قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" فإن مذهب أهل السنة والجماعة : إثبات الصفات لله تعالى ؛ بل صفات الكمال لازمة لذاته يمتنع ثبوت ذاته بدون صفات الكمال اللازمة له ؛ بل يمتنع تحقق ذات من الذوات عرية عن جميع الصفات وهذا كله مبسوط في غير هذا الموضع . والمقصود هنا : أنه إذا قيل هذا إنسان فالمشار إليه بهذا المسمى بإنسان ؛ وليس الإنسان المطلق جزءا من هذا وليس الإنسان هنا إلا مقيدا وإنما يوجد مطلقا في الذهن ؛ لا في الخارج . وإذا قيل هذا في الإنسانية فالمعنى أن بينهما تشابها فيها ؛ لا أن هناك شيئا موجودا في الأعيان يشتركان فيه .
فليتدبر اللبيب هذا فإنه يحل شبهات كثيرة ومن فهم هذا الموضع تبين له غلط من جعل هذه الأسماء مقولة بالاشتراك اللفظي لا المعنوي وغلط من جعل أسماء الله تعالى أعلاما محضة لا تدل على معان ومن زعم أن في الخارج حقائق مطلقة يشترك فيها الأعيان وعلم أن ما يستحق الرب لنفسه لا يشركه فيه غيره بوجه من الوجوه ولا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من الصفات .
وأما المخلوق فقد يماثله غيره في صفاته لكن لا يشركه في غير ما يستحقه منها والأسماء المتواطئة المقولة على هذا وهذا حقيقة في هذا وهذا .
فإذا كانت عامة لهما تناولتهما وإن كانت مطلقة لم يمنع تصورهما من اشتراكهما فيها وإن كانت مقيدة اختصت بمحلها .
"مجموع الفتاوى" ( 5/206-207).