×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / الحرمين / من رحاب الحرمين / الإخلاص والمتابعة من أسباب قبول الأعمال الصالحة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:16908

الحَمدُ لِلَّهِ حَمدًا كَثيرًا طَيبًا مُبارَكًا فيهِ، كما يُحِبُّ رَبُّنا ويَرضَى نَحمَدُه، لَهُ الحَمدُ كُلُّه أولُه وأخِرُه، ظاهِرُه وباطِنُه، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ إلهُ الأوَّلينَ والآخِرينَ، لا إلهَ إلَّا هُوَ الرحمنُ الرحيمُ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عَبدُ اللهِ ورِسولُه، وصَفيُّه وخَليلُه خيرَتُه مِنْ خَلقِه، بَعثَه اللهُ بالهُدَى ودينِ الحقِّ، بينَ يَدَيِ الساعةِ بَشيرًا ونَذيرًا وداعيًا إلَيهِ بإذنِهِ وسِراجًا مُنيرًا، بلَّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصَحَ الأُمةَ، حتَّي أتاهُ اليقينُ وهُوَ عَلَى ذَلِكَ، فصَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِه وصَحبِه، ومَنِ اتَّبعَ سُنَّتَهُ، واقتَفَى أثرَهُ بإحسانٍ إلى يَومِ الدِّينِ، أمَّا بَعدُ:

فكُلُّ عَملٍ يَعمَلُه الإنسانُ تَقرُّبًا إلى اللهِ -عزَّ وجَلَّ- فإنَّهُ لا يُقبَلُ إلَّا بشَرطَيْنِ؛ لا يَرضاهُ اللهُ تعالَى، ولا يَقبَلُه، ولا يُثيبُ عَلَيهِ إلَّا إذا تَوافرَ فيهِ وَصفانِ:

 وهُما شَرطا قَبولِ العَملِ، قالَ اللهُ -جَلَّ وعَلا- في سُورَةِ الكَهفِ: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[الكهْفِ:110]، فذَكرَ اللهُ ـ تعالَى ـ حالَ مَنْ يَرجو لِقاءَ رَبِّه عَلَى وَجهٍ يُسَرُّ بِهِ، ويَفرَحُ بِهِ أنَّ ذَلِكَ يُشتَرطُ لَهُ شَرطانِ، ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًاأي: ليَجتَهِدْ في العَملِ الصالحِ، ولا يُمكِنُ أنْ يكونَ العملُ صالحًا إلَّا إذا كانَ عَلَى وَفْقِ هَديِ سَيِّدِ الأنامِ -صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ- عَلَى وَفقِ ما عَمِلَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِه وسَلَّمَ- فإنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَه أُسوةً وقُدوةً لَنا ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزابِ:21]، وقالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِه وسَلَّمَ- فيما رَواهُ البُخاريُّ ومُسلمٌ مِنْ حَديثِ القاسمِ بنِ مُحمدٍ عَنْ عائشةَ -رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْها- «مَنْ أحدَثَ في أمرِنا هَذا ما ليسَ مِنهُ فهُوَ رَدٌّ» ++صحيحُ البُخاريِّ (2697)، وصحيحُ مُسلمٍ (1718) فلا بُدَّ في كُلِّ عَملٍ مِنْ أنْ يكونَ عَلَى وَفقِ عَملِه «صَلُّوا كما رَأيتُموني أُصَلِّي» صحيحُ البخاريِّ (631) (خُذوا عَنِّي مَناسِكَكم) بنَحوِه في صحيحِ مسلمٍ (1297) ، وهكَذا في كُلِّ الأعمالِ لا يُمكِنُ أن يكونَ العملُ صالحًا إلَّا إذا كانَ عَلَى نَحوِ ما فَعَلَه- صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ- وهَذا هُوَ الشرطُ الأوَّلُ لمَنْ أرادَ أنْ يَلقَى اللهَ ـ تعالَى ـ عَلَى وَجهٍ يُسَرُّ بِهِ، ويَرضَى بِه، ويَفرَحُ به، ويُؤجَرُ عَلَيهِ أنْ يكونَ العملُ عَلَى وَفقِ عَملِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ- وعَلَى وَفقِ سُنَّتِه.

 أمَّا الشَّرطُ الثاني: فهُوَ أنْ يكونَ العملُ لِلَّهِ خالِصًا، وإنَّما أُخِّرَ ذِكرًا؛ لأنَّهُ مِنْ شُروطِ العَملِ الصالحِ فهُوَ نَصٌّ عَلَى ما تَضمَّنَه العملُ الصالحُ، فإنَّ العملَ لا يكونُ صالِحًا إلَّا إذا كانَ لِلَّهِ خالِصًا، لكِنْ لأهميةِ الإخلاصِ نَصَّ عَلَيهِ، وذَكرَهُ عَلَى وَجهٍ بَيِّنٍ لا يَلتبِسُ، فقالَ جَلَّ وعَلا:

 ﴿وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[الكهْفِ:110] أي: ولا يَقعُ في نَوعٍ مِنَ الشِّركِ بأنْ يُسوِّيَ اللهَ -عَزَّ وجَلَّ- بغَيرِه أو يُسويَ غَيرَ اللهِ باللهِ فيما يَطلُبُ مِنهُ، ويَقصِدُ بِهِ -جَلَّ في عُلاه- فاللهُ -عزَّ وجَلَّ- غَنيٌّ عَنِ الشُّرَكاءِ، فمَنْ عَمِلَ عَملًا نَوَى فيهِ غَيرَ اللهِ -عزَّ وجلَّ- رَدَّه اللهُ ـ تعالَى ـ عَلَى صاحِبِه، ولم يَقبَلْه، جاءَ في صحيحِ الإمامِ مُسلمٍ مِنْ حَديثِ أبي هُريرَةَ -رَضِيَ اللهُ تعالَى عَنهُ- أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-قالَ: يقولُ اللهُ -عزَّ وجَلَّ-: «أنا أغنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّركِ، مَنْ عَمِلَ عَملًا أشرَكَ فيهِ مَعَي غَيري تَركْتُه وشِركَه»صحيحُ مُسلمٍ (2985) لذَلِكَ أيُّها المُوفَّقُ، أيُّها المؤمِنُ، أيها الراجي نجاةَ نَفسِه، احرِصْ عَلَى هذَيْنِ الوَصفَيْنِ في كُلِّ عَمَلٍ عِباديٍّ: أنْ يكونَ عَملُكَ لِلَّهِ لا تُريدُ سِواهُ، لا تَبغي أجرًا مِنْ غَيرِه، إنَّما تُريدُ مِنهُ -وَحدَه لا شَريكَ لَهُ- الثوابَ والأجرَ.

وأمَّا الوَصفُ الثاني:فاحرِصْ أنْ يكونَ عَملُكَ عَلَى وَفقِ هَدْيِه -صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ- فإنَّكَ إذا خَرجْتَ عَنْ هَديِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- ضَربْتَ في عَمًى، وخَلطْتَ في العَملِ، ورُدَّ عَلَيكَ عَملُكَ فإنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- قَدْ قالَ:(مَنْ أحدَثَ في أمرِنا هَذا ما ليسَ مِنهُ فهُوَ رَدٌّ) يَعني: مَردودٌ، مَردودٌ عَلَى صاحِبِه لا يَقبَلُه اللهُ -عزَّ وجَلَّ- لذَلِكَ فتِّشْ عَنْ هذيْنِ الشرطَيْنِ: الإخلاصِ في كُلِّ عَملٍ عِباديٍّ، الإخلاصِ لِلَّهِ فلا تَقصِدُ إلَّا هُو ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا[الإنسانِ:9]، والأمرُ الثاني: أنْ يكونَ عَلَى وَفقِ هَديِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- ومِنْ ذَلِكَ هَذا المَنسَكُ العظيمُ، هذهِ العِبادةُ الجَليلَةُ التي يَجتمِعُ لها الناسُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَميقٍ، الحَجُّ تِلكَ العِبادةُ التي روحُها التوحيدُ، وذِكرُ اللهِ وتَعظيمُه، يَنبغي للمؤمِنِ أنْ يحرِصَ فيها عَلَى تَحقيقِ المَعنيينِ: الإخلاصِ لِلَّهِ، والمُتابَعةِ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ.

 أمَّا الإخلاصُ لِلَّهِ: فقَدْ قالَ لَكُمُ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- في الآيَةِ التي فَرضَ عَلَيكُم فيها حَجَّ بَيتِه ولِلَّهِ لا لِسواهُ ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا َ[آلِ عِمرانَ:97] فذَكرَ أوَّلًا مَنِ المَقصودُ بالمَجيءِ؟ مَنِ المَقصودُ بهَذا التِّرحالِ، وهَذا التنقُّلِ، وهَذا التعَبِ، وهَذا الطوافِ، وهَذا السعْيِ، وسائرِ الأعمالِ؟ المَقصودُ هُوَ اللهُ.

ولذلِكَ قالَ: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا[آلِ عِمرانَ:97] فحَرَّرَ هَذا المَعنَى لا يَكونُ في حَجِّكَ طَلَبٌ لسِواهُ، لا يَكونُ في حَجِّك  قَصدٌ لغَيرِه، ليَكُنْ حَجُّك لَهُ وَحدَه لا شَريكَ لَهُ، فلا تَدعُ سِواهُ، ولا تُحِبَّ غَيرَه، ولا تَقصِدْ إلَّا هُوَ -جلَّ وعَلا- في حَوائِجكَ، ومَطالِبِك، وإيَّاكَ أنْ تَخرُجَ عَنْ هذهِ الجادَّةِ، فإنَّ اللهَ لا يَقبَلُ مِنَ العَملِ إلَّا ما كانَ خالِصًا، وابتُغيَ بِهِ وَجهُه، رَوَى الإمامُ أحمدُ في مُسندِه بإسنادٍ جَيِّدٍ مِنْ حديثِ أبي أمامَةَ الباهِليِّ، قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- فقالَ: "يا رسولَ اللهِ، الرجُلُ يُقاتِلُ" يعني: يُجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ، "يُقاتِلُ يَبتغي الأجرَ والذِّكرَ" يَعني هُوَ يقاتِلُ يُريدُ الأجرَ مِنَ اللهِ في قِتالِه لأعداءِ اللهِ، ومَنْ صَدَّ عَنْ سَبيلِه لكِنَّه بقِتالِه يُريدُ الثوابَ، ويريدُ مَعَه شَيئًا آخَرَ مِنْ أمرِ الدُّنيا، وهُوَ الذِّكرُ، الذكرُ يَعني المَدحُ، والثَّناءُ، وأنْ يقالَ: شُجاعٌ بَطلٌ مِقدامٌ قَتَّالٌ .. وما إلى ذَلِكَ مِنَ الأوصافِ التي يَفرَحُ بِها بَعضُ الناسِ، ما لَهُ؟ الرجُلُ يقولُ: أيُّ شَيءٍ لَهُ إذا قَصدَ هذَيْنِ المَقصِدَيْنِ في عَملِه؛ قَصدَ الأجرَ والذكرَ، الأجرَ مِنَ اللهِ، والذكرَ مِنَ الناسِ ما لَهُ، أيُّ شَيءٍ لَهُ قالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-: (لا شَيءَ لَهُ) الرجُلُ أعادَ السؤالَ مرَّةً ثانيةً فقالَ: "يا رسولَ اللهِ الرجُلُ يُقاتِلُ يَبتَغي الأجرَ والذِّكرَ، ما لَهُ!" أيُّ شَيءٍ لَهُ؟ قالَ -صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ-: (لا شَيءَ لَهُ) أعادَ الرجلُ المَسألةَ مرةً ثالِثةً حتَّى يَتثبَّتَ ويَتحقَّقَ مِنْ جَوابِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- قالَ: "يا رسولَ اللهِ، الرجلُ يُقاتِلُ يَبتغي الأجرَ والذكرَ" لَهُ نَيةٌ صالحةٌ بطَلبِ الأجرِ مِنَ اللهِ لكِنْ يريدُ مَعَها شيئًا آخرَ وهُوَ أنْ يُمدَحَ، ويُثنَى عَلَيهِ، ما لَهُ، أيُّ شَيءٍ لَهُ عِندَ اللهِ  -عزَّ وجَلَّ- قالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-: (لا شَيءَ لَهُ) ثُمَّ بَيَّنَ مَتَى يَنالُ الإنسانُ الأجرَ مِنَ اللهِ في عَملِه، قالَ: (لا شيءَ لَهُ إنَّما يتقبَّلُ اللهُ مِنَ العَمَلِ ما كانَ خالِصًا، وابتُغيَ بِهِ وَجهُه) لا يَقبَلُ اللهُ مِنَ العَمَلِ العِباديِّ إلَّا ما تَوفَّرَ فيهِ هَذا الوَصفَ: أنْ يكونَ لِلَّهِ خالِصًا، ليسَ ثَمَّةَ قَصدًا آخرَ، لا تُريدُ شَيئًا آخرَ، تريدُ رِضاهُ، تريدُ أن تُطيعَه فيما أمرَكَ، وأنْ تَتقرَّبَ لَهُ وَحدَه لا شريكَ لَهُ، «إنَّ اللهَ لا يَقبَلُ مِنَ العَمَلِ إلَّا ما كانَ خالِصًا، وابتُغيَ بِهِ وَجهُه» سُننُ النِّسائيِّ (3140) وحسَّنَه الألبانيُّ أي: قَصَدَ بِهِ اللهَ -جلَّ وعَلا- فقَولُه: ابتُغيَ بِهِ وَجهُه في إثباتِ الوَجهِ لِلَّهِ -عزَّ وجَلَّ- كما قالَ اللهُ ـ تعالَى ـ في مُحكَمِ كِتابِه: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ[الرحمَنِ:27] لكِنَّ المَقصودَ بالوَجهِ هُنا: الوَجهُ يُعبَّرُ بِهِ عَنِ الذاتِ، عَنْ ذاتِه -جلَّ في عُلاه- وهَذا لا يَنفي صِفةَ الوَجهِ بَلْ يُثبِتُ لَهُ الوَجهَ كما أثبتَ لَهُ القرآنُ، ونَقولُ: المَقصودُ بقَولِه: وابتُغيَ بِهِ وَجهُه أي: قَصَدَ بِهِ اللهَ وَحدَه لا يَبتغي بِهِ سِواهُ -جلَّ في عُلاه- فلنَحرِصْ عَلَى هذَيْنِ المَعنَيينِ أيُّها الأخوَةُ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94600 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90287 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف