قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" فهو أولى وأحق باتصافه بصفات الكمال ولو لم يتصف بصفات الكمال لكانت مخلوقاته أكمل منه . وهذا بعينه قد احتجوا به في " مسألة الكلام " وهو مطرد في تكلمه بعبارة القرآن ومعناه جميعا .
وقد استدلوا أيضا بأنه لو لم يتصف بصفات الكمال لاتصف بنقائضها وهي صفات نقص والله منزه عن ذلك ؛ فلو لم يوصف بالحياة لوصف بالموت ولو لم يوصف بالعلم لوصف بالجهل ولو لم يوصف بالكلام لوصف بالخرس ولو لم يوصف بالبصر والسمع لوصف بالعمى والصمم .
وللملاحدة هنا " سؤال مشهور " وهو : أن هذه المتقابلات ليست متقابلة تقابل السلب والإيجاب - حتى يلزم من نفي أحدهما ثبوت الآخر - ؛ بل هي متقابلة تقابل " العدم والملكة " وهو : سلب الشيء عما شأنه أن يكون قابلا له ؛ كعدم العمى عن الحيوان القابل له ؛ فأما الجماد فإنه لا يوصف عندهم بالعمى ولا البصر لعدم قبوله لواحد من هذين .
وقد أعيا هذا السؤال كثيرا من المتأخرين - حتى أبي الحسن الآمدي وأمثاله : من أهل الكلام - وظنوا أنه لا جواب عنه وقد بسط الكلام في أجوبته في غير هذا الموضع .
وذكر من جملة " الأجوبة " عن هذا أن يقال : هذا أبلغ في النقص ؛ فإن ما كان قابلا للاتصاف بالبصر والعمى والعلم والجهل والكلام والخرس، فهو أكمل مما لا يقبل واحدا منهما ؛ إذ الحيوان أكمل من الجماد فإذا كان الاتصاف بصفات النقص عيبا مع إمكان الاتصاف بصفات الكمال ؛ فعدم إمكان الاتصاف بصفات الكمال وعدم قبول ذلك أعظم آفة وعيبا ونقصا . فسبحان الله وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا".
" مجموع الفتاوى" ( 6/538- 539).