فيما يتعلق بالأنساك الثلاثة -القران والتمتع والإفراد- اتفق عامة أهل العلم على أن كل من حج بنوع من هذه الأنساك فقد برأت ذمته، وأدى ما فرض الله تعالى عليه من الحج.
إذاً: هي من حيث الإجزاء وأداء ما فرض الله تعالى كلها تؤدي الغرض، متمتعاً كان أم قارناً أم مفرداً.
لكنهم اختلفوا في أي هذه الأنساك أفضل؟
فمن أهل العلم من قال بأن" الأفضل الإفراد"، واستدلوا لذلك بأدلة.
ومنهم من قال "الأفضل التمتع"، واستدلوا لذلك بأدلة.
ومنهم من قال" الأفضل القران" واستدلوا لذلك بأدلة.
وأقرب الأقوال خروجاً عن التشعيبات لأن الكلام فيها كثير، والمذاهب فيها متفرقة: أن من ساق الهدي؛ يعني من جاء بالهدي، وهو ما يتقرب إلى الله بذبحه في الحرم، من جاء به من خارج الحرم فالقران هو الأفضل له، لما كان عليه حال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ساق الهدي ولما ساق الهدي امتنع من الإحلال وكان قارنا، فالأفضل في حق من ساق الهدي من خارج الحرم القران.
إن لم يسق الهدي فالأفضل له التمتع، وذلك أنه الأكثر عملاً ولأنه الذي أمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، وأنه الذي تمناه صلوات الله وسلامه عليه، حيث قال:«لو إستقبلتوا من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة».
فهذا أقرب ما يقال في التفضيل.
حكى بعض أهل العلم: أن الأئمة الأربعة يرون أنه من أتى العمرة بسفرة ثم جاء إلى الحج بسفرة، أفضل من التمتع في هذه الصورة، لأنه أفرد كل نسك بسفرة.
فمثلا إنسان جاء في شوال وأخذ عمرة ثم رجع إلى بلده، ولما جاء الحج فالأفضل له أن يأتي مفرداً، لأنه يكون قد أفرد العمرة بسفرة، والحج بسفرة، هذا الذي حكاه بعض أهل العلم عن الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب الشهيرة.
والذي يظهر والله تعالى أعلم، أن المسألة فيها سعة، وهذا هو الأفضل على وجه العموم، لكن الأفضل على وجه الخصوص قد يختلف باختلاف الناس وأحوالهم، فحيثما فعل من هذه الأنساك فإنه على خير ونسأل الله له ولنا القبول.