المقدم: هو تحدث عما حدث في بروكسل في بلجيكا من تفجيرات ويقول يعني بأن المسلمين يحزنهم أن يحدث مثل هذا، ولا يرضون به، ولا يقرُّونه لكن هل هذا هو بسبب الاتهامات كما ذكروا التي اتهمت بها مثل العراق وغير العراق أن لديها أسلحة إلى آخره؟
الشيخ: يعني تشخيص الموضوع بهذه الطريقة وهو ربط شيء بسبب معين يحتاج إلى دراسة وبحث، لكن في كل الأحوال هذا الذي يجري نوع من الفساد في الأرض، هذا التفجير الذي يصيب المدينيين ويأتي إلى الأمنيين ويغدر بالناس في حياتهم هو نوع من الفساد في الأرض، وكون ثمة مظالم تجري على المسلمين وتقع عليهم هذا لا يبرر أن يقابِل بعض الناس هذا الظلم بنظيره، فالظلم لا يُدفع بالظلم إنما يدفع بما يدفعه بالسبل التي تحقِّق الغاية والمقصود حسب الطاقة والقدرة.
ولذلك أقول: هذه الحوادث التي تجري هنا وهناك يعني هي من منظور أنها محل إدانة بالتأكيد، ولذلك يعني الإدانات لمثل هذه الحوادث لا تقتصر على جهة رسمية، فقد أدانتها هيئة كبار العلماء في المملكة العربية، وليس هذا الحدث أدانه المسئولون تصريح وزير الخارجية واضح وجلي في الإدانة لهذا الحدث وهيئة كبار العلماء في مصر الأزهر أدانت.
الإدانة مستفيضة؛ لأن هذا مما يخرج عن القواعد الشرعية، ولا يمكن أن يجد لهم سندًا لا في دليل من كتاب ولا من سنة، ولا من هدي النبوة، ولا من فعل الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ فالإدانة جلية ولكن ثمة ما يشير إلى مثل ما أشار إليه الأخ نزار أن ثمة مظالم تقع على المسلمين.
أنا اليوم أقرأ لأحد كبار السياسيين الغربيين يقول: إن ما جرى في بروكسل يعطي مؤشرًا إلى ضرورة التعجيل والمسارعة في حل الصراع السوري الازمة السورية، هذا الربط يعني موجود سياسيًّا بين الأحداث والوقائع لاسيما وأننا في مجتمع واحد أو في عالم واحد وثمة تقارب والقضية لم تبق محصورة في حدود بلد معين، بل انتشرت وتشعبت وتداخلت بها أطراف عدة، فأصبح هناك من يستغل مثل هذه التشعبات وهذه الآلام التي تقع على بعض المسلمين في مثل هذه الأحداث التي يطلب لها مبررًا ويوجد لها مسوغًا وهي من الفساد في الأرض الذي لا يختلف فيه أهل العلم وأهل البصيرة وأهل المعرفة.
لذلك أقول: نحن ينبغي ألا نشتغل ونُصرف في التشخيص، إنما يكفي في الموقف إدانة مثل هذه الأحداث بيان أنها لا تمت للإسلام بصلة من حيث تعاليمه وهدايته، قطع الطريق على أولئك الذين يشيرون إلى الأحداث الجارية في العالم أنها بسبب الإسلام، أو بسبب القرآن، أو ما إلى ذلك لأن ثمة من يستغل ويجرُّ كل حدث في العالم على المسلمين.
يا أخي أقرأ اليوم تقرير 60% وهذا أظنه من أقل التقارير نسبة من الشعوب التي تضررت بالعنف الشعوب الإسلامية، يعني ما يجري في سوريا، ما يجري في ليبيا، ما يجري في اليمن، ما يجري في العراق، ما يجري في نواحي عديدة من البلدان حتى البلاد المستقرة ثمة من يحاول زعزعة الأمن وبث هذه الشرور في المجتمع وإشاعة ما يزعزع الأمن بين الناس يلاحظ الإنسان أن ثمة شيء يعني يستهدف هذه البلاد هذه الرقعة من العالم هذه الفئة من الناس هذه الأمة، وبالتالي يعني لا يمكن أن يكون الإسلام هو مصدر الإرهاب وأهله هم المصطلون به يعني هذا يعني معادلة غير صحيحة.
لو كانت هذه القضايا منتشرة في العالم والأمة الإسلامية في رغد وأمن وتمام استراحة وكمال كان يمكن أن يقال: نعم أنتم تعيشون الرغد وهؤلاء يصطلون بشروركم، ولكن أن يكون الضرر الأكبر والحجم الأعظم للتضرر من الفساد والمفسدين والتفجير وأهله هم أهل الإسلام ثم تشير إلينا الأصابع، يعني نحن الضحية ونحن الجناة ونحن متهمون، ونحتاج في كل موقف إلى أن نبريء أنفسنا، وأن نبريء ديننا.
يا أخي أقول: دين الله لا يحتاج إلى مُدافع؛ لأنه في ذاته لكل من أبصره وعلم به عرف أنه نور وهداية ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾[الأنبياء: 107]، لكن نحن يجب أن ندافع من حيث أن نزيح هذه الغشاوة التي يصنعها من يصنعها ليصور الإنسان بخلاف صورته الحقيقية، أما هو في ذاته فتعاليمه جلية في أنه هداية ورحمة للبشرية.
أسأل الله أن يدفع عن المسلمين الشر، وأن يعجل بفرج إخواننا في العراق وفي سوريا، وأن يعم الخير البشرية كافة، وأن يدفع عنا وعن البشر ما يكون شرًّا وفسادا فهذا الدين ما جاء إلا بالإصلاح إصلاح المعاش والميعاد، خيره لا يقتصر على أتباعه، بل خيره يعم من اتبعه ومن لم يؤمن به فإنه يتفيأ ظلال خيراته وبركاته ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[النحل: 90]
المقدم: أحسن الله إليكم.