قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"مسألة " محاسبة الكفار " هل يحاسبون أم لا ؟ هي مسألة لا يكفر فيها بالاتفاق والصحيح أيضا أن لا يضيق فيها ولا يهجر وقد حكي عن أبي الحسن بن بشار أنه قال : لا يصلى خلف من يقول : إنهم يحاسبون .
والصواب الذي عليه الجمهور أنه يصلى خلف الفريقين بل يكاد الخلاف بينهم يرتفع عند التحقيق ؛ مع أنه قد اختلف فيها أصحاب الإمام أحمد وإن كان أكثرهم يقولون : لا يحاسبون.
واختلف فيها غيرهم من أهل العلم وأهل الكلام .
وذلك أن " الحساب " قد يراد به الإحاطة بالأعمال وكتابتها في الصحف وعرضها على الكفار وتوبيخهم على ما عملوه وزيادة العذاب ونقصه بزيادة الكفر ونقصه فهذا الضرب من الحساب ثابت بالاتفاق . وقد يراد " بالحساب " وزن الحسنات بالسيئات ليتبين أيهما أرجح : فالكافر لا حسنات له توزن بسيئاته ؛ إذ أعماله كلها حابطة وإنما توزن لتظهر خفة موازينه لا ليتبين رجحان حسنات له .
وقد يراد " بالحساب " أن الله : هل هو الذي يكلمهم أم لا ؟ فالقرآن والحديث يدلان على أن الله يكلمهم تكليم توبيخ وتقريع وتبكيت لا تكليم تقريب وتكريم ورحمة وإن كان من العلماء من أنكر تكليمهم جملة".
" مجموع الفتاوى" ( 6/487).