ربط المطالع بمطلع مكة في الصيام وغيره؟
الجواب: هذه المسألة -مسألة ثبوت الشهر- للعلماء رحمهم الله فيها كلام طويل، والأصل فيها قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾[البقرة:185]، فالحكم منوط بشهود الشهر، وشهود الشهر يكون برؤية هلاله لحديث أبي هريرة وابن عمر: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، » صحيح البخاري (1909)، وصحيح مسلم (1081)، وفي الحديث الآخر: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ» صحيح مسلم (1080)، ويكون بإكمال العدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ » صحيح البخاري (1909)، وصحيح مسلم (1081).
فهذه هي الطرق لإثبات الشهر، وهذه الطرق هل هي خاصَّة بها هذه المناطق والجهات، كلٌ على انفراد أم أنها عامة، فإذا رئي في مكان عمت هذه الرؤية سائر أرجاء المعمورة؟
العلماء في هذا لهم قولان: منهم من يرى أن العبرة برؤية الهلال في كلِّ مكان بانفراده، وهو ما يعرف باختلاف المطالع، وهذا هو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله.
وذهب الجمهور إلى أنه إذا رئي في مكان، فالرؤية تشمل وينجرُّ حكمها على جميع بلاد الإسلام، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة. فالمسألة فيها خلاف بين العلماء، والواقع من حيث الواقع العمليُّ فالقضية محسومة، وليس هناك محلٌّ للاجتهاد فيما يتعلق بالأفراد، لاسيما الأفراد الذين في الدول الإسلامية، فهؤلاء يتبعون ما تُعلنه بلادهم، لما في الحديث الذي في الترمذي وغيره من حديث عائشة ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ» أخرجه الترمذي (697)، قال الألباني: صحيح ، وفي الرواية الثانية يقول: «صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ, وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ» أخرجه الترمذي (697)، وأبوداود (2324), وابن ماجة (1660)، انظر صَحِيحُ الْجَامِع: (38079)--، وهذا يدلُّ على أن الإنسان تابعٌ للمحيط الذي يحيط به، فإذا صام الناس صام، وإذا أفطر الناس أفطر.
ولذلك نقول من حيث التطبيق العملي: إنَّ كل دولة تتبع الرؤيا التي تُعلن أو الجهات التي تخبر بثبوت الشهر.
ومسألة توحيد البلاد الإسلاميَّة هو مذهب فقهي، بل هو مذهب الجمهور، لكن هذه المذاهب تبقى نظرية لا تترجم إلى الواقع العملي، ما دام أن الأمر جارٍ على هذا، وهو أن لكل بلد جهته التي تعلن رؤية الهلال، وتخبر الناس بدخول الشهر وخروجه.