×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / الحديث وعلومه / رسالة ورثة الأنبياء / الدرس(11)"وقد دل هذا الحديث على تفضيل العلم على العبادة"

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

    قال :"وقد دل هذا الحديث على تفضيل العلم على العبادة تفضيلا بينا، والأدلة الدالة على ذلك كثيرة. قال الله تعالى:﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾+++ سورة الزمر:9.---.  وقال:﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾+++ سورة المجادلة:11.---. يعني على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم، كذا قال ابن مسعود وغيره من السلف. وخرج الترمذي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر له رجلان، أحدهما عابد والآخر عالم، فقال  صلى الله عليه وسلم :« فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم»، وقال :" صحيح حسن غريب"+++"سنن الترمذي"(2685)، وصححه الألباني.---. وخرج أيضا هو وابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد»+++"سنن ابن ماجة" (222) وابن حبان في الضعفاء (1/300 ، ترجمة 346 روح بن جناح) وقال : "منكر الحديث جدا يروى عن الثقات ما إذا سمعها الإنسان الذي ليس بالمتبحر في صناعة الحديث شهد لها بالوضع".---. وخرج ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو قال:«خرج رسول الله  صلى الله عليه وسلم ذات يوم فدخل المسجد فإذا هو بحلقتين إحداهما يقرؤون القرآن ويدعون الله عز وجل، والأخرى يتعلمون ويعلمون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« كل على خير، هؤلاء يدعون الله عز وجل ويقرؤون القرآن، فإن شاء أعطاهم، وإن شاء منعهم، وهؤلاء يتعلمون ويعلمون، وإنما بعثت معلما»+++"سنن ابن ماجة(229) قال البوصيرى (1/32) : هذا إسناد فيه بكر وداود ، وعبد الرحمن ، وهم ضعفاء ".--- فجلس معهم. وخرجه ابن المبارك في كتاب الزهد وزاد فيه بعد قوله:«وإنما بعثت معلما، هؤلاء أفضل»+++"الزهد" ص(488).---. وخرج الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«قليل الفقه خير من كثير العبادة»+++ "المعجم الكبير" (1511)، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/381) .---. وخرج البزار والحاكم وغيرهما بأسانيد متعددة مرفوعة، « فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة، وخير دينكم الورع»+++ أخرجه البزار (7/371)،ح(2969)، والحاكم (1/171) ح(317)، والطبراني في "الأوسط" (4/197) ح(3960) ، قال الهيثمي (1/120) : رواه الطبراني في الأوسط والبزار وفيه عبد الله بن عبد القدوس وثقه البخاري وابن حبان وضعفه ابن معين.---. وفي مراسيل الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم«فضل العالم على العابد سبعون درجة، ما بين كل درجة ودرجة مسيرة خضر جواد مائة عام»+++ أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (3/128)ح(4345) عن عبد الله بن عمرو، وأورده ابن طاهر المقدسي في "تذكرة الموضوعات"رقم(524) ، بلفظ : "فضل المؤمن العالم".---". هذه الجملة من الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله وصفها بأنها كثيرة، لا يخلو منها حديث إلا وفيه مقال، لكن المعنى الذي أشار إليه وهو تفضيل العالم على العابد مستفاد من مجموع هذه النصوص، ومن نصوص أخرى وهي ما قدمه في قوله رحمه الله، قال الله تعالى ":﴿هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾"،﴿هل﴾ استفهام، والاستفهام هنا استفهام نفي وإنكار، لا يستويان، لا يستوي الذي يعلم، والذي لا يعلم. قوله تعالى: ﴿ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾،والنصوص التي ذكرها كما ذكرت فيها ضعف، لكن مجموعها يفيد المعنى الذي أشار إليه. ولا يعني هذا أن يكون الإنسان قد أخلى نفسه من العبادة حتى يفوز بفضل العلم. إنما يكمل العلم إذا اقترن بالتنسك، لكن هذا الكلام يفيد في ما إذا كان الإنسان في مقام عدم إمكان الجمع بين التعبد والتعلم. أما إذا أمكنه الجمع بين الأمرين فلا شك أن الكمال أن تجمع بين العلم وثمرته، فالعلم هو الحامل على كمال التعبد. لذلك ينبغي أن يفهم مثل هذا الكلام على وجهه المقصود وهو أنه إذا كان هناك تزاحم بين هذين العملين، بين التعلم وبين التخلي للتعبد فالعلم مقدم على التخلي للتعبد. أما إذا أمكن الإنسان أن يجمع بينهما فإنه لا شك أن هذه المنزلة هي أعلى المنازل. ثم أيضا ينبغي أن يعلم في حال إمكان الجمع بين التعبد والتعلم كما ذكرنا في المنزلة العليا هو الجمع، لكن ينبغي أن يعلم في هذا المقام أن المفاضلة بين العلم والتعبد هو في ما ليس واجبا على العبد من العبادات. أما ما كان فرض عين على الإنسان أو مطالبا به فإنه لا موازنة بين العلم والعبادة في هذه الحال، فإن العلم لا يتم إلا بتكميل الواجبات. إذا: هنا تنبيهان فيما يتعلق بالمفاضلة. التنبيه الأول:أن هذا في حال عدم إمكان الجمع بين الأمرين. التنبيه الثاني: أن المفاضلة بين العلم والعبادة هو في ما زاد عن الواجب من العبادات. أما ما كان واجبا فإنه لا تنعقد المفاضلة بينه وبين العلم، فإن قال : أنا بين أن أتعلم العلم وبين أن أأدي الصلاة ، فنقول :لا أداء الصلوات المكتوبة مقدم على تعلم العلم، لأنها لا يقوم دينك إلا بذلك، فأقم الصلاة المكتوبة ثم بعد ذلك تعلم فيما بقي من الوقت. ثم قال رحمه الله:"والآثار الموقوفة عن السلف في هذا كثيرة جدا، فروي عن أبي هريرة رضي الله عنه وأبي ذر، قالا:" الباب يتعلمه الرجل أحب إلينا من ألف ركعة تطوعا"، وخرجه ابن ماجه من حديث أبي ذر مرفوعا( ). وروي عن أبي الدرداء قال:"مذاكرة العلم ساعة خير من قيام ليلة"+++ رواه البزار في "مسنده" رقم (138) من "كشف الأستار"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/397)، ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه ( 9/ 247)، وابن عبد البر في بيان جامع العلم وفضله (115) - 1/121)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (51)، كلهم من طريق هلال بن عبد الرحمن الحنفي , عن عطاء بن أبي ميمونة به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/124) : " رواه البزار وفيه هلال بن عبد الرحمن الحنفي , وهو متروك "، ورواه العقيلي من طريق عبد الرحمن الحنفي (4/1468) وعلق له ثلاثة مناكير , أحدهما عن عطاء بن أبي ميمونة , ثم قال : " كل هذا مناكير , لا أصول لها, ولا يتابع عليها "، وذكره الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 97 بصيغة التضعيف.---. ويروى عن أبي هريرة مرفوعا:" لأن أفقه ساعة أحب إلي من أن أحيي ليلة أصليها حتى أصبح"+++ أخرجه الخطيب في"الجامع لأخلاق الراوي" (1340).---. وعنه قال:" لأن أعلم بابا من العلم في أمر أو نهي أحب إلي من سبعين غزوة في سبيل الله عز وجل"+++ أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/102).---. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحياءها+++ انظر " جامع معمر بن راشد" (3/273)، ح(1083)، و"المدخل إلى السنن الكبرى "للبيهقي (356).---. وصح عن أبي موسى الأشعري أنه قال:" لمجلس أجلسه من عبد الله بن مسعود، أوثق في نفسي من عمل سنة". وعن الحسن قال:" لأن أتعلم بابا من العلم فأعلمه مسلما أحب إلي من أن تكون لي الدنيا كلها، أجعلها في سبيل الله عز وجل"+++"الفقيه والمتفقه"(1/102).---. وعنه قال:" إن كان الرجل ليصيب الباب من العلم فيعمل به ، فيكون خيرا له من الدنيا وما فيها لو كانت له فيجعلها في الآخرة"+++ أخرجه الدارمي (393).---. تصدق بالدنيا التي أتاه الله تعالى إياها، لكان تعلمه أفضل. يقول:"إن كان الرجل ليصيب الباب من العلم فيعمل به ، فيكون خيرا له من الدنيا وما فيها لو كانت له فيجعلها في الآخرة". يدل على أن بذل العلم أعلى وأشرف وأفضل من إنفاق المال. " وعنه قال: مداد العلماء ودم الشهداء مجرى واحد" في الأجر والثواب. "وعنه قال: ما من شيء مما خلق الله أعظم عند الله في عظيم الثواب من طلب علم، لا حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة ولا عتق، ولو كان العلم صورة لكانت صورته أحسن من صورة الشمس والقمر والنجوم والسماء والعرش". قال الزهري:" تعلم سنة أفضل من عبادة مائتي سنة"+++ انظر "جامع الأحاديث" وعزاه لابن عساكر.---. وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة:"ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم". قال الثوري :" لا نعلم شيئا من الأعمال أفضل من طلب العلم والحديث لمن حسنت فيه نيته"، قيل له: وأي شيء النية فيه، قال : يريد الله والدار الآخرة"+++ أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث"(1/328) ح(272).---. وقال الشافعي:"طلب العلم أفضل من صلاة النافلة"+++ انظر "مسند الشافعي"(1/249)، وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/119).---. ورأى مالك بعض أصحابه يكتب العلم ثم تركه وقام يصلي فقال : "عجبا لك ما الذي قمت إليه بأفضل من الذي تركته". وسئل الإمام أحمد : أيما أحب إليك، أن أصلي بالليل تطوعا أو أجلس أنسخ العلم؟ قال : "إذا كنت تنسخ لتعلم أمر دينك فهو أحب إلي". وقال أحمد أيضا:" العلم لا يعدله شيء". وقال معاذ بن عمران:" كتابة حديث واحد أحب إلي من قيام ليلة". مما يدل على تفضيل العلم على جميع النوافل: أن العلم يجمع جميع فضائل العلم المتفرقة، فإن العلم أفضل أنواع الذكر كما سبق تقريره، وهو أيضا أفضل أنواع الجهاد. ويروى من حديث عبد الله بن عمر والنعمان بن بشير رضي الله عنهما مرفوعا: «إنه يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء»+++ أخرجه الديلمي (4/ 348)، وانظر "الضعيفة للألباني (10/382)، وقال :موضوع".---. وخرج الترمذي من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع»+++"سنن الترمذي"(2647).---. وورد في حديث آخر :« إذا جاء الموت طالب العلم فهو شهيد». وقال معاذ بن جبل: تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأن العلم سبيل منازل أهل الجنة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء، والمعين على الضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وأئمة، تقتص آثارهم، ويقتدى بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم ، وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه. لأن العلم حياة القلوب  من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار الأبرار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة. والتفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام، به توصل الأرحام، ويعرف الحلال والحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء، رواه ابن عبد البر +++"جامع بيان العلم وفضله"ص(94-95).---. به يعرف الله ويعبد، وبه يمجد ويوحد، يرفع الله بالعلم أقواما، فيجعلهم قادة وأئمة للناس، يقتدون بهم ويرجعون إلى رأيهم في كلام أكثر من هذا. وقد روي هذا مرفوعا من حديث  أبي هريرة". الآثار التي ذكرها المؤلف رحمه الله عن الصحابة رضي الله عنهم، ثم عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفضيل العلم على الجهاد من المسائل التي جرى فيها البحث بين أهل العلم في "أفضل التطوعات بعد الواجبات". لأهل العلم فيه كلام، فمنهم من جعل الجهاد أعلى أنواع القربات بعد الطاعات الواجبة. ومنهم من جعل العلم ، وقد ساق من كلام الأئمة ما يبين أن جماهير أهل العلم على أن فضل العلم متقدم على سائر العمل، وأن العلم له من المكانة والمنزلة ما ليس لسائر العمل، حتى الجهاد في سبيل الله. وذلك أن العلم نوع جهاد في سبيل الله تعالى. ولكن ينبغي أن يعلم أن هذا العلم الذي هذه منزلته، وهذه مكانته، وهذا فضله هو العلم الذي يبتغى به وجه الله تعالى، وهو العلم الذي يثمر العمل والصلاح والاستقامة ، وهو العلم الذي يراد به الله والدار الآخرة. أما ما كان من العلم على اللسان فإنه حجة كما تقدم في تقسيم العلم السابق، فالذي يشتغل بالعلم ليدرك به منصبا أو يحصل به جاها، أو ليماري به الناس، أو ليلفت وجوه الناس إليه، كل هذا اشتغال بفاضل في الصورة، لكنه لا يحرز ولا يدرك هذه الفضائل التي ذكرها أهل العلم. وفي النقولات ما سبق تقريره من أن المفاضلة بين أهل العلم والعبادة في حال عدم إمكان الجمع بينهما ، أما إذا أمكنه الجمع فلا شك أن الجمع هو الذي يحصل به كمال السبيلين. قال رحمه الله :"ومما يدل على تفضيل العلم على العبادة، قصة آدم عليه السلام، فإن الله تعالى إنما أظهر فضله على الملائكة بالعلم، حيث علمه أسماء كل شيء، واعترفت الملائكة بالعجز عن معرفة ذلك، فلما أنبأهم آدم بالأسماء ظهر حينئذ فضله عليهم، وقال عز وجل لهم:﴿ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون﴾+++ سورة البقرة:33.---. وذكر طائفة من السلف أن الذي كتموه أنهم قالوا في أنفسهم :"لن يخلق الله خلقا إلا نحن أكرم عليه منه". ومما يدل على فضل العلم أن جبرائيل عليه السلام إنما فضل على الملائكة المشتغلين بالعبادة بالعلم الذي خص به فإنه صاحب الوحي الذي ينزل به على الأنبياء عليهم السلام، وكذلك خواص الرسل إنما فضلوا على غيرهم من الأنبياء عليهم السلام بمزيد العلم المقتضي لزيادة المعرفة بالله والخشية له، ولهذا وصف الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم  في كتابه ومدحه بالعلم الذي اختصه به، وامتن به عليه في مواضع كثيرة وأمره أن يعلمه لأمته. فأول ما ذكره للعلم وبتعليمه في قصة إبراهيم حين دعا ربه لأهل البيت الحرام أن يبعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، ثم امتن علينا أن بعث فينا رسولا منا، وهو محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة فقال تعالى:﴿لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين﴾+++ سورة آل عمران:164.---. وأول ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ذكر العلم وفضله، وهو قوله تعالى:﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم يعلم﴾+++ سورة العلق.---. وامتن على محمد صلى الله عليه وسلم بالعلم في مواضع كقوله تعالى:﴿وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما﴾+++ سورة النساء:113.---. وأمره أن يسأل ربه أن يزيده علما فقال:﴿ وقل رب زدني علما﴾+++ سورة طه:114.---. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية"+++ أخرجه البخاري (6101)، ومسلم (2356) بلفظ «فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية».---. وامتن الله علينا أن بعث فينا هذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يعلمنا ما لم نكن نعلم، وأمرنا بشكر هذه النعمة كما قال تعالى:﴿كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون (151) فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون﴾+++ سورة البقرة.---. وأخبر سبحانه أنه إنما خلق السموات والأرض ونزل الأمر إلا لنعلم بذلك قدرته وعلمه فيكون دليلا على معرفته ومعرفة صفاته كما قال تعالى:﴿الله الذي خلق سبع سماوات﴾ إلى قوله ﴿وأن الله قد أحاط بكل شيء علما﴾+++ سورة الطلاق:12.---". قوله تعالى :"﴿ الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن﴾ لماذا؟ ﴿لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما﴾"، فجعل خلق السموات السبع، والأراضين السبع وتنزل الأمر بينهن لهذه الغاية، وهي العلم بعظيم قدرة الله تعالى، وسعة علمه، حيث قال : ﴿لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما﴾. ثم قال رحمه الله :" ومدح الله في كتابه العلماء في مواضع كثيرة، وقد سبق ذكر بعضها، وأخبر أنه إنما يخشاه من عباده العلماء ، وهم العلماء به. قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى:﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾+++ سورة فاطر:28.---". هذا المقطع من كلام المؤلف رحمه الله مزيد لذكر أدلة، وهي أدلة ملتمسة من كلام الله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم  في بيان فضل العالم على العابد، فضل العلم على العبادة . فيقول رحمه الله:" ومما يدل على تفضيل العلم على العبادة، قصة آدم عليه السلام". وكذلك مما يدل على فضل العلم أن جبريل عليه السلام إنما فضل على الملائكة المشتغلين بالعبادة بالعلم الذي خص به . كذلك فضل أولي العزم من الرسل إنما لما كانوا ممتازين به من تمام العلم بالله تعالى . كذلك فضل هذه الأمة على سائر هذه الأمم إنما هو لأجل تمام علمها بالله تعالى ، وعلمها بأمره سبحانه وبحمده. كل هذه الأدلة تدل على ما ذكره المؤلف رحمه الله في أول كلامه حيث قال :"وقد دل هذا الحديث على تفضيل العلم على العبادة تفضيلا بينا"، والأدلة على ذلك كثيرة، ذكر منها الأدلة من القرآن، الأدلة من السنة، الأدلة من كلام السلف والآثار الواردة عنهم. بعد أن فرغ من ذلك أتى بأدلة ملتمسة من كلام الله تعالى، وكلام رسوله، ومن ذلك تفضيل آدم على الملائكة بالعلم، تفضيل جبريل على الملائكة بالعلم، تفضيل أولي العزم من الرسل على سائر الرسل بالعلم، تفضيل هذه الأمة على سائر الأمم بالعلم. فهذا كله في سياق واحد وهو بيان الأدلة على فضل العلم على العبادة، وأن العالم مقدم على العابد في الفضيلة والمكانة. بعد هذا يأتي المؤلف رحمه الله ببيان أفضل العلم، لأن العلم تقدم أنه العلم بالله تعالى، وعلم بأمره جل وعلا . العلم بالله تعالى : العلم بما له من الكمالات في أسمائه وصفاته، وما له من الحقوق جل وعلا في ألوهيته وربوبيته. هذا هو العلم بالله تعالى. العلم بأمره هو العلم بما شرعه، العلم بدينه بالحلال والحرام. فأيهما أفضل؟؟ هذا ما يتطرق إليه المؤلف رحمه الله في هذا المقطع من كلامه. يقول رحمه الله :" فأفضل العلم: العلم بالله وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه، والتوكل عليه والرضا عنه والاشتغال به دون خلقه". هذا هو العلم بالله، العلم بالله أن تكمل معرفة العبد بربه، ويقترن بهذه المعرفة كمال الذل والخضوع له والمحبة. ولذلك أتى بالعلم وثمرته، العلم بالله يثمر هذه الثمار العظيمة، ولذلك لا يمكن أن يطب قلب العبد ولا يصلح فؤاده إلا بالعلم بالله تعالى . ما يمكن أن يكون القلب زاكيا، طاهرا ، نقيا، مخبتا، مقبلا على الله تعالى، عظيم المحبة له، عظيم الإقبال والخضوع له، كل الأعمال القلبية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا علم العبد ما لله من الكمالات. ولذلك ملئ كلام الله تعالى بذكر صفاته. ما من آية من كتاب الله تعالى إلا وفيها ذكر شيء مما يتعلق بالرب جل وعلا. القرآن مقصوده ولبه وقوامه على بيان ما لله من الكمالات سبحانه وبحمده . في أسمائه في صفاته في أفعاله، وما ذكر من سائر ما يذكر من الأمور الأخرى في القرآن إنما هي مكملات لهذا الأمر وتوابع لهذا الأمر. فلذلك أكمل العلوم هو العلم بالله تعالى، العلم بما له من الكمالات في أسمائه وصفاته وأفعاله، والتعبد له - وهو ثمرة هذا العلم- بالخشية والمحبة والهيبة والإجلال والتعظيم له سبحانه وبحمده . قال :"ويتبع ذلك"، أي يتبع العلم بالله تعالى "العلم بملائكته ، وكتبه، ورسله"، يعني بسائر أصول وأركان الإيمان. يقول رحمه الله :"ويتبع ذلك العلم بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتفاصيل ذلك". العلم بالله تعالى هو تحقيق للإيمان الذي تزكو به القلوب. قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل لما سأله عن الإيمان قال :« أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره»+++ أخرجه مسلم (8).---، هذا هو العلم بالله تعالى، والعلم بما يتبع العلم به من العلم بالملائكة وسائر أعمال القلوب. بعد هذا العلم الآخر وهو العلم بأمره، قال في التعريف "والعلم بأوامر الله ونواهيه وشرائعه وأحكامه وما يحبه من عباده من الأقوال  والأعمال الظاهرة والباطنة وما يكرهه من عباده من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة". هذا هو العلم بأمر الله ودينه، هو العلم بما يحبه الله وما يكرهه، بما يقرب من الله تعالى من الأعمال، وما يبعد عنه سبحانه وتعالى من الأعمال. إنما خلاصة هذا أن نعلم أن أفضل العلم ما جمع العلم بالله تعالى، والعلم بأمره ونهيه سبحانه وبحمده، فإذا كمل علم العبد بالله وكمل علمه بأمر الله تعالى فقد نال السبق وحاز الفضل في العلم، وهو من العلماء الربانيين. قال رحمه الله:"ومن جمع هذه العلوم فهو من العلماء الربانيين"، العلماء بالله، العلماء بأمر الله". أسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم وأن يحشرنا في زمرتهم، وأن ييسر لنا سبيلهم.

المشاهدات:9214

    قال :"وقد دل هذا الحديث على تفضيل العلم على العبادة تفضيلاً بيِّناً، والأدلة الدالة على ذلك كثيرة.

قال الله تعالى:﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ سورة الزمر:9.
وقال:﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ سورة المجادلة:11..
يعني على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم، كذا قال ابن مسعود وغيره من السلف.
وخرَّج الترمذي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه ذُكر له رجلان، أحدهما عابد والآخر عالم، فقال  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم»، وقال :" صحيح حسن غريب""سنن الترمذي"(2685)، وصححه الألباني..
وخرَّج أيضاً هو وابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:« فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد»"سنن ابن ماجة" (222) وابن حبان في الضعفاء (1/300 ، ترجمة 346 روح بن جناح) وقال : "منكر الحديث جدا يروى عن الثقات ما إذا سمعها الإنسان الذي ليس بالمتبحر في صناعة الحديث شهد لها بالوضع"..
وخرَّج ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو قال:«خرج رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم فدخل المسجد فإذا هو بحلقتين إحداهما يقرؤون القرآن ويدعون الله عز وجل، والأخرى يتعلمون ويعلمون، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« كل على خير، هؤلاء يدعون الله عز وجل ويقرؤون القرآن، فإن شاء أعطاهم، وإن شاء منعهم، وهؤلاء يتعلمون ويعلمون، وإنما بعثت معلماً»"سنن ابن ماجة(229) قال البوصيرى (1/32) : هذا إسناد فيه بكر وداود ، وعبد الرحمن ، وهم ضعفاء ". فجلس معهم.
وخرَّجه ابن المبارك في كتاب الزهد وزاد فيه بعد قوله:«وإنما بعثت معلما، هؤلاء أفضل»"الزهد" ص(488)..
وخرَّج الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :«قليل الفقه خير من كثير العبادة» "المعجم الكبير" (1511)، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/381) ..
وخرَّج البزار والحاكم وغيرهما بأسانيد متعددة مرفوعة، « فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة، وخير دينكم الورع» أخرجه البزار (7/371)،ح(2969)، والحاكم (1/171) ح(317)، والطبراني في "الأوسط" (4/197) ح(3960) ، قال الهيثمي (1/120) : رواه الطبراني في الأوسط والبزار وفيه عبد الله بن عبد القدوس وثقه البخاري وابن حبان وضعفه ابن معين..
وفي مراسيل الزهري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«فضل العالم على العابد سبعون درجة، ما بين كل درجة ودرجة مسيرة خضر جواد مائة عام» أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" (3/128)ح(4345) عن عبد الله بن عمرو، وأورده ابن طاهر المقدسي في "تذكرة الموضوعات"رقم(524) ، بلفظ : "فضل المؤمن العالم".".
هذه الجملة من الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله وصفها بأنها كثيرة، لا يخلو منها حديث إلا وفيه مقال، لكن المعنى الذي أشار إليه وهو تفضيل العالم على العابد مستفاد من مجموع هذه النصوص، ومن نصوص أخرى وهي ما قدَّمه في قوله رحمه الله، قال الله تعالى ":﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾"،﴿هَلْ﴾ استفهام، والاستفهام هنا استفهام نفي وإنكار، لا يستويان، لا يستوي الذي يعلم، والذي لا يعلم.
قوله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾،والنصوص التي ذكرها كما ذكرت فيها ضعف، لكن مجموعها يفيد المعنى الذي أشار إليه.
ولا يعني هذا أن يكون الإنسان قد أخلى نفسه من العبادة حتى يفوز بفضل العلم.
إنما يكمل العلم إذا اقترن بالتنسك، لكن هذا الكلام يفيد في ما إذا كان الإنسان في مقام عدم إمكان الجمع بين التعبد والتعلم.
أما إذا أمكنه الجمع بين الأمرين فلا شك أن الكمال أن تجمع بين العلم وثمرته، فالعلم هو الحامل على كمال التعبد.
لذلك ينبغي أن يفهم مثل هذا الكلام على وجهه المقصود وهو أنه إذا كان هناك تزاحم بين هذين العملين، بين التعلم وبين التخلي للتعبد فالعلم مقدم على التخلي للتعبد.
أما إذا أمكن الإنسان أن يجمع بينهما فإنه لا شك أن هذه المنزلة هي أعلى المنازل.
ثم أيضاً ينبغي أن يعلم في حال إمكان الجمع بين التعبد والتعلم كما ذكرنا في المنزلة العليا هو الجمع، لكن ينبغي أن يعلم في هذا المقام أن المفاضلة بين العلم والتعبد هو في ما ليس واجباً على العبد من العبادات.
أما ما كان فرض عين على الإنسان أو مطالباً به فإنه لا موازنة بين العلم والعبادة في هذه الحال، فإن العلم لا يتم إلا بتكميل الواجبات.
إذاً: هنا تنبيهان فيما يتعلق بالمفاضلة.
التنبيه الأول:أن هذا في حال عدم إمكان الجمع بين الأمرين.
التنبيه الثاني: أن المفاضلة بين العلم والعبادة هو في ما زاد عن الواجب من العبادات.
أما ما كان واجباً فإنه لا تنعقد المفاضلة بينه وبين العلم، فإن قال : أنا بين أن أتعلم العلم وبين أن أُأدي الصلاة ، فنقول :لا أداء الصلوات المكتوبة مقدَّم على تعلم العلم، لأنها لا يقوم دينك إلا بذلك، فأقم الصلاة المكتوبة ثم بعد ذلك تعلم فيما بقي من الوقت.
ثم قال رحمه الله:"والآثار الموقوفة عن السلف في هذا كثيرة جداً، فروي عن أبي هريرة رضي الله عنه وأبي ذر، قالا:" الباب يتعلمه الرجل أحب إلينا من ألف ركعة تطوعاً"، وخرَّجه ابن ماجه من حديث أبي ذر مرفوعاً( ).
وروي عن أبي الدرداء قال:"مذاكرة العلم ساعة خير من قيام ليلة" رواه البزار في "مسنده" رقم (138) من "كشف الأستار"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/397)، ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه ( 9/ 247)، وابن عبد البر في بيان جامع العلم وفضله (115) - 1/121)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (51)، كلهم من طريق هلال بن عبد الرحمن الحنفي , عن عطاء بن أبي ميمونة به، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/124) : " رواه البزار وفيه هلال بن عبد الرحمن الحنفي , وهو متروك "، ورواه العقيلي من طريق عبد الرحمن الحنفي (4/1468) وعلق له ثلاثة مناكير , أحدهما عن عطاء بن أبي ميمونة , ثم قال : " كل هذا مناكير , لا أصول لها, ولا يتابع عليها "، وذكره الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 97 بصيغة التضعيف..
ويروى عن أبي هريرة مرفوعاً:" لأن أفقه ساعة أحب إليَّ من أن أحيي ليلة أصليها حتى أصبح" أخرجه الخطيب في"الجامع لأخلاق الراوي" (1340)..
وعنه قال:" لأن أعلم بابا من العلم في أمرٍ أو نهيٍ أحب إليَّ من سبعين غزوة في سبيل الله عز وجل" أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/102)..
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" تذاكر العلم بعض ليلة أحب إليَّ من إحياءها انظر " جامع معمر بن راشد" (3/273)، ح(1083)، و"المدخل إلى السنن الكبرى "للبيهقي (356)..
وصح عن أبي موسى الأشعري أنه قال:" لمجلس أجلسه من عبد الله بن مسعود، أوثق في نفسي من عمل سنة".
وعن الحسن قال:" لأن أتعلم باباً من العلم فأعلمه مسلماً أحب إليَّ من أن تكون لي الدنيا كلها، أجعلها في سبيل الله عز وجل""الفقيه والمتفقه"(1/102)..
وعنه قال:" إن كان الرجل ليصيب الباب من العلم فيعمل به ، فيكون خيراً له من الدنيا وما فيها لو كانت له فيجعلها في الآخرة" أخرجه الدارمي (393)..
تصدق بالدنيا التي أتاه الله تعالى إياها، لكان تعلمه أفضل.
يقول:"إن كان الرجل ليصيب الباب من العلم فيعمل به ، فيكون خيراً له من الدنيا وما فيها لو كانت له فيجعلها في الآخرة".
يدل على أن بذل العلم أعلى وأشرف وأفضل من إنفاق المال.
" وعنه قال: مداد العلماء ودم الشهداء مجرى واحد" في الأجر والثواب.
"وعنه قال: ما من شيء مما خلق الله أعظم عند الله في عظيم الثواب من طلب علمٍ، لا حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة ولا عتق، ولو كان العلم صورة لكانت صورته أحسن من صورة الشمس والقمر والنجوم والسماء والعرش".
قال الزهري:" تعلم سنة أفضل من عبادة مائتي سنة" انظر "جامع الأحاديث" وعزاه لابن عساكر..
وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة:"ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم".
قال الثوري :" لا نعلم شيئاً من الأعمال أفضل من طلب العلم والحديث لمن حسنت فيه نيته"، قيل له: وأي شيء النية فيه، قال : يريد الله والدار الآخرة" أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث"(1/328) ح(272)..
وقال الشافعي:"طلب العلم أفضل من صلاة النافلة" انظر "مسند الشافعي"(1/249)، وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/119)..
ورأى مالك بعض أصحابه يكتب العلم ثم تركه وقام يصلي فقال : "عجباً لك ما الذي قمت إليه بأفضل من الذي تركته".
وسئل الإمام أحمد : أيما أحب إليك، أن أصلي بالليل تطوعاً أو أجلس أنسخ العلم؟ قال : "إذا كنت تنسخ لتعلم أمر دينك فهو أحب إليَّ".
وقال أحمد أيضاً:" العلم لا يعدله شيء".
وقال معاذ بن عمران:" كتابة حديث واحد أحب إليَّ من قيام ليلة".
مما يدل على تفضيل العلم على جميع النوافل: أن العلم يجمع جميع فضائل العلم المتفرقة، فإن العلم أفضل أنواع الذكر كما سبق تقريره، وهو أيضاً أفضل أنواع الجهاد.
ويروى من حديث عبد الله بن عمر والنعمان بن بشير رضي الله عنهما مرفوعاً: «إنه يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء» أخرجه الديلمي (4/ 348)، وانظر "الضعيفة للألباني (10/382)، وقال :موضوع"..
وخرَّج الترمذي من حديث أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: « من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع»"سنن الترمذي"(2647)..
وورد في حديث آخر :« إذا جاء الموت طالب العلم فهو شهيد».
وقال معاذ بن جبل: تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأن العلم سبيل منازل أهل الجنة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء، والمعين على الضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة وأئمة، تقتص آثارهم، ويقتدى بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم ، وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه.
لأن العلم حياة القلوب  من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار الأبرار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة.
والتفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام، به توصل الأرحام، ويعرف الحلال والحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء، رواه ابن عبد البر "جامع بيان العلم وفضله"ص(94-95)..
به يعرف الله ويعبد، وبه يمجد ويوحَّد، يرفع الله بالعلم أقواماً، فيجعلهم قادة وأئمة للناس، يقتدون بهم ويرجعون إلى رأيهم في كلام أكثر من هذا.
وقد روي هذا مرفوعاً من حديث  أبي هريرة".
الآثار التي ذكرها المؤلف رحمه الله عن الصحابة رضي الله عنهم، ثم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تفضيل العلم على الجهاد من المسائل التي جرى فيها البحث بين أهل العلم في "أفضل التطوعات بعد الواجبات".
لأهل العلم فيه كلام، فمنهم من جعل الجهاد أعلى أنواع القربات بعد الطاعات الواجبة.
ومنهم من جعل العلم ، وقد ساق من كلام الأئمة ما يبين أن جماهير أهل العلم على أن فضل العلم متقدم على سائر العمل، وأن العلم له من المكانة والمنزلة ما ليس لسائر العمل، حتى الجهاد في سبيل الله.
وذلك أن العلم نوع جهاد في سبيل الله تعالى.
ولكن ينبغي أن يعلم أن هذا العلم الذي هذه منزلته، وهذه مكانته، وهذا فضله هو العلم الذي يبتغى به وجه الله تعالى، وهو العلم الذي يثمر العمل والصلاح والاستقامة ، وهو العلم الذي يراد به الله والدار الآخرة.
أما ما كان من العلم على اللسان فإنه حجة كما تقدم في تقسيم العلم السابق، فالذي يشتغل بالعلم ليدرك به منصباً أو يحصِّل به جاهاً، أو ليماري به الناس، أو ليلفت وجوه الناس إليه، كل هذا اشتغال بفاضل في الصورة، لكنه لا يحرز ولا يدرك هذه الفضائل التي ذكرها أهل العلم.
وفي النقولات ما سبق تقريره من أن المفاضلة بين أهل العلم والعبادة في حال عدم إمكان الجمع بينهما ، أما إذا أمكنه الجمع فلا شك أن الجمع هو الذي يحصل به كمال السبيلين.
قال رحمه الله :"ومما يدل على تفضيل العلم على العبادة، قصة آدم عليه السلام، فإن الله تعالى إنما أظهر فضله على الملائكة بالعلم، حيث علمَّه أسماء كل شيء، واعترفت الملائكة بالعجز عن معرفة ذلك، فلما أنبأهم آدم بالأسماء ظهر حينئذ فضله عليهم، وقال عز وجل لهم:﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ سورة البقرة:33..
وذكر طائفة من السلف أن الذي كتموه أنهم قالوا في أنفسهم :"لن يخلق الله خلقاً إلا نحن أكرم عليه منه".
ومما يدل على فضل العلم أن جبرائيل عليه السلام إنما فُضِّل على الملائكة المشتغلين بالعبادة بالعلم الذي خصَّ به فإنه صاحب الوحي الذي ينزل به على الأنبياء عليهم السلام، وكذلك خواص الرسل إنما فضِّلوا على غيرهم من الأنبياء عليهم السلام بمزيد العلم المقتضي لزيادة المعرفة بالله والخشية له، ولهذا وصف الله تعالى محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  في كتابه ومدحه بالعلم الذي اختصه به، وامتن به عليه في مواضع كثيرة وأمره أن يعلمه لأمته.
فأول ما ذكره للعلم وبتعليمه في قصة إبراهيم حين دعا ربه لأهل البيت الحرام أن يبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، ثم امتن علينا أن بعث فينا رسولاً منا، وهو محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذه الصفة فقال تعالى:﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ سورة آل عمران:164..
وأول ما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر العلم وفضله، وهو قوله تعالى:﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ سورة العلق..
وامتن على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعلم في مواضع كقوله تعالى:﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾ سورة النساء:113..
وأمره أن يسأل ربه أن يزيده علماً فقال:﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ سورة طه:114..
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:" أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية" أخرجه البخاري (6101)، ومسلم (2356) بلفظ «فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً»..
وامتن الله علينا أن بعث فينا هذا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي يعلمنا ما لم نكن نعلم، وأمرنا بشكر هذه النعمة كما قال تعالى:﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ سورة البقرة..
وأخبر سبحانه أنه إنما خلق السموات والأرض ونَزَّل الأمر إلا لنعلم بذلك قدرته وعلمه فيكون دليلاً على معرفته ومعرفة صفاته كما قال تعالى:﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ إلى قوله ﴿وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ سورة الطلاق:12.".
قوله تعالى :"﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ﴾ لماذا؟ ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾"، فجعل خلق السموات السبع، والأراضين السبع وتنزل الأمر بينهن لهذه الغاية، وهي العلم بعظيم قدرة الله تعالى، وسعة علمه، حيث قال : ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾.
ثم قال رحمه الله :" ومدح الله في كتابه العلماء في مواضع كثيرة، وقد سبق ذكر بعضها، وأخبر أنه إنما يخشاه من عباده العلماء ، وهم العلماء به.
قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى:﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ سورة فاطر:28.".
هذا المقطع من كلام المؤلف رحمه الله مزيد لذكر أدلة، وهي أدلة ملتمسة من كلام الله وكلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  في بيان فضل العالم على العابد، فضل العلم على العبادة .
فيقول رحمه الله:" ومما يدل على تفضيل العلم على العبادة، قصة آدم عليه السلام".
وكذلك مما يدل على فضل العلم أن جبريل عليه السلام إنما فُضِّل على الملائكة المشتغلين بالعبادة بالعلم الذي خُصَّ به .
كذلك فضل أولي العزم من الرسل إنما لما كانوا ممتازين به من تمام العلم بالله تعالى .
كذلك فضل هذه الأمة على سائر هذه الأمم إنما هو لأجل تمام علمها بالله تعالى ، وعلمها بأمره سبحانه وبحمده.
كل هذه الأدلة تدل على ما ذكره المؤلف رحمه الله في أول كلامه حيث قال :"وقد دل هذا الحديث على تفضيل العلم على العبادة تفضيلاً بيِّناً"، والأدلة على ذلك كثيرة، ذكر منها الأدلة من القرآن، الأدلة من السنة، الأدلة من كلام السلف والآثار الواردة عنهم.
بعد أن فرغ من ذلك أتى بأدلة ملتمسة من كلام الله تعالى، وكلام رسوله، ومن ذلك تفضيل آدم على الملائكة بالعلم، تفضيل جبريل على الملائكة بالعلم، تفضيل أولي العزم من الرسل على سائر الرسل بالعلم، تفضيل هذه الأمة على سائر الأمم بالعلم.
فهذا كله في سياق واحد وهو بيان الأدلة على فضل العلم على العبادة، وأن العالم مقدم على العابد في الفضيلة والمكانة.
بعد هذا يأتي المؤلف رحمه الله ببيان أفضل العلم، لأن العلم تقدم أنه العلم بالله تعالى، وعلم بأمره جل وعلا .
العلم بالله تعالى : العلم بما له من الكمالات في أسمائه وصفاته، وما له من الحقوق جل وعلا في ألوهيته وربوبيته.
هذا هو العلم بالله تعالى.
العلم بأمره هو العلم بما شرعه، العلم بدينه بالحلال والحرام.
فأيهما أفضل؟؟ هذا ما يتطرق إليه المؤلف رحمه الله في هذا المقطع من كلامه.
يقول رحمه الله :" فأفضل العلم: العلم بالله وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله التي توجب لصاحبها معرفة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه، والتوكل عليه والرضا عنه والاشتغال به دون خلقه".
هذا هو العلم بالله، العلم بالله أن تكمل معرفة العبد بربه، ويقترن بهذه المعرفة كمال الذل والخضوع له والمحبة.
ولذلك أتى بالعلم وثمرته، العلم بالله يثمر هذه الثمار العظيمة، ولذلك لا يمكن أن يطب قلب العبد ولا يصلح فؤاده إلا بالعلم بالله تعالى .
ما يمكن أن يكون القلب زاكياً، طاهراً ، نقياً، مخبتاً، مقبلاً على الله تعالى، عظيم المحبة له، عظيم الإقبال والخضوع له، كل الأعمال القلبية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا علم العبد ما لله من الكمالات.
ولذلك ملئ كلام الله تعالى بذكر صفاته.
ما من آية من كتاب الله تعالى إلا وفيها ذكر شيء مما يتعلق بالرب جل وعلا.
القرآن مقصوده ولُبُّه وقوامه على بيان ما لله من الكمالات سبحانه وبحمده .
في أسمائه في صفاته في أفعاله، وما ذُكر من سائر ما يذكر من الأمور الأخرى في القرآن إنما هي مكملات لهذا الأمر وتوابع لهذا الأمر.
فلذلك أكمل العلوم هو العلم بالله تعالى، العلم بما له من الكمالات في أسمائه وصفاته وأفعاله، والتعبد له - وهو ثمرة هذا العلم- بالخشية والمحبة والهيبة والإجلال والتعظيم له سبحانه وبحمده .
قال :"ويتبع ذلك"، أي يتبع العلم بالله تعالى "العلم بملائكته ، وكتبه، ورسله"، يعني بسائر أصول وأركان الإيمان.
يقول رحمه الله :"ويتبع ذلك العلم بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتفاصيل ذلك".
العلم بالله تعالى هو تحقيق للإيمان الذي تزكو به القلوب.
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجبريل لما سأله عن الإيمان قال :« أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره» أخرجه مسلم (8).، هذا هو العلم بالله تعالى، والعلم بما يتبع العلم به من العلم بالملائكة وسائر أعمال القلوب.
بعد هذا العلم الآخر وهو العلم بأمره، قال في التعريف "والعلم بأوامر الله ونواهيه وشرائعه وأحكامه وما يحبه من عباده من الأقوال  والأعمال الظاهرة والباطنة وما يكرهه من عباده من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة".
هذا هو العلم بأمر الله ودينه، هو العلم بما يحبه الله وما يكرهه، بما يقرب من الله تعالى من الأعمال، وما يبعد عنه سبحانه وتعالى من الأعمال.
إنما خلاصة هذا أن نعلم أن أفضل العلم ما جمع العلم بالله تعالى، والعلم بأمره ونهيه سبحانه وبحمده، فإذا كمل علم العبد بالله وكمل علمه بأمر الله تعالى فقد نال السبق وحاز الفضل في العلم، وهو من العلماء الربانيين.
قال رحمه الله:"ومن جمع هذه العلوم فهو من العلماء الربانيين"، العلماء بالله، العلماء بأمر الله".
أسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم وأن يحشرنا في زمرتهم، وأن ييسر لنا سبيلهم.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات85992 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80483 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74769 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات61838 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56369 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53356 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50922 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50647 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46029 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45575 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف