×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / من رحاب الحرمين / تنوع أبواب البر في رمضان

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3803

حَمدُ لِلَّهِ حَمدًا كَثيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فيهِ أحمَدُهُ حَقَّ حَمدِهِ، وأشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ إلهُ الأوَّلينَ والآخِرينَ لا إلهَ إلَّا اللهُ الرَّحمنُ الرحيمُ، وأشهَدُ أنَّ مُحمدًا عَبدُ اللهِ ورَسولُهُ خِيرَتُهُ مِنْ خَلقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلهِ وصَحبِهِ ومَنِ اتَّبعَ سُنَّتَهُ، واقتَفَى أثرَهُ بإحسانٍ إلى يَومِ الدينِ،

أمَّا بَعْدُ..

فقَدْ كُنَّا قَدْ قَرَأْنا في شَيءٍ مِنْ هَدْيِ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ ـ في صَلاةِ الليلِ، وفي تَهجُّدِه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ وما كانَ عَلَيهِ مِنَ الاجتِهادِ والبَذْلِ، مُمتَثِلًا ما أمَرَهُ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ، فإنَّ اللهَ أمَرَ رَسولَهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ  ـ في قيامِ الليلِ كما أمَرَهُ بالتهجُّدِ، فقالَ ـ سُبحانَهُ وبحَمدِه ـ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا[الإسراءِ:79] .

وجَديرٌ بالمُؤمنِ في مَواسمِ البِرِّ والخَيرِ أنْ يكونَ سَبَّاقًا إلى ما يَرضَى اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ عَنهُ، وأنْ يُبادِرَ إلى ما يُقرِّبُه إلى اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ وأنْ يَعمُرَ وَقتَهُ لَيلًا ونَهارًا بِما يَرضَى اللهُ ـ جَلَّ وعَلا ـ عَنهُ بِهِ، فإنَّ النبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ كانَ يَجتهِدُ في رَمَضانَ ما لا يَجتهِدُ في غَيرِه.

والاجتِهادُ الذي كانَ يَجتهِدُه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ في رَمضانَ لم يَكُنْ مَقصورًا عَلَى بابٍ مِنْ أبوابِ البِرِّ، لم يَكنْ مَحصورًا في صُورةٍ مِنْ صُورِ التقرُّبِ والطاعَةِ؛ بَلْ كانَ ذَلِكَ في نَهارِه وفي لَيلِه، وفي صَومِه وقيامِه، وفي قِراءَتِه للقُرآنِ، وفي إحسانِه إلى الخَلقِ؛ لذَلِكَ قالَ عَبدُ اللهِ بنِ عَباسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنهُ ـ في وَصفِ تَنوُّعِ أنواعِ البِرِّ وصُنوفِ الخَيرِ الذي كانَ عَلَيها ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ قالَ: "كانَ رَسولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ أجوَدَ الناسِ"، وهَذا وَصْفٌ عامٌّ لحالِه ـ صَلَّى اللهُ وعَلَيهِ وسَلَّمَ ـ في سائرِ الزمانِ، وفي كُلِّ أحوالِه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ "وكانَ أجودُ ما يَكونُ في رَمضانَ" صحيحُ البُخاريِّ (6)، وصحيحُ مُسلمٍ (2308) ، أي: وكانَ جُودُه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ وإحسانُه وطِيبُه وخَيرُه يَزدادُ في رَمضانَ، وكانَ أجودُ ما يَكونُ في رَمضانَ.

والجودُ قَدْ يَتبادَرُ إلى ذِهنِ بَعضِ الناسِ أنَّهُ جودُ المالِ بالبَذلِ والإحسانِ فقَطْ، إلَّا أنَّ الجودَ وَصفٌ أوسَعُ مِنْ أنْ يَنحصِرَ في جودِ المالِ وبَذلِه؛ فإنَّهُ يَشمَلُ كُلَّ أوجُهِ الإحسانِ: الإحسانِ في مُعامَلةِ الخالِقِ، والإحسانِ في مُعاملَةِ الخَلْقِ.

والإحسانُ في مُعاملَةِ الخالقِ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ لا يَتحقَّقُ للمَرْءِ إلَّا بتَكميلِ خِصالِ الإيمانِ وشَعائرِ الإسلامِ؛ لذَلِكَ جاءَ في الصحيحِ مِنْ حَديثِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنهُ ـ في قِصَّةِ مَجيءِ جِبريلَ، وسُؤالِه عَنِ الإسلامِ؛ ثُمَّ سُؤالِه عَنِ الإيمانِ بَعْدَ أنْ بَيَّنَ الإسلامَ والإيمانَ، سألَ عَنِ الإحسانِ قالَ: "أخبِرْني عَنِ الإحسانِ؟" قالَ: «أنْ تَعبُدَ اللهَ كأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لم تَكنْ تَراهُ فإنَّهُ يَراكَ» صحيحُ مُسلمٍ (8) .

فالإحسانُ الذي هُوَ أعلَى مَراتبِ الدينِ، وأكمَلُ خِصالِ السابِقينَ إلى اللهِ -عَزَّ وجَلَّ- لا يَتحقَّقُ للعَبدِ إلا بتَكميلِ الإيمانِ، وهُوَ عَملُ القَلبِ، وتَكميلِ شَعائِرِ الإسلامِ، وهُوَ بأنْ يُحقِّقَ الأركانَ التي بِها يَقومُ الدينُ.

فالإحسانُ كمالُ الإسلامِ، وكمالُ الإيمانِ؛ ولذَلِكَ قالَ: «أنْ تَعبُدَ اللهَ كأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لم تَكنْ تَراهُ فإنَّهُ يَراكَ».

فجَديرٌ بالمُؤمِنِ أنْ يُحقِّقَ هَذا الجودَ في مُعاملَةِ الخالِقِ، ومِنهُ أنْ يُحقِّقَ الجودَ في مُعاملِةِ الخَلقِ، وذَلِكَ في إيصالِ كلِّ بِرٍّ، والسَّعْيِ في دَفْعِ الخَلقِ بالمُستطاعِ مِنْ طَيِّبِ القَولِ، وطَيِّبِ العملِ، وإذا عَجزَ عَنْ هَذا وذاكَ فلا أقَلَّ مِنْ أنْ يَكُفَّ شَرَّهُ عَنِ الناسِ.

وأصلُ طِيبِ العَملِ في مُعاملةِ الناسِ يَنبثِقُ مِنْ أنْ يُحِبَّ الخَيرَ للناسِ كما يُحِبُّه لنَفسِه؛ ولهَذا جاءَ في الصحيحِ مِنْ حديثِ أنسِ بنِ مالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنهُ ـ أنَّ النبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ  ـ قالَ: «لا يُؤمِنُ أحَدُكُم حَتَّى يُحبَّ لأخيهِ ما يُحبُّه لنَفسِه» صحيحُ البُخاريِّ (13) .

وبهَذا يَكونُ المُسلمُ في غايةِ الإحسانِ والجُودِ إلى الخَلقِ بتَمنِّي الخَيرِ لَهُم، ومَحبَّةِ وُصولِ البِرِّ إلَيهِم، وكَذلِكَ بكَفِّه كُلَّ إساءَةٍ وشَرٍّ إلَيهِم، كما قالَ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ: «المُسلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسلِمونَ مِنْ لِسانِه ويَدِه» صحيحُ البُخاريِّ (10)، وصحيحُ مُسلمٍ (40) .

وكذَلِكَ يَجتهِدُ الإنسانُ في إيصالِ كُلِّ خَيرٍ إلى الآخَرينَ، كما قالَ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ  ـ فيما أخبَرَ بِهِ مِنْ أفضَلِ الأعمالِ: فسُئِلَ عَنْ أيِّ العَملِ أفضَلُ؟ قالَ: «إيمانٌ باللهِ ورَسولِهِ»، ثُمَّ سُئِلَ: أيُّ الرِّقابِ أفضَلُ؟ فقالَ: «أغلاها عِندَ أهلِها، وأعلاها ثَمنًا»، ثُمَّ سُئِلَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ: أرَأيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ ذَلِكَ؟ قالَ: «تُعِينُ صانِعًا أو تصنَعُ لأخرَقَ»، قالَ: يا رسولَ اللهِ، أرَأيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ ذَلِكَ؟ قالَ: «تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ الناسِ؛ فإنَّها صَدقةٌ مِنكَ عَلَى نَفسِك» صحيحُ البُخاريِّ (2518)، وصحيحُ مُسلمٍ (84) .

وبهَذا كُلِّه يبيَّنُ أنَّ الإحسانَ والجودَ مَراتِبٌ ودَرجاتٌ، أقلُّهُ أنْ يَكُفَّ شَرَّهُ عَنِ الناسِ، وأنْ يَتمنَّى لَهُمُ الخَيرُ، ويُحِبَّ لَهُم مِنَ الخَيرِ ما يُحبُّه لنَفسِه، أما أعلاهُ فذاكَ مَيادينُ في السِّباقِ، وأبوابٌ في الخَيرِ المُسابِقُ فيها لا بُدَّ أنْ ينالَ خَيرًا، فإنَّ جزاءَ الإحسانِ الإحسانُ، ومَنْ أرادَ جودَ ربِّ العالَمين فليُعامِلِ الناسَ بالجُودِ، فإنَّ اللهَ لَكَ كما تَكونُ للناسِ، اللهُ لَكَ كما تَكونُ للناسِ.

فإنْ أحبَبْتَ أنْ يُحسِنَ إلَيكَ فأحسِنْ إلى خَلقِه، وإنْ أحبَبْتَ أنْ يَتجاوزَ وأنْ يَصفحَ عَنكَ فتَجاوَزْ عَنِ الخَلقِ، واصفَحْ عَنهُم، وإنْ أحببْتَ أنْ يُعينَكَ فأعِنِ العَبدَ، فأعِنْ إخوانَكَ، فاللهُ في عَونِ العبدِ ما كانَ العَبدُ في عونِ أخيهِ.

وإذا أحبَبْتَ أنْ يَستُرَك فاستُرِ الخَلقِ، واسْعَ في سَترِ سَيئاتِهِم وإخفائِها، فإنَّهُ مَنْ سَتَر مُسلِمًا سَترَهُ اللهُ في الدُّنيا والآخِرَةِ، وهَكذا في كُلِّ الأبوابِ، كُنْ عَلَى أحسَنِ ما تَكونُ مِنَ الخصالِ مَعَ الخلقِ يَكُنِ اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- لكَ كما تُحِبُّ، وهَذا مِنَ الجُودِ الذي يَنبغي أنْ يُربِّيَ الإنسانُ نَفسَه عَلَيهِ، وأنْ يَجتهِدَ في التخلُّقِ بِهِ، ومَنْ صَدقَ اللهَ صَدقَهُ اللهُ، ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا[العَنكبوتِ:69] .

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94176 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90095 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف