يدفعُ السيئاتِ إلا أنت، ولا حولَ ولا قوة إلا بك» أخرجه أبو داود (3919)
وليعلمَ المؤمنُ أنه إذا استجابَ لهذه الظُّنونِ الكاذبةِ، والأوهامِ الفاسدةِ، التي يلقيها الشيطانُ في قلبِه بسببِ التشاؤمِ، فقد وَقَعَ في الشِّركِ، فليتُبْ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وليَمْضِ في عمَلِهِ، وليقلْ: اللَّهمَّ لا خيرَ إلا خيْرُك، ولا طيرَ إلا طَيرُك، ولا إلهَ غيرُك، فإن الطِّيرةَ لا تدلُّ على الغيبِ، ولا تخبِرُ عنه. فدُونَ الغَيبِ أقْفالٌ.
لعَمْرُك ما تدْرِي الطوارقُ بالحصى
0 ولا زاجراتُ الطيرِ ما اللهُ صانعُ البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه (1|157)
 
﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) سورة النمل (65)
 
 
الخطبة الثانية :
أما بعد.
فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، وحقِّقوا إيمانَكم بصِدْقِ الاعتمادِ على اللهِ، في جلبِ كلِّ خيرٍ، ودفعِ كلِّ ضرٍّ ،﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) سورة الطلاق (3) .
أما مَن رَكَنَ إلى الطِّيرةِ والتشاؤمِ في أمورِه، فإنه قدْ فتَحَ على قلبِه باباً عظيماً من الشَّرِّ، تدخلُ منه الوساوسُ والأوهامُ، فيضعُفُ قلبُه ويخافُ من كلِّ شيءٍ، ويتعلَّقُ بالمخلوقين دونَ اللهِ تعالى، فتنقلِبُ حياتُه همًّا وغمًّا وحزناً ونكداً؛ ولهذا نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الطِّيرةِ، وأمرَ من وَقع في قلبِه شيءٌ من ذلك أن يجاهدَه غايةَ المجاهدةِ، قبل أن يتمكَّنَ فيه فتفسُدُ عليه حياتُه. 
أيها المؤمنون.
إن الشريعةَ حرِصَت غايةَ الحرصِ على دفعِ كلِّ مؤذٍ ومنغصٍّ؛ ولذلك نهتْ عن أسبابِها، وحثَّت على كلِّ ما هو سببٌ للفلاحِ والنجاحِ؛ ولذلك شرعَت طُرُقُها، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«لا عدْوَى ولا طِيَرَةَ، ويعجبني الفألُ». قِيلَ: وما الفألُ؟ قال:«الكَلِمةُ الطيِّبةُ» أخرجه البخاري (5776)، ومسلم (2224) من حديث أنس رضي الله عنه
فالفألُ لا حرجَ فيه، بل هو مما يُعجِبُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فإذا استبشرَ المؤمنُ بالكلمةِ الطيبةِ، وزادَه ذلك نشاطاً على الخيرِ، أو على ما هو فِيهِ من عملٍ، لم يكنْ في ذلك حرجٌ عليه، وصفةُ ذلك أن يعزِمَ العبدُ على أمرٍ من أمورِه، ثم يسمعَ كلاماً يَسُره، كأنْ يسمعَ: يا راشدُ أو سالمُ أو غانمُ، فيفرحَ بذلك ويستبشرَ، وتزدادَ رغبتُه في ذلك الأمرِ، فليس في ذلك محذور.  
المادة السابقة
المادة التالية

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات83156 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78220 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72541 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60683 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات55031 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52239 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49433 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات47969 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44826 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44134 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف