المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم الأسبوعي "الدين والحياة"، والذي يأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، حياكم الله جميعًا مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة، والتي نسعد بأن نستضيف في هذا البرنامج ضيفنا الدائم صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: خالد بن عبد الله المصلح، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، وأستاذ الفقه في جامعة القصيم، ونسعد أيضًا بالترحيب بفضيلته السلام عليكم ورحمة الله يا شيخ خالد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك، حياك الله أخي عبد الله، وأهلاً وسهلاً بالإخوة والأخوات.
المقدم: حياكم الله، وحيا الله جميع المستمعين والمستمعات معنا في هذه الحلقة، سيكون حديثنا بإذن الله مستمعينا الكرام في هذه الحلقة عن قوله -سبحانه وتعالى-: ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾النساء:3 هذا هو حديثنا، وهذا هو موضوعنا في هذه الحلقة مستمعينا الكرام والتي من خلالها تستطيعون مشاركتنا والتفاعل معنا على الأرقام التالية: 0126477117، والرقم الثاني: 0126493028.
إذًا نرحب بكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة"، فأهلًا وسهلاً بكم.
حياكم الله مستمعينا الكرام جميعًا إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة"، ونرحب مجددًا أيضًا بضيفنا وضيفكم صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: خالد بن عبد الله المصلح، شيخ خالد حياكم الله وحديثنا عن الآية الكريمة في قوله -سبحانه وتعالى-: ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾النساء:3 ، لكن هنا سؤال مهم ألا وهو في قوله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية، الآية أتت قبلها نقطة مهمة جدًا ألا وهو قوله -سبحانه وتعالى-: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾النساء:3 ، هناك في البداية بداية حديثنا، هل هناك علاقة بين اليتامى وتعدد الزوجات؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد..
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييك يا أخي عبد الله، وأحيي الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، والحقيقة يعني اختيار هذا الجزء من هذه الآية للحديث لم يكن مقصودًا لذات الآية إنما هو لغرض بيان منزلة النكاح في الشريعة الإسلامية، وما سبقه من آية فيما يتعلق بالأمر برعاية الأيتام، والعدل في حقوقهم نعم هو يبين ذلك سبب نزول الآية حيث أن العرب كانت إذا رعت اليتيمة منهم مَن يستأثر بها خشية أن يذهب مالها فينكحها من غير اختيار، وأما ﴿مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾النساء:3 فهذا بيان الإذن في الارتباط بأكثر من زوجة شريطة أن يكون ذلك على نحو ما ذكر الله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا﴾النساء:3 .
نحن في هذه الحلقة أو هذا اللقاء سنتحدث عن (النكاح) منزلتِه، وعن ما ينبغي أن يستحضر حول هذه النقطة، الصعوبات التي يواجهها كثير من الشباب والفتيات في تحقيق هذا الداعي الفطري، ما الذي ينبغي أن يراعيه الشاب والشابة عند الإقدام على هذه الخطوة من المواصفات أو المعايير التي تستحضر للقبول والرد؟
حديثنا سيدور على هذه النقاط الثلاث وهي نقاط مهمة لاسيما وأنه نحن في وقت يكثر فيه الحديث عن موضوع الخِطبة والزواج بسبب أن الناس يعني غالب ما يكون ارتباطاتهم في الإجازات، وبالتالي يتقدم ذلك ويتصل بموضوع النكاح.
فأبتدأ أولاً ببيان مُجملٍ مختصر عن منزلة النكاح:
النكاح منزلته في الشرع عظيمة، وفوائده جَمَّة، وهو من أعظم ما يعين على الاستقامة في المعاش والمعاد، الاستقامة ليست فقط استقامة فيما يتعلق بتوقِّي الشهوات، لا، الاستقامة بمفهومها العام وهي صلاح المعاش، وصلاح المعاد، بها تُتوقَّى الأضرار، ويحصل سرور القلب، وتحصين الفرج، وغضُّ البصر، وتحقيق المقصود من تلبية الفطرة أو ندائها الطبيعي الذي جعله الله تعالى سببًا لحفظ الجنس والنوع الإنساني.
فمنزلة النكاح رفيعة؛ لذلك أمر الله تعالى به في مواضع عديدة في كتابه، وحثَّ عليه، وندب إليه، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾النور:32 ، فأمر الله تعالى بإنكاح الأيامى، وهن غيرُ المتزوجات من النساء، والصالحين من عبادكم وإمائكم وهذا في حق الرقيق، الأيامى تطلق في الأصل على من لم تتزوج من النساء، لكن في هذا السياق أُطلقت على مطلق من لم يتزوج سواء كان من النساء أو من الرجال؛ لأنه بعد ذلك قال: ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾النور:32 أي من الرقيق المملوك.
على كل حال الآيات الواردة في بيان مشروعية النكاح كثيرة، والله -عز وجل- ذكر سورتين في الكتاب الحكيم فصَّل فيهما ما يتعلق بأحكام النكاح، أو ثلاث سور في البقرة، وفي النساء، وفي الطلاق فبين عظمة هذا العقد، وما ينبغي أن يراعى فيه، وما ينبغي أن يحتاط فيه.
أما الأحاديث النبوية، فالحديث الشهير الذي يعرفه كثير من الناس، وهو ما رواه في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ»صحيح البخاري (1905)، ومسلم (1400) ، وهذا الحديث النبوي ليس قصرًا للأمر بالزواج على الشباب لكن هو بيان أن الداعي الأكبر فيما يتعلق بالزواج هو هذه الفترة أو هذه المرحلة العُمرية، لكن ليس ذلك مقصورًا عليه، فمصالح النكاح يحتاجها الشاب، ويحتاجها غيره.
ولذلك جعل الله تعالى الارتباط بين الرجل والمرأة بهذا العقد من آياته، قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾الروم:21 ، فالسكن المودة والرحمة ليست حاجة لفئة عمرية فقط بل حاجة عامَّة للصغير والكبير، والشاب والكهل، بل وحتى من شاب وكبر.
ولهذا ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المبادرة إلى النكاح في أول دواعيه، فأول دواعيه هي فترة الشباب حيث قال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّج» والغالب أن الشباب قد يعوق تحقيقَهم هذا الغرض، ووصولَهم إلى هذا المقصد عوائِق منها عدم القدرة المادية، كما أشار إليه الحديث: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ» والباءة هنا هي القدرة المادية والبدنية، «فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ».
كما أنه جاءت نصوص تبين أن التأخر في الزواج من غير ما عذر هو مما يثير علامة الاستفهام، عمر رضي الله تعالى يقول: "لا يمنع من النكاح إلا عَجزٌ أو فجور"[أخرجه عبد الرزاق في مصنفه:10384، وابن أبي شيبة في مصنفه:15910، وهو ضعيف لانقطاعه]، يعني ما فيه شيء يمنع من النكاح ويجعل الإنسان يتأخَّر عنه مع تيسُّر أسبابه إلا أن يكون ثمة عجز يعني هناك ضعف لا يتمكن معه من أداء ما يتعلق بحقوق الزوجية، أو أن يكون هناك فجور، فجور بمعنى أن يكون هناك استغناء عن الحلال بالحرام نعوذ بالله من الخزلان.
فهذا وذاك كلاهما مما يفسَّر به التأخُّر الذي يقع فيه كثير من الناس، ولهذا ينبغي أن يُستحضر أن الزواج حِصن حصين يتقي به الرجل والمرأة والمجتمع شرًّا كثيرًا، وفسادًا عريضًا، لاسيما عندما تكون سوق الشهوات رائجة، والوصول إلى الشرور متيسَّرَة فالنكاح معين على الاستقامة، معين على الدين، معين على الخير، معين على الصحة والعافية، معين على توقِّي أضرار الانحراف، مُبطل لكيد الشيطان وسعيه، ولذلك يقول الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾النساء:27-28 .
المقدم: لكن كثير من الشباب يشتكون غلاء المهور، وغلاءً أيضًا بالتجهيزات الخاصة بالزواج وغير ذلك مما يجعلهم أحيانًا يُحجِمون على الإقدام على الزواج، أو على الأقل أن هذا الأمر يجعلهم لا يستطيعون التقدم لهذا المشروع، مشروع العمر، وفي المقابل أيضًا ربما بعض الإشكاليات نحن لا نريد أن نُجمل الحديث كله في هذا الحديث، وفي هذا القسم وهذا الجزء وإنما هناك أيضًا أجزاء أخرى متعلِّقة أحيانًا بكثرة المشكلات التي يستمع إليها الناس، وخاصة الشباب التي تحصل في برامج الاستشارات الأسرية وغير ذلك مما يجعل الشباب أحيانًا يحجمون على الإقدام على الزواج لعلهم يعني يقولون يرون في ذلك حُجَّة في أنهم يخافون من هذه المشكلات وحصولها.
في البداية يمكن ربما نتحدث عن هذا الغلاء الفاحش الذي يعيق الشباب عن التقدم إلى الزواج.
الشيخ: هو يا أخي الكريم ما أشرت إليه من موضوع المغالاة في المهور الحقيقة أنه هذا يعني يمثِّل عقبة كؤودا أمام كثير من الشباب في تحقيق الارتباط الفطري الطبيعي الذي تستقيم به المعيشة، لكن لو كان الأمر يتعلق فقط بغلاء المهور يعني أمكن تجاوزه في صور عديدة، لكن الإشكالية أن ثمة غلاءً ليس فقط في المهر، الغلاء في المهر، الغلاء في تكلفة الزفاف، الغلاء في تبعات الزفاف من رفع سقف المطالب فتجد بعضَ الأُسر تشترط سائقًا وسيارة، أو سائقًا وخادِمة، وتشترط نوعًا من المواصفات في المسكن، وما إلى ذلك مما مجموعه يمثل نوعًا من العبء الذي يعجز عنه ويَقعُد عنه كثير من الشباب، ولا يتمكنون من تحقيق الرغبة.
ففي العقبة الأولى غلاء المهور بالتأكيد أنه صادق لكن هذا السبب مثل ما تفضَّلتَ يعني ليس هو السبب الوحيد لكنه من الأسباب البارزة التي تتبادر الألسن إلى ذكره عندما يقال: لماذا يتأخر الشباب في الزواج؟
يأتي قضية المغالاة في المهور وقد جاء النهي عنها في كلام عمر -رضي الله تعالى عنه- في قوله: "لا تغالوا في صداق النساء يعني في مهورهن، فإنها لو كانت مَكرُمةً في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا امرأةً من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية.سنن أبي داود (2106)، وسنن الترمذي (1114)، وقال: هذا حديث حسن صحيح ، 12 أوقية يعني يساوي 120 ريالاً سعوديًا. مين يزوجه اليوم؟ من يزوج؟
أنا في عمري الآن يعني وما مرَّ علي من حوادث ما أذكر أحدًا زوَّج بهذا المبلغ، صح نسمع أنه فلان زوج بريال لكن هذه...
المقدم: حتى لو يحصل يا شيخ، هذا يا شيخ يحصل كأنه صورة نادرة يتناقلها الناس.
الشيخ: إذًا أيضًا صحيح هو صور نادرة، وأحيانًا تكون يعني بعض الأعراف بعض البلدان ما عندهم مُقدَّم، المهر يكون له مؤخَّر بمعنى أنه يزوِّجها على شيء يسير، يعني شيء جدًّا زهيد لكن ثمة مؤخَّر يقصم الظهور، والمؤخَّر هو جزء من المهر صح أنه لا يثبُت إلا بالوفاة أو بالفراق لكنه يبقى، هو مَهرٌ وهو عبء على الرجل ويترتب عليه إشكاليات كبرى فيما إذا اختار الزوجان عدم الاستمرار.
المقصود أن هذا سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، يقول عمر -رضي الله تعالى عنه-: ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا امرأة من بناته أكثر من 12 عشرة أوقية، وهذا الأثر أخرجه أحمد والترمذي، وصححه كذلك الحاكم وابن حبان يعني الأثر صحيح عن عمر -رضي الله تعالى عنه- يقصُّ قدر، ويبين قدر المهر الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يبذُله ويرتضيه لبناته، وهو ما يساوي هذا القدر من الماء الزهيد.
جاء رجلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح الإمام مسلم، وهذا فيما رواه أبو هريرة «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي عُيُونِ الأَنْصَارِ شَيْئًا» يعني فيه ما ينبغي أن يُفتَّش ويتأمل فيه «قَالَ قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا، قَالَ: عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا» هكذا سأله النبي صلى الله عليه وسلم، يعني كم بذلت في المهر؟ «قَالَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ» والأوقية شيء يسير، يعني من الفضة. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ» مستكثرًا هذا القدر، على أربع أواق! «كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ» طبعًا الرجل جاء يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم إِعانةً في هذا النكاح الذي قَدرُه من حيث الكلفة قليل، قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ» يعني ما عندنا شيء نعطيك، بعدين بيَّن له أن هذا الشيء كثير، ما عندنا ما نعطيك «وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ»صحيح مسلم (1424) فرده النبي صلى الله عليه وسلم أرسله لأنه غالى في المهر، حتى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا مما يُعيق يعني، إذًا هي ليست إعاقة حديثة بل هي إعاقة قديمة في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وبالتالي ينبغي لأولياء النساء ولكل من يضطلع في هذا الأمر بنوع من الاضطلاع والتأثير أن يكون على وعي بأن هذا القدر من المهور الموجودة الآن في أيدي الناس شيءٌ كثير يترتب عليه إعاقة...
المقدم: مفاسد كثيرة نعم.
الشيخ: ومتاعِب ومشاقٌّ، ولا تقتصر هذه المشاق في البدايات، يعني بعض الشباب...
المقدم: حتى بعد الزواج تستمر هذه الإشكاليات، نعم.
الشيخ: هذا وبعض الشباب يستدين، ماذا يعمل؟ يستدين..
المقدم: يقترض نعم.
الشيخ: يأخذ سيارات، يأخذ تمويلًا من بنوك، يأخذ إعانة من أقارب له، لكن كل هذا ينعكس أثره على ما بعد الارتباط.
المقدم: على حياتهم الزوجية.
الشيخ: بعد الارتباط هل ستنتهي المصاريف؟ لا لن تنتهي المصاريف، المرأة ستطلب ولا يزال يحتاج، وبالتالي من أين...
المقدم: فضلاً شيخ خالد عن أن الإنسان إذا فتح على نفسه باب الدين لن يستطيع إغلاقه نهائيًّا.
الشيخ: هذا جانب آخر أيضًا، هذا جانب آخر تذكره لكن نحن نتكلَّم عن الجانب المتعلق بالحياة الزوجية، يعني هذه المرأة إذا تزوَّجت لن تقف على المطالب، سيصرف عليها، ولها احتياجات، وإذا طلبت قال: والله أنتي أكلتيني، أنتي حمَّلني أهلك ما لا أُطيق في الزواج، اصبري علي، فتنشأ مشاكل يعني بذرة الإشكال موجود من أصل الارتباط، وبالتالي ينبغي لأولياء الأمور أن يتقوا الله، وأن يرفقوا، وأنا لا أقول يعني يكون الأمر يعني هذا من حقِّ المرأة أن تطلب ما تشاء لكن يجب أن يُراعى في ذلك المصلحة، وأن لا تكون تجارة، ومغنم يستكثر فيه الدخل على حساب تحقيق المقصود من الارتباط والزواج.
المقدم: شيخ خالد هنا حديث مُهمٌّ في هذا الجانب ألا وهو أكثر النكاح بركةً أَيسرهنَّ مُئونةً، وهذا الذي يحصل يعني كثير من الناس الذين جرَّبوا هذه التجربة الرائعة وجدوا بركةً في حياتهم، والآن ما شاء الله يعيشون عيشة طيبة، وعيشة حسنة بخلاف كثير ممن بالغوا كثيرًا في النفقة، في تجهيز الزواج وما بعد ذلك، ربما يعني كثير من المشكلات تُحيط بهم إضافة إلى الكثير من المطالبات التي ما زالوا يحاولون أداءها ولم يبلغوا شيئًا قليلًا من هذه المطالبات التي يطالب بها أصحاب الحقوق.
الشيخ: هو يا أخي الكريم يعني ما أشرت إليه فيما يتعلق بما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث عائشة: «أَعْظَمُ النِّكاح بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً»، وفي رواية: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً»مسند أحمد (24529)، وقال محققو المسند: إسناده ضعيف ، هذا الحديث يعني من حيث الإسناد تكلَّم فيه بعض أهل العلم لكن المعنى بالتأكيد صحيح، وإن كان الإسناد فيه مَقال لكن المعنى صحيح، وذلك أن من بركة المرأة أن تدخل على الرجل بما يدفع عنه الضِّيق، بما لا يكون سببًا لتحمله ما لا يقوى على سداده، الدَّين يا أخي شُؤم، الدين للذي يعرف خطورتَه ولا يستهين به يعرف أنه عَثرة في طريق الناس، وأنه يمثِّل كما يمثل عبأ له، هو عبءٌ في الليل وذلٌّ في النهار كما قيل.
وبالتالي فمن بركة المرأة أن تكون يسيرة المئونة؛ لأن التي مؤنتها كبيرة عظيمة سيكون ذلك منعكِسًا كما ذكرنا قبل قليل على مُستقبَل الأيام، نحن لا نريد أن نستوعب القضية في هذا الجانب من الصعوبات، لكن بالتأكيد أنها دعوة صادقة لكل من يتولَّى أمر النساء بأن يتقيَ الله تعالى في التخفيف، يا أخي هذا يجيك، يعني تصور يعني الإنسان« لا يُؤمِن أحدُكم حتى يحِبَّ لأخِيه ما يُحبُّ لنَفسِه»[صحيح البخاري:13]، شاب متخرج من جامعة أو متخرج من ثانوي أو ماسك وظيفة براتب زَهيد يريد أن يُعفَّ نفسه أمام هذا الحجم الهائل الكبير من الإشكالات، فيأتي أمام أحد العقبات.
بعض الناس يا أخي عبد الله يتصور أن المغالاة في المهر سبب لتمسك الرجل بالمرأة، وأنه إذا سهل عليه وأعطيناه إياها برُخص كان هذا سببًا للاستهانة بها وتحقيرها، أو حتى سببًا لعدم معرفة قيمتها بالانفصال عنها، وهذا غير صحيح، بالتجربة والواقع أنه الطلاقات الواقعة لا علاقة لها بقدر المهر يعني لم يكن المهر مانعًا من أن يطلِّق الرجل إذا وجدت أسبابه، فينبغي أن نستبعد هذا، وأن نستحضر أنه يعني أن الرفق والسهولة في تحقيق المقصود، وإصلاح النية بأن ينوي إعفافَ ابنته أو مُولِّيته، وهو أن يساعدها بالشاب في الخير، لإرادته العفاف أن هذا مما يتحقق به الخير له ولمولِّيته التي يزوِّجها من بنت أو أخت أو غير ذلك.
المقدم: طبعًا نذكِّر المستمعين الكرام يا شيخ خالد بالأرقام التي من خلالها يستطيعون أن يتواصلوا معنا في هذا البرنامج، الرقم الأول: 0126477117، والرقم الثاني: 0126493028، حديثنا عن النكاح، وعن قوله -سبحانه وتعالى-: ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾النساء:3 ، أستأذنكم يا شيخ خالد في الاتصال الأول في هذه الحلقة تفضل يا أخي الكريم.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، نتعرف عليك؟
المتصل: عبد المجيد الشنقيطي.
المقدم: حياك الله أخي عبد المجيد، تفضل.
المتصل: الله يجزيك، هل الأصل التعدد أو الزواج بواحدة؟ لأنه ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾النساء:3 ، يعني الأصل التعدد؟ هذا السؤال، وسلِّم على الشيخ.
المقدم: طيب يوصل، شكرًا لك أخ عبد المجيد.
طيب الاتصال الثاني تفضل يا أخي؟
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله، الأخ عماد تفضل.
المتصل: مساكم الله بالخير، والمستمعين، كيف حالك يا شيخ طيب إن شاء الله؟
الشيخ: بارك الله فيك حياك الله يا أخي بارك الله فيك.
المتصل: جاء عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «إذَا جَاءكُمْ مَن ترضون دينه وخلقه فَأَنكِحُوهُ، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وَفَسَادٌ عَريض»سنن الترمذي (1084)، وابن ماجه (1967)، وحسنه الألباني ، نتمنى يا شيخ أنك تتكلم عن الشيء هذا لأن الحين كثر البنات، وأغلب الشيء يا اللي كثر الموجودين في البيوت عشانه، عشان الشيء هذا، الشيء هذا مؤرقني؛ لأن عندي أخت يعني ما هي كبيرة في الأربع وعشرين أو الخمس وعشرين سنة ولكن الأب يقول: ما نبي هذا الزوج؛ لأنه ليس في مَقامِنا، أو ليس في قدرنا...
المقدم: ليس من مستوانا، طيب واضح السؤال أخ عبد المجيد، إن شاء الله يجيبك على السؤال الشيخ إن شاء الله، شكرًا لك أخي عبد المجيد.
شيخ خالد لعلنا نجيب إذا كان في الإمكان نجيب بإيجاز على السؤالين؛ لأن هناك فيه اتصالات كثيرة يا شيخ، على السؤال الأول المتعلق بمسألة التعدد هل هو الأصل في التعدد أو الزواج بزوجة واحدة؟
الشيخ: يعني نكمِّل حديثنا حتى لا ينصرف الموضوع إلى التعدد، نحن ها الحين نتحدث عن الشباب الذي لم يجد ولو بعضَ امرأة حتى نبحث عن التعدد.
المقدم: يبحث عن الأولى صحيح.
الشيخ: يعني القضية في الزواج الأول الآن، يا أخي الأخ المتحدث الثاني السائل الثاني الكريم يعني أشار إلى قضية في غاية الخطورة، يعني عدد الشباب نحن في مجتمع لو أردنا أن نأخذ المجتمع السعودي على سبيل المثال يعني، عدد الشباب ما بين 60 إلى 70 % هم من عداد المجتمع، كم من هذا القدر من الشباب يعني ذكورًا وإناثًا عفَّ نفسه، وحصل له المقصود؟
العدد قليل بالنسبة للمجموع العام، وبالتالي يعني ما ذكر من تكدُّس البنات في البيوت من غير زواج أو تعطُّل الشباب عن الزواج، وتقدُّم السن بهم بدون زواج هذا مؤشِّر خطير، يعني يستوجب العناية، ولهذا الجهات المسئولة تعي خطورةَ الأمر وتبذل المستطاع، لكن ليست القضية منوطة بـ...
المقدم: هي قضية اجتماعية متعلقة بالناس.
الشيخ: هي قضية عامَّة ومسألة تتعلق بالجميع، الدولة لن تقصِّر وما قصَّرت فيما يتعلق ببذل المستطاع في تيسير الزواج، ولذلك في...
المقدم: جمعيات المساعدة.
الشيخ: مجلس الوزراء دعم الصناديق يعني الجمعيات التي تعتني بتزويج الشباب بالملايين.
المقدم: عشرة ملايين ريال.
الشيخ: أسأل الله أن تصِلَ إلى طريقها، وأن تحقِّق مقصودَها، لكن الإشكاليَّة لا تقتصر فقط على الدعم الحكومي، نحن بحاجة إلى وعيٍ شعبي، وعي عام بخطورة تأخر الشباب والفتيات ذكورًا وإناثًا عن الزواج، وأن هذا سينعكس على المجتمع.
المقدم: وكذلك يا شيخ التمسك بشروط لم يُنزِل الله بها من سلطان، يعني شروط قاسية جدًا.
الشيخ: هذا سبب من أسباب تأخُّر الزواج، وهو ما يتعلق بالمطالب التي يطلُبها الناس إما خلفيَّات اجتماعية، أو خلفيات مادية أو غير ذلك من الخلفيَّات التي هي في الحقيقة سبب لتعسر يعني الأمر، يعني شف يا أخي يعني للإنسان أن يتخيَّر لمولِّيته أفضلَ ما يمكن، لكن شتَّان، لابد أن نفرِّق بين فتاة لا يغفل الرجال عنها، كل شوي جايين واحد يخطبها، فهنا أنت ما تحتاج يعني قد تقول: يعني أنا أريد أن أبْلُغ الغاية والسموَّ في المعطى له، لكن هذا عادة بالنسبة لعموم الموجود في الفتيات ليس هو الأصل، ليس الكثير يعني الفتاة تخطب مرة، مرتين، ثلاثة، قد تزيد عن هذا...
المقدم: بعد ذلك يفوت القطار.
الشيخ: فيه بنات ما يجيها، بعض الفتيات ما يجيها أحد يا أخي، يعني أنا يتصل بي فتيات تقول: أنا بلغت الخمس وثلاثين، أقول: خطبتي؟ ولا تزوجتي؟ سبق تقدم لكي أحد؟ هل فيه تعنُّت؟ تقول: أنا ما سبق وجاني أحد، يعني هذه مشكلة يعني، يعني هذه مشكلة تتطلب أنه الإنسان يراعي، يعني البنت المرغوبة ليست كغيرها، وبالتالي يجب على ولي المرأة أن يتقي الله وأن لا يفوت الفُرَص.
المقدم: وأن يكون حكيمًا يا شيخ.
الشيخ: ما أقول: أنه يرميها في أول طالب أو يتخلَّص منها بأي طريقة، لا أنا أقصد أنه ينبغي أن يكون حكيمًا يَزِن الأمور، بل أحب من يأتي ينظر للأمر بنوع من العقل، ويقدم المعايير الشرعية التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم معيارًا للقبول والرد، «إذَا جَاءكُمْ مَن ترضون دينه وخلقه فَأَنكِحُوهُ»[تقدَّم] المعيار هو الدين والأمانة، الاعتبارات الأخرى قد يُنظر إليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها وأقرَّ على الحث على اعتبار هذين المعيارين «تُنْكَحُ النِّسَاءُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»صحيح البخاري (5090)، ومسلم (1466)
فالاعتبارات الأخرى منظور إليها لكنها ليست بالدرجة الأولى، وهي ليست مانعة، هي نوع من طلب الكمال وليست سببًا للرد إذا تحققت المواصفات الأخرى المطلوبة، يعني ينبغي لنا أن نستشعر خطورة الأمر، وأنا أجزم أن ولي الأمر الذي يعرف أنه منع الزواج هو مفتاح للفساد، منع الحلال عندما تضيق دائرة الحلال حقيقة توسع دائرة الحرام، وقد تضطر الناس إلى مسالك لم تكن لهم على بال، لكن سوَّل لهم الشيطان وهذا التعنُّت، وهذا الطريق دفع بعضهم هذا ليس مبررًا لكن أنا أقول: ينبغي أن نعرف أنه الأمور قد يجرُّ بعضها بعضًا، وخطوات الشيطان لا نهاية لها.
المقدم: وهذا هو الفساد العريض الذي تحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث.
الشيخ: أنه هو الفساد العريض.
المقدم: أستأذنكم يا شيخ في الاتصال من عبد العزيز الشريف من الرياض، حياك الله يا أخ عبد العزيز.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله.
المتصل: حياك الله يا أخي عبد الله، كيف حالك؟
المقدم: حياك الله يا أخ عبد العزيز.
المتصل: حيا الله شيخ خالد، كيف حالك يا شيخ؟
الشيخ: الله يحفظك أهلاً وسهلاً ومرحبًا.
المتصل: عساك طيب، الله يبارك فيك، وجازاك الله كل خير، أنت والأخ عبد الله على البرنامج الطيب.
فضيلة الشيخ ما رأيكم فيمن يعرض مولِّيتَه على العِرسان من الرجال، ويقول: أن عمر رضي الله عنه عرض حفصة على أبي بكر، وعلى عثمان[القصة بطولها أخرجها البخاري في صحيحه:4005] وغير ذلك؟ هل هذا سائغ في الإسلام؟
الأمر الثاني بارك الله فيك المهر، بعض الآباء للأسف يزوِّج ابنتَه بالمهر القليل حتى أن الأزواج إذا جاء له المرأة تجده يعيِّرها: أنت مهرك قليل، ولو كان فيك خير ما رماكِ أبوك، توجيهك لمن يرمي ابنته بمهر رخيص ويقول: أُطَبِّق الشرع، الضابط في المهر بارك الله فيك، وجزاك الله كل خير.
المقدم: جزاك الله خيرًا، طيب شكرًا لك أخ عبد العزيز، طيب نأخذ أيضًا بسَّام، حياك الله بسام.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله تتفضل.
المتصل: نكلم الشيخ بارك الله فيك، أقول لك يا شيخ نحنا ضحَّينا على أساس أني كنت أتزوج وأمي اختارت لي حُرمة، اختارت لي حُرمة وما أدري كيفها، ها الحين أنا استخرت ربنا وتوكلت على الله، بس أنا ها الحين عَقدتُ وكل حاجة بس شو الضابط في فترة الخطبة؟
المقدم: طيب يجيب لك الشيخ، شكرًا لك أخ بسام.
طيب يا شيخ خالد ربما في السؤال الأول الأخ عبد العزيز تحدَّث عن عرض الرجل لمولِّيَتِه؟
الشيخ: هو العرض يا أخي هو لا يعتبر في ذلك نقصٌ إذا كان عرضًا على كفؤٍ وليس الحامل له التخلُّص من الفتاة، وتضييع الأمانة إنما إذا كان العرض غرضه وغايته هو الوصول إلى من ترضى فلا إشكال فيه، ولذلك تكلَم العلماء عن عرض الفتاة على الحسن من الرجال، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه في قصة شعيب عن موسى: ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾القصص:27 ، القرطبي رحمه الله قال: فيه عرض الولي ابنته على الرجل، وهذه سُنة قائمة، وقد عرض عمر -رضي الله تعالى عنه- ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وعَرضَت الموهوبة نفسَها على النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إليها ولم ينكر عَرضَها لكن لم يكن له بها حاجة[القصة أخرجها البخاري في صحيحه:5029، من حديث سهل بن سعدt]، وهكذا الأمر جاري فلا إشكال في هذا لكن ينبغي أن يكون العرض على من يخشى الله، على من يُرجى فيه ما يؤمِّل من الخير وليس العرض على أي أحد.
المقدم: النقطة المتعلقة بالضابط في المهر، هل هناك ضابط معين؟
الشيخ: المهر يعني هو يعني وجود النَّظرة الرديئة عن الناس أو عند بعض الناس في أن المهر القليل دليل على بَخس المرأة وأنه لا قيمة له هذا غلط، هذا مفهوم جائِرٌ، ومما يرد هذا النبي بفرض أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتزوَّج ويزوِّج بشيء يسير، عائشة رضي الله تعالى عنها لما سُئلت كم كان صداق النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه 12 أوقية، يعني شيئًا يسيرًا وهو نصف الأوقية، وكل هذا يعني يأتي في الطريق مثلا ًفي أحداهن، هذا صداق لأزواجه، وقد قدَّره بعضهم بقدر قليل من المال.
المقصود أنه الموضوع يعني ينبغي أن لا يكون الإنسان محصورًا بممارساته الخاطئة، كونه في ذاته يظن أنه ما تكون المرأة كريمة ولا عزيزة إلا إذا ارتفع مَهرها، هذا غلط وليس بصحيح ولا علاقة له بالقيمة، المرأة قيمتُها في ذاتها، في دينِها، في أخلاقِها، في حُسن تبعُّلِها، هذه القيمة الحقيقية للمرأة وأما مَهرُها فإنه لم يكن يعني عوضًا بيعًا وشراءً، المهر هو فقط عُربون فهو مشروع حق للمرأة لتتكفل بالنكاح وتقضي بعض حوائجها اللازمة لها.
المقدم: طيب يا شيخ قبل أن نجيب على السؤال الثاني نأخذ اتصالًا من الأخ عبد الله من المدينة، تفضل يا أخ عبد الله.
المتصل: بسأل يا شيخ ممكن؟ يجوز يا شيخ أنه يأخذ من الزكاة عشان يتزوج إذا ما كان تعرَّض لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍصحيح البخاري (1474)، ومسلم (1040)
المقدم: طيب يا أخ عبد الله شكرًا لاتصالك.
أيضًا إلى أن يجهز الاتصال الثاني ممكن أن نجيب على السؤال يا شيخ خالد المتعلق بالضوابط في الخطبة، أحيانًا يكون هناك عدم التزام بالضوابط الشرعية في الخطبة يا شيخ أثناء فترة الخطبة، هل هناك ضوابط شرعية محددة للخاطب؟
الشيخ: والله يا أخي أنا أشوف أنه موضوع الخِطبة نحتاج أنه نتكلم عنه بشيء من الإسهاب والتفصيل فيما يتعلق بالوقت وموجودة في معاملته لو نرجؤه لكن عمومًا إذا كنا نحتاج للحديث عن هذا سندخل في مواصفات اختيار الزوجة، واختيار الزوج، وما إلى ذلك وضوابط الرؤية الشرعية، ما رأيك نجعلها الحلقة القادمة بعدها نجيب؟
المقدم: ولا إشكال يا شيخ لو سيكون باختصار ثم نُفرِد له حلقة إن شاء الله.
الشيخ: فيما يتعلق بطريقة المعاملة.
المقدم: الضابط للخاطب بالنسبة عندما يتقدم للمرأة للزواج منها، يعني هل هناك ضوابط شرعية معينة، أو هناك محاذير معينة يجب عليه أيضًا أن يتنبه إليها أثناء الخطبة؟
الشيخ: يعني هو إذا كان يقصد طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة زمن الخطبة قبل كتابة الكتاب هي علاقة رجل بامرأة أجنبية ليست علاقة بزوجة، وبالتالي يجب العناية باللفظ والمعاملة هو بالنسبة لها أجنبي، وهي بالنسبة له أجنبية، وجود الرغبة في النكاح لا تسيِّر الأمرَ على نحوٍ من التساهل الذي نشاهده من بعض الناس حيث أنه يجعل المخطوبة كالزوجة، وفي بعض الجهات يخرج ويختلي بها، ويأتي إليها...
المقدم: يتوسع كثيرًا.
الشيخ: فهذا لا شك أنه لا يجوز وخارج عن حدود الشريعة.
المقدم: الأخ عبد الله يسأل من المدينة عن حكم أخذ الزكاة بالنسبة للشاب الذي يريد عفاف نفسه، وهل يدخل في الوعيد المتعلق بمن يسأل الناس مالاً، وأيضًا يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحمٍ؟
الشيخ: لا، هذا لا حاجة فيه ما دام أنه أخذ وهو مستحق، هذا فيما إذا أخذ وهو لا يستحق، أما إذا أخذ وهو مُستحقٌّ بمعنى هو يرغب في الزواج ولا قدرة له على الزواج، وطلب من أحد أن يعينَه فهذا لا يدخل في المسألة المذكورة، إنما هذا إسعاد شابٍّ، يعني لما يأتي شخص يقول: أنا عليَّ دينٌ وأنا مستحق للزكاة، هذا لم يسأل مسألة مذمومةً، إنما هذا بيَّن ما يوجب أخذ الزكاة، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾التوبة:60 .
هذه الزكاة إنما تعرف بالاستفاضة والاشتهار، أو تعرف بالنظر إلى الحال، أو تعرف بالإخبار يعني يخبر الإنسان أن عليه دينًا، أنه فقير، مستحقٌّ للزكاة، أنه كذا فلا حرج في هذا، والممنوع والمكروه والمحرم من المسألة وهو من يسأل تكثُّرًا، يسأل يريد بذلك...
المقدم: الاستزادة.
الشيخ: يسأل أموال الناس أما الذي يسأل لحاجته ولإبداء استحقاقه فهذا لا حرج، ولا يدخل فيمن جاء فيهم النهي.
المقدم: شيخ خالد أعطنا فرصة للحديث أيضًا عن هذه الجمعيات الخيرية التي تُعنى بمساعدة الشباب على الزواج، هي كلمة شكر على ما يقدِّمونه من جهود لإعفاف الشباب ومن يريدون إعفاف أنفسهم، بالإضافة إلى ما يتعلق أيضًا بالزواج الجماعي رغم أن هناك يعني النفوس بدأت تستسيغ هذا الأمر، وأيضًا المجتمعات كثيرة يعني أصبحت تقبَل مثل هذا الأمر الذي ربما كان تجربةً فريدة، وكانت نوعيَّة وفي نفس الوقت أيضًا محدودة في مناطق معيَّنة، والآن أصبحت ما شاء الله يعني شائعة في كل المناطق.
الشيخ: هذا من فضل الله، والحقيقة أنه هذه المشاريع مشاريع جيدة ورائدة، وتحقق إصلاحًا اجتماعيًّا مهمًّا، وتعمل على بناء مجتمع بعيد عن الفتن والفساد العريض، هذا من أجلِّ الأعمال وأفضلها، وهو من المجالات التي يغفل كثير من أصحاب الأموال عنها على الرغم من ضرورتها وأهميتها؛ لأنه ترك النكاح، تعطيل الشباب والفتيات عن الزواج بعد كثرة دواعيه هذا الزمان لكثرة الفتن والشرور المصيبة، بالتأكيد أن ذلك يعني يحقق مصالح كُبرى عند أصحاب الأموال في مثل هذه الجمعيات، هذه الجمعيات تأسَّست وعمِلت ونجحت وهي في تقويم، وهي من فضل الله تعالى أنها لا تقتصر فقط على مساعدة الشاب على الزواج بل تساعدهم على الزواج، وترشدهم إلى ما يتعلق بأحكام هذا العقد، وآداب تحقيقه، ليحقق المقصود من المودَّة والرحمة والأُلفة في الزواج بالدورات التي تُقيمُها، كل هذه أهداف جميلة والمساعدات يعني بعضها غير مردود، وبعضها يكون على شكل القرض الميسَّر للمتزوِّجين.
وأنا أقول هذه الكلمة أيضًا للتجار وللمتبرعين:
المبالغ المضمونة مع ارتفاع الأسعار الرهيب لا تفي بالغرض في كثير من الأحيان، ولذلك تجد يا أخي المساعدة من هذه الجمعيات ثم يطوف على عالم من الناس كله فيقع في حرج وأذى نفسي يعني كثير، قد لا يرتضيه إلا من خالف، فوصيتي لهذه الجمعيات أن تراجع سياستها الأخرى قدر المساعدة، كلما من ثلاثين سنة وهم..
المقدم: صحيح اختلاف ظروف الحياة والغلاء الذي...
الشيخ : لظروف الحياة والأسعار يعني عندي أن هذا نوع من القصور، طبعًا هو مبادرة، نعم الوارد علينا قليل من كثرة الطلبات، والإيرادات المالية ضعيفة ولذلك أنا وجَّهت هذه الكلمة لا تخصُّ الجمعيات فقط بل حتى أصحاب الأموال أن يبذلوا ولو كان للزكاة يعني هذا من مصارف الزكاة، وذلك أن ذاك الشابُّ الذي يرغب في الزواج ولا قدرة له هو كما لو أطعمت جائعًا.
المقدم: نفعه يا شيخ متعدي يا شيخ.
الشيخ: يعني هو عفوًا ناحية أخرى من جهات النفع المتعدي، لكن ثمة نفع يعني تَقصد انه هذا يعفُّ شابًّا وشابَّة، لكن هنا ثمة جانب آخر وهو ما يتعلق بعض الناس يتحرج يقول: ما ندري هذا مصرِف من مصارف الزكاة أو ليس مصرِفًا؟
هذا مصرف ما دام أن طالب المساعدة فقيرٌ، وهذا الغالب، والجمعيات تتحقَّق وتبحَث وتُنقِّب وتجيب راتبك، وعطنا كذا، وش عليك، وما إلى ذلك من الأسئلة الكثيرة التي تكشف حال الشخص وتبيِّن استحقاقَه، والغالب يعني أنا فيما أعرف أنه لا يتقدم لهذه الجمعيات إلا أهل الزكاة.
فمن المهم أن يعي التجار وأصحابُ الأموال أن هذا التكدُّس للأموال التي أحيانًا يقول: والله عندنا قروش ما ندري وين نوديه، يا أخي مين يقول: ما تدري وين توديه، يعني اخرج واطلب مواطن هذه الأموال التي توضع في مصارفها الشرعية، ومن مصارفها دعم هذه الجمعيات، لك أن تتدخل، وأن تسألهم، وتناقشَ في صرفِها، وطريقة صرفها، وتكون على وعيٍ تام بما يتعلق بالصرف لكن هذا يعد من المصارف التي تُصرف فيها أموال الزكوات، التبرعات، الأوقاف، الوصايا.
وكما ذكرت بارك الله فيك أشرت أنت إلى أنه النفع فيها متعدٍ، نعم النفع فيها متعدي ليس قاصرًا على الشخص نفسه، عليه وعلى من سيرتبط بها، وعلى التآلف الذي يحصل بين الأُسر، وعلى المجتمع بوقاية الشرور والفساد، ففيه منافع كبيرة وعريضة، يكفي أنها من أسباب درء الفتنة والفساد عنه.
المقدم: شيخ خالد لعلنا نختم هذه الحلقة بكلمة نوجهها إلى الشباب وخاصَّة ممن يكثرون الاشتراطات، وأيضًا يقول: أنا لم أَجِد الشيءَ الذي أطمح إليه، سواء أن من ناحية الزوجة أو غير ذلك، ويكثر الشروط حتى يفوتَه قطار الزواج يكبر في العمر دون أن يلتحق بالزواج.
الشيخ: أنا أوصي بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ»[تقدم] فليتزوج، يبادر إلى الزواج، ومن المبادرة إلى الزواج أن لا يرفع الإنسان سقفَ المطالب، أنت لك أن تطلب ما تريد من المواصفات لكن أحيانًا الشاب وحتى الفتاة يرسُمون في أذهانهم صورةً من الإعلام...
المقدم: خيالية نعم.
الشيخ: لشخصية وشكل وصورة، ويقول: لا أتزوج إلا بمثل فلانة، وفلانة أنت لو تشوفها هذه التي تقول: فلانة ما أتزوج إلا مثلها ورأيتها في أحدى وسائل الإعلام، لو تشوفها في الواقع ما رضيت الزواج بها؛ لأن الإعلام، الأنوار والكاميرات والمكاييج التي نسأل الله السلامة والعافية التي تُوضع على وجوه النساء اللواتي يخرجن في الإعلام، شيء يفوق ويغير الحقيقة، وأنا لا أتكلم عن خيال، أتكلم عن إخبار أُناس يعملون في الإعلام يقولون: والله أني بعض الأحيان أمشي في طريق وتمرُّ به المذيعة الفلانية التي تشاركني والله لا أعرفها التي تكون في حالتها غير الممكيجة.
فبالتالي ينبغي أنني لا أرفع السقف، وأن نرضى باللواتي يحققن العفاف، لا أقول...
المقدم: وندرك يا شيخ أن الزواج يا شيخ مشروع عمر ليس فترة مُعينة، وكذلك أيضًا كله يزول ما عدا الدين والخلق.
الشيخ: صحيح لكن مع هذا لا بأس أن يلبِّي الإنسان مطالبه فيما يتعلق بصفة من يريد الارتباط بها، ولذلك الإمام أحمد -رحمه الله- قال فيما يسأل عنه المرء عند الزواج قال: "اسأل عن جمالها، فإن حُمِد لك فاسأل عن دينها"[مطالب أولي النهى:5/9]، ليس هذا تقديمًا للجمال على الدين، لا أبدًا، إنما هذا لأجل أنه إذا كانت ما هي بجميلة فتتركها ويكون سبب الترك هو عدم جمالها لكن لو سألت عن الدين ثم قيل لك: أنها ليست بجميلة وتركتها، أتركتها لأجل دينها أو لأجل جمالها؟
لأجل جمالها، فلذلك لم يكن معيار الدين هو المقدَّمَ، المقصود أني أوصي أبنائي وبناتي بالتيسير في الموافقات، والاكتفاء بالقدر الذي يتحقق به المقصود وعدم المغالاة في الأوصاف، كما أوصي أولياء الأمور من أولياء النساء أن يتقوا الله عز وجل، وأن يبادروا، وأن لا يؤخروا، وأن يكونوا عونًا لبناتهم وأولادهم وأبنائهم في تحقيق المقصود لهذا العقد من الألفة والمودة.
المقدم: جزاك الله خيرًا، شكر الله لكم صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: خالد بن عبد الله المصلح المشرف العام على فرع الرئاسة العلمية للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، وأستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم على ما تحدثتم به من حديث شيق وماتع من خلال هذه الحلقة المباشرة من برنامج الدين والحياة، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل ما تحدثتم به وتفضلتم به في هذه الحلقة في موازين أعمالكم الصالحة.
الشيخ: بارك الله فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ولكم الشكر الجزيل مستمعينا الكرام على تفاعلكم واستماعكم لنا في هذه الحلقة، نلقاكم بإذنه -سبحانه وتعالى- في حلقة الأسبوع المقبل في تمام الساعة الثانية ظهرًا من يوم الأحد المقبل، حتى ذلكم الحين تقبلوا تحياتي محدثكم عبد الله الداني، ومن التنسيق واستقبال الاتصالات الزميل خالد فلاتة، ومن التنفيذ على الهواء أجمل تحية لكم من الزميل "محمد با صويلح"، أستودعكم الله، وإلى اللقاء.