×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / فضائيات / الحكمة من إحداد المرأة على زوجها

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:5627

المقدم: دكتور حفظكم الله الحديث مستمر ومتصل في أحكام الإحداد تحدثت في حلقة سابقة حول تعريفه وحكمه لعلنا في هذه الحلقة نقف على الحكمة منه حفظكم الله.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

في الحديث عن الحكمة نحتاج أولًا أن نقف مع هل الحكمة موجودة في بعض الأحكام، أم أنها تنتظم جميع الشريعة؟ هذه القضية تخفى على كثير من الناس، وقد يظن أنه لما نقول الحكمة من كذا أنه هذا في حكمة والأمر الآخر ليس فيه حكمة، هذا غلط لأنه مامن شيء من أحكام الله ـ تعالى ـ سواء كانت الأحكام شرعية أو الأحكام كونية قدرية، إلا ولله فيها حكمة.

المقدم: سواء كانت ظاهرة أم لا.

الشيخ: سواء أدركنا هذه الحكمة أو لم ندركها.

إذًا نحن عندنا الآن أمر لابد أن نكرره وهو أن جميع ما قضاه الله تعالى وقدره وجميع ما شرعه وسنه في حكمه القدري الذي ينتظر الحوادث والكائنات، وفي حكمه الشرعي الذي ينتظم الأمر والنهي كله له فيه حكمة، فهو الحكيم الخبير جل في علاه.

 هذه الحكمة سواء كانت في القدر أو كانت في الشرع الله ـ تعالى ـ قد يظهرها لعباده، فمثلًا تعاقب الليل والنهار حكمة له ظاهرة،  وقد ذكرها الله ـ تعالى ـ ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًاوَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا[النبأ: 10-11]، فهناك حكم قد تظهر وقد يبينها الله ـ تعالى ـ من أحكامه الكونية القدرية، وكذلك في الأحكام الشرعية، قال الله ـ تعالى ـ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ[المائدة: 91]، فقدم ذكر حكمة التحريم على الحكم حتى تقبله النفوس وتقتنع به، لكن هذا ليس في كل أقضية الله وأحكامه أن الله تعالى يبين لعباده الحكمة، الحكمة منها ما هو ظاهر جلي، منها ما هو مصرح به مبيَّن، ومنها ما هو واضح يمكن أن يُتوصل إليه ويتلمس من خلال النظر في علل الأحكام وأسرارها وحكمها وغاياتها، فهنا علة منصوصة يعني جاء بها النص وبيَّنها، وعلة مستنبَطة وهي التي يكدُّ الناظر في هذا القضاء والقدر أو ذاك الناظر في الحكم الشرعي الديني يعمل ذهنه ليتوصل إلى الحكمة التي من أجلها شرع الله ـ تعالى ـ الحكم ومن أجلها قضى الله ـ تعالى ـ الحكم.

 أنا أقول هذا الكلام لأنه من المهم أن تمتلئ قلوبنا يقينًا بأنه مامن شيء حكم الله تعالى به لا في قضائه وقدره، ولا في شرعه ودينه، إلا ولله فيه حكمه، لأن من الناس من لا تنقاد نفوسهم حتى يقال لهم: إن هناك حكمة، إن هناك غاية، إن هناك علة لهذا الحكم.

وقد تتراجع نفوسهم عندما لا يعلمون الحكمة، فنقول: اطمئنوا ولتسكن نفوسكم مامن شيء حكم الله ـ تعالى ـ به إلا وفيه حكمة، وهذه الحكمة سؤال من المستفيد منها؟ يعني الحكمة ترجع فائدتها إلى من؟ هل هي راجعة إلى الله تعالى أم إلى العباد؟ الله غني عنا ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ[فاطر: 15]، وقد قال الله ـ تعالى ـ في الحديث الإلهي في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة: «يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني».[صحيح مسلم2577/55]

إذًا الحكمة تعود إلى العباد أنفسهم، ولهذا يعني لما يأمرنا الله بالصلاة من المستفيد؟ نحن لما يأمرنا بالصيام من المستفيد؟ صحيح فيه إرهاق لأجسامنا لكن من المستفيد؟ نحن ، كذلك الزكاة كذلك الحج كذلك سائر الأوامر، في النواهي لما حرم الله علينا الخمر من المستفيد؟ نحن، لما حرم الله علينا المعاملات المحرمة الربوية نحن المستفيدون، لما حرم الله علينا الزنا، النظر المحرم، السماع المحرم وهلم جرًّا من المحرمات الكثيرة من المستفيد؟ أقول بكل يقين: إن المستفيد هو الإنسان؛ لأن الله تعالى إنما شرع هذه الشرائع لإسعاد البشر وإراحتهم والوصول بهم إلى ما يسعدون به في الدنيا والآخرة، لكن هل هذا يعني مجرد ليس هناك فقط إلا هذا المعنى؟ لا، هناك معنى آخر فيما أمر الله ـ تعالى ـ وفيما نهى وهو إظهار حقيقة العبودية التعبد لله ـ تعالى ـ في طاعته فيما أمر وفي طاعته فيما نهى عنه وزجر في الطاعة، الطاعة في الأمر الفعل، والطاعة في النهي الترك والتجافي والبعد.

إذًا نحن بين أمر ونهي، بين أن يأمرنا الله فيرى طاعتنا في أمره، وبين أن ينهانا عن شيء فيرى ـ جل في علاه ـ امتثالنا للنهي إنما يعظم البلاء ويكبر الامتحان عندما لا تبدو العلة في الأحكام هنا يكون الابتلاء بين يعني لو قال قائل لماذا نصلي الظهر أربعًا؟ ولماذا الفجر ركعتين؟ ولماذا نصلي المغرب ثلاثًا؟ ولماذا العشاء أربعًا؟ ولماذا نطوف حول البيت سبعًا، ولماذا في أشياء كثيرة.

نقول: لله حكمة في هذا كله قد لا تظهر لنا، وقد تخفى علينا، لكنها الله ـ تعالى ـ له حكمة، ولكن الحكمة البادية الظاهرة التي يشاهدها كل أحد ويعلمها كل أحد هي أن هذه الأحكام تميِّز الذين يتبعون أمر الله ويتركون ما نهى عنه طاعة له، تعبدًا ورقة، ذلًا وخضوعًا، انقيادًا وتسليمًا وأولئك الذين لا يطيعون إلا فيما بدا لهم من ظاهر الأمر أن ذلك مصلحة لهم.

إذًا هذا له حكمة أو له فائدة وهو إظهار التعبد، لما تطيع فيما لا يظهر لك فائدته، لا يظهر لك نفعه عند ذلك تكون حقيقةً عبدت الله وسلمت لما قضاه وقدره ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ[الأحزاب: 36]، هذا في الأمر القدري مفروغ منه؛ لأن قضاء الله وقدره جار على كل أحد، ما أخطأك لم يكن ليصيبَك، وما أصابك لم يكن ليخطأك، لكن الخيرة فيما يتعلق بالأمر الشرعي الذي لا إلزام فيه وقوعًا والإلزام بالأمر والنهي، لكن في الوقوع قد يفعل الإنسان وقد لا يفعل، والإنسان مخيَّر بين أن يفعل وبين أن يترك، بين أن يطيع وبين أن يعصي، فالأمر سيان، وإنما يتمايز الناس بصدق إقبالهم على الله ـ تعالى ـ وصدق رغبتهم فيما عنده.

إذًا الحكمة لها فائدة كبرى، وخفاء الحكمة له فائدة كبرى أيضًا.

 العلم بالفائدة: التشجيع والحث على العمل، لاسيما إذا تعلقت النفوس بالشيء، الخمر مثلا والزنا لأن النفوس تتعلق بها ذكر الله تعالى العلة من التحريم والحكمة والسر لماذا حرم الله هذا، ولماذا حرم ذاك؟ لكن هناك أمور لا تتعلق النفوس بها، قد لا تبدو فيها الحكمة فيكون الجانب فيها تعبديًّا خالصًا، ولهذا يقال: الحكمة في بعض الأحكام والعلة تعبدية، يعني الحكمة إظهار التعبد، صدق التعبد، لا يعني أنه ليس هناك تعبد في الأمور الأخرى، لا، هناك تعبد في سائر الأمور حتى ولو بدت حكمتها، لكن هذه لم يظهر لنا علة، ولم يظهر لنا سبب إلا الحكمة.   

هذه مقدمة ضرورية فيما يتصل بموضوع تعليل أفعال الله ـ تعالى ـ بيان الحكمة من قضائه وقدره والحكمة من أمره وشرعه سبحانه وبحمده.

هنا جانب ما يتصل بالإحداد، لماذا شرع؟ باختصار شرع أولًا لتحقيق العبودية لله تعالى.

شرع لأن الله تعالى عظم هذا العقد وجعله عقدًا له من الحرمة والمنزلة والمكانة والرفعة ما ليس لغيره، فلذلك جعل له تبعات، فإذا فارق الرجل امرأته بالطلاق كانت عدة، وإذا فارق الرجل امرأته بالوفاة وهي فرقة غير اختيارية كانت لها الإحداد الذي فيه من الأحكام فهو لتعظيم عقد الزوجية، أيضًا للعلم بخلو الرحم، أيضًا للألم مراعاة النفس، للألم الحاصل بالموت ولاسيما موت الزوج له من الوطأة على نفس المرأة ما ليس لغيره.

ولذلك المرأة لما رجع النبي –صلى الله عليه وسلم-من غزوة أحد فقيل لها: مات أخوكِ قالت: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، مات أبوكِ، قالت: "إنا لله وإنا إليه راجعون" صبرت يعني، فلما قيل لها: مات زوجك أظهرت ألمًا وحسرة وجزعًا وبكاء على موته[أخرجه ابن ماجه في سننه(1590)، وضعفه الألباني في الضعيفة(3223)]، فكان للرجل منزلة ليست لغيره من الصلة الأقارب، ولو كانت قرباتهم وثيقة.

إذًا الحكمة هو مراعاة الشريعة، تعطي النفس حظها من الحزن في مواطن الحزن، وتعطيها حظها في الفرح في مواطن الفرح، وهذا من كمال الشريعة.

 لكن الشريعة هذَّبت هذا بأن جعلت له أحكامًا، فلم تترك مسألة الإحداد أمرًا يرجع إلى ذوق الإنسان، المرأة تمنع نفسها مطلقًا كما هو في بعض الأديان، أو أنها تبقى كما كانت في الجاهلية في مكان قذر وفي مكان قبيح، وتمتنع من الملذات مدة متطاولة إنما هناك أحكام خصتها الشريعة وبينتها، وسيأتي تفصيلها وإيضاحها إن شاء الله تعالى.

المقدم: أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94001 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف