قال المؤلف –رحمه الله- تعالى: قال: «قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ».
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..
فهذا الحديث مشهور بحديث جبريل الطويل وهو حديث فيه بيان أصول السنة، وأصول الإسلام ولذلك يسميه بعض العلماء أم السنة كالفاتحة أم القرآن لأنها اشتملت على معاني القرآن ومقاصده وكذلك هذا الحديث اشتمل على مقاصد السنة وما فيها من الهدى ودين الحق.
قال: «قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ، قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ».
الإحسان هو الأعلى في المنزلة والمرتبة، الإحسان هو الذروة والكمال في أعمال الباطن وأعمال الظاهر، يعني الإحسان مرتبة أعلى من الإسلام والإيمان، هي الكمال في الإسلام، الكمال في الإيمان وهي المقصودة بإيراد الحديث في هذا الباب، أن تعبد الله كأنك تراه أي كما لو كنت تبصره ومعلوم أن العامل إذا عمل وبين يديه وفي نظره من يعمل له سيتقن ذلك العمل، فإن لم تكن تراه إن قصرت قدرتك عن أن تبلغ هذه المنزلة بأن تعبد الله كأنك تراه، فإنه يراك فأعلم أنه يراك.
ومعلوم أنك إذا استشعرت رقابة الله عليك وعلمه بما يكون منك، فالظاهر والباطن كان ذلك حاملًا لك على تجويد العمل وإصلاحه وبلوغ مرتبة الإحسان في العمل، فإنه لا يبلغ أحد الإحسان في العمل إلا إذا جمع هاتين المرتبتين أو أتى بالمرتبة الدنيا؛ لذلك قال العلماء: الإحسان مرتبتان: أن تعبد الله كأن تراه فهي المرتبة العليا فإن لم تبلغ هذه فإنه يراك، فإن لم تكن تراه فإنه يراك أي يبصرك ويعلم ما يكون منك والرؤية هنا تشهد رؤية الظاهر والباطن، فيشمل عمل القلوب وهو الإيمان وعمل الجوارح وهو الإسلام.
أسال الله أن يرزقنا وإياكم حسن الختام وأن يبلغنا الطاعة والإحسان، وأن يعيننا على ما فيه الخير وصلى الله وسلم على نبينا محمد.