قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" ومن أمثلة ذلك : أن الذين لبسوا الكلام بالفلسفة من أكابر المتكلمين تجدهم يعدون من الأسرار المصونة والعلوم المخزونة : ما إذا تدبره من له أدنى عقل ودين وجد فيه من الجهل والضلال ما لم يكن يظن أنه يقع فيه هؤلاء حتى قد يكذب بصدور ذلك عنهم مثل تفسير حديث المعراج الذي ألفه أبو عبد الله الرازي الذي احتذى فيه حذو ابن سينا وعين القضاة الهمداني فإنه روى حديث المعراج، بسياق طويل وأسماء عجيبة وترتيب لا يوجد في شيء من كتب المسلمين لا في الأحاديث الصحيحة ولا الحسنة ولا الضعيفة المروية عند أهل العلم .
وإنما وضعه بعض السؤال والطرقية أو بعض شياطين الوعاظ أو بعض الزنادقة .
ثم إنه مع الجهل بحديث المعراج - الموجود في كتب الحديث والتفسير والسيرة وعدوله عما يوجد في هذه الكتب إلى ما لم يسمع من عالم ولا يوجد في أثارة من علم - فسره بتفسير الصابئة الضالة المنجمين وجعل معراج الرسول ترقيه بفكره إلى الأفلاك وأن الأنبياء الذين رآهم هم الكواكب : فآدم هو القمر وإدريس هو الشمس والأنهار الأربعة هي العناصر الأربعة، وأنه عرف الوجود الواجب المطلق، ثم إنه يعظم ذلك ويجعله من الأسرار والمعارف التي يجب صونها عن أفهام المؤمنين وعلمائهم.
حتى إن طائفة ممن كانوا يعظمونه لما رأوا ذلك تعجبوا منه غاية التعجب وجعل بعض المتعصبين له يدفع ذلك حتى أروه النسخة بخط بعض المشايخ المعروفين الخبيرين بحاله وقد كتبها في ضمن كتابه الذي سماه : " المطالب العالية " وجمع فيه عامة آراء الفلاسفة والمتكلمين".
"مجموع الفتاوى" ( 4/63).