قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وقال حنبل بن إسحاق في كتاب " السنة ": قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : ما معنى قوله تعالى{وهو معكم أين ما كنتم} و {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} إلى قوله تعالى {إلا هو معهم أين ما كانوا}.
قال : علمه عالم الغيب والشهادة محيط بكل شيء شاهد .
علام الغيوب يعلم الغيب ربنا على العرش بلا حد ولا صفة وسع كرسيه السموات والأرض. وقد بسط الإمام أحمد الكلام على معنى المعية في " الرد على الجهمية " .
ولفظ المعية في كتاب الله جاء عاما كما في هاتين الآيتين وجاء خاصا كما في قوله:{إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} وقوله:{إنني معكما أسمع وأرى}، وقوله:{لا تحزن إن الله معنا}.
فلو كان المراد أنه بذاته مع كل شيء ؛ لكان التعميم يناقض التخصيص ؛ فإنه قد علم أن قوله:{لا تحزن إن الله معنا} أراد به تخصيصه وأبا بكر دون عدوهم من الكفار وكذلك قوله :{إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}، خصهم بذلك دون الظالمين والفجار .
وأيضا فلفظ " المعية " ليست في لغة العرب ولا شيء من القرآن يراد بها اختلاط إحدى الذاتين بالأخرى ؛ كما في قوله:{محمد رسول الله والذين معه} وقوله:{فأولئك مع المؤمنين} وقوله:{اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} وقوله:{وجاهدوا معكم}.
ومثل هذا كثير ؛ فامتنع أن يكون قوله:{وهو معكم} يدل على أن ذاته مختلطة بذوات الخلق".
"مجموع الفتاوى" ( 5/496-497).