المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله جميعا مستمعينا الكرام، إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم: "الدين والحياة"، والذي يأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، في كل أسبوع وفي كل حلقة مستمعينا الكرام نتناول موضوعا يناسب ما نعيش فيه في ذلك اليوم وفي ذلك الموسم بشكل عام، ومن المناسبة الحديثُ في هذا اليوم عن الاختبارات بشكل عام، سيكون أيضا ضيفنا في هذه الحلقة صاحب الفضيلة الشيخ، الأستاذ الدكتور: خالد بن عبد الله المصلح، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمنطقة القصيم، وأستاذ الفقه في كلية الشريعة في جامعة القصيم والذي نسعد بالترحيب بفضيلته، فالسلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله، مرحبا بكم، وحياكم الله، وحيا الله الإخوة والأخوات.
المقدم: أهلا وسهلا بكم يا شيخ خالد، ونرحب أيضا بكل من انضم إلينا الآن عبر الأثير للاستماع إلينا في هذه الحلقة المباشرة من برنامج "الدين والحياة"، يسعد بصحبتكم مستمعينا الكرام من خلال هذه الحلقة ومن الإعداد والتقديم محدثكم عبدالله الداني، ومن التنسيق لاستقبال الاتصالات الزميل أحمد السلمي، ومن التنفيذ على الهواء الزميل مصطفى الصحفي، حديثنا كما ذكرنا في بداية الحلقة مستمعينا الكرام عن أبنائنا والامتحانات في هذه الفترة العصيبة التي تعيشها معظم الأُسر، سنتحدث عن هذا الموضوع بشكل عام بما يتعلق بالعديد من جوانبه المختلفة سواء الدينية منها والاجتماعية والعلمية، سيكون حديثنا واسعا وشاملًا مع ضيفنا وضيفكم الشيخ: خالد المصلح، مستمعي الكرام أيضا يمكنكم المشاركة بالاتصال على الأرقام التالية 0126477117، والرقم الثاني 0126493028، أو بالإرسال على الواتس آب0556111315، كما يمكنكم التغريد عبر برنامج الهاشتاج #الدين والحياة#، فاصل مستمعينا الكرام ونعود إليكم.
المقدم: أهلا ومرحبا بكم من جديد مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة من برنامج "الدين والحياة"، وضيفنا الدائم في هذا البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور: خالد بن عبد الله المصلح، حياكم الله مجدَّدا شيخ خالد، وكما ذكرنا أن حديثنا في هذه الحلقة عن الأبناء والطلاب والاختبارات، كان الطلاب في الوقت الفارض يستعدون، الطلاب والطالبات بشكل عام يستعدون لدخول الاختبارات التي يعيشونها في هذا الأسبوع وفي هذه الأيام بعد أن أمضَوا شهورًا من العمل والجِدِّ والاجتهاد في التحصيل العلمي، في المقابل كان أيضا قلوب الآباء والأولاد في ذات الوقت أصبحت أحيانا تكون وجِلَة وأذهانهم قلِقة أحيانا عندما يكون الآباء والأبناء منشغلون بهذه الاختبارات، هناك أيضا بعض البيوت تعيش حالةَ استنفار كما يقال أحيانا، البعض يطلق عليها مصطلح يعني مُعسكَر مثلا داخل البيوت كاستعداد وتهيؤ تام وكامل لهذه الامتحانات، في البداية شيخ خالد لو نتحدث عن الجانب المهم ألا وهو رعاية الآباء لأبنائهم في هذه الأيام.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحياتي لك أخ عبد الله، وكذلك للإخوة والأخوات والمستمعين والمستمعات، فيما يتصل بموضوع الاختبارات، حتى نكون على وضوح في النقاط التي سنتناولها، ما أشرت إليه نقطة افتتاحية مهمة، وسنتحدث -إن شاء الله تعالى- إذاً عن الآداب التي ينبغي أن يراعيها الطلاب، يعني أشبه ما يكون برسائل، رسائل للطلاب، رسائل للمعلمين، رسائل لأولياء الأمور، رسائل عامَّة لكل من يشارك في العملية التعليمية، الموقف من انتشار بعض القضايا المتعلقة بالمكافأة على النجاح والتشجيع عليه وحفلات النجاح، وأيضا نختم بالحديث عما يتعلق بالهدايا التي تكون من الطلاب لمعلِّميهم، وما يتعلق بذلك من أحكام، فموضوعنا يتناول جوانب عديدة، الافتتاحية فيما يتصل بالموضوع أخ عبد الله المراد، حاضر إن شاء الله في أثناء الحديث، فيما يتصل بالاختبارات، الاختبارات بالتأكيد هي فترة ضعف، هذا الذي ينبغي أن يستحضرَه الجميع فيما يتعلق بمقصود الاختبارات، الاختبارات هي قياس مدى تحصيل الطالب وإتقانه وإلمامه بالموضوعات التي درسها وتناولها خلال الفصل الدراسي من العام الدراسي، الانطلاق من هذا المنطلق يبين لنا أن الاختبارات إذا أُخذت بهذا المفهوم وبهذا التصور، يترتب عليه أن هذه الاختبارات ليست شيئا عسيرا أو شيئا يشبه أنه تحدِّيا بين معلم أو طالب أو أي نوع من أنواع إظهار القوة سواء كان من المعلم أو من الطالب، بل الغرض منها والمقصود هو الفحص، هو التحقق من إلمام الطالب وقياس مدى إلمامه للموضوعات التي تناولها خلال دراسته، وبالتالي هذا المبدأ يجعلنا ننطلق في الحديث عن الاختبارات على ضوء هذا المفهوم الذي يمثل المقصود والهدف من الاختبارات، فالطالب يجب عليه أن يبذل جهده في لمِّ ما يمكنه جمعه من المعلومات والمعارف والمهارات ويدخل ذلك على وجه يمكنه من تحصيل التفوق، وإن لم يتمكن من التفوق فعلام يمكن أن يحصَّل له من الدرجات؟ وأقل ذلك أن يجتاز هذه الاختبارات لينتقل منها إلى ما بعدها من مراحل تعليمية أو مقررات دراسية.
فيما يتصل بهذا المفهوم، الدراسة عندما تكون غرضها البناء والتشكيلة الذهنية وبناء الإنسان، بالتأكيد أنها لن تنحصر في مدة زمنية أو لن تنحصر في جواب على ورق، بل هو أشمل من ذلك، هو ذاك القدر من المعرفة، ذاك القدر من الإتقان والمهارة، ذاك القدر من التحصيل الذي يأتي تراكميَّا، ولذلك كون الطالب يمضي أيام الفصل وأيام السنة، الفصل الدراسي والسنة الدراسية، عابثًا لاهيا بعيدا عن التحصيل ثم يأتي إلى الاختبار ليجمع كل ما يتعلق بالمادة! الحقيقة أن هذا لا يتعلق بالمقصود من العملية التعليمية، وينبغي لمن يتولَّى وضع الأسئلة أن يستحضر هذا المعنى، أنه ليس المقصود هو اختبار قدرته على الحفظ، إنما اختبار نواحي عديدة، وليس الحفظ الوحيد هو الذي يُختَبَر ويقاس، فإن من الناس من عنده قدرة قوية على الحفظ في وقت قصير، ومنهم من عنده قدرة دون ذلك، والمقصود ليس هو قياس القدرة على الحفظ، هو جانب من الجوانب لكن ليس هو المقصود الأول ولا هو الأساس في مسألة التحصيل وإدراك المعارف والعلوم، وبالتالي ينبغي للطالب أن يبذل جهده في دراسة المقصود من التعليم، التعليم عندما يكون الغرض منه اجتياز مرحلة إلى مرحلة دون إدراك ما في هذه المراحل من معارف ولا إتقان ما فيها من مهارات، دون تحصيل ما فيها من علوم، بالتأكيد أنه سيكون انتقالا فارغا، وسيكتشف المتعلم أنه في نهاية المدة لم يحصل شيئا بل عاد كما كان أُمِّيًّا، إلا فيما يتعلق ببعض الأشياء المكتسبة التي هي القراءة والكتابة التي يعني مكَّنته من هذا الترحال وهذا التنقل من مرحلة إلى مرحلة، لكن ما في هذه المرتحل من علوم فاتت ولم يدركها؛ لأنه لم يكن يتلقاها تلقِّيَ الذي يستشعر بأنه يُبني، ومعلوم أنه في عملية البناء الحسي عندما تبني الدَّورَ الأول وتنتقل إلى الدور الثاني، فأنت لا تهدم الدور الأول؛ لأنه لا يمكن أن يقوم الدور الثاني على بناء مهدومِ، بل على بناء مثبَّت، إذا تشكلت عندك هذه الفكرة، الطالب والطالبة، والمعلم والمعلمة، والجميع من يشارك في العملية التعليمية، عندما يدركون أن التعليم ليس اختبار الأستاذ، إنما هو معارف تُدرك وعلومٌ تحصَّل ومهارات تُتْقَن، وكم من العلوم يدركها الطالب ويحتفظ بها ليتمكن من المواصلة في بناء نفسه وفكره وعقله، ويساهم في بناء مجتمعه، وفي كفاية نفسه لا شك أن الأمر سيختلف تماما في كل المشاركين، في نظر كل المشاركين، وفي ممارسة كل المشاركين في العملية التعليمية، إذا من المهم أن نلاحظ هذا، نحن اليوم قد وصلنا إلى نهاية المطاف، إلى الحصاد، إلى إحصاء المكاسب والخسائر فيما يتعلق بالعام الدراسي، وبالتالي من المهم أن الطالب يستدرك ما يمكن استدراكه، فمن فرَّط في السابق وقصَّر فينبغي أن يستدرك فيما بقي ويستعين الله -عز وجل-.
وصيتي للطلاب والطالبات أن أولاً يبذلوا جهدهم في الاستذكار مستعينين بالله -عز وجل-، وأؤكد على هذا المعنى؛ لأن الاستعانة بالله -عز وجل- تفتح من أبواب الخير للإنسان وأبواب التعلم.
المقدم: وهي بشكل دائم يا شيخ خالد ليست فقط في فترة الامتحانات ثم ينسى الإنسان ما كان عليه من الاستقامة والالتجاء لله -سبحانه وتعالى-.
الشيخ: بالتأكيد، بالتأكيد، هي يعني عندما نذكرها في هذا الوقت، نحن لا نحصرها فيه، إنما نذكِّر بأنه يحتاج الإنسان أن يعني يلحَّ على الله -عز وجل- بالدعاء، يفوِّض الأمر إليه، يصدق في التوكل عليه، يبذل جهده في الاستقامة على الخير ليحصل الخير في بقية أيامه وعمره، وليس أنه يعبد الله -عز وجل- أو أنه يستقيم في هذه الأيام ثم بعد ذلك ينسى فنصيحتي للطلاب الاستعانة بالله -عز وجل- والإلحاح في الدعاء وبذل الجهد، يعني ليس فقط الاستقامة ولا الاستعانة ولا التوكل كافيًا في تحصيل المطلوب، لا بد من الأخذ بالسبب، يعني التوكل لا بد أن يكون توكُّلا مع الأخذ بالأسباب المؤدِّية للنتائج، بل لا بد من بذل السبب والاجتهاد في تحصيل المقدمات، والنتائج بيد الله -جل في علاه-، والثمار يعني إنما يدركها الإنسان بعد بذل المقدمة، يعني لن يحصد من لم يزرع، ولن يجنيَ الثمر من لم يراع شجرًا ولا يقوم عليه بما يؤدي إلى الثمر الذي يريد، وهلمًّ جرًّا، فإنه من لم يسع إلى مقصوده وغرضه لن يدرك غرضه ومقصوده، والمقصود أن يبذل الإنسان جهده حسب الطاقة والإمكان لاجتياز هذه المرحلة وتجاوز الاختبارات بإتقان في أكبر ما يستطيع من قدر.
وأوصيهم أيضا بأن يعلموا أن الاختبارات ليست اختبارات للمعلومات فقط، بل اختبار للقِيَم أيضا، يختبر الإنسان في قيمته، في قيمه وفي تقواه وفي عبادته، ولذلك في الاختبار يعني إذا تيسَّر للإنسان الغشُّ، فما الذي يمنعه أن يغش؟ الذي يمنعه أن يغش أنه يخاف الله -عز وجل-، كالمرأة تلك التي لما قالت لابنة لها كانت تبيع اللبن وتخلِطُه بالماء، قالت: ائت بالماء، قالت: إن عمر لا يرانا، فقالت أين ربُّ عمر؟.[أخرج القصة بطولها ابن عساكر في تاريخ دمشق:70/253، وسندها قوي]، فتقوى الله -عز وجل- بترك المحرم، هو الاختبار الحقيقي، هنا النجاح، هنا التقدم، وهو أن يكون الإنسان ممن يخشى الله تعالى في الغيب والشهادة، ولذلك مسألة تيسُّر أسباب الغش، اليوم ثمة وسائل عديدة، وهناك تفنُّن من بعض الناس في تسريب المعلومة وفي الاطلاع عليها، وفي الحصول على أسئلة، الحقيقة أن الذي يغش إنما يغشُّ نفسه، لا يغش غيره، صح أن هناك ثمة غشًا للأمة وللمجتمع وهناك ظلمًا بأخذ ما لا يستحقه، لكن الحقيقة أنه يغش نفسه{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}[الإسراء: 15]لذلك أنا أوصي الطلبة والطالبات أن يتقوا الله -عز وجل- وأن يكفُّوا عن أي إغراء يقدَّم إليهم أو يتيسر لهم في مسألة أن يتجاوزوا وأن يستحقوا شيئا أو يأخذوا شيئا لا يستحقوه« من غشًّ فليس مِنَّا»[أخرجه مسلم في صحيحه:101/164] وهذا ليس مقصورا فقط على العلوم الشرعية كما يتوهَّمُه الناس، بل هذا في البيع والشراء، النبي – صلى الله عليه وسلم – قال هذا في أمر دنيوي، وهو بيع الطعام والشراب« من غشَّ فليس منا» وكذلك غش الناس في الاختبارات، في أخذ الإجابة إما بنظر أو بتسريب معلومة أو بمساعدة، حتى لو قال قائل: إن الأستاذ يسمح بالغش في بعض الأحيان، هذا لا يسوِّغُه، كون الرقيب غشَّ، فلا يسوِّغ لك الغش، بل ينبغي أن تُخبِر الجهات المُشرِفة على العملية التعليمية من المدرسة بالواقعة حتى يمنعوا مثل هذه التصرفات التي هي غشٌّ للدولة وغش للأمة وغش للناس، وهي من التعاون على الإثم والعدوان.
المقدم: الآن فرصة يا شيخ لتنمية مراقبة الله -سبحانه وتعالى- في هذه الامتحانات أن الإنسان لا يرتبط يعني بمسألة أنه يلتزم بالضوابط الواجبة للأخذ بها في الاختبارات وإنما هو يراقب الله -عز وجل- وإن لم يكن هناك حتى مراقب، أو أن المراقب مثلا سها أو غفل عنه، أو أن المراقب مثلا لم يستطع تغطيةَ مثلا قاعة كاملة أو غير ذلك.
الشيخ: بالتأكيد، يعني هو مثل ما ذكرت أنه اختبار ليس اختبارًا للمعلومة، بل هو اختبار للقيم، اختبار لمدى رقابتك لله وخوفك منه، إن الذي يمتنع من الغش مع تيسره له؛ إنما امتنع عنه خوفا من الله -عز وجل-، فهو مندرج في قوله تعالى، في قوله -جل وعلا-:{الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 49] فخشية الله -عز وجل- بالغيب هذه من مراتب التقوى العالية التي إذا فاز بها الإنسان جاز اختبارا رئيسًا ومهمًّا، وهو تحقيق رضا الله -جل وعلا-، ونيل عطائه ومغفرته سبحانه وبحمده.
المقدم: لكن شيخ خالد ما هو ارتباط مسألة الغش يا شيخ خالد، نتائج الغش، ما هي آثار الغش الذي يكون مثلا بعض الناس يقولون: إن الغش هذا ممكن ربما ينسحب على أمور كبرى، كأن يؤثِّر على رزق الإنسان، وأنه يعني ممكن ربما يكون يدخل في بعض الحرام، مثلا يكتسب بمال حرام؛ لأنه لم يجتز هذه الامتحانات التي أهلته للفوز بهذه الوظيفة بشكل مشروع مثلا.
الشيخ: على كل حال الغش له آثاره، وآثاره متنوعة، يعني من أكبر آثاره هو أن عدم خشية الله تعالى بالغيب هي إشارة إلى ضعف إيمان وضعف قيم وسلوك منحرف في مسلك الإنسان، بالتأكيد أن الذي يغش فهو لم يخش الله بالغيب، ولذلك يقول في هذا الوقت الذي قال الله تعالى فيه: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } [الملك: 12] فثمة آثار تتعلق بحق الله -عز وجل-، آثار دينية، وآثار دنيوية، الآثار الدنيوية فيما يتعلق بالأحكام التكليفية، بالتأكيد أن من غش، واستحق من ذلك ما لا يستحقه إلا بالغش لن تهنأ نفسه ولن تطيب حياته ويقرَّ عيشه وهو قد أخذ ما لا يستحق، لكن تفصيل هذا يحتاج إلى نوع من البسط ويتكلم عن أحوال الغش ومراتبه ودرجاته وفي أي شيء، ما الغش الذي يكون به الكسب حراما؟ وما الذي لا؟ هذه التفاصيل يعني قد لا نحتاج الدخول إليها، نحن في مقام الآن التنبيه على ضرورة البعد عن الغش وخشية الله -عز وجل- ومراقبته في الغيب والشهادة حتى يدرك الإنسان تقوى الله تعالى وخشيته وحتى يحقق العبودية لله -عز وجل- بالاستقامة على أمره وترك ما نهى عنه من الغش.
المقدم: أنتم وجَّهتم شيخ خالد رسائل إلى الطلاب في بداية هذه الحلقة، ربما هناك أيضا بعض الرسائل التي توجه لأولياء الأمور فيما يتعلق برعاية أخلاق أبنائهم وأيضا سلوكياتهم، وكذلك ما يتعلق بضرورة مراعاة الأمانة التي ألزم الله بها الأبوين تجاه أبنائهم.
الشيخ: نعم، فيما يتعلق بأولياء الأمور، لا شك أن أولياء الأمور عليهم مسؤولية، والنبي – صلى الله عليه وسلم – أشار إلى هذا فيما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – حيث قال« كُلُّكم راعٍ وكلُّكُم مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِه » ثم فصل النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك ببيان وجه الرعاية والمسؤولية المُناطة بكل فَردٍ من أفراد المسؤولية، ومن ذكَرَهم النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما ذكرهم على وجه التمثيل، وليس المقصود الحصر والقصر على هذا الذي ذكره النبي – صلى الله عليه وسلم - « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته » ثم بدأ بذكر نماذج مما يندرج تحت هذه القاعدة، قال: « الإِمام راعِ ومسؤولٌ عن رعيته، والرَّجُلُ راع في أهلِه وهو مسؤولٌ عن رعيته، والمرأةُ راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولةٌ عن رَعِيَّتِها، والخادِم راع في مالِ سَيِّدِه ومسؤول عن رعيته»[أخرجه البخاري في صحيحه:893] هكذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في بيان أوجه المسؤولية التي تندرج في قوله « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته » وبالتالي الأب والأم والأخ والأخت، كل ما له توجيه وأمر فيما يتصل بالتربية والتعليم من الأُسَر والأهل مسؤولون على قدر ما كُلِّفوا بها من الرعاية التي كلفوا بها، فهم مسؤولون بقدر التكليف الذي يتحملونه، فالأب عليه مسؤولية تجاه أولاده، ذكورا وإناثا في تربيتهم وتنميتهم وتعليمهم وتثقيفهم، وحثِّهم على الاستذكار وضبط المعلومات والتهيؤ للاختبارات، كل هذا مما ينبغي أن يراعيَها الأب، والحقيقة أخي الكريم أقول وبوضوح أن كثيرا من الآباء مشغولون عن هذا بما لا شغل فيه، وقد تركوا أكثر المسؤولية وغالبها على الأمهات، وتجد أن الأم هي التي تتابع، وهي التي تحثُّ، وهي التي تراقب مدى إتقان أولادها، ولا شك أن الأم قريبة ولها تأثير أكبر من الأب، لكن هذا لا يُعفِي من المسؤولية، يا أخي بعض الآباء للأسف يعني حتى نتيجة أولاده لا يسأل عنها، حتى متابعة أولاده في المدارس يتخلَّى عنها، فيجعل الأم هي التي تتصل بالمدرسة، وهي التي تتابع الولد، حتى النتيجة يا أخي لا يكلِّف نفسه أن يذهب بأولاده لأخذها، بل يطلب من الأم أن تتولَّى ذلك، هذا لا شكَّ أنه تخلٍّ عن المسؤولية، وتضييع لما يجب، فلذلك ينبغي للمؤمن أن يجتهد في القيام بما عليه من المسؤوليات وألا يخلِّيَ نفسه من المسؤولية بهذه الصورة، الأمهات -جزاهن الله خيرا- في كثير من الأحيان يحملهن الحرص والشفقة والتعب في تربية أولادهن على تولي كثير من الأمور، لكني أنا أقول: من المهم للأم أيضا أن تدرك المسؤوليات وألا تخلِّي الأب مما ينبغي أن يباشره في مسؤوليته متابعة الأولاد، والحثِّ على التعليم، وتشجيعهم على القيام بالاستذكار، الآباء والأمهات عليهم مسؤولية، في أيام الاختبارات خصوصا على أصعدة عدة، الصعيد الأول: تهيئة الأجواء المناسبة للاستذكار والمراجعة، الحث على الاستذكار والمراجعة، التشجيع والتحفيز بكل وسائل الترغيب في إتقان المعلومات واجتياز المرحلة التعليمية على نحو من التفوق والإتقان، أيضا مسؤولون عن حفظ أولادهم من كثير من الشرور التي قد تحيط بهم وهم لا يشعرون بها، سواء كان ذلك من خلال الصحبة السيئة التي قد تُزيِّن التفريط والتهاون في التعلم أو من خلال السهر الذي يبدِّد الطاقات ويجعل الأولاد ذكورا وإناثا في حال من عدم القدرة على الاستيعاب واجتياز الاختبارات بوجه جيد، الوقاية من المنشطات والمخدِّرات التي تُزيِّنُ للطلاب في هذه الفترة أو الطالبات على أنها ستعينهم على التفوق وتعينهم على الاستذكار، وهي في الحقيقة تدمِّر خلايا المخ وتُتْلِف العقل وتفتح بوابة كبرى لما وراءها من الانحرافات المتعلقة بالمخدرات وغيرها، العناية بالأولاد ذكورا وإناثا بعد النهاية من اختباراتهم بالمبادرة إلى أخذهم من المدارس وعدم تركهم في الشوارع، حتى إذا كان عندهم مثلا سيارات يذهبون بها، أو كان لهم من يأتي بهم من وسائل النقل ينبغي أن يتابعوا ذلك، بعض الناس لا يدري ابنه أو ابنته رجعت أم لم ترجع ويكون هذا مَكسَبًا لمن يتصيَّدون في هذه الفترة لإشاعة الفساد والشر بين الأبناء والبنات، كل هذه الأمور من الضروريات أن يحيط بها الآباء والأمهات لأجل أن يقوا أنفسهم وأولادهم شرور المتصيِّدين في مثل هذه الفترات في المراحل التعليمية.
المقدم: طيب، نأخذ اتصالًا، وقبل أن نأخذ الاتصال نذكر بأرقام التواصل لمن أراد أن يتواصل معنا 01264771117، 0126493028، أبو رائد من الرياض، تفضل أبو رائد.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: شيخ خالد مساك الله بالخير.
الشيخ: مساك الله بالخير، أهلا وسهلا.
المتصل: شيخ خالد إحنا كنا سابقا من قريب يعني يا شيخ ما هو بعيد كنا نترك منازل وما نأتي يا شيخ إلا يوم الاختبارات وأنت عارف ما في شرح ولا في شيء من هذا القبيل ونأتي الله المستعان يا شيخ ما نعرف شيء وكان المدرسين -جزاهم الله خيرًا- يساعدونا، ما ندري حكم هذه المساعدة.
الشيخ ضاحكا: جزاهم الله خيرًا يساعدونا، يعني يساعدونا يعني إيه؟
المتصل: أقول يا شيخ، بحكم إن إحنا كبار في السن كان سؤال سؤالين ييجي المدرس يساعدنا، ما أدري حكم المساعدة هذه؟
الشيخ: هذا غِشٌّ، كونه يعني يخرج بصورة مساعدة، لا يخرج عن كونه غشًا؛ لأنه حقيقة ما أدَّى الأمانة، الأمانة أن يختبرَكم بقدر ما عندكم من معلومات، إذا كان والله مثلا أنتم في حالة خاصَّة مثلا بمعنى أنه يعني في سنٍّ متقدم، والتعليم يعني يطلب منكم قدر التعليم ما لا يطلب من الصغار، ينبغي أن يراعى ذلك في الأسئلة، لا في أن يأتي بأسئلة صعبة، ثم بعد ذلك يقدم لكم الحلول، هذا في الحقيقة صورة من الغش ولا تجوز.
المتصل: إحنا كبار يا شيخنا متجاوزين أربعين سنة أو خمسة وأربعين.
الشيخ: والله لو مائة سنة، الغش غِشٌّ؛ لأنه الاختبارات موضوعة لقياس إتقانكم، فإذا كان والله يطلب منكم إتقانا عاليا، المفترض أن يكون هناك في الأسئلة ما يناسب المطلوب منكم، أما أن يطالبوكم بشيء عال، ثم في الاختبارات يأتون ويعطونكم الإجابات، هذا من الخيانة، وعدم أداء الأمانة، وهو غش.
المتصل: سؤال تاني يا شيخ، سؤال تاني معلش، يا شيخ عندي أبناء كبار، ودائمًا والله أناصحهم على الصلاة، وأُشدِّد عليهم في النصح، وكنت أُحفِّز وأَحْرِم، يا شيخ ما حكم الأكل معهم يا شيخ والإنفاق عليهم؟
الشيخ: الواجب على أولياء الأمور أن يقوموا بما أمرهم الله تعالى به في قوله تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [الأنبياء:132]فالاصطبار أكبر من الصبر، المطلوب هو بذل الجهد في قيامهم بالحق مع حفظه، بعض الآباء يعني مثل ما تفضل الأخ السائل قال يعني الأكل معهم، كُل معهم واقترب منهم، قد يكون بُعدُك عنهم من أسباب انحرافهم وزيادة بعدهم، وأحيانا بُعد الأب عن أبنائه هو وبناته هو سبب انحرافهم، هو سبب تفرُّد شياطين الإنس والجن بهم، فلذلك ينبغي أن تقترب منهم، أنت الآن يا أخي، أنت الآن أسألك لو كان ابنك مريضًا مرضا عُضويًّا ومرضه يحتاج إلى مراعاة ومعالجة هل من العقل أنك تقول هذا والله أبتعد عنه، أم تقترب منه وتراعيه بما يُصِحُّ بدنه، ويقيه أخطار المرض، وهذا الذي يفعله الناس وتقتضيه الطبيعة، هذا في المرض الحسي العضوي، المرض المعنوي كذلك، إذا كان ولدك عنده خطأ فليست المعالجة المطلوبة والمقترحة ابتداء أن يكون الهجر والطرد والبعد والمجانبة، فإن هذا قد يُقدِّمُهم لُقمةً سائغة لأصحاب السوء والشر، لهذا من المهم أن يقترب الأب وأن يكون لطيفا، وأن يمدَّ الجسور مع أبنائه وبناته، ويفعل كل ما يكون سببًا للتقارب والمودة بينه وبين أولاده ذكورا وإناثا.
المقدم: نحن متواصلون معكم مستمعينا الكرام في برنامج "الدين والحياة"، وحديثنا عن الطلاب والامتحانات مع فضيلة الشيخ الدكتور: خالد بن عبد الله المصلح، يمكنكم التواصل معنا على الأرقام التالية 0126477117، والرقم الثاني 0126493028
شيخ خالد كنا نتحدث أيضا عن عدة رسائل ربما توجه لـ...، وجهنا رسائل للطلاب، وكذلك الآباء، ربما هناك من الرسائل التي توجه للمعلِّمين في هذه الأيام بالنسبة ل... ، فيما يتعلق بأدائهم لأمانتهم.
الشيخ: المعلم بالتأكيد يعني يمتثل قول الله -عز وجل-:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]وبقول النبي – صلى الله عليه وسلم – « كُلُّكم راع وكلُّكم مسؤولٌ عن رَعيَّتِه »[تقدم تخريجه] ومسؤولية المعلم ممتدَّة يعني من خلال العملية التعليمية من حيث المعرفة والمعلومات، ومن حيث السلوك والأدب والأخلاق، يعني الحديث عن المعلم ذو شجون ويأخذ بنا إلى نواحي عديدة، لكن اختصارا نتكلم عن مسؤوليات فيما يتعلق بالعملية التعليمية في مرحلة الاختبارات، المعلم وأنا أقول بكل وضوح، يجب أن يتقي الله تعالى في قياس الطلاب، فقياس الطلاب للاختبارات هو حكم، والحكم يتطلب العدل{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90]، ولذلك من الضروري أن يستصحب المعلم هذا المعنى في وضعه للأسئلة، وفي مراقبته للطلاب، وفي تقويمه وتصحيحه للأوراق وفي إعلانه للنتائج، فالعدل ليس فقط في التصحيح؛ لأنه كثير من الناس ينحصر العدل عنده أو يبرز فقط عند تقويم الطلاب والأوراق، لا يا أخي العزيز، قبل هذا، يعني الذي يقصِّر في تعليم الطلاب هذا لم يؤدِّ الأمانة، وبالتالي عندما يأتي ويختبرهم بشيء لم يعلِّمْهم إياه فهو قد ظلمهم، عندما يأتي ويجعل الاختبار كما يفعله بعض المعلِّمين والمعلمات نوعًا من التحدي للطالب، هذا يا أخي انحراف وخروج بالاختبارات عن مقصودها، إذ أن المقصود من الاختبارات هو القياس، وليس التحدي ولا التعذيب ولا فَرد العضلات ولا شيء من هذا، ولا الانتقام، أحيانا المدرس يتوعَّد الطلاب باختبار لكونهم قصَّروا في شيء إما من حقوقه أو من حقوق العملية التعليمية، وهذا غلط، المقصود من الاختبارات هو القياس، وينبغي أن يُراعي العدل فيها ابتداء بوضع الأسئلة، نتكلَّم عن الاختبارات بالتحديد، وإنما نقول بوضع الأسئلة أن يضع الأسئلة وفق ما قدَّم، وفق ما أعطى، وأن يراعيَ أثناء المراقبة، وأن يراعي العدالة أيضا في التصحيح والتقويم، من المهم بالنسبة للمعلم، وهذه مسألة يعني تشكل على بعض المعلمين أن يُغلِّب جانب العفوِ على جانب العقوبة، بمعنى أنه عندما يشتَبِه عليك جواب طالب، أهو صواب أم خطأ؟ ولم يتبين لك أنه خطأ، إنما فيه احتمال، بعض المعلمين يعني يكون عنده نموذج وبالتالي هذا النموذج يجعله حاكمًا على كل ورقة، والنموذج الخاصّ، يعني قد تكون يؤدِّي غيرُها مُؤدَّاها بمعنى أنه يكون هناك في صيغة الجواب ما هو موافِق لما كُتب في النموذج إلا أن الصيغة اختلفت، هذا لا يؤثِّر، وهنا يتطلب من المعلم أن يستحضر في التصحيح كاملَ قُواه، وألا يعني يدهمه كثرةُ الأوراق عن أن يصحح على أي فريق أو بأي وجه؛ لأن النقص في حق الطالب ظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، ولذلك من المهم أن تتحرَّى العدالة والدقة، وأن تبذل جهدك في إصابة الحق في تقويمك للطلاب، وأن تشترط كل ما يمكن أن يكون شرطا لنقص الطلاب ما لا يستحقون، وفي حال الاشتباه" لأن تخطئ في العفو خير من أن تخطئ في العقوبة"[في هذا المعنى أخرج الترمذي في سننه:ح1424، أن النبيrقال:«ادْرَءُوا الحُدُودَ عَنِ المُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي العَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي العُقُوبَةِ». وصحح وقفه على عائشة رضي الله عنها. وقال الحاكم في مستدركه:صحيح الإسناد ولم يخرجاه: المستدرك ح8163] .
كون الإنسان إذا أخطأ بزيادة خير من أن يخطئ بنقص، ولا يعني هذا التساهل، ولكني أقصد في مقام الاشتباه والاحتمالية، هل هو صواب أو لا؟ " لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة".
المقدم: شيخ خالد أيضا من الأمور التي يمكن التذكير بها في مثل هذه الأيام وفي مثل هذا الحديث عن الامتحانات، ألا وإن الامتحانات هي ربما صورة مصغَّرة لما يكون في حياة الإنسان بشكل عامٍّ عندما يحصُدُ من الخيرات، أو يكون أيضا لديه من العمل، سواء من الخيرات، سواء من الحسنات والسيئات، ثم يكون هناك حساب في آخر هذه الحياة، ربما إذا كانت من كلمة يا شيخ خالد في هذا الجانب.
الشيخ: أخي الكريم بالتأكيد أن هذه المراحل التي يمر بها الإنسان خلال الاختبارات هي يعني نموذج لاختبار كبير، نحن كلنا نشترك فيه العالمون والمتعلمون، والصغار والكبار، والرجال والنساء، الأمي والمتعلم، الجميع بكل أحوالهم ومراتبهم ومنازلهم{ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2]، فنحن جميعا في اختبار ينبغي أن نستحضر أننا كما نستعد لهذه الاختبارات التي نجتاز فيها مراحل، هناك مرحلة كلنا سندخل المسابقة عليها، وهي اجتياز النار، نسأل الله أن يجيرَنا من النار، وأن يبلغنا الجنان بفضله تبارك وتعالى.
المقدم: اللهم آمين، كما أن هناك في هذه الحياة يعني هناك فترةً ل...، يعني إذا ما اختتم الإنسان حياته أو إذا انتقل إلى الدار الآخرة ليست هناك كما هو الحال هنا في هذه الصورة، وفي هذا النموذج المصغر الدور الثاني، أو إعادة أو غير ذلك، يجب أن يعرف أنه يجب عليه أن يعمل في هذه الفترة قبل ألا تكون هناك فرصة للاستئذان وفرصة للتراجع، فالحياة مرة واحدة، يكون الإنسان، يعني الرسائل هذه تُذكِّرُه دائما بالمراجعة حتى لا يصل للنقطة التي ليس منها رجوع.
الشيخ: صحيح، بالتأكيد، هذا فارق رئيس ومهم فيما يتعلق بالاختبارات أننا في هذه الدنيا إذا خرجنا منها، إذا أتممنا مدةَ السفر فليس فثمة عودةٌ ولا مراجعة، لهذا من المهم أن يستدرك الإنسان وأن يجتهد في كسب الحسنات والتخفف من السيئات وكثرة الاستغفار والتوبة عسى الله- عز وجل- أن يتوب عليه، وأن يجوز به هذه الدنيا على أكمل وجه وأحسن خير.
المقدم: شيخ خالد ذكرتم في بداية حديثنا وفي ذات هذه الحلقة أن من أهم العناصر التي يمكن أن نتطرَّق إليها في هذه الحلقة جانب مهم ألا وهو ما يكثر من ظواهر إهداء الطلاب إلى المعلمين بعض الهدايا أحيانا تحصل في نهاية العام أو بعد الانتهاء من الاختبارات أو نحو ذلك، لو فيه كلمة حول هذا الجانب.
الشيخ: هو يا أخي فيما يتصل بهدية المعلمين، الهدايا المقدَّمة للمعلمين، ينبغي أن ننطلق من أصل وهو أن المعلم موظَّف لدى الجهات الموظِّفة له سواء كان تعليمًا عامًّا فهو موظف عند الدولة أو عند الجهات التعليمية التي وظفته إذا كانت جهاتٍ تعليميةً خاصة، والأصل في الموظفين الذين يعملون عند غيرهم فيما يتصل بالهدايا التي تقدَّم لهم، إدراجها في قول النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - « هَدَايا العُمَّال غُلولٌ»[أخرجه أحمد في مسنده:ح23601، وصححه الألباني في إراواء الغليل:ح2622] هذا الأصل ينبغي أن يستحضره العامل ومن يقوم بالأعمال سواء كان ذلك في الجهات الخاصة أو الجهات العامة، قوله – صلى الله عليه وسلم – « هدايا العُمَّال غُلولٌ» أصل ينبغي أن يُستحضر، وذلك أن النبي– صلى الله عليه وسلم – قال كما في صحيح الإمام مسلم من حديث عدي الكندي: «مَن استعملناه منكم على عَمَلٍ فَكَتَم مَخيطًا فما فَوقَه كان غُلولًا يأتي به يومَ القيامة»[أخرجه مسلم في صحيحه:1833/30] وهذايدل على أن من استُعمل في عمل يجب عليه أن يؤدِّي كلَّ ما حصَّله من جهة هذا العمل، في قصة رجل بعثه النبي– صلى الله عليه وسلم – يجمع الصدقة، فلما جاء قال للنبي– صلى الله عليه وسلم –« هذا لكُم من الصدقات، وهذا أُهدِيَ إلى، فقال النبي– صلى الله عليه وسلم – أفلا جَلس في بَيتِ أَبيه أو بيتِ أُمِّه فيَنظُر هل يُهدى إليه أو لا؟، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يأخُذُ أحدٌ منكم شيئا إلا جاءَ به يوم القيامة يحمِلُه على رَقَبَتِه»[صحيح البخاري:ح2597].
كل هذه الأحاديث تبين، وغيرها أيضا حديث« لَعَن اللهُ الرَّاشِي والمرتشي»[سنن أبي داود:ح3580، والترمذي:ح1337، وقال:هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ].
تبين أن أصحاب الولايات، أصحاب الأعمال الذينيعملون في الدولة، أو يعملون في الأجهزة، القطاع الخاص هم مؤتَمنون على ما يقومون به من عمل، وعليهم أن يتقوا الله -عز وجل- فيما يدخل عليهم من مكاسب، وأن تكون تلك المكاسب واضحة، فالموظف يجب عليه أن يعرف أن الهدية التي جاءت إليه بسبب وظيفته هي من هدايا العمال، وهدايا العمال أعطى فيها النبي – صلى الله عليه وسلم – قاعدة وهي قوله – صلى الله عليه وسلم –« هدايا العُمَّال غُلولٌ»[تقدم].
فالهدايا المقدمة للمعلمين لا تخلوا من نوعين: هدايا اعتبارية، أي هدايا قيمتها ليست قيمة مادِّية، إنما قيمتها قيمة معنوية، كأن مثلا يُعطى المدرس دِرعا أو يُعطى شهادة من طالب شكرا له على عمله أو ما أشبه ذلك، هذه الهدايا الاعتبارية إذا كانت لا تؤثِّر على نفسية المعلم في إعطاء الطالب ما لا يستحق، فلا حرج فيها وينبغي أن تكون بعد الفراغ من عملية التقويم حتى يقطع الطريق على ما يمكن أن يكون من حظوظ النفس أو اتهام الغير، فحظوظ النفس بأن يعطيه ما لا يستحق لأنه إهداء، أو اتهام الغير، نعم هو أعطاه كذا لأنه أهداه كذا، فينبغي أن يراعِى هذا الجانب وأن تكون هذه الهدايا الاعتبارية التي لا قيمة في ذاتها إنما قيمتها في معناها أن تكون بعد الفراغ من العملية التعليمية، أما ما كان من الهدايا المالية، الهدايا العينية، سواء كانت نقدية أو أوراقا أو ما إلى ذلك، فهذه تدخل في هدايا العمال التي قال فيها النبي– صلى الله عليه وسلم –« هدايا العُمَّال غُلولٌ» ولذلك من المهم أن يَبتَعِد المعلم عن قبول مثل هذه الهدايا لأجل أن يُغلِق ويقطع الطريق على نفسه، ويبعد نفسه عن مواطن الريب والتهم، لأن الناس قد يتَّهمونه بأنه أعطاه كذا لأجل كذا، أو قدم كذا لأجل كذا، فينبغي أن يراعى هذا الجانب، وثمة ضوابطُ عديدة الحقيقة فيما يتعلق بما يحل يعني بمعنى أنه مثلا إذا قدمت هدية للمعلم بعد الفراغ من العملية التعليمية، وهنا إذا كانت هدية مادية فلا يجوز له أن يقبلها إلا أن يكافِئ عليها، أو أن تأذن بها الجهة ذات الاختصاص التي لها حق الإذن، فكل هذه المعاني والتفاصيل مهمة، وقد كتبت فيما يتعلق بهدايا العمال رسالة لطيفةً مختصرة يجدها من رغبها في الموقع الالكتروني الخاص الشخصي، وهي متضمنة لبعض القواعد المهمة التي ينبغي أن تُراعى فيما يُقبل من الهدايا وما لا يُقبل، وفيما يشتبه على الموظف أو المعلم هل هذه الهدية تحلُّ له أو لا تحل؟
فينبغي أن يجتنبها« دَع ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك»[أخرجه الترمذي في سننه:ح2518، وصححه]كما أن الهدايا لا تقتصر فقط على الهدايا المادية، هناك هدايا أحيانا ليست معنوية ولا مادية، إنما هي هدايا خدمات، مثل تقديم مثلا خدمة، تقديم معاملة، تقديم دورة، أو ما إلى ذلك مما يمكن أن يستفيد منه المعلم ينبغي أن يراعى في هذا كله القواعد والضوابط الشرعية فيما يقبل من الهدايا.
المقدم: ليس يعني الشرط أن يكون الطالب، بل ربما يكون وليَّ أمر الطالب هو الذي يقدم هذه الخدمة حتى يكون هناك نوع من التيسير على ابنه مثلاً.
الشيخ: نعم طبعا، أحيانا تكون بهذه الطريقة يعني لا يتقدم بها الطالب، هو شوف إذا أُهدِي لكونه معلما سواء من الطالب أو من ولي أمر الطالب، هو هنا الملاحظ في الهدية الوظيفة، وإذا كانت الوظيفة هي الملاحظة فإنه لا يجوز له أن يكتسب أكثر من راتبه إلا بضوابط وشروط لا بد أن يراعيها.
المقدم: شيخ خالد هل بقي من النقاط والرسائل التي تحبون أن تبعثوا بها من خلال هذه الحلقة فيما يتعلق بهذا الموضوع المهم عن أبنائنا أو الطلاب والاختبارات.
الشيخ: أنا أوصي الجميع الطلاب وأولياء الأمور بدعاء الله -عز وجل- وسؤاله التوفيق والتثبيت، ونحن ندعوا الله -عز وجل- لأبنائنا وبناتنا بأن يوفقهم الله، وأن يكون التوفيق والتفوق حليفَهم، وأن يرزقهم السداد وإصابة الجواب في إجاباتهم، ومن ناحية أخرى أقول لأبنائي وبناتي: إن العملية التعليمية لا تنتهي بالاختبار، بل ينبغي أن يكون الاختبار مزيدًا من التعلم والتحصيل؛ لأنك الآن تقيس معلوماتك، ومعلوم أن الإنسان لما يقيس نفسه ويجد نفسه ناقصا عما يؤمِّل من علوٍّ وارتفاع فإنه سيسعى إلى تقويم ما حصل من نقص، وليس أن والله يقول هذه مرحلة مضت وانتهت ويمضي في نقصه إلى مراحل أخرى، يعني هذه الاختبارات بكل نتائجها إيجابية وسلبية ينبغي أن تتضمن تحفيزا فمن حصَّل حمد الله -عز وجل- وشكره على ما يسر، وكان حافزا له على مواصلة سمو وعلو، ومن قصر كان حامدا لله -عز وجل- أن يسَّر له التنبه لتسديد النقص وتكميله.
كما أوصي أيضا في هذه المناسبة أن يعظم الطلاب ما يجب تعظيمه من الأوراق التعليمية التي فيها، عموما على وجه العموم ويخص ذلك ما فيه ذكر الله -عز وجل-، فهذه الكتب والأوراق وامتهانها في الممرَّات وفي الزبل وفي سلات المهملات والقمامة هذا لا يليق، حتى لو كان كتاب ليس فيه ذكر الله بالكلية، لا يليق أن ترمي مثلا كتاب الرياضيات في سلة المهملات في الزبل والقمامة، ينبغي أن تُصان هذه العلوم، وأن تحفظ هذه الكتب، وإما أن ترد أو تسلَّم إلى وزارة التعليم، وأنا أقول هذا مما ينبغي أن يفكر وأن تتناوله الوزارة التعليمية بالتفكير في حل مشكلة هذه الكتب، وهذا الكم الكبير من الثروة التي تهدر سواء ما كان فيها ذكر الله وهو أعظم وأخطر وينبغي أن يصان، أو ما كان فيه من علوم نافعة يمكن أن يستفيد منها إثراء للطلبة في المراحل القادمة، أو يستفاد منها في بلاد أخرى تحتاج مثل هذه المقررات والمناهج.
المقدم: لعل يا شيخ خالد يعني بعض المدارس يعني تجتهد في سنِّ بعض القرارات أو التعليمات الواجب الأخذ بها من قبل الطلاب بأن يكون هناك تسليم للكتب في نهاية العام حتى يعني يسلِّم الطالب مثلا ملفَّه أو ربما لا يسلم الكتب لعام جديد حتى يكون قد سلَّم الكتب التي قد استفاد منها في العام الماضي، ربما هذا من الأمور التي أيضا تعزِّز هذا الجانب؛ لأن التوعية والتثقيف يعني لوحدهما يعني ربما لا يكفيان للالتزام.
الشيخ: بالتأكيد، وأنا أشكر هذه الجهات التعليمية التي تفطَّنت لهذا الأمر، وأوجدت هذا الحد، أنها اجتهدت وحاصرت هذه المظاهر السلبية التي يعني لا تليق بالمجتمع المتعلم، يعني لا يليق، يعني المدرسة التي تأتي أو الجامعة أو الكلية أو المعهد، إذا دَخلتَ والكتب في الممرات، يعني يشق عليك وتجد في نفسك يعني ألمًا أن الطلاب زهدوا إلى هذه الدرجة في مذكِّراتهم وكتبهم، يا أخي أنا من يحتفظ بمذكراته لسنوات مديدة ما زالت محفوظة عنده، وما ألذَّها عندما يراجِعُها بعد عمر، ويرى تعليقاته وتخطيطاته وتلخيصاته ويريها أبناءه أو إخوته أو أهله أو من يعني، لها لذَّة، غير أنها صيانة للعلم الذي تعلَّمه، فمثل هذه المقررات ينبغي أن توسَّع وتذكر حتى تكون نموذجا، ولو أنها تصلح منهجا لكل الجهات التعليمية والتعليمات للجميع لكان في ذلك خير إن شاء الله.
المقدم: شكر الله لكم صاحب الفضيلة الشيخ، الأستاذ الدكتور: خالد بن عبد الله المصلح، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمنطقة القصيم، وأستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة القصيم على ما تحدثتم به من هذا الحديث الشيق والماتع، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل ذلك في موازين أعمالكم الصالحة.
الشيخ: آمين، آمين، وأسأل الله التوفيق للطلاب والطالبات، وأسأل الله أن يوفقهم وأن ينجحهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ولكم الشكر الجزيل مستمعي الكرام في ختم هذه الحلقة على حسن استماعكم، على أمل أن نلقاكم -بإذنه تعالى- في حلقة الأسبوع المقبل في تمام الساعة الثانية ظهرا في يوم الأحد، حتى ذلكم الحين تقبلوا تحياتي محدثكم عبد الله الدالي، والزميل أحمد السلمي، وكذلك من التنفيذ على الهواء الزميل مصطفى الصحفي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.