قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" وقوله : { إياك نعبد وإياك نستعين } فيه إخلاص العبادة لله والاستعانة به وأن المؤمنين لا يعبدون إلا الله ولا يستعينون إلا بالله ; فمن دعا غير الله من المخلوقين أو استعان بهم : من أهل القبور وغيرهم لم يحقق قوله : { إياك نعبد وإياك نستعين }.
ولا يحقق ذلك إلا من فرق بين " الزيارة الشرعية " و " الزيارة البدعية " .
فإن " الزيارة الشرعية " عبادة لله وطاعة لرسوله وتوحيد لله وإحسان إلى عباده وعمل صالح من الزائر يثاب عليه .
و " الزيارة البدعية " شرك بالخالق وظلم للمخلوق وظلم للنفس .
فصاحب الزيارة الشرعية هو الذي يحقق قوله : { إياك نعبد وإياك نستعين }، ألا ترى أن اثنين لو شهدا جنازة فقام أحدهما يدعو للميت ويقول :"اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وأعذه من عذاب النار وعذاب القبر وأفسح له في قبره ونور له فيه" ونحو ذلك من الدعاء له.
وقام الآخر فقال :" يا سيدي أشكو لك ديوني وأعدائي وذنوبي، أنا مستغيث بك مستجير بك أغثني" ونحو ذلك .
لكان الأول عابدا لله ومحسنا إلى خلقه محسنا إلى نفسه بعبادة الله ونفعه عباده.
وهذا الثاني مشركا مؤذيا ظالما معتديا على الميت ظالما لنفسه .
فهذا بعض ما بين " البدعية " و " الشرعية " من الفروق .
والمقصود أن صاحب " الزيارة الشرعية " إذا قال : { إياك نعبد وإياك نستعين } كان صادقا ; لأنه لم يعبد إلا الله ولم يستعن إلا به وأما صاحب " الزيارة البدعية " فإنه عبد غير الله واستعان بغيره .
" مجموع الفتاوى" ( 6/264).