حكم تبييت النِّيَّة في صيام التّطوُّع
الجواب: مسألة صوم التطوع، للعلماء فيها قولان، فذهب جماعة من أهل العلم، إلى أنه يجب أن ينويَ، وأن يُبيِّت النية لحديث حفصة وعائشة: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فلَا صِيَامَ لَهُ»أخرجه الترمذي (730), وأبوداود (2454), والإمام أحمد في مسنده (25918)، والحديث عام لكل صوم. وذهب جماعةٌ من أهل العلم، وهو قول الجمهور إلى أنه يصح صوم النفل بنيَّةٍ من النَّهار. طيب، ما الذي أخرجه عن حديث عائشة وحفصة؟ الذي أخرجه هو ما جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها ذات يوم فقال: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟» يعني: يؤكل؟،وانظر هذا سيِّد ولد آدم الذي لو شاء لحوَّل الله له الجبال ذهباً، ولأجرى الأنهار تحت قدميه صلى الله عليه وسلم، يقول: «يَا عَائِشَةُ , هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟ " , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ»،قَالَ : " فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ)صحيح مسلم (1154)فظاهر الحديث أنه أنشأ نية الصيام، لما فقد الطعام وهذا في النهار، فدلَّ هذا على جواز صيام النفل بنيَّةٍ من النَّهار.
إذاً: هذا الحديث استثناء من حديث: «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ مِنْ اللَّيْلِ»أخرجه ابن ماجة (1700) , وصححه الألباني، انظر صَحِيح الْجَامِع: (7516). طيب. هل هذا عامٌّ في النفل المطلق والمقيد، لأن النفل نوعان: مطلق ومقيد، والمطلق هو الذي ليس له سبب، والمقيد هو الذي ورد فيه فضل خاص كعاشوراء وعرفة وست من شوال والاثنين والخميس، وما أشبه ذلك، فهل هذا عام في النفل المطلق والمقيد؟ للعلماء فيه قولان: من أهل العلم من يقول: هذا خاص في الصوم المطلق، وأما المقيد فلابد لإدراك الفضيلة الخاصة بأن يبيت الصيام من الليل، فمن أراد إدراك فضيلة صوم عاشوراء أو إدراك فضيلة صيام الست فليبيت الصيام من الليل، وهذا لا شك أنه أطيب وأحسن، لكن لو أن الإنسان أصبح مثل أيامنا هذه، أصبح غداً إما أصبح متأخراً قبيل الظهر وقال: اليوم باقي عليَّ يوم من أيام الست، يومان من أيام الست، وأريد أن أصوم فالأظهر والأقرب والذي عليه الجماهير أنه يصح صومه بنيَّةٍ من النَّهار.