الجواب :
هذه المسألة فيها خلاف، إذا كان قد وقع منه هذا فلا حرج وعمرته صحيحة. وذلك أن من أهل العلم من يقول: يكفي في تحقيق ما أمر الله به من التقصير أن يأخذ بعض شعره، وحدده بعضهم بثلاث شعرات، وهذا لا شك أنه خلاف الصواب، ولكن ما ينبغي إذا اقتنعت برأي أن أحمل الناس عليه، فإذا اقتنعت أنا أن التقصير المشروع لا بد فيه من تعميم الرأس، إذا جاءني شخص وقال: أنا قصرت بأخذ بعض الشعرات، فليس من المناسب أن أقول له: أخطأت، وعليك دم؛ لأن هذا ليس مسلكًا سديدًا، إذ أنه عمل بقول جماعة من أهل العلم، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة، والإمام الشافعي، فما المسوغ أن أقول له: اذبح دما، أو عليك فدية؟! مع أنه يجب أن نعلم أنه في مقام الفتوى، وفي مقام التعليم، أن الأموال محرمة، فلا يجوز أن نُلزم الناس بما لم يلزمهم به الله تعالى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول ـ كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ـ: (كل المسلم على المسلم حرام، ماله ودمه وعرضه)، فبأيّ حق تستبيح أموالهم بإيجاب الدم في مثل هذه المسألة الخلافية؟!
لكن لو أنه أتاني وقال لي: كيف أحقق التقصير؟ أقول: الله تعالى يقول: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} سورة الفتح. الآية 27.، فأضاف الحلاق والتقصير إلى جميع الرأس، فالأصل في الحلاق والتقصير أن يكون في جميع الرأس.
فلو أن إنسان مثلًا حلق طرفا من رأسه، هل حقق المأمور به من الحلاقة؟ الجواب: لا، وكذلك التقصير، لكن إذا قصر الإنسان بناء على هذا القول قناعة، أو تقليدا، أو جهلا، فلا حرج عليه، وعمرته صحيح.