×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / من رحاب الحرمين / التوحيد باب النجاة الأعظم

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:7949

السَّلامُ عَلَيكُم ورَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ:

الحَمدُ لِلَّهِ حَمدًا كَثيرًا طَيِّبًا مُباركًا فيهِ، مِلءَ السماءِ والأرضِ، ومِلْءَ ما شاءَ مِنْ شَيءٍ بَعدُ، أحمَدُهُ حَقَّ حَمدِهِ، لا أُحصِي ثَناءً عَلَيهِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ مُحمَّدًا عَبدُهُ ورَسولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلهِ وصَحبِهِ، ومَنِ اتَّبعَ سُنَّتَهُ، واقتَفَى أثرَهُ بإحسانٍ إلى يَومِ الدِّينِ، أمَّا بَعْدُ:

فأسألُ اللهَ العَظيمَ رَبَّ العَرشِ الكريمِ أنْ يَرزُقَني وإيَّاكُم صَلاحَ القَلبِ، واستقامَةَ العَملِ، وأنْ يَجعلَنا في هذهِ اللَّيالي المُباركاتِ مِنَ الفائِزينَ بمِنَحِهِ وعَطاياهُ، وأنْ يَكتُبَ لنا فيها خَيرَ الدُّنيا والآخِرَةِ، وأنْ يَحُطَّ بها عَنَّا الذُّنوبَ، ويَرفعَ بها الدَّرَجاتِ، ويُصلِحَ بها الأعمالَ، وأنْ يَجعلَها مَبدأَ صَلاحٍ إلى الخِتامِ، ونَسألُهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ أنْ يَختِمَ لنا بالتَّوْحيدِ، وأنْ يُلحِقَنا بعِبادِهِ المُتَّقينَ، وحِزبِهِ المُفلحينَ، وأوليائِهِ الصالِحينَ.

أيُّها الإخوةُ الكِرامُ، قَبْلَ أنْ نَقرأَ ما يَسَّرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ مِنْ أحاديثِ سَيِّدِ الأنامِ ـ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيهِ ـ في التَّهجُّدِ أُنَبِّهُ إلى أنَّ أعظَمَ ما يَتقرَّبُ بِهِ العَبدُ مِنَ العَملِ إلى اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ التوحيدُ، تَوحيدُهُ والإخلاصُ لَهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ هُوَ أجَلُّ القُرُباتِ؛ ولذَلِكَ فيما عَهِدَ اللهُ ـ تَعالَى ـ إلى إبراهيمَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ قالَ ـ سُبحانَهُ ـ: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا﴾ [الحَجِّ:26].

فأوَّلُ ما جَعلَ اللهُ ـ تَعالَى ـ هَذا البِناءَ مُهَيَّئًا لإبراهيمَ مِنْ أجلِ إقامَةِ التوحيدِ ﴿أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا﴾، ثُمَّ قالَ: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحَجِّ:26].

هَذا مَلحَظٌ مُهِمٌّ، وتَنبيهٌ في غايَةِ الأهميَّةِ، أنْ يَنتبِهَ لَهُ المُؤمنُ الذي يَرجُو نَجاةَ نَفْسِهِ، لا نَجاةَ إلَّا بالتوحيدِ، لا نَجاةَ إلَّا بإفرادِ اللهِ بالعِبادَةِ، لا نَجاةَ إلَّا بأنْ تَملأَ قَلبَكَ وتَعمُرَهُ بمَحبَّةِ اللهِ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وبتَعظيمِهِ دُونَ ما سِواهُ، هَذا هُوَ التوحيدُ، هَذا مَعنَى لا إلهَ إلَّا اللهُ.

وإذا تَأمَّلْتَ حالَ كَثيرٍ مِنَ الناسِ وَجدْتَ عِندَهُم مِنَ الالتِفاتِ إلى غَيرِ اللهِ والتعَلُّقِ بِهِ ما يَقدَحُ في تَحقيقِ هذهِ الكَلمَةِ، ويَخِلُّ بها إخلالًا عَظيمًا، فإنَّ في قَلبِهِ مِنَ الاعتِمادِ عَلَى غَيرِ اللهِ والتوكُّلِ عَلَيهِ، وفي قَلبِهِ مِنْ مَحبَّةِ سِواهُ، وفي قَلبِهِ مِنَ الثِّقَةِ بغَيرِ اللهِ ما لا يُمكِنُ أنْ يَكونَ صاحِبُ هَذا القَلبِ مُخلِصًا لِلَّهِ مُوَحِّدًا لَهُ؛ فلذَلِكَ مِنَ المُهِمِّ -ونَحنُ نَشتَغِلُ بالعِباداتِ والطاعاتِ- أنْ لا نَغفَلَ عَنْ ضَرورَةِ العِنايَةِ بإخلاصِ العَملِ لِلَّهِ، بتَوحيدِهِ، بتَحقيقِ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وذَلِكَ بأنْ تُحِبَّ اللهَ لا تُحِبَّ سِواهُ، وأنْ تُعظِّمَهُ لا تُعظِّمَ غَيرَهُ.

ولَمَّا نَقولُ: تُحِبُّ اللهَ لا تُحِبُّ سِواهُ فالمَقصودُ المَحبَّةُ العِباديَّةُ، وأمَّا المَحبَّةُ الطبيعيةُ التي تَكونُ بَيْنَ الناسِ فهَذا أمْرٌ لا إشكالَ فِيهِ، وقَدْ يَكونُ الإنسانُ مَأجورًا عَلَيهِ إذا حَمَلَهُ عَلَى إحسانٍ وطاعَةٍ؛ لكِنْ عِندَما تَتقدَّمُ مَحابُّ غَيرِ اللهِ عَلَى اللهِ فَقِفْ هُنا خَطَأٌ.

﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا﴾ [التوبَةِ:24].

انتَظِروا عُقوبَتَهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ فإنَّهُ يَغارُ أنْ يَملأَ العَبدُ قَلبَهُ بمَحبَّةِ سِواهُ؛ ولذَلِكَ إذا جاءَ مِنْ يُشارِكُ اللهَ تَرَكَ اللهُ ـ تَعالَى ـ العَملَ لغَيرِهِ، «أنا أغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أشرَكَ فيهِ مَعي غَيري تَركْتُهُ وشِرْكَهُ» صحيحُ مُسلمٍ (2985)، فهُوَ لا يَقبَلُ الشِّرْكَ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ لأنَّهُ الذي لا مَثيلَ لَهُ ولا نَظيرَ، فليسَ لَهُ كُفُوٌّ، ولا لَهُ نِدٌّ، ولا لَهُ مُشارِكٌ.

﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاصِ4:1].

فاحذَرْ هذهِ الأُمورَ التي قَدْ تَخفَى عَلَى كَثيرٍ مِنَ الناسِ دُونَ أنْ يَستبصِرَ أنَّ الإخلاصَ سَببُ النَّجاةِ، أنَّ الإخلاصَ بِهِ الفلاحُ، تَجِدُهُ يُصلِّي، وتَجِدُ عِندَهُ صَدقاتٍ، وقَدْ تَجِدُ عِندَهُ إحسانًا؛ لكِنَّهُ في دُعائِهِ يَطلُبُ الغَوْثَ مِنْ غَيرِ اللهِ، المَددَ يا فُلانُ، الغَوْثَ يا فُلانُ، أنقِذْني يا فلانُ، يَهتِفُ بأسماءِ المَوتَى مِنْ دُونِ اللهِ، ثُمَّ يَظُنُّ أنَّهُ ناجٍ، وهَذا مُفسِدٌ عَظيمٌ مِنْ مُفسِداتِ الإيمانِ، وناقِضٌ كَبيرٌ مِنْ نَواقِضِ التوحيدِ، أنْ تَدعوَ غَيرَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.

ومِثْلُهُ أيضًا أولئِكَ الذينَ يَتَساهَلونَ بالشِّرْكِ في أقوالِهِم وأعمالِهِم، وبَعضُهُم يَذبَحُ لغَيْرِ اللهِ، ويَنذُرُ لغَيرِ اللهِ، وتَضعُفُ ثِقتَهُ باللهِ، وهَذا ليسَ خَيالًا يا إخواني، هَذا واقِعٌ مِنْ بَعْضِ الذينَ يُصلُّونَ، وبَعضُ الذينَ يَصومونَ، ويُزيِّنونَ هَذا بأنواعٍ مِنَ المُزيناتِ، هَؤلاءِ أولياءُ، هَؤلاءِ أصحابُ جاهٍ عِندَ رَبِّ العالَمينَ، هَؤلاءِ لَهُم مَكانَةٌ، نَفْسُ الذي كانَ يَقولُهُ المُشرِكونَ الأوائِلُ عِندَما قالَ لَهُمُ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ ـ: اعبُدوا اللهَ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُكانوا يَقولونَ: نَحنُ ما نَعبُدُهم؛ إنَّما نَحنُ نَتقرَّبُ إلَيهِم؛ لأنَّ لَهُم جاهًا عِندَ اللهِ، ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى[الزُّمَرِ:3]، أي: ليسُوا المَقصودينَ بالعِبادَةِ؛ إنَّما هُم وَسيلَةٌ، وهَذا خَلَلٌ كَبيرٌ يَقَعُ فيهِ كَثيرٌ مِنَ الناسِ.

تُشاهِدونَ عَدَدًا غَفيرًا ممَّنْ يُصلِّي ويَصومُ يَهتِفُ بأسماءِ المَوتَى في حاجاتِهِ، تَجِدُهُ يَذهَبُ للمُشعوذينَ، تَجِدُهُ يَنذُرُ لغَيرِ اللهِ، تَجِدُهُ يَذبَحُ لغَيرِ اللهِ، ويَظُنُّ أنَّ هَذا لا يُناقِضُ التوحيدَ، وأنَّ هَذا لا يَخرُجُ بِهِ عَنْ هَدْيِ سَيِّدِ المُرسَلينَ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيهِ.

ويَجِدُ مِنْ أصحابِ السُوءِ والشرِّ مَنْ يُزيِّنونَ لَهُ ذَلِكَ، كمَا قالَ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ﴾ [فُصِّلَتْ:25]، فتَجِدُ مِنَ القُرناءِ مِنَ الإنسِ والجِنِّ مَنْ يُزيِّنُ لهَؤلاءِ ما هُم فيهِ مِنْ باطِلٍ، وما هُمْ فيهِ مِنْ ضَلالٍ، فحَرِيٌّ بالمُؤمنِ أنْ يُخلِصَ تَوحيدَهُ لِلَّهِ.

(لا إلهَ إلَّا اللهُ) مَعناها: أنْ تَكونَ سالِمًا مِنَ الشِّركِ في قَلبِكَ، وفي عَملِكَ، وفي قَولِكَ، هَذا مَعنَى لا إلهَ إلَّا اللهُ، ليسَ في قَلبِكَ شِرْكٌ، لا بمَحبَّةِ غَيرِ اللهِ، ولا بتَعظيمِ غَيرِ اللهِ، ولا بالتوَكُّلِ عَلَى غَيرِ اللهِ.

﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾  [الفاتحَةِ:5]: لا نَعبُدُ إلَّا أنتَ، ولا نَستَعينُ إلَّا بِكَ في قَضاءِ الحوائِجِ ونَيْلِ المَطالِبِ، وكذَلِكَ فيما يَتَعلَّقُ بقَولِهِ: فاحذَرْ أنْ يَتسرَّبَ شَيءٌ مِنَ الشِّرْكِ إلى قَولِكَ.

ومِنْ ذَلِكَ الحاجُّ لغَيرِ اللهِ، وكذَلِكَ بَعضُ الأسماءِ المُشاعَةِ في بَعضِ البلدانِ هِيَ مِنَ الشِّركِ: (عَبدُ النبيِّ، عَبدُ الرَّسولِ)، هذهِ بالإجماعِ، لا خِلافَ بَيْنَ العُلَماءِ أنَّهُ لا يَجوزُ التَّعبيدُ لغَيرِ اللهِ، فكَيْفَ يَطيبُ قَلبُ مُسلمٍ أنْ يُسمِّيَ ابنَهُ أو أنْ يَتسَمَّى هُوَ بعَبدِ النبيِّ وعَبدِ الرسولِ؟

والإجماعُ مُنعَقِدٌ، لا خِلافَ، ما هِيَ مَسألةٌ خِلافيَّةٌ، التوحيدُ ما فيهِ خِلافٌ، مَسائِلُ التوحيدِ ليسَتْ كمَسائِلِ العَملِ فيها قَولٌ، وهَذا قَولُ مالِكٍ، وهَذا قولُ الشافِعيِّ، إذا جِئْتَ إلى مَسائلِ الاعتِقادِ وَجدْتَ مالكًا والشافِعيَّ وأحمَدَ وأبا حَنيفَةَ وكُلَّ عُلَماءِ الإسلامِ عَلَى قَضيةٍ واحِدةٍ؛ لأنَّهُ لا خِلافَ لمَسائِلِ الاعتِقادِ، الأساسُ الَّذي يُبنَى عَلَيهِ الدِّينُ، فلا تَجِدُ عالِمًا يَقولُ: يَجوزُ عَبدُ النبيِّ أو عَبدُ الرسولِ، أو ما إلى ذَلِكَ.

فيَنبَغي أنْ نُشيعَ هذهِ المَعاني في مُجتمعاتِنا، وبَيْنَ الناسِ، وأنْ نُعلِمَهُم أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ تَقتَضي التوحيدَ في القَولِ والقَلبِ والعَملِ، وليسَتْ فَقَطْ تَوحيدًا مَعنَويًّا لا حَقيقَةَ لَهُ، لا في قَلبٍ، ولا في قَولٍ، ولا في عَملٍ.

أو يَقولُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ وتَجِدُهُ يَتَوسَّلُ بغَيرِ اللهِ، يَسجُدُ للأولياءِ، يَطوفُ عَلَى القُبورِ، يَقصِدُ أصحابَ الأضرِحَةِ لقَضاءِ الحَوائِجِ، يَهتِفُ بأسمائِهِم، أينَ التوحيدُ؟ أينَ لا إلهَ إلَّا اللهُ؟ واللهُ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ يَقولُ: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجِنِّ:18]، ﴿وَمَنْ أَضَلُّ﴾ [الأحقافِ:5]: لا أحدَ أضَلُّ ﴿مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ [الأحقاف:5]، فالجَديرُ بالمُؤمِنِ أنْ يُحيطَ بهذهِ المَعاني؛ لأنَّها مَفاتيحُ الفَلاحِ.

وأنتُمْ أيُّها الإخوَةُ مِنْ جِهاتٍ شَتَّى رُسُلٌ إلى قَومِكُم، كونوا دُعاةً لتَوحيدِ اللهِ، لا إلهَ غَيرُهُ جَلَّ في عُلاهُ، مُرُوا أنفُسَكُم وأهليكُم بتَحقيقِ هذهِ الكَلمَةِ، التي هِيَ مَفاتيحُ الجَنَّةِ، وإذا نَظرْتَ في كُلِّ العِباداتِ وَجدْتَها لا تَصلُحُ ولا تُقبَلُ إلَّا إذا كانَتْ لِلَّهِ خالِصَةٌ.

أنتُمْ جِئتُم إلى عُمرَةٍ، غالِبُكُمُ اعتَمرَ، ألم تَسمَعوا قَولَ اللهِ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ﴾ [البقَرَةِ:196] لمَنْ؟ للأولياءِ؟ للصالِحينَ؟ لا، بَلْ لِلَّهِ، فلا يَكُنْ في قَلبِكَ سِوَى اللهِ.

وفي فَرْضِ الحَجِّ الذي هُوَ أشَقُّ الأعمالِ والأركانِ العَمليَّةِ؛ والتي قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ فيها: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ [آلِ عِمرانَ:97]، لِلَّهِ لا لغَيْرِهِ.

فكذَلِكَ الصلاةُ لِلَّهِ لا لغَيرِهِ، لِلَّهِ الصوْمُ، لِلَّهِ الزكاةُ، للهِ الدُّعاءُ والسؤالُ والاستِغاثَةُ، وطَلَبُ تَفريجِ الكُرُباتِ، فلا تَلتَفِتْ إلى غَيرِهِ، اللهُ ـ جَلَّ في عُلاهُ ـ لم يَجعَلْ بَينَكَ وبَينَهُ واسِطَةً؛ بَلْ أسقَطَ الواسِطَةَ بالكُلِّيةِ حَتَّى في البَلاءِ.

يَقولُ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرةِ:186]، ما قالَ: يا مُحمدُ، قُلْ؛ بَلْ مُباشَرَةٌ جاءَ الجَوابُ حَتَّى يُسقِطَ الواسِطَةَ، ويُبيِّنَ أنَّهُ ليسَ بَيْنَ اللهِ وبَينَ عبادِهِ حِجابٌ، ولا يَحتاجونَ في الوُصولِ إلَيهِ إلى واسِطَةٍ في عِبادتِهِم؛ بَلْ ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البَقرةِ:186].

فاحرِصوا أيُّها الإخوَةُ عَلَى الاجتِهادِ في تَحقيقِ التوحيدِ، والصبرِ عَلَى هَذا الأمرِ، وإشاعَتِهِ بَينَ الناسِ، وتَعليمِهِ؛ فإنَّ التوحيدَ هُوَ بابُ النجاةِ الأعظَمِ.

أسألُ اللهَ العَظيمَ رَبَّ العَرشِ الكريمِ أنْ يَرزُقَنا الإخلاصَ لَهُ في القَولِ والعَملِ، أنْ يَجعلَنا مِنْ أهلِ لا إلهَ إلَّا اللهُ في قُلوبِهِم وأقوالِهم وأعمالِهم، وأنْ يَتَوفَّانا عَلَيها، وأنْ يُعيذَنا مِنْ نَزَغاتِ الشياطينِ، اللهُم إنَّا نَعوذُ بِكَ أنْ نُشرِكَ بِكَ ونَحنُ نَعلمُ، اللهُم إنَّا نَستَغفِرُكَ مِمَّا لا نَعلَمُ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94175 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90095 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف