×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح
مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:9169

الحَمدُ لِلَّهِ حَمدًا كثيرًا طَيِّبًا مُباركًا فيهِ، مِلءَ السماءِ والأرضِ ومِلءَ ما شاءَ مِنْ شَيءٍ بَعدُ، أحمَدُه حقَّ حَمدِه، أحقُّ مَنْ حُمِدَ، وأجَلُّ مَنْ ذُكِرُ، لَهُ الحَمدُ في الأولَى والآخرةِ، ولَهُ الحُكمُ وإلَيهِ تُرجَعونَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ إلهُ الأوَّلينَ والآخِرينَ، لا إلهَ إلَّا هُوَ الرحمنُ الرحيمُ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عَبدُ اللهِ ورَسولُه صَفيُّه وخَليلُه وخيرَتُه مِنْ خَلقِه، بَعثَهُ اللهُ بالهُدَى ودينِ الحَقِّ بينَ يَدَيِ الساعةِ بَشيرًا ونَذيرًا، وداعيًا إلَيهِ بإذنِه وسِراجًا مُنيرًا، بَلَّغَ الرسالةَ، وأدَّى الأمانَةَ، ونَصحَ الأمَّةَ، وتَرَكها عَلَى المَحجَّةِ البَيضاءِ، طَريقٍ واضحٍ لا لبسَ فيهِ ولا غبَشَ حَتَّى أتاهُ اليقينُ وهُوَ عَلَى ذَلِكَ، فصَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلهِ وصَحبِه ومَنِ اتَّبعَ سُنَّتَه واقتَفَى أثرَه بإحسانٍ إلى يَومِ الدينِ، أمَّا بَعدُ:

فإنَّ اللهَ تَعالَى يَخلقُ ما يشاءُ، ومَنْ هَذا الخلقِ يَختارُ ـ جلَّ في عُلاه ـ ما يَخُصُّه، ويَصطفيهِ بالخَصائصِ التي اقتَضتْها حِكمَتُه، فاللهُ ـ جَلَّ وعَلا ـ يَقولُ: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[القصَصِ:68]

فاللهُ ـ تَعالَى ـ يُخبِرُ في مُحكَمِ التنزيلِ أنَّهُ يَخلُقُ ما يشاءُ، زَمانًا، ومَكانًا، وحالًا، وشَخصًا، وهَذا  يَشملُ كلَّ خَلقِ اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ دُونَ استِثناءٍ، فكُلُّ ذَلِكَ خَلْقَه؛ إلَّا أنَّهُ أشارَ أيضًا إلى مَعنَى مُهمٍّ يَنبَغي التنبُّهُ إلَيهِ، وهُوَ أنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ يَختارُ مِنْ خَلْقِه مَنْ يَخُصُّهم بمُقتَضياتِ الاختيارِ ما يَجعَلُهم مُميَّزينَ عَنْ سائرِ الخَلقِ، كما قالَ ـ تَعالَى ـ ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ[الحَجِّ:75]

فاللهُ ـ سُبحانَه وبحَمدِه ـ يَختارُ مِنَ الناسِ، ومِنَ المَلائكةِ مَنْ يَتفضَّلُ عَلَيهم بأنْ يَجعَلَهم واسِطةً بَينَه، وبَينَ عبادِه في تَبليغِ شَريعتِه، وإيضاحِ الطريقِ الموصِّلِ إلَيهِ، والتعريفِ بِهِ ـ سُبحانَه وبحَمدِه ـ ولَهُ في هَذا الاختيارِ بالِغُ الحِكمةِ، ولذَلِكَ قالَ اللهُ ـ جَلَّ وعَلا ـ ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ[الأنعامِ:124]

فاللهُ ـ سُبحانَه ـ أعلَمُ بمَواطنِ الفَضلِ ومَواقعِ الإحسانِ؛ فما مِنْ شَيءٍ خَصَّه اللهُ بخاصيَّةٍ كَونيةٍ، أو قَدَريةٍ إلا وذاكَ الاختِصاصُ وذاكَ التمييزُ لَهُ حِكمةٌ قَدْ تَبدو للإنسانِ أو تَخفَى عَلَيهِ، والشأنُ كُلُّه في أنْ يُدرِكَ الإنسانُ أنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ حكيمٌ عَليمٌ في كلِّ ما يَشاؤُه ـ جَلَّ في عُلاه ـ قالَ ـ سُبحانَه وتَعالَى ـ:﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا[الإنسانِ:30].

فما مِنْ شَيءٍ يَختارُه اللهُ ـ جَلَّ وعَلا ـ ولا شَيءٍ يَصطفيهِ سُبحانَه وبحَمدِه؛ إلَّا ولَهُ فيهِ حِكمةٌ ـ جَلَّ في عُلاه ـ وممَّا خصَّ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ جُملةً مِنَ الخَصائصِ، والميزاتِ ما خَصَّ بِهِ بَعضَ الزمانِ مِنَ الخَصائصِ التي مَيَّزَتْه عَنْ سائرِ الزمانِ يَقولُ اللهُ ـ جلَّ في عُلاه ـ: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ[التوبةِ:36]

فهذهِ الآيةُ الكريمَةُ أخبَرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ عَنْ عَددِ الشهورِ، وأنَّها اثنا عَشَرَ شَهرًا، وهِيَ الأشهَرُ  المُستنِدةُ في الحسابِ إلى سيرِ القمرِ، كما قالَ ـ تَعالَى ـ:﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ[البَقرةِ:189]، فاثنا عَشَرَ شَهرًا بالأشهُرِ العَربيةِ المَعهودَةِ التي تَستنِدُ إلى سَيرِ القمرِ؛ كما بَيَّنَ ـ جَلَّ في عُلاه ـ في قَولِه ـ تَعالَى ـ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ[البَقرةِ:189]

ثُمَّ بَعدَ أنْ ذَكرَ اللهُ  ـ تَعالَى ـ هَذا العَددَ، وهذهِ العِدَّةَ مِنَ الأشهُرِ، وهِيَ اثنا عَشرَ شَهراً بَيَّنَ ـ جَلَّ في عُلاه ـ ما خَصَّ بِهِ أربعَةً مِنْها؛ فقالَ: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ[التوبةِ:36].  أي: مِنْ هذهِ الأشهُرِ أربعَةٌ حرُمٌ؛ أي: مُحرَّمَةٌ، ومَعنَى أنَّها مُحرَّمَةٌ: أي: أنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ جَعلَ فيها مِنَ الميزَةِ، والخاصِّيةِ، والاصطِفاءِ ما ليسَ في بَقيةِ أشهُرِ العامِ، فجَعلَ لها مِنَ الأحكامِ، والاحتِرامِ، وتَغليظِ العُقوبةِ عَلَى العاصي فيها ما يُوجِبُ التنبُّهَ، ولذَلِكَ قالَ ـ تَعالَى ـ: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ[التوبة:36] ثُمَّ قالَ: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبةِ:36] فقَولُه ـ جَلَّ وعَلا ـ: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ[التوبةِ:36]

 أي: لا تَظلِموا أنفُسَكم في هذهِ الأشهُرِ؛ الضميرُ يَعودُ إلى الأشهُرِ كُلِّها، كما قالَ ابنُ عَباسٍ، وقالَ جَماعةٌ مِنْ أهلِ التفسيرِ: بَلْ يعودُ إلى أقرَبِ مَذكورٍ، وهُنَّ الأربَعُ الحُرمُ، وهِيَ أربعَةُ أشهُرٍ جاءَ بَيانُها في لِسانِ مَنْ لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى صَلواتُ اللهِ، وسَلامُه عَلَيهِ.

 فقَدْ جاءَ في الصحيحَيْنِ، مِنْ حَديثِ عَبدِ الرحمَنِ ابنِ أبي بَكرةَ عَنْ أبيهِ أبي بَكرةَ رَفيعِ ابنِ الحارِثِ الثقَفيِّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنهُ ـ عَنِ النبىِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ قالَ: "استَدارَ الزمانُ كهَيئتِه يَومَ خَلقَ اللهُ تَعَالَى السماواتِ والأرضِ، السنَةُ اثنا عشَرَ شَهراً مِنها أربعةٌ حُرمٌ" صحيحُ البُخاريِّ (3197)، وصحيحُ مُسلمٍ (1679).

وهَذا بيانٌ نَبويٌّ أنَّهُ في العامِ الذي قالَ فيهِ هَذا القولَ ـ صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ ـ عادَ الزمانُ عَلَى هَيئتِه، وصِفَتِه التي كانَ عَلَيها يَومَ خَلقَ السماواتِ والأرضَ.

 فالزمانُ وهُوَ الأشهُرُ وتَخصيصُ أربعةٍ مِنَها بالتعظيمِ والتحريمِ، وقَدْ جَرَى عَلَيهِ تَبديلٌ وتَغييرٌ بفِعلِ الجاهِليينَ؛ حَيثُ كانوا يُغيِّرونَ ما حَرَّمَه اللهُ ـ تَعالَى ـ يُقدِّمونَ، ويُؤخِّرونَ.

في تِلكَ السنةِ، وهِيَ السَّنةُ العاشِرةُ التي حَجَّ فيها رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- عادَ الأمرُ عَلَى حالِه مِنْ حَيثُ تَحريمُ الأشهُرِ إلى ما كانَ عَلَيهِ، حالِ الأشهُرِ الحُرمِ في الأشهُرِ التي خَلقَ اللهُ تَعالَى السماواتِ والأرضَ وهِيَ عَلَى نَسَقٍ مُعيَّنٍ في الأشهُرِ.

كما كانَتْ عَلَيهِ الحالُ يَومَ خلَقَ  السماواتِ والأرضَ أربعَةٌ مِنْها مُحرَّمَةٌ، وهِيَ ما عَدَّه رَسولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِه وسَلَّمَ ـ في قَولِه: هِيَ ذو القعدَةِ، وذو الحِجِّةِ، والمُحرَّمُ هذهِ ثَلاثةُ أشهُرٍ، ورَجبُ مُضَرَ، وهُوَ الشهْرُ الرابعُ مِنَ الأشهُرِ الحُرُمِ.

 وإنَّما أضافَه النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ إلى هذهِ القَبيلةِ، مُضرَ: قَبيلَةٌ مِنْ قبائلِ العَربِ، فمُضرُ: هُوَ مُضَرُ بنُ نِذارٍ ابنُ مَعدٍ ابنُ عَدنانَ، وهِيَ قَبيلةٌ مَعروفةٌ مِنْ قبائلِ العَربِ، فالعَربُ مِنْ وَلدَ عَدنانَ، إمَّا مِنْ رَبيعةَ، وإمَّا مِنْ مُضرَ.

 فمُضَرُ كانوا يُعظِّمونَ شَهرَ رَجبٍ خِلافًا لعَملِ الجاهِليةِ الذينَ كانوا يَستَبيحونَ الأشهُرَ بالتبديلِ، والتغييرِ فكانَتْ أعظَمُ القبائلِ تَعظيمًا لشَهرِ رَجبٍ قَبيلةَ مُضرَ، فلذَلِكَ قالَ النبيُّ  ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ: «رَجبُ مُضَرَ الذي بَينَ جُمادَى وشَعبانَ» صَحيحُ البُخاريِّ (3197)، وصحيحُ مُسلمٍ (1679) .

 فهَذا الشهرُ هُوَ مِنَ الأشهُرِ الحُرمِ التي حَرَّمها اللهُ  ـ تَعالَى ـ والتحريمُ هُنا لَهُ أوجُهٌ:

أوَّلًا: أنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ حرَّمَ فيهِ ابتِداءَ القتالِ، وعَلَى هَذا كانَ العَربُ قَبلَ الإسلامِ مما بَقِيَ مِنْ دِينِ إبراهيمَ، ومِلَّتِه ما كانوا عَلَيهِ مِنْ تَعظيمِ الأشهُرِ الحُرُمِ، فكانَ العَربُ يُعظِّمونَ هذهِ الأشهُرَ، فلا يكونُ بَينَهُم قِتالٌ، بَلْ تَضَعُ الحَربُ أوزارَها في الأشهُرِ الحُرُمِ، فلا يكونُ بَينَهُم قِتالٌ، ولذَلِكَ سُمِّيَ هَذا الشهرُ: بالأصمِّ لأنَّهُ لا يُسمَعُ فيهِ قَرعٌ للسلاحِ، فمِنْ أسماءِ شَهرِ رَجبٍ: الأصمُّ، لأنَّهُ لا تُسمَعُ فيهِ أصواتُ الأسلحةِ.

 ويُسمَّى أيضًا مُنصِلُ الأسِنَّةِ: وذَلِكَ أنَّ العَربَ كانَتْ تَفُلُّ سِلاحَها، وتَفُكُّ نِصالَ سِهامِها، وتَضَعُ رِماحَها، فلذَلِكَ سُمِّيَ: مُنصِلَ الأسنةِ، هكَذا كانَتِ العَربُ تُعظِّمُ هذهِ الأشهُرِ، ومِنها هَذا الشهرُ، شَهرُ رَجبٍ، فكانَتْ تُحرِّمُ القتالَ فيهِ، ولذَلِكَ كانوا مما عابوهُ عَلَى النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ ما ادَّعوهُ مِنْ أنَّهُ أستَباحَ الشهرَ الحرامَ قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ[البَقرَةِ:217] أي: قِتالٌ فيهِ إثْمُه عَظيمٌ كَبيرٌ، والمقصودُ بِهِ ابتِداءُ القِتالِ؛ فإنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ أمَرَ رَسولَه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ بتَعظيمِ ما عَظَّمَه مِنْ هذهِ الأشهُرِ الحُرمِ الأربَعِ، فكانَ لا يَبتَدِئُ قِتالًا فيها ـ صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ ـ ومَنْ كانَ قَدِ ابتَدأَ القتالَ فقَدْ أسقَطَ الحُرمةَ، فيكونُ رَدُّه مِنْ بابِ ردِّ الصائلِ.

 أي: فلَوِ اعتَدَى عَلَى أهلِ الإسلامِ مُعتَدٍ في هذهِ الأشهُرِ، فإنَّهُم لا يَترُكونَه يَجتاحُ أنفُسَهم، وأموالَهم، وبُلدانَهم بَلْ يَصدونَه بما يَردُّه؛ فالمنهِيُّ عَنهُ في الأشهُرِ الحُرمِ، هُوَ ابتداءُ القتالِ لا صَدُّ الصائلِ المُعتَدي الذي لم يَرعَ حُرمةً لهذهِ الأشهُرِ.

 وإنَّ العَربَ عَلَى اختِلافِ قَبائلِهم كانوا يُعظِّمونَ الأشهُرَ، وإنْ كانوا قَدْ أحدَثوا في ذَلِكَ مُحدَثاتٍ، فكانَ مِنهُم مِنَ القَبائلِ مِنْ لا يُعظِّمُ شَهرًا حَرامًا، وهُمْ قَبيلتانِ مِنْ قَبائلِ العَربِ كانَتْ لا تُعظِّمُ الأشهُرَ الحُرمَ فتُقاتِلُ فيها، ولذَلِكَ كانَ العربُ يُمسِكونَ عَنِ القِتالِ إلَّا قِتالَ المُحلِّينَ.، أي: المُستَبيحينَ للأشهُرِ الحُرمِ، فكانوا يُقاتِلونَهم لأنَّهُم لا يُقيمونَ حُرمةً لشَهرٍ حَرامٍ ومما أحدَثَه الجاهِليونَ في هذهِ الأشهرِ ما ذَكرَه اللهُ ـ تَعالَى ـ في قَولِه ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ[التوبةِ:37].

 والنَّسيءُ: هُوَ تَبديلُ الأشهُرِ الحُرمِ، وتَغييرُ مَواقعِها، فالعَربُ كانَ يَطولُ عَلَيهم تَحريمُ القِتالِ ثَلاثةَ أشهُرٍ، وهِيَ ذو القعدَةِ، وذو الحِجَّةِ، والمُحرَّمُ، فكانوا يَنقُلونَ تحريمَ شَهرِ المُحرَّمِ يَستَبيحونَه ويَنقُلونَ تَحريمَه إلى صَفَرٍ.

 كذَلِكَ في رَجبٍ كانوا يَستبيحونَه، ويَنقُلونَ تَحريمَه إلى رَمضانَ، أو إلى شَعبانَ كما كانَ يَفعَلُه بَعضُهم فلَمَّا جاءَتْ هذهِ الشريعَةُ، وجاءَ هَذا الدينُ القويمُ أعادَ الأمرَ إلى نِصابِه عَلَى نَحْوِ ما كانَ عَلَيهِ قَدرُ اللهِ، وكِتابُه عِندَما خَلقَ السماواتِ، والأرضَ، وهِيَ أشهُرٌ أربَعةٌ، ثَلاثةٌ مُتواليةٌ وواحِدٌ مِنها فَردٌ.

 قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ:﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ[التوبَةِ:36]

 أي: في قَدرِه، هَذا مَعنَى في كتابِ اللهِ. أي: في تَقديرِه، وفي قَضائِه، وقُلْ في كتابِ اللهِ أي: في شَرائعِ دينِهِ فالرُّسلُ ـ صلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهم ـ كانوا جَميعًا عَلَى تَحريمِ ما حَرَّمَه اللهُ ـ تَعالَى ـ مِنْ هذهِ الأشهُرِ مُنذُ أنْ خلَقَ اللهُ ـ تَعالَى ـ السماواتِ والأرضَ.

 ومِنْ أوجُهِ تَحريمِ هذهِ الأشهرِ أنَّ السيئةَ فيها مُغلَّظةٌ؛ وذَلِكَ أنَّ السيئاتِ والخَطايا يَعظُمُ قَدرُها وتَتغلَّظُ عُقوبتُها بإيقاعِها في زَمنٍ مُبارَكٍ وهَذا ممَّا يَنبَغي أنْ يَتنبَّهَ إلَيهِ المُؤمِنُ، فإنَّ اللهَ ـ تَعالَى ـ بَعدَ أنْ ذَكرَ الأشهُرَ الحُرمَ قالَ: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ[التَّوبةِ:36].

والظُّلمُ مُحرَّمٌ في كُلِّ زَمانٍ، وفي كُلِّ حالٍ، وعَلَى كلِّ أحَدٍ؛ فالظلْمُ لا يَحِلُّ مِنهُ شئٌ البَتةَ قالَ اللهُ ـ جَلَّ في عُلاه ـ: «يا عِبادي إنِّي حَرَّمتُ الظلمَ عَلَى نَفسي وجَعَلتُه بَينَكُم مُحرَّمًا فلا تَظَّالَموا» صحيحُ مسلمٍ (2577) فيجِبُ عَلَى المُؤمنِ أنْ يَمتنِعَ عَنِ الظُّلمِ في كلِّ زَمانٍ، سَواءٌ كانَ ظلمَ غَيرِه أو كانَ ظلمَ نَفسِه بالمَعاصي والسيئاتِ، والخَطايا والأوزارِ كلُّ ذلِكَ مما يَنبَغي أنْ يَحتاطَ مِنهُ المُؤمِنُ، وأنْ يُبعِدَ نَفسَه عَنهُ في كُلِّ الأحوالِ.

 لكِنْ في مَقامِ التحريمِ وفي أزمِنةِ الحُرمةِ والتعظيمِ يَجِبُ عَلَى المُؤمنِ أنْ يَحتاطَ أكثرَ، وأنْ يَتوقَّى الشرَّ جَهدَه وطاقَتَه كي لا تَنالَه العُقوبَةُ المُغلَّظةُ؛ فالعقوبةُ مُغلظةٌ في هذهِ الأزمانِ قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة:36]

كما إنَّ الحَسنةَ في الأشهُرِ الحُرمِ لها وَزنٌ أعظَمُ مِنهُ في سائرِ الزمانِ، ولهَذا يَجتهِدُ المُؤمِنُ في الجُملَةِ في صالِحِ العَملِ عَلَى وَجْهِ العُمومِ في الزمانِ المُباركِ، ويَتوَقَّى السوءَ والشرَّ والمَعصيةَ والوِزرَ في أزمنةٍ التَّحريمِ، والأشهرِ الحُرمِ، وغَيرِها مِنَ الأيامِ والأزمِنةِ التي عَظَّمها اللهُ تَعالَى.

 فالزمانُ المُباركُ يُضاعَفُ فيهِ الحَسناتُ، وتُغلَّظُ فيهِ السيئاتُ.

سُؤالٌ: ايش مَعنى تُغلَّظُ فيهِ السيئاتُ؟ يَعني: السيئةُ بعَشرِ أمثالِها؟

الجَوابُ: لا، اللهُ تَعالَى قَدْ بَيَّنَ قاعِدةً في المُجازاةِ في الحسنةِ والسيئةِ فقالَ ـ جَلَّ وعَلا ـ: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا[الشُّورَى:40] فلا يُمكِنُ أنْ تَتضاعَفَ السيئاتُ، السيئةُ بمِثلِها فاللهُ لا يَظلِمُ الناسَ شَيئًا، وأمَّا الحسنَةُ مَنْ جاءَ بالحَسنةِ فلَهُ عَشرُ أمثالِها، فذاكَ فَضلُه جَلَّ في عُلاه، وإحسانُه، وعَطاؤُه.

 فمِمَّا تتَضاعَفُ بِهِ الحَسناتُ أنْ تَكونَ في الزمانِ المُباركِ، ومِمَّا تُغلَّظُ فيهِ السيئةُ أنْ تكونَ في الزمانِ المُباركِ الفاضلِ المُحرَّمِ، ولهَذا تَعظُمُ العُقوبَةُ.

 ومَعنَى تَعظُم أي: أنَّها تَكونُ عُقوبةً غَليظةً لا في العَددِ، وإنَّما في الكَيفِ لا في القَدرِ، وإنَّما في الصِّفةِ، فيَنبغي التنبُّهُ إلى الفرْقِ بَينَ مُضاعفَةِ الحَسناتِ في الزمانِ المُباركِ، والمكانِ المُباركِ، وبَينَ تَغليظِ السيئاتِ في الزمانِ المبارَكِ، وفي المكانِ المُباركِ فإنَّ التغليظَ يَختَلِفُ عَنِ المُضاعفةِ، فأنتَ الآنَ تَضرِبُ هذهِ الطاولةَ ضَربةً عَلَى هَذا النحْوِ، وتَضرِبُها ضَربةً أيضًا عَلَى هَذا النحْوِ تَرفعُ يَدكَ أقوَى، وهِىَ واحِدةٌ لكِنَّ الفرقَ في إيش في قوةِ الضربةِ، وشِدتِها وهِيَ واحِدةٌ، فالتغليظُ لا يَستلزِمُ المُضاعفةَ، والزيادةَ في القَدرِ، فقَدْ قالَ اللهُ ـ جَلَّ وعَلا ـ:  ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا[الشورى:40] إنَّما يُضاعِفُ عَددًا، وقَدرًا، الحَسناتُ إذا كانَتْ في الزمانِ المُباركِ، أو في المكانِ المُبارَكِ. 

 ولهَذا يَنبَغي للمُؤمنِ أنْ يَحتاطَ، وأنْ يَجتنِبَ السيئةَ في الأشهُرِ الحُرمِ، وأنْ يَتوقَّى الخَطأَ في السرِّ، والعَلَنِ فإنَّهُ لا فرقَ في السيئةِ التي يَنبَغي للمُؤمنِ أنْ يَحفظَ نَفسَه مِنها أنْ تكونَ بَينَ الناسِ، وبَينَ أنْ تكونَ عَلَى حالِ الخَلواتِ بَلْ إنَّ سِيئةَ الخَلواتِ، إذا كانَتْ مُشيرةً إلى ضَعفِ تَعظيمِ اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ وناشِئةً عَنْ عَدمِ قَدْرِه حَقَّ قَدْرِه فإنَّها تكونُ خَطيرةٌ.

 قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ:﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ[النساءِ:108]

فاللهُ ـ تَعالَى ـ بيَّنَ حالَهم حَيثُ كانوا يَختفونَ مِنَ الناسِ في نِفاقِهم، وسَيِّءِ عَملِهم، ولا يَتوقُّونَ أنْ يَطَّلِعَ اللهُ ـ تَعالَى ـ عَلَى ما يكونُ مِنْ عَملِهم في السرِّ، فيَنبَغي للمُؤمنِ أنْ يَحرِصَ عَلَى تَعظيمِ الشهرِ الحَرامِ بتَوقِّي سَيءِ الأعمالِ عَلَى تَعظيمِ الشهرِ الحَرامِ بالاجتِهادِ في صالِحِ العَملِ سَواءٌ أكانَ ذَلِكَ في دَقيقِ الأمورِ، وجَليلِها في سِرِّها، وإعلانِها في فَرضِها ونَفلِها؛ فإنَّ الفرائضَ أيضًا مما يَتقرَّبُ إلى اللهِ ـ تَعالَى  ـ بِهِ، فيَعظُمُ أجرُها في الزمانِ المُباركِ، ويَكبُرُ فَضلُها، وتَكثُرُ حَسناتُها إذا كانَتْ في الزمانِ المُباركِ.

 إذًا التحريمُ الذي يَتعلَّقُ بالأشهُرِ الحُرمِ، هُوَ في أمرَيْنِ:-

 الأمرِ الأوَّلِ: في مَنعِ ابتِداءِ القِتالِ.

 والأمرِ الثاني: في تَوقِّي السيئاتِ والمَعاصي، والاجتهادِ في الطاعاتِ والصالحاتِ.

هَذا ما يَنبَغي أنْ يَتنبَّهَ لَهُ المُؤمنُ وهُوَ: في الأشهُرِ الحُرمِ هُنا سُؤالٌ يَنبغي أنْ نَتناولَه وأنْ نُجيبَ عَلَيهِ، وهُوَ ما يَتعلَّقُ بشَهرِ رَجبٍ:

 هَلْ وَردَ في شَهرِ رَجبٍ فَضيلةٌ خاصَّةٌ دُونَ سائرِ الأشهُرِ الحُرمِ؟

رَجبٌ كانَتْ تُعظِّمُه الجاهليةُ تَعظيمًا شَديدًا، ولذَلِكَ سَموهُ رَجبًا، ورَجبٌ هُوَ الشيءُ المُعظَّمُ، فإذا رَجَّبتَ الشيءَ عَظَّمتَه، فمادَّةُ رَجبٍ في اللُّغةِ: تَدُلُّ عَلَى التعظيمِ، والإجلالِ، والتقديرِ، وكانَ العَربُ يُعظِّمونَه، وجاءَتِ الشريعةُ بتَعظيمِه.

 لكِنْ دُونَ أنْ يكونَ فيهِ إحداثٌ وزيادَةٌ عَلَى ما شَرعَ اللهُ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ ولم يَثبُتْ عَنهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ في شَهرِ رَجبٍ شَئٌ زائدٌ عَنِ الأعمالِ خاصٌّ برَجبٍ لم يَثبُتْ عَنِ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ شَيءٌ مِنَ الأعمالِ خاصٌّ برَجبٍ، لا في صيامِه، ولا في صَلاةِ لَيلِه، ولا في سائرِ الأعمالِ الصالحةِ الأُخرَى عَلَى وَجْهِ التعيينِ.

 إنَّما الندْبُ في رَجبٍ إلى سائرِ العَملِ كسائرِ الأشهُرِ الحُرمِ؛ أمَّا أنْ يُخَصَّ هَذا الشهْرَ بكَثرةِ صيامٍ، أو بقيامِ بَعضِ لَياليهِ، أو بغيرِ ذَلِكَ مِنَ الأعمالِ، فهَذا لم يَثبُتْ بِهِ نَصٌّ كذَلِكَ لم يَثبُتْ أنَّ للعُمرةِ في شَهرِ رَجبٍ فضيلةً خاصَةً، وقَدْ كَتبَ في هَذا الشهرِ جَماعةٌ مِنْ أهلِ العِلمِ.

 فكَتبَ الحافَظُ أبو الفَضلِ أحمدُ بنُ عَلَي بنِ حَجَرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ كِتابًا بَيَّنَ فيهِ الأحاديثَ الوارِدةَ في فَضلِ رَجبٍ، وفَنَّدَها، وبَيَّنَ ضَعفَها، وأنَّها لا تَخلو بَينَ أنْ تَكونَ، إمَّا أحاديثَ ضَعيفةً، أو مَوضوعَةً، والكِتابُ شَهيرٌ بعِنوانٍ "تَبيينُ العَجبِ بما وَردَ في فَضلِ رَجبٍ"، وقَدِ انتَهَى ـ رَحمَهُ اللهُ ـ وهُوَ مِنَ الحُفَّاظِ الذينَ جَمعَ اللهُ لَهُم فِقْهًا، وحِفْظًا، وتَمييزًا للصحيحِ مِنَ الضعيفِ مِنَ الأحاديثِ.

 انتَهَى ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ إلى أنَّهُ لم يَثبُتْ في فَضيلةِ العَمَلِ الصالِحِ في رَجبٍ ميزَةٌ خاصَّةٌ، لا في صَلاةٍ، ولا في صيامٍ، ولا في غَيرِه مِنَ الصالحاتِ، وقَدِ استَحبَّ بَعضُ أهلِ العِلمِ العُمرةَ في رَجبٍ استِنادًا إلى ما جاءَ في الصحيحِ مِنْ حَديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ ـ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنهُ ـ أنَّهُ أخبَرَ عَنِ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ أنَّهُ اعتَمرَ أربعَ عُمَرٍ إحداهُنَّ في رَجبٍ إلَّا أنَّ هَذا لم يَثبُتْ عَنهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ فقَدْ سأَلَ عُروةُ بنُ الزُّبَيرِ عائشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْها ـ عَنْ قَولِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ. فقالَ: يا أمَّ المُؤمنينَ ألَمْ تَسمَعي إلى ما قالَ أبو عَبدِ الرحمنِ؟ يُريدُ بذَلِكَ عبدَ اللهِ بنِ عُمرَ، والحديثُ في الصحيحَيْنِ. قالَتْ: ما يَقولُ؟  قالَ: يقولُ: إنَّ رَسولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ اعتَمرَ أربعَ عُمَرٍ إحداهُنَّ في رَجبٍ. فقالَتْ: يَرحَمُ اللهُ أبا عَبد الرحمَنِ ما اعتَمرَ رَسولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ، وسَلَّمَ ـ عُمرةً إلَّا وكانَ مَعَهُ، ولقَدِ اعتَمرَ رَسولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ أربَعَ عُمرَ كلَّها في ذي القِعدةِ، ولم يَعتمِرْ في رَجبٍ  صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ" صحيحُ البُخاريِّ (1775-1776)، ومُسلمٍ (1255) فلَمْ يَثبُتْ في العُمرةِ في رَجبٍ فَضيلةٌ خاصَّةٌ، ولم يُنقَلْ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ، وسَلَّمَ فيها فَضلٌ خاصٌّ، وعَلَى هَذا جَماهيرُ العُلَماءِ، وأنَّ العُمرةَ في رَجبٍ كسائرِ الأشهُرِ، ليسَ لها مَزيَّةٌ عَلَى سائرِ الأشهُرِ تَخُصُّها كعُمرةِ رَمضانَ مَثلًا، أو العُمرةِ في ذي القعدةِ، فإنَّ لها مِنَ الخاصِّيةِ أنَّ عُمرةَ رَمضانَ تَعدِلُ حَجَّةً،كما قالَ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ وعُمرةُ ذي القعدَةِ أنَّ النبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ اعتَمرَ كُلَّ عُمَراتِه في ذي القعدةِ، فالفَضيلَةُ في ذي القعدةِ مُوافقَةٌ لزَمنِ اعتمارِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ.

 أمَّا رَجبٌ فلَمْ يَثبُتْ فيهِ شَيءٌ لا بَقولِه، ولا بفِعْلِه لم يَثبُتْ عَنِ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ فَضيلةٌ للعُمرةِ في رَجبٍ، لا بقَولِه ولا بفِعلِه لكِنْ لو فَعلَ الإنسانُ ذَلِكَ عَلَى وَجهِ المُوافَقةِ، وأنَّهُ تَيسَّرَ لَهُ أنْ يأتيَ للعُمرةِ في هَذا الشهْرِ فهُوَ كسائرِ الأشهُرِ.

 لكِنْ مَنْ كانَ يَتحرَّى فَضيلةَ عُمرةٍ في رَجبٍ فيُقالُ لَهُ: لم يَثبُتْ في ذَلِكَ عَنِ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ حَديثٌ ولا فَضلٌ خاصٌّ للعُمرةِ في هَذا الشهْرِ.

أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العَرشِ الكريمِ، أنْ يَرزُقَنا العِلمَ النافِعَ، والعمَلَ الصالحَ، وأنْ يَسلُكَ بِنا سبيلَ الهُدَى، والرشادِ، وأنْ يُعينَنا عَلَى الطاعةِ، والإحسانِ، وأنْ يُوفِّقَنا إلى ما يُحِبُّ، ويَرضَى مِنَ الأعمالِ، وأنْ يَثبِّتَنا عَلَى السُّنةِ، وأنْ يَرزُقَنا الاستِقامةَ عَلَيها، ويَحشُرَنا في زُمرةِ صاحبِها صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيهِ. 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94513 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90235 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف