قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"ومما يدخل في هذا الباب من بعض الوجوه قوله في الحديث الذي في السنن :«وزنت بالأمة فرجحت ثم وزن أبو بكر بالأمة فرجح ثم وزن عمر بالأمة فرجح ثم رفع الميزان».
فأما كون النبي صلى الله عليه وسلم راجحا بالأمة فظاهر ؛ لأن له مثل أجر جميع الأمة مضافا إلى أجره وأما أبو بكر وعمر فلأن لهما معاونة مع الإرادة الجازمة في إيمان الأمة كلها وأبو بكر كان في ذلك سابقا لعمر وأقوى إرادة منه ؛ فإنهما هما اللذان كانا يعاونان النبي صلى الله عليه وسلم على إيمان الأمة في دقيق الأمور وجليلها ؛ في محياه وبعد وفاته .
ولهذا سأل أبو سفيان يوم أحد : أفي القوم محمد؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم «لا تجيبوه»، فقال : أما هؤلاء فقد كفيتموهم، فلم يملك عمر نفسه أن قال :"كذبت يا عدو الله إن الذي ذكرت لأحياء وقد بقي لك ما يسوءك " رواه البخاري ومسلم.
فأبو سفيان - رأس الكفر حينئذ - لم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة ؛ لأنهم قادة المؤمنين . كما ثبت في "الصحيحين" أن علي بن أبي طالب لما وضعت جنازة عمر قال : "والله ما على وجه الأرض أحد أحب أن ألقى الله بعمله من هذا المسجى والله إني لأرجو أن يحشرك الله مع صاحبيك ؛ فإني كثيرا ما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : دخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر وذهبت أنا وأبو بكر وعمر ".
وأمثال هذه النصوص كثيرة تبين سبب استحقاقهما إن كان لهما مثل أعمال جميع الأمة ؛ لوجود الإرادة الجازمة مع التمكن من القدرة على ذلك".