×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (13) من برنامج الدين والحياة : لزوم الجماعة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:5074

                   لزوم الجماعة
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم في هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة"، والتي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، يسعد بصحبتكم في هذه الحلقة من الإعداد والتقديم محدثكم عبد الله الداني، ومن الهندسة الإذاعية الزميل محمد باصويلح، كما سعدنا أيضًا مستمعين الكرام بضيفنا وضيفكم في هذا البرنامج فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمنطقة القصيم وأستاذ الفقه في جامعة القصيم، فالسلام عليكم ورحمة الله شيخ خالد.
أهلًا وسهلًا بالجميع.
حياك الله شيخ خالد، وحيا الله المستمعين الكرام في هذه الحلقة، إذًا سيكون حديثنا عن لزوم الجماعة، في هذا الموضوع المهم هناك الكثير من الضوابط والشروط والأمور التي تحتاج إلى إيضاحات من خلال ما سوف نستعرضه من هذا الموضوع، إضافةً إلى المعنى وتعريف الدلالات ونواقض هذا اللزوم الذي ينبغي أن يكون إلى الجماعة، وأيضًا في كتاب الله الكريم -سبحانه وتعالى- هناك الكثير من الآيات الكريمة التي تأمر المؤمنين وتحثُّهم على لزوم الجماعة الائتلاف، وتبين لهم أيضًا أن الأمة الإسلامية أمةٌ واحدة وهي حقيقةٌ جاء تأكيدها في أكثر من موضعٍ في القرآن الكريم؛ لكن لهذا الأصل لابد له من شروطٍ يجب تحقيقها وضوابط يجب مراعاتها، ولا سبيل إلى تحقيق هذه الغاية الجميلة إلا باعتبار تلك الشروط والضوابط، إذًا هذا الذي سوف نتعرف عليه -إن شاء الله- حول هذا الموضوع وحول ما يندرج تحته بإذن الله سبحانه وتعالى، نرحب بجميع مستمعينا الكرام وبمشاركتهم عبر الوسائل التالية: الرقم الأول الأول0126477117والرقم الثاني0126493028، وعبر الواتساب055611315، وعبر الهشتاج "الدين والحياة"، نرحب بكم مستمعين الكرام فأهلًا ومرحبًا.
حياكم الله مستمعين الكرام وأرحب مجددًا بضيفي وضيفكم صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمنطقة القصيم، شيخ خالد عندما نتحدث عن لزوم الجماعة هناك كلمتان لزوم وجماعة، ماذا نعني بهاتين الكلمتين وبهذا المصطلح؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعليكم السلام.
ومرحبًا وأهلًا بجميع الإخوة والأخوات والمستمعين والمستمعات، وأسأل الله لي ولهم السدادَ والتوفيق والإعانة على ما فيه خير الدنيا والآخرة، ميَّز الله تعالى هذه المِلَّة المباركة وهذا الدينَ القويم الذي جاء به سيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عيه وعلى آله وسلم بِسِمات عديدة ومزايا كثيرةٍ، ومن أعظم ما ميَّزه الله تعالى به هو ما فيه من الرحمة للخَلق، من صلاح معاش الناس وإصلاح معادهم، فهذه الشريعة المباركة جَمَعت هذين الخيرين، ولا يمكن أن تَصلُح حياة الناس إلا وِفق قواعدَ وأصول وسنن يمكن أن تُسمى قوانين، هذه القوانين وتلك السنن وتلك القواعد تُحقق لهم طِيب المعاش وصلاحَ الدنيا، وعِمارةَ الأرض وبها يتحقق صلاح الدين؛ لأنه لا يمكن أن يصلح الدين بلا صلاح دنيا، كما لا تصلح الدنيا إلا بصلاح الدين، فهما قرينان مجتمعان، كلٌّ منهما يصلح الآخر، النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعثه الله على حين فَترةٍ من الرسالات وانقطاعٍ من الحكايات، على حين ظُلمة عمَّت البشريةَ إلا بقايا ونفر قليل من أهل الكتاب الذين كانوا على بقايا دين النبيين ممن بقي دَور الكتب والهدايات معهم، وبقية البشر في ظلمةٍ وعمًى، لا يعرفون حقًّا ولا يهتدون إلى بِرِّ، شاعت بينهم صنوف الظلم المتعلِّقة بمعاشهم والمتعلقة بمعادهم بطبيعة الحال، أما ما يتعلق بمعاشهم لم تُنظَّم لهم حياة ولم يستقم لهم معاش، البشرية يقتل بعضُها بعضًا، فِرق وعصبياتٌ وأحزاب وجماعات وطوائف شتى؛ بل حتى في المكوِّن الواحد والمجتمع الواحد والبلدةِ الواحدة تناحُر كما كان الشأن في الأوس والخزرج، وهم في طِيبة في يثرب قبل أن تسمى بالمدينة الطيبة مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان بينهم من القتال وهم بنو عمومة، وهم في مسكنٍ واحد فيجمعهم عِرق، ويجمعهم مكان، ويجمعهم أيضًا مخاطر واحدة وتهديداتٌ واحدة، إلا أنهم كان بينهم من القتال والشرور ما هو مشهورٌ ومعروف حتى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما وَقع في نفوس بعض الأنصار من قِسمَة بعض الغنائم قال:( ألم آتكم مُتفرِّقين فجَمَعكم الله تعالى بي؟)[مسلم:1061/136]، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعثه الله على هذا الوضع المتفرق بين الناس المتشتِّت بين المجتمعات، ليس فقط في الجزيرة العربية بل في العالم كله؛ لذلك كان التطاحُن بين الفرس والروم على أشُدِّه وعلى ذروته، والعالم كان في أشدِّ وأمسِّ الحاجة إلى نور الهداية يخرجُها من هذه الظلمة التي أحاطت به، هذا الفساد الذي  عَمَّ، من هذا الشر الذي تخلَّل في كل شئون حياته، بعث الله تعالى محمدًا فأمر بالعدل، أَمَر بصلة الأرحام، أول ما أمر بإصلاح ما بين العباد والله عز وجل، هذا هي القاعدة التي يُبنى عليها كل صلاح في الدنيا هو إصلاح ما بين العبد وربه، فالقاعدة الكبرى التي تُصلَح بها الأحوال وتستقيم بها جميع الشئون هو أن تُصلح ما بينك وبين الله؛ ولذلك أمر الله -عز وجل- بإصلاح ما بينه وما بين عباده، فبعث الرسل لذلك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لعبادة الله لا شريك له، وأمرهم بما أمرهم به مما تصلح به أحوالهم وشئونهم، ويتضح هذا في سؤال هرقل لأبي سفيان عندما لقيه وسأله عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيما حصل من القصة الشهيرة التي كان فيها أبو سفيان فترةَ الهُدنة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يُسلم، كان في الشام فدعاه هرقل لمَّا بلغه كتابُ النبي صلى عليه وعلى آله وسلم الذي دعاه فيه إلى التوحيد وعبادة الله وحده، دعا مَن يعرف النبيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليستخبِرَ حالهم، فسأل هرقل قال للجماعة لما جاءوا إليه جماعة من قريش أُتي بهم إلى هرقل حتى يسألهم عن هذا الرجل الذي بُعث إليه يدعوه إلى الإيمان بالله، قال: أيُّكم أقرب نسبًا لهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، فقال أبو سفيان: أنا أقربهم نسبًا، فقال هرقل: أدنوهم وقرِّبوا أصحابه واجعلوهم خلفه حتى إذا كَذَبني فأخبروني، فما كان من أبي سفيان وهو عدوُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت إلا أن أخبر بالحقيقة لما سأله عن ما يدعوهم إليه، فَبَعد أن سأله عن نسبه وعن أتباعه وعن جملةٍ من المسائل قال له: "ماذا يأمركم"؟ فقال أبو سفيان: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة"[البخاري:7، مسلم:1773/74]، هذه هي الجملة المختصرة التي بيَّنت ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، صلاح ما بين العباد وربهم بتوحيده جل وعلا، وصلاح ما بين الخلق بإقامة الحقوق وصدق المعاملة وأداء الأمانة، وحفظ وصيانة الدماء والأموال والأرواح، أمرنا بالصدق والعفاف والصلة، هذا ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فيسَّر الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم الهجرة بعد معاناته الشديدة مع قريش إلى دار الإسلام، إلى المدينة طيبة طيَّبها الله وأنارها الله -عز وجل- بنور الرسالة المباركة، فأرسى النبي صلى الله عليه وسلم دعائِمَ هذا المجتمع المؤمن الذي عليه مَعقدُ الآمال في إخراج البشرية من الظلمات إلى النور، فآخى أول ما قَدِم بين المهاجرين والأنصار، في مؤاخاة ومودَّة حقَّق فيها الأطرافُ المشترِكة غاية السموِّ في اللحمة البشرية والانتظام الإنسانيِّ، تحقيقًا لقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات:10]، فتكوَّنت الجماعة الأولى لجماعة الإسلام وأُمَّة الرسالة المباركة في مجتمع متآخي، يرحم كبيرُه صغيرَه ويراعي كلُّ أحدٍ الحق الذي عليه، يبحث عن الحق الذي عليه قبل أن يبحث عن الحق الذي له تجاه الآخرين، فتشكَّل هذا المجتمع في التحام واجتماع قَوامه الرِّباط الديني؛ لأنه ليس ثمة ما يجمع الناس على اختلاف أعراقهم على اختلاف ألوانهم، على اختلاف أجناسهم، على اختلاف لغاتهم، على اختلاف ألسنتهم وأشكالهم وصورِهم وألوانهم، ليس ثمة ما يجمعهم إلا الذي خلقهم الله عز وجل، فارتبطت القلوب به وما جاء به من الدين فكان الحبُّ لله والبغض لله، كانت الأُخوة قَوامها الرسالة التي بَعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بها لتحقيق الاجتماع على أسمى معنى يتَّسع للبشرية كلِّها؛ يعني أنت الآن لو فكَّرت في جامعٍ يمكن أن يجمع الناس على اختلاف زمنهم، وعلى اختلاف مكانهم، وعلى اختلاف ألسنتهم، وعلى اختلاف أعراقهم، وعلى اختلاف كل الاعتبارات المختلفة ما الذي يمكن أن يجمع الناسَ؟ هل يمكن أن يجمعهم عِرق؟ هل يمكن أن يجمعهم لَون؟ هل يمكن أن يجمعهم مصالحُ اقتصادية؟ المصالح الاقتصادية تنتهي وتنفصل عُراها، هل يمكن أن يجمعهم جامع؟ الجواب: لا يجمعهم إلا الذي خلقهم، لا يجمعهم إلا الله؛ ولذلك كانت مِنَّة الله تعالى على أهل الإسلام وعلى البشرية وليس فقط على أهل الإسلام بهذه الرابطة القوية التي تجمع القلوب، وتؤلِّف بين الأبيض والأسود والأحمر، والعربي والعجمي، والحاضر والغائب، والقديم والمعاصر والمستقبل، رباط عظيم وهو ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات:10]، ولهذا يقول الله -جل وعلا- في مِنَّتِه على نبيه صلى الله عليه وسلم، في ذكر المِنَّة التي منَّ الله تعالى بها على هذه الأمة بل على البشرية كلها: ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ*وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[الأنفال:62،63]
هذه المنَّة العظيمة ذكَّر الله تعالى بها في سياق أمره بالاجتماع بالاعتصام بالالتحام بعدم التفرُّق بالتآلف، فقال -جل وعلا-:﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]
ثم بعد أن قدم بهذا الأمر العظيم الجليل الكبير ذكَّرهم بسيئات ما كانوا عليه في سابق عصرهم لما كانت الاعتبارات التي يجتمع عليها الناس غيرَ الارتباط بالله -عز وجل- خالقِ الكون رب العالمين الذي له ما في السموات وما في الأرض، قال: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا[آل عمران:103]
نحن أصبحنا بنعمته بفضله بإحسانه بجوده بكرمه إخوانًا، إذ منَّ الله علينا بهذه الشريعة المباركة؛ وبهذه الجماعة التي هي الحق، ما من أحد ارتبط بالله -عز وجل- وجعل حبَّه لله، وبغضه لله فهو الجماعة قَلَّ أو كثر؛ ولذلك الأمر في قوله تعالى:  ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا[آل عمران:103]
هو الأمر بلزوم الجماعة وعدم التفرُّق ونبذ الخلاف والاختصام والشقاق؛ ولذلك جعل الله تعالى الخروجَ عن الجماعة موجبًا للعقوبة قال الله تعالى:  ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[النساء:115]
هذه الآية تبين عظيمَ العقوبة المرتبة على الخروج عن هذا النهج القويم وهذا الصراط المستقيم، هذا الاجتماع والائتلاف، يقول الله تعالى:  ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى[النساء:115]
ظهر له الحق وعرفه ﴿ويتَّبع غيرَ سبيل المؤمنين﴾: أي ويسلُك طريقًا غيرَ طريق أهل الإيمان وهم الجماعة الذين اجتمعوا على كتاب الله وعلى سنة رسوله ﴿ويتَّبع غيرَ سَبيلِ المؤمنين نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[النساء:115]
أي نجعله يسير فيما اختاره لنفسه من طريق الغِواية، ومن طريق الضلال وطريق الهلاك، ومآلُه ومنتهاه أن يعاقَب بالنار نعوذ بالله من الخسران، فيكون بذلك قد خسر الأولى وخسر الآخرة، إذًا الجماعة التي نتكلم عن لزومها هي جماعة أهل الإسلام، لا يحدُّهم زمان، ولا يحدهم مكان، ولا يحدهم عصر، ولا يحدهم حال، إنما هم كل من كان موافقًا للحق حيثما كان.

 طبعًا هذا الحق ليس أمرًا غريبًا، هذا الحق له سمات؛ وهو الاجتماع على السواد للإسلام الذي يمثلونه في كل عصر ومصر وفي كل زمان ومكان؛ لذلك شرع الله تعالى الاجتماع على ولاة الأمر، الذين اجتمعت القلوب عليهم وتآلفت الأفئِدةُ على ولايتهم، وسار الأمر إليهم جعل من الاجتماع عليهم مما تقوم به الجماعة، الائتلاف على ولاة الأمر مما يحقق به الاجتماع الذي منَّ الله تعالى به على أهل الإسلام في قوله: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾[آل عمران:103]؛ ولذا ضرورة الجماعة والائتلاف والاجتماع ونبذ الفرقة والخلاف جعلها الله تعالى شريعةً لكل المرسلين، ولكل النبيين فلا يختَص بهذا دين  دون دين، أو شرعة دون شرعة، أو رسالة دون رسالة، بل هو من الأمور المتفق عليها في جميع الرسالات: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا[الشورى:13]، فلا قوام للدين إلا بنبذ الفرقة والخلاف، فالاجتماع ولزوم الجماعة دين، الاجتماع ولزوم الجماعة قربة، لزوم الجماعة ونبذ الفرقة عبادة، وهي مما رضي الله تعالى للنبيين كلِّهم، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه مما رضي الله تعالى به لأهل الإسلام في هذا الدين على وجه الخصوص فقال (إن الله يرضي لكم ثلاثًا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، وأن تناصحوا من ولَّاه الله أمركم)[مسند أحمد:8799. وقال محقق المسند: إسناده صحيح. وهو عند مسلم:1715/10وليس فيه مناصحة أولياء الأمر] فالاجتماع هذه حقيقته، وهذه منزلته، وهذا معناه وهذا حاله في الديانة وفي شرائع النبيين والمرسلين من قبل.
المذيع: شيخ خالد عندما نتحدث عن لزوم الجماعة بالتأكيد هناك ثمار وفوائد وإيجابيات كثيرةٌ  لهذا اللزوم الذي أمرنا الله -سبحانه وتعالى- به، وأيضًا من ذلك ما هو ضمان لنا من الخطأ عندما نعتصم بحبل الله تعالى ونتَّفق، ونعتصم بحبله تعالى ونبتعد عن كل ما يفرِّقنا؛ لأننا تأكَّدنا بأن الفرقة سبيلٌ إلى الهلكة، لكن ما هي الثمار والمحاسن التي يجنيها الإنسان المسلم عندما يعتصم بحبل الله سبحانه وتعالى، ويحذِّر من الفرقة ويجتمع ويعتصم بحبل الله سبحانه وتعالى مع الجماعة؟
هو أخي الكريم كلامك عن هذا انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا[آل عمران:103]، هذه الآية يعني من أجمَع الآيات في بيان الاجتماع وفوائدِه ومدى الخير الذي يجنيه الناس بالاجتماع، فبعد أن أمر الله تعالى بالاعتصام بأمره ولزوم الجماعة وعدم التفرق، ذكر الله تعالى الحالَ التي يكون عليها الناس إذا خالفوا ذلك، وهي العداوة، والعداوة هي سعيٌ بالشر والفساد من كل طرف إلى الأطراف الأخرى التي يعاديها، وأمثال ذلك: الفساد القلبي، أو الفساد القولي، أو الفساد العملي؛ لأن العدوَّ يسعى إلى إلحاق الضرر بعدوِّه من كل وجهٍ يمكنه أن يلحقه به قولًا وعملًا وقلبًا؛ ولذلك قال: ﴿فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ أي أصبحتم بنعمته متلاحمين مجتمعين متآلفين، فلزوم الجماعة يحقق هذه المعنى، يحقق الوئام، يحقق الودَّ، يحقق الطمأنينة، يحقق الراحة، يحقق السكون، يقي الأخطار، ثمة فوائد كبيرة جدًّا، يلمسها الناس عندما تجتمع أمورهم.

 ونضرب لذلك مثلًا يعني مما نشاهده في دنيا الناس في اليوم ممن حولَنا، تلك الفتن المتلاحقة والمحن المتطاحِنة التي يعيشها الناس في كثير من البلدان التي تحيط بنا، وليس في بلد معين من الشرور وعدم الأمن على الأنفس، عدم الأمن على الأموال، عدم الأمن على الأعراض، عدم الأمن على الأهل، عدم الأمن على الأهل، عدم الأمن على المكتسبات، كل هذا هو ثمرة هذا التباغُض هذا الانحلال للاجتماع والائتلاف، هذا الفساد الواقع كله ثمرة ما وقعوا فيه من التفرق والاختلاف، الشرُّ الذي ساد بينهم وانتشر، في حين -ولله الحمد- نحن في هذه البلاد المباركة في بلاد الحرمين لمَّا اجتمع الناس على كتاب الله وسنة رسوله وطاعة ولاة أمرهم واتلفوا على الخير الذي أمدَّهم الله تعالى به من أنوار هذه الرسالة المباركة حصل ما يشاهده الناس من هذا الأمن الوارد وهذه الطمأنينة الواسعة التي يأمن بها الناس على أنفسهم، وعلى  أموالهم، وعلى أعراضهم، وعلى مكتسباتهم، البلد في نموٍّ وفي تطور وفي اجتماع وفي التحام بين الراعي والرعية على وجهٍ هو مَناط الحقد لأعدائنا والسعي على إزالته، فهذا نموذج لأثر الاجتماع وأثر الاختلاف.

 وفي السُّنة ما يبين أثر الاجتماع وعظيم ما يحصل به للناس سلامة قلوبهم الذي يتبعهم صلاح أعمالهم، وسلامة قلوبهم، وسلامة نتاجهم، ففي الحديث الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وجماعة من الصحابة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثلاثةٌ لا يُغَلُّ عليهن قلبُ مسلم، إخلاصُ العملِ لله، ومناصحةُ أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم)[أخرجه الحاكم:296 ، وابن حبان:67 ، وصححاه] فترى النبي صلى الله عليه وسلم، هذه الخصال الثلاثة التي يتحقق بها صيانةُ القلوب، وشيوع المحبة والود والطمأنينة بين الناس أن تكون الصلة بين الله تعالى وبين العبد كما تقدم، حسنه بإخلاص العبادة له بتوحيده بترك الشرك ونبذ كل معالم الشرك والكفر بالله عز وجل، مناصحة ولاة الأمور وأئمة المسلمين ودلالتهم على الخير، ومن مناصحتهم الذَّبُّ عنهم، ومن مناصحتهم ردُّ السوء فيهم، ومن مناصحتهم دلالتهم على الرشد والخير، ومن مناصحتهم تنبيهُهم على الخطأ، كل هذا مما يندرج تحت مناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ لأنه لا يمكن أن يكون الناصح مفرطًا، لا يمكن أن يكون الناصح ساعيًا بالفساد في الأرض، داعيًا الناس إلى الخروج على ولاة أمرهم، الخروج على نظامهم الخروج على اجتماعهم؛ بل الناصح هو المُشفِق الذي يسعى إلى الجمع لا إلى التفريق، يسعى إلى الائتلاف لا إلى الاختلاف؛ ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم:(ولزوم جماعتهم)، ثم بعد ذلك بيَّن فائدةً تحصل بهذه المعاني وبلزوم الجماعة فقال:(فإن الدعوة تحيط من ورائهم) هذه الخصال الثلاثة يا أخي أيها المستمع الكريم، وأيها المستمعة الكريمة! هذا الحديث وهو إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمور ولزوم الجماعة، والحرص على الائتلاف والاجتماع، ونبذ كل ما يكون سببًا للفرقة قولًا وعملًا، هذه الخصال الثلاثة تجمع أصولَ الدين وقواعده وتجمع الحقوقَ التي لله وللعباد، به إذا تحققت به مسالكنا نحن الأفراد نحن الشعب، نحن المسلمين تنتظم مصالح الدنيا والآخرة؛ فالاجتماع والائتلاف ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم يحمي من تسلُّط الشيطان وجنده، ولذلك كل من خرج عن هذا الائتلاف وهذا الاجتماع وسعى بالفرقة بين المسلمين فإنه لا ينال إلا الشر والفساد؛ ولذلك جاءت الأحاديث في بيان خطورة البعد عن لزوم الجماعة، بيَّنت خطورة الخروج  على الاجتماع بيَّنت خطورة المنازعة، وأكَّدت معنى السمع والطاعة ووجوبَ أداء الحقوق للجماعة بالمحافظة على نظامها والمحافظة على وُلاتِها، والقيام بطاعة ولاة الأمر في الطاعة، والتزام البيعة في السمع والطاعة سواءً كان ذلك في عُسر أو يُسر أو مَنشطٍ أو مَكره، في آيات وأحاديث كثيرة منها قوله تعالى:  ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ[النساء:59]
وفي الصحيح من حديث عُبادة بن الصامت قال:  (بايعنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على السمعِ والطاعة في مَنشطِنا ومَكرهِنا وعُسرِنا ويُسرنا وأثارةٍ علينا، وأن لا ننازعَ الأمر أهله)[البخاري:7055، مسلم: 1709/42] وأن لا نخرج على ولاة الأمر وننازعهم في ولايتهم وننابذَهم فيما تولَّوه وتكلفوا به من إدارة شئون الناس والقيام على مصالحهم، وفي الحديث الآخر يقول أبى هريرة يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عليك بالسمع والطاعة في عُسرك ويُسرك ومَنشطك ومَكرهك وأثارةٍ عليك)[مسلم:1836/35] والحالة أوضح في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- حيث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( على المرء المسلم السمعُ والطاعة فيما أحبَّ وكرِه إلا أن يُؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)[البخاري:2955، مسلم:1839/38] وحتى لو أمر بمعصية وجب عليه أن لا يقوم بالمعصية لكن لا يسعى إلى فُرقة ولا ينابذ ولاةَ الأمر، ويسعى على تفريق الأمر فإن ذلك خروج عن الصراط المستقيم، ومنابذةٌ عن الاجتماع الذي يحصل به الخير للناس، ويصلح به صلاح معاشهم وصلاح معادهم، هذه المعاني مهمٌّ أن تكون حاضرةً في أذهاننا؛ لأن بها يتحقق ما نتكلم عنه من لزوم الجماعة، فإن الله -عز وجل- ورسوله شرع من الأسباب التي تحقق الاجتماع ما ينبغي أن يَتنبَّه لها المسلمون، وأن يتجنبوا الشذوذ والخلاف والفرقة، فإن هذا من حال أهل الشرك كما قال الله تعالى: ﴿وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا[الروم:32،33]
وقد قال الله تعالى:  ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ[الأنعام:159]
وكلُّ هذا نُبَذ عن التفريط في اتباع السنة ولزوم الجماعة، وكل من فرط في اتباع السنة وفارق الجماعةَ، وشذَّ عنها فإنه يقع في إحدى ثلاث خصال مذمومةٍ: إما شذوذ، وإما خلاف، وإما فرقة، وبهذا تقع المفاسد والشرور بين أهل الإسلام، وليس لأحد أن يقول: ثمة أخطاء يا أخي ما يحصل اجتماع إلا ولابد فيه من أخطاء، لكن الشرع في علاج هذه الأخطاء وِفقَ الشريعة بأن لا يخرج الإنسان عن الجماعة، وأن لا يهدِم البناء لأجل تصحيح خطأ، فيه خلل هل هذا يعني لا يمكن أن تُصلح هذا الخلل إلا بهدم البناء حتى تنشئه من جديد؟، هذا كله من تزيين الشيطان ومن خطواته التي يزيِّنُها لبعض الناس؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث عوف بن مالك: ( يا رسول الله أفلا نُنابِذُهم بالسيف) لما أخبر عن أقسام الولاة قال: «خيارُ أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلُّون عليكم وتصلُّون عليهم، وشرارُ أئمتكم الذين تَبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم». قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم؛ يعني إذا كانوا شرارًا ونبغضهم ويبغضوننا كما هو القسم الثاني في كلام النبي –صلى الله عليه وسلم-. قال الصحابي: أفلا ننابذهم بالسيف؟، قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإن رأيتم من ولايتكم شيئا تكرهونهُ فاكرهوا عملهُ، ولا تنزِعوا يدًا من طاعة).[مسلم:1855/65]
المذيع: الله أكبر.
هذا الحديث الشريف وهو صحيح، في صحيح الإمام مسلم من حديث عوف بن مالك يبيِّن المسلكَ الشرعي، والطريق النبوي في معالجة الخطأ
المذيع: جميل.
تكره الخطأ، تبيِّن الخطأ، لكن لا يسوِّغ لك هذا أن تخرج عن الجماعة، أن تسعى في التفريق، أن تنزع يدًا من طاعة فإن هذا من مسالك الرداء، ومن سُبل الشر، ومما يوقِع في فسادٍ أعظم؛ ولذلك جاء في كلام جماعه من سلف الأمة في بيان الشر المترتب على الخروج، وعدم القيام بما ينبغي أن يقوم به المسلم في حق الله قال: «إنما تكرهون في الجماعة خيرٌ مما تحبونه في الفرقة»، وهذا وإن كان بعض العلماء جعله حديثًا لكنه مقولة أي لا يصح أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قاله مرفوعًا لكنه معنى دقيق صادر من كلام أئمة خبرة، وقد ورد مرفوعًا عن النبي –صلى الله عليه وسلم- لكنه لا يصح.[أخرجه الحاكم في المستدرك موقوفا على ابن مسعود مطولا:8663، وقال:هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي]
جميل.
إن ما تكرهونه في الجماعة؛ يعني الملاحظات والسيئات إلي يراها الإنسان في حال الاجتماع خيرٌ مما تحبونه
فيقع في الأمة شرٌّ أعظم في حال الفرقة، ولذلك خيرٌ ما تحبون في الفرقة.
جميل.
ففي الجماعة رحمة.
طيب يا شيخ خالد يعني في مثل هذه
وفي الفرقة عذاب
المذيع: في مثل الأزمنة المتأخِّرة، وعندما يعني تتلاطم أمواج الفتن يتأكد هذا الأمر والتذكير به.

ونعلم أن هناك كثيرًا من النصوص الشرعية في الكتاب والسُنة أتت بطرق مختلفة تؤكِّد بوجهٍ أو بآخر على مسألة لزوم الجماعة، والتحذير من الفرقة؛ لأنها سبيلٌ إلى الهلكة، ولنا في سالف الزمان ورهن الوقت هناك الكثير من النماذج والصور التي بالفعل تؤكد وتثبت هذا الأمر، ويعني الإنسان البصير والحكيم وذو النظرةِ الثاقبة ينبغي عليه أن يعني يتبصر ويتأمَّل فيما آلت إليه أحوالهم حتى يستفيد، ويجعل الله -سبحانه وتعالى- له في هذا العبرة والعِظَة حتى لا يقع في مثل ما وقعوا به، ونحن يعني أولى أن نتدبَّر ونتفكر في هذا الأمر، ونحن أولى من غيرنا في ذلك.
شيخ خالد أستأذنكم فقط في هذا الاتصال من المستمع عبد العزيز الشريف من "الرياض". تفضل أخ عبد العزيز.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المتصل: حياك الله والأستاذ عبد الله كيف حاله؟
المذيع: حياك الله أخ عبد العزيز.
المتصل: حيا شيخنا الشيخ خالد كيف حالك يا شيخ؟
الشيخ خالد: مرحب الله حياك أهلًا سهلا حياكم الله.
المتصل: في الحديث المرفوع عن عَرفَجة بن ضَريح الأسدي قال: إني أحدثكم ما سمعت من نبيكم –صلى الله عليه وسلم- لأعرفنا فلانًا ولأعرفنا فلان ولأعرفنا فلانًا وهو يقول: «من أتاكم وأمركم جميعًا على رجلٍ واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرِّق جماعتَكم فاقتلوه»[مسلم:1852/60] هذا الحديث سببٌ في الاجتماع ونبذ الفرقة.
فماذا تقول في هذا الحديث بارك الله فيك؟
الأمر الثاني:
المذيع: نعم
المتصل: صلاة الجمعة، وأثرها في توطيد الجماعة ونبذ الفرقة. كيف نجعل من صلاة الجمعة وخطبتها تأسيسًا للجماعة ونبذًا للفرقة؟
السؤال الثالث والأخير:
الدعاء لولي الأمر ما أثره في توطيد الجماعة؟ وكما أثر عن الإمام أحمد –رحمه الله- أنه قال: (لو أن لي دعوةً مستجابة لجعلتها لسلطان)، وبارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير.
المذيع: شكر الله لك، شكرًا أخ عبد العزيز. شيخ خالد طبعًا كنت أو الأخ عبد العزيز أورد نقطة كنت أريد أن أذكرها في هذه الحلقة عندما تكلمتم على سياق مسألة الجماعة، والتحذير من الفرقة، وكذلك أيضًا فيما يتعلق بالحديث «من أتاكم وأَمرُكم جميعًا..» وأراد أن يفرقكم فيما معنى هذا الحديث، يعني ربما يتبادر إلى الذهن أن الكثير من الصور، والحالات التي تحصل في هذا الزمان مما يدخل في هذا الحديث وفي معناه. كيف يمكن أن نعلِّق على هذا الأمر؟
تأكيد أن الشريعة اتخذت تدابيرَ كثيرةً لصيانة الجماعة وحفظها.
نعم
ومن التدابير التي اتخذتها الشريعة، والشرائعِ التي سنَّتها في تحقيق الجماعة في لفضل الجماعة بين عظيم النعمة بها، والنهي عن الفرقة والاختلاف، وبيان عواقبها الوخيمة، توطيد الصلة بين أهل الإيمان بتأكيد معنى الأُخوَّة في آيات كثيرة، فالله تعالى يقول في سياق آيات الاقتتال بين أهل الإسلام أهل الإيمان إذا وقع بين طائفتين من طوائف المسلمين يقول الله –جل وعلا- بعد أن ذكر الأحكام المترتبة قال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ[الحجرات:10] والنبي –صلى الله عليه وسلم- يقول بعد أن ذَكَر جملةً من التوجيهات التي تحقق الائتلاف والاجتماع، والالتئام بين أهل الإيمان قال النبي –صلى الله عليه وسلم- : «وكونوا عبادَ الله إخوانًا»[البخاري:6064، مسلم:2558/23] فالنصوص عالجت موضوعَ الاجتماع، وصانته على نحوٍ بديع، وعلى نحوٍ عظيم يؤكد ضرورةَ المحافظة على الجماعة، والاستشعار بخطورة انقسام عُرى الالتحام، انقسام عرى الاجتماع، وأن ذلك سيعود على الأمة بالفساد جماعاتٍ وأفرادًا.

 ليس الضرر في ذلك على شعبٍ أو فئة بل الأضرار على الجميع؛ ولذلك جاء تأكيد الخطر المترتب على التطرف في آيات كثيرة فمنها ما ذكره الله تعالى في قوله: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[الأنفال:46].
فالآية الكريمة تحذر غاية التحذير من الافتراق، وتبين أن الافتراق مآله فشل، مآله ذَهابُ كل المكتسبات، وهذا معنى قوله: ﴿وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ[الأنفال:46] كل المكتسبات التي يَنعم بها الناس في الاجتماع تذهب بالتنازع، تذهب بالخروج عن طاعة الله ورسوله، تذهب بالاختلاف والتناحُر، عند ذلك يشيع الشر والفساد، ولتأكيد هذا المعنى ضرورة العناية بالاجتماع أمر الله تعالى في ختام هذه الآية "بالصبر" قال: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[الأنفال:46]؛ لأن الجماعة بالتأكيد أنه سيَلقَى الإنسانَ فيها شيء مما يكره، شيء مما ينافِي ما يريده، شيء من المصالح الخاصة أحيانًا.

لكن المخرَج من هذا كله في المحافظة على المكتسبات الخاصة والعامة هو لزوم طاعة الله تعالى ورسوله، ولزوم الجامعة، وترك التفرق والخلاف.
المذيع: جميل هو لعله يا شيخ من الأشياء من الأحاديث الكريمة التي وردت في مسألة التحذير عن الخروج عن ولي الأمر، والخروج عن جماعة المسلمين هو الحديث الذي أراد الأخ المستمع "عبد العزيز" عندما قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «من أتاكم وأمركم جميعًا على رجلٍ واحد يريد أن يفرِّق جماعتَكم فاقتلوه» وهو كما تفضلتم شيخ خالد إنه من الأشياء التي ضَمِنت بها الشريعة هذه الجماعة وصانَتها عن التفرق والاختلاف، ولعله أيضًا مما ربما يدخل في هذا الزمن عندما يعني كثرت وسائل الفتن، وتلاطمت واجتمعت على المسلمين يتأكد التحذير، ولعله أيضًا هنا جانب مما يجب على خطباء المساجد وغيرهم أن يستفيدوا منه، وأن يستغِلُّوا هذه المنابر للتحذير من هذه الفرقة؛ لأنها شرٌّ، وإن بدى للبعض أن وراءها من المحاسن التي يزيِّنُها الشيطان أحيانًا.
نعم أيضًا من التدابير: هو بيان عاقبة الخروج عن الطاعة، وهذا ما الأحاديث الشريفة جاءت فيه واضحة، وجليَّه على وجهٍ لا يلتبس. أذكر في ذلك ما رواه الإمام مسلم  من حديث أبي هريرة أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات»؛ يعني لو لم يحصل منه شيء إنما خرج ومات.
نعم
ما نابذ بسيف، ما قاتل لكنه خرج، لا نقضَ البيعة لم يلتزم بطاعة، ولو لم يحدث منه اجتهاد عملي؛ لذلك قال: (فمات) لو مات مباشرة (مات ميتة جاهلية).[مسلم:1848/53]
إذًا هذا يبين لنا أن الخروج عن الطاعة مما يحصل به مَضرَّةٌ على الإنسان نفسه، وهو أن يُختم له بسوء، نسأل الله السلامة والعافية.
المذيع: فكيف إذا فسر وترجم؟ نعم
فكيف إذا ترتب على هذا إفساد وشر؟
الله المستعان
ولذلك يقول كالنصوص النبوية، والآيات القرآنية، والشرائع التي شرعها الله –عز وجل- في غاية الوضوح والجلاء في المحافظة على الاجتماع، ومنه ما  ذكر أخونا قبل قليل في حديث الإمام مسلم
نعم
من حديث عَرفَجة –رضي الله تعالى عنه- الذي قال فيه: «ستكون هناتٌ وهناتٌ» يعني ستكون فتن وخروجات متعددة عن الهدي النبوي، وإشكالات تقع بين الناس ثم بيَّن النبي –صلى الله عليه وسلم- ضرورةَ لزوم الجماعة لاسيما في أيام الفتن؛ لأن أيام الفتن هي التي يغرِي فيها الشيطان الناس بالخروج، ويرونها فرصةً لتحقيق مكاسب أو تحقيق مصالح أو تحقيق إنجازات إما شخصية أو حِزبية أو جماعية أو ما إلى ذلك، وهنا نبه النبي –صلى الله عليه وسلم- بعد أن ذكر الفتن ستكون هناتٌ وهنات «فمن جاءكم، وأمرُكم جميعٌ على رجلٍ واحدٍ منكم يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه»[مسلم:1852/59].

 هذا من التدبير التي شرعها سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه للمحافظة على الجماعة، وقطع الطريق على من يسعى إلى التفريق.
جميل شيخ خالد
أن الواضح إن كل من خرج
المذيع: حتى ندرك الباقي من الوقت لعلنا فقط ننتقل إلى النقطة الثانية ألا وهي صلاة الجماعة أو صلاة الجمعة بشكلٍ عام ودورها؛ يعني هي من الصور التي يجتمع فيها المسلمون في صلواتهم خمس مراتٍ في اليوم على الأقل.
نعم بالتأكيد أن يعني هو مثل ما ذكرنا الكلام كله يدور حول أوجه من التشريعات الإسلامية، التشريعات النبوية، التشريعات في السنة التي تحقق الاجتماع.

يعني صلاة الجماعة مما يحقق الاجتماع، صلاة الجمعة مما يحقِّق الاجتماع على وجهٍ أكبر.
جميل
وما يتعلق بالخطب بالتأكيد أن خطيب الجمعة، والذي يعظ الناس يعني يجب عليه أن يستشعر المسئولية، وأن مسئوليته جمعُ القلوب على الكتاب والسنة، وعلى الجماعة على ولاة الأمر لتحقيق مصالح العباد؛ لأنه المسألة ليست يعني بعض الناس يقول: يعني هذا يحقق مصالح شخصية؛ لأنه يعني يدرك المصلح الفلاني والمصلح الفلاني وهو يتكلم بهذا الكلام.
يا أخي المصلحة الكبرى النبي لم يكن عندما قال: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات ميتة الجاهلية»[مسلم:1848/53] لم يكن ينتصر لولي أمر معين أو شخص معين تصل بالجماعة. الحديث عن وجوب صيانة الاجتماع، وجوب صيانة الأمة من التفرق، الاجتماع على ولاة الأمر ليس انتصارًا لولي أمر دون غيره، أو واحد من الناس دون غيره إنما هو انتصارٌ للجماعة في لزوم ما يحفظها؛ ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وسلم- «من خرج على أمتي يضرِب بَرَّها، وفاجرَها ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهدٍ عهده فليس مني ولست منه»[مسلم:1848/53]. هنا أُنبِّه إلى قضيَّة؛ لأن بعض الناس عندما تذكر أحاديث البيعة، عندما تذكر أحاديث الاجتماع، عندما تذكر الجماعة يقول: وين الجماعة؟ المسلمون متفرقون
الله المستعان
يا أخي هذه القضية ليست اليوم ولا أمس التفرق في الأمة، وكون تمت ولايات مختلفة هذا من عهد قديم بل من عهد الصحابة. "علي" –رضي الله تعالى عنه- كان معه أهل العراق ومن معهم، و"معاوية" كان معه أهل الشام ومن معه، والتفرق في الأمة على ولاة مختلفين ليس أمرًا حديثًا ليست.
فيجب على كل من كان تحت ولاية حاكم من اجتمعت عليه القلوب من أهل الإسلام يجب عليه أن يدله بالطاعة، وأن يحافظ على الجماعة، وأن لا يفرق الاجتماع بل يجب أن يسعى إلى جمع الشمل، وجمع الكلمة.

 وكلمة في غاية التصوير البديع لما يجنيه الناس بالجماعة، وما يجنونه بالفرقة ما ذكره ابن تيمية –رحمه الله- حيث قال: (ونتيجة الجماعة) رحمة الله، ورضوانه وصلواته وسعادة الدنيا والآخرة وبياض الوجوه.
الله أكبر
هذه ثمرة الجماعة.
جميل
ونتيجة الفرقة: عذاب الله ولعنته، وسواد الوجوه، وبراءة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- [مجموع الفتاوى:1/17]حيث قال: «فليس مني ولست منه».
المذيع: الله أكبر. طيب يا شيخ في مسألة الدعاء أيضًا لولي الأمر لعله يدخل أيضًا في هذا الجانب، وتحت هذا الموضوع.
نعم الدعاء وإظهاره مما يحصل به خير، والدعاء لولي الأمر قربة وعبادة لله –عز وجل-، وليس تزلُّفًا كما يصوره بعض أصحاب الأغراض الرديئة والنفوس المريضة في كل ما دعا أحد لوليِّه قال: هذا على وجه التقرب هذا يا أخي ديانة، تنطق به القلوب قبل الألسن، وندعوا لولاة الأمرٍ في السر والعلن، وفي سجودنا وفي جماعتنا. فينبغي أن يُفهم أن المقصود بالدعاء هو تحقيق الصلاح للأمة مجموعة، لما تدعو لولي الأمر، كما قال الإمام أحمد: (أنت لا تدعو لفرد أن تدعو لأمة). ولذلك قال –رحمه الله- الإمام أحمد، وقال غيره عبد الله بن مبارك وجماعة من السلف الصالح قال: (لو كان لي دعوةٌ مستجابة لجعلتها للإمام؛ فبصلاحه تصلح الأمة)[ رجَّح بعض أهل العلم نسبتها للفضيل بن عياض؛ فقد أُسندت إليه، أخرجها أبو نعيم في الحلية8/91 بسند صحيح. وإن كانت نُسبت غيرَ مسندة للإمام أحمد وغيره، وسندها صحيح]
الله أكبر
فبصلاح ولي الأمر يحصل صلاح عامٌّ واسع؛ ولذلك ينبغي لنا أن نعرف قدر الدعاء لهم، وأن نسعى لإشاعة ذلك، ندعوا لهم في السر والعلن، ندعوا لهم في الجماعات، وفي الجُمع، وفي الانفراد وذلك لما نرجوه  من الخير لهم ولنا بهذا الدعاء.
المذيع: شيخ خالد لو في دقيقة يعني نقطة مهمة جدًا، ولو البعض يعني يلتبس عليه الأمر في يحسب أن الخلاف الفقهي أحيانًا هو يدخل في باب الاختلاف، وغير ذلك.
كيف يمكن أن نوضِّح هذا الأمر؟
دال على الاختلاف الفقهي في عُمر الشعائر، وحصل في زمن النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم يكن سببًا للفرقة.
جميل
يعني النبي –صلى الله عليه وسلم- لما قال لأصحابه بعد غزوة الأحزاب وهم في قتال وحرب
المذيع: «لا يصلينَّ أحدكم العصر إلا في بني قريظة»[البخاري:946]
جميل
خرج الصحابة، وبعدها سمعوا النبي –صلى الله عليه وسلم- (إلا في بني قريظة)، وأدركتهما صلاة العصر في الطريق. فمنهم من قال إن النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يُرد أن نترك الصلاة في وقتها فالصلاة ﴿كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا[النساء:103] فسنصلي في الوقت، ونواصل السير، إنما أراد المبادَرةَ والإسراع، وقال آخرون: لا، لا نصلي؛ لأن النص واضحٌ «لا يصلينَّ أحدكم العصر إلا في بني قريظة)، ولو كان ذلك بعد غروب الشمس، فصلى جماعة قبل غروب الشمس في وقتها، وصلى آخرون بعد أن غربت الشمس. بلغ ذلك رسولَ الله –صلى الله عليه وسلم- لم يعنِّف إحدى الطائفتين، كان كلٌّ من الطائفتين مجتهد، وأمضى النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتهادَه.

 هذا الخلاف الفقهي في فهم النصِّ النبوي لم يكن سببًا للفرقة، لا عاب هؤلاء هؤلاء، ولا أولئك أولئك، وجعل النبي –صلى الله عليه وسلم- الأمر سائغا مقبولا من الجميع، لم يقل للذين صلوا قبل الوقت: أعيدوا، ولم يقل للذين صلوا بعد الوقت: إنكم لم تصلوا بل سكت؛ لأن النص يحتَمِل، وكلٌّ مضى في اجتهاده فكان هذا الخلاف، لا لم يترتب عليه أدنى إشكال في قسم عرى الاجتماع، وترك الفرقة.
جميل.
لكن ينبغي أن يعرف الإنسان أنه في حال كون الخلاف الفقهي
نعم
يترتب عليه منابذة للجماعة خروج عن الائتلاف عند ذلك ينبغي أن يفعل قاعدة الخلاف وشرط كما جرى
صحيح
عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- عندما صلَّى خلف "عثمان" الظهر والعصر أربعًا في عَرَفة خلافًا لما كان يَرى، وخلافًا لما كان عليه العمل قبل النبي
نسأل الله السلامة
قال: قبل ولاية عثمان. قيل له: لماذا تصلي أربعة وأن ترى خلاف ذلك؟
قال: الخلاف شرٌّ.[عبد الرزاق في مصنفه:4269، والطبراني في الأوسط:6637. وصححه الألباني في الصحيحة:1/444]
المذيع: جزاك الله خيرًا.
عندما يكون الخلاف الفقهي مرتِّبًا لخلاف أوسع من الخلاف الفقهي
المذيع: شكرًا نعم صحيح
شر فساد وشقاق، ومنابذة وشذوذ
نعم
عند ذلك تَترُك رأيك لرأي الجمهور.
المذيع: جزاك الله خير. أنا بصراحة لم يَعُد لدي الوقت، ولو أن الحديث شيِّق وممتع مع فضيلتكم أولًا: أنا أشكركم، وأتمنى أن تصل هذه الرسالة، وأسأل الله سبحانه وتعالى لكم التوفيق والسداد صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور "خالد بن عبد الله المصلح" المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمنطقة القصيم، وأستاذ الفقه بجامعة القصيم شكر الله لكم، وبارك الله فيكم وجعل ذلك في موازين حسناتكم.
آمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ولكم الشكر الجزيل مستمعينا الكرام على حسن إنصاتكم وتفاعلكم معنا من خلال هذه الحلقة على أمل أن نلقاكم بإذنه سبحانه وتعالى في حلقة الأسبوع المقبل في يوم الأحد من الساعة "الثانية" ظهرًا بإذنه سبحانه وتعالى. تقبلوا تحياتي محدثكم عبد الله الداني، ومن الهندسة الإذاعية الزميل محمد باصويله.
نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94001 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف