يجوز الفطر لمن يمتهن مهنة شاقَّة
الشيخ: الله تعالى يقول: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة:184]، فإن كنت مريضاً أو على سفر، فقد أحلَّ الله تعالى لك الفطر.
أمَّا إذا كان هناك نوع من المشقة في العمل: فإذا كانت هذه المشقَّة تصل بك إلى حدِّ الهلاك، أو إلى حدِّ المرض الذي يُعجزك ويُعطِّل معاشك؛ فعند ذلك هذا يُلحق بالمرض، لأنَّ خوف حصول المرض هو من المبيحات، ولذلك الذي يمارس حياته طبيعياً كمن عنده فشل كلوي أو عنده سكري، وهو يمارس الحياة، لكن لو صام تعطلت حياته، وهو ليس مريضاً مرضاً حالياً، بمعنى: أنه يمارس الحياة ممارسة طبيعية، لكن لو صام سيؤثر عليه؛ ففي هذه الحال، إذا كان الصوم سيسبب لك مشقة شديدة، فإنه يجوز لك الفطر.
لكن أنا أنبه إخواني، أن هذه المسائل بين العبد وربه، فلا أحد يمكن أن يقول: تستطيع أو لا تستطيع، ولذلك نبينا نبيُّ الرحمة صلى الله عليه وسلم لما جاءه الرجل قال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ»صحيح البخاري (1936)، ولم يقل: ائتنا بشهود أنك لا تستطيع، لا، وإنما ديَّن الإنسان وأوكله إلى صلته بربه وإلى دينه، وهكذا نقول للسائل: إذا كان يبلغ بك حداً تخشى الهلاك أو تخشى المرض، فإنه يجوز لك الفطر إلحاقاً بالمريض، أو إلحاقاً بمن عذرهم الله تعالى، لكن إذا كان هناك نوع مشقة وتعب، وأنت تستطيع أن تتوقَّاه بتبليل رأسك أو بالرَّعي في وقت مبكر، قبل اشتداد الحر أو ما أشبه ذلك فهذا أحسن، كما أني أنصح أصحاب المواشي أن يرفقوا بالرعاة، وأن يقدروا أنه تحت الشمس كهذا الرجل الذي تصلاه الشمس وهو صائم.
المقدم: لكن لو أفطر متى يقضي؟
الشيخ: يقضي في وقت آخر، ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾[البقرة:184].