هل وردت علاماتٌ لليلة القدر؟
كثيرٌ من الناس، يتصوَّر أنَّ ليلة القدر ليلةٌ تنكشف فيها السماء وتنفرج، ويرى فيها من الرؤى والمشاهد ما لا يراه في الليالي المعتادة، وهذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيءٌ، وكذلك لم يثبت عن آل النَّبيِّ وأصحابه والتابعين والسلف الصالح شيء من هذا، فليس هناك شيء ثابت صحيح في صفات ليلة القدر، أي: فيما يكون في ليلة القدر.
وهناك أقوال نُقلت عن بعض السلف، من أنَّ الأشجار تسجد، ويُرى ليلتها من النور ما لا يُرى في الليالي الأخرى؛ وهذه الأشياء قد تكون وقد توافق ليلة القدر، لكن ليست من لوازمها، بل إنَّ العلامة الوحيدة التي صحَّت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو ما ذكره الإمام مسلم في صحيحه من طريقه عن أبي بن كعب: «وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا»صحيح مسلم (762)، هذا أصح ما ورد، على أنَّ العلماء اختلفوا: هل هذه علامة مستمرة في كل ليلة من ليالي القدر، أم هي علامة لليلة القدر في تلك السنة؟ وهذه مسألة تخفى على كثير من الناس.
على كل حال! سواءً قيل بهذا أو بذاك، ليس هناك علامات مرافقة ولا علامات قبلية، وإنما الذي ذُكِر هو علامة بعدية، يعني: بعد انقضاء الليلة، وهي أن الشمس تخرج في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها.
والحكمة في هذا: أن يجتهد المجتهدون، وأن يبذل العاملون قصارى جهدهم في الفوز بفضيلة هذه الليلة .
ومن لم ير هذه الليلة، يعني: من لم ير نوراً ولم ير شجراً ولم ير ما ذكره بعض الذاكرين في هذا الأمر، هل معنى أنه لم يوفق لليلة القدر؟ الجواب: لا، ليلة القدر يوفق إليها كلُّ من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، فإنَّه يُدرك فضيلتَها سواء كان ذلك بشيء يشاهدُه أو لا.