ما حكم صيام من أفطرت قبل المغرب بخمس دقائق؟
إذا كانت أفطرت، ظنَّاً منها أنَّ الشمس قد غربت ولم تغرب، فإنَّ صومها صحيح؛ لأنَّ فطرها ناشئ عن جهلٍ بالحال وليس بالحكم، فهي تعرفُ أنه لا يجوز الأكلُ في نهار رمضان، لكن هي تجهل هل بقي النَّهار أو لا؟ فهي أفطرت بناءً على أنه ليل وبالتالي صومها صحيح، وقد جرى هذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: ((أفطرنا يومًا من رمضانَ في غيمٍ على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – ثم طَلَعت الشمس))صحيح البخاري (1959).
إذاً: هم أفطروا بناءً على غلبة ظنِّهم بأن الشمس قد غربت، فلمَّا تبدَّدت الغيوم، طلعت الشمس، وتبيَّن أنهم ما زالوا نهاراً فالواجب الإمساك، ولم تذكر رضي الله عنها هل قضَوا أو لم يقضُوا، ومعمر سأل هشام الراوي عنها فقال: (أبدٌ من القضاء؟) رأيه أنه لابد من القضاء، لكن الذي يظهر أنه لا قضاء على من أفطر ظانَّاً أن الشمس قد غربت، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» صحيح البخاري (1954)، وصحيح مسلم (1100).
فإذا فعل بناءً على أنَّ الشمس قد غربت فلا حرج عليه إن شاء الله، فصومهم صحيح، وهذا يتكرر؛ لكن من المهم أن ينبَّه المؤذِّنون الذين يفطر الناس على أذانهم بأن يتحرَّوا الوقت الصحيح، وأن لا يتهاونوا في هذا الأمر، مما قد يؤدي إلى تفريط الناس أو وقوع الناس في مثل المشكلة، فبعض الأحيان المدن المتجاورة مثل مكة وجدة والطائف تحصل فيها بعض الأحيان إشكالات، فبعض الناس في جدة مثلاً يُفطر على أذان مكة، ويحصل نوع من الالتباس والاشتباه بسبب المكان، فهنا أقول: ينبغي التحري والتأكد، فمثلاً بعض أهل الطائف يفطر على أذان المدينة، وأهل جدة يفطرون على أذان المدينة، فيحصل نوع من الالتباس، فإذا كان كذلك فلا حرج، لكن ينبغي التحقق والتأكد من وقت الغروب قبل الشروع في الإفطار؛ لاسيما في مظنَّة الالتباس والاشتباه؛ لأنَّ الأصل بقاء النهار، يعني: إذا شكَّ هل الشمس غابت أم لا؟ هل أذَّن أو لا؟ الأصل أنه لم يؤذن، لأنَّ الأصل بقاء ما كان على ما كان، فإذا غلب على ظنه أنه أذن ولم يتبين، وتبين بعد ذلك أنه لم يؤذن، فالواجب الإمساك وليس عليه قضاء ذلك اليوم.
السؤال: ألا يعتبر أنه من التفريط أنه أفطر، والأصل المفترض هو بقاء النهار؟
الشيخ: الأصل في حال الشك يكون تفريطاً، لكن في حال غلبة الظن، وهذا يحصل كثيراً أنّ الناس يسمعون "الله أكبر"، وهذا هو الطبيعي في حال الناس، وإذا تبين أن المؤذن قد تقدم دقيقتين أو ثلاث دقائق أو خمس دقائق فهنا ليس عليهم حرج، وليس منهم تفريط لأنهم بنَوا على أصل صحَّة خبر المخبر بأنه قد غابت الشمس.