بعض التقاويم في رمضان يوضع فيه قسم يسمس الإمساك
نرى بعض التقاويم في شهر رمضان، يُوضع فيه قسم يسمى الإمساك، ويجعل قبل صلاة الفجر بنحو عشر دقائق أو ربع ساعة، فهل لهذا أصل من السنة أو هو من البدع؟
هذا التقدم الذي أشرت إليه في بعض التقاويم، أو أشار إليه السائل في بعض التقاويم، ليس له أصل بلا ريب، ليس له أصل من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من استحبابات بعض الناس واجتهاداتهم التي خالفوا فيها هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لأصحابه كما جاء في الصحيح: «لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ - أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ - أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ»صحيح البخاري (621)، صحيح مسلم (1093)، وهذا يشير إلى الأذان المتقدم على طلوع الفجر، «وفي رواية:«إنَّ بلالاً يؤذِّن بليلٍ، فكُلُوا واشَرَبوا، حتى يؤذِّن ابنُ أمِّ مكتوم»صحيح البخاري (617)، صحيح مسلم (1092). الذي كان يؤذن عند تبيُّن الفجر، كما جاء في الحديث:«وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، لاَ يُنَادِيحَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ»صحيح البخاري (617)، يعني: تبيَّن الفجر، هذا من جهة، وهذا يبيِّن لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم منع الناسَ من التَّقدُّم على وقت الأذان، وقال: «لا يمنعنَّكم»، ولهذا كلُّ من منع الناسَ، بأيِّ وسيلةٍ من الوسائل، إما كتابياً أو قولياً، من أن يأكلوا ممَّا أحل الله لهم، فقد وقع في مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول في آية الصيام: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾[البقرة:187]، فأناط الحكم بالتبيُّن ولم ينطه بالتقدم على التبيُّن باحتياط أو بإمساك متقدم على تبين الفجر.
فينبغي الحرص على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وعدم إلحاق الناس حرجاً ومشقة فيما لم يأمرهم الله تعالى به، والأصل في هذا ما جاءت به الأدلة، من أنه للناس أن يأكلوا ويشربوا حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.