الشك في غروب الشمس أثناء الصيام
إذا شكَّ الصائم في دخول وقت الإفطار، يعني: في غروب الشمس، وذلك لاختلاف توقيتات المؤذِّنين، فأحدُهم يؤذن مبكراً والآخر متأخِّراً، أو لأيِّ أمر من الأمور؟
الجواب: أنا لا أعلم ما هو مصدر الشَّكِّ، في الحقيقة إذا كان الشك بمعنى أنه متردِّد: هل غابت الشمس أو لم تغرب؛ ففي هذه الحال لا يجوز له الفطر حتى يتيقَّن الغروب، لقول الله جل وعلا: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾[البقرة:187]، فإذا شكَّ في دخول الليل فيبقى صائماً حتى يتحقَّق الليل، وهو بسقوطِ القرص: أن يغيب حاجبُ الشَّمسِ الأعلى، الشَّمس ... طرفا الدَّائرة، فإذا غاب حاجبُها الأعلى فقد أفطر الصَّائم، كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا»، وهو بغروب الشَّمس وسقوطها، «وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ» يعني: سقطت، «فقد أفطر الصَّائم» صحيح البخاري (1954)، وصحيح مسلم (1100) وبالتالي فسقوط الشمس هو المبيح للفطر.
وفيما يتعلَّق بحال النَّاس في المدن: النَّاس في المدن يتبعون المآذن، فإذا أفطر على أذان مؤذن، فإنه يكون بذلك قد أدى ما عليه إلا أن يعلم أن المؤذن مخطئ، كأن يحصل أن يؤذن مثلاً قبل عشر دقائق، وهذا يجري، أو في المدن المتقاربة كجدة ومكة، وكذلك المدينة في بعض الأحيان، يعني: هناك تقارب في الدقائق، فقد يتوهم بعض المؤذنين أذان بلد كأن يكون في جدة فيؤذن على أذان مكة، أو يكون في المدينة ويؤذن على أذان الحرم المكي، فهنا ينبغي التحري في أذان المؤذن، فإذا كان أذان المؤذن على الوقت -وهو دقيق- فإنه يفطر، أما إذا كان يخطئ أو يعلم أنه تقدَّم أو يشتبه عليه أنه تقدم، فيتحرَّى حتَّى يتحقَّق غروبُ الشمس.
السؤال: لكن لو أفطر بناءً على أذان مؤذن، وهو يعلم أنَّ المؤذن يؤذِّن على الوقت، لكنه أخطأ في يوم من الأيام؟
الجواب: لا حرج عليه، لكن إذا علم فإنه يجب عليه الإمساك، بمعنى: أنه إذا أفطر ظانّاً أن الليل قد دخل، وأن الشَّمس قد غابت ثم تبين أنها لم تغب، ففي هذه الحال إذا تبين له بقاءُ النهار، يجب عليه أن ينتظر حتى تغيب الشمس.
وهل يقضي مكانه يوماً آخر؟ الجواب: لا، لا يقضي مكانه يوماً آخر، ففي حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: ((أفطرنا يومًا من رمضانَ في غيمٍ على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – ثم طَلَعت الشمس)) صحيح البخاري (1959). ولم تذكر القضاء. وما جاء في رواية: «أوبدٌ من القضاء» يعني: لابد منه، فهذا من قول أحد الرواة وليس من كلام أسماء رضي الله عنها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بالقضاء بناءً على أنَّ كل من وقع في مفطر من المفطرات جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً،فإنه لا يؤثر على صحة صيامه، ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾[البقرة:286]، «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ»صحيح مسلم (1155.