قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" أما قوله: أقرب إلى الروح من حياته وأقرب إلى البصر من نظره وإلى اللسان من ريقه بقرب هو وصفه .
وقوله: أقرب من حبل الوريد ، فهذا ليس في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قاله أحد من السلف : لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ولا الأئمة الأربعة وأمثالهم من أئمة المسلمين ولا الشيوخ المقتدى بهم من شيوخ المعرفة والتصوف.
وليس في القرآن وصف الرب تعالى بالقرب من كل شيء أصلا بل قربه الذي في القرآن خاص لا عام ؛ كقوله تعالى:{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}، فهو سبحانه قريب ممن دعاه .
وكذلك ما في " الصحيحين " عن أبي موسى الأشعري أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير ؛ فقال :«يا أيها الناس ؛ اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته»، فقال : «إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم»،لم يقل إنه قريب إلى كل موجود وكذلك قول صالح عليه السلام {فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب}.
هو كقول شعيب {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود} ومعلوم أن قوله {قريب مجيب} مقرون بالتوبة والاستغفار أراد به قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين إليه كما أنه رحيم ودود بهم وقد قرن القريب بالمجيب .
ومعلوم أنه لا يقال إنه مجيب لكل موجود وإنما الإجابة لمن سأله ودعاه فكذلك قربه سبحانه وتعالى".
"مجموع الفتاوى" (5/492-493).