×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / ادعوني أستجب لكم / الحلقة (3) فلا تدعوا مع الله أحدا

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:2637

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، الحمد لله لهُ الحمدُ كُله، أولهُ وآخره، الحمد لله لهُ الحمدُ في الأولى والآخرة ولهُ الحكمُ وإليهِ ترجعون.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُ الله ورسوله، وصفيه، وخليله، وخيرتهُ من خلقه، بعثهُ الله بالحقِّ، والهدى، فأنارت بهِ الدنيا بعدَ ظُلماتِها، أخرجنا اللهُ ـ تعالى ـ بهِ من الظلماتِ إلى النور، بصّرنا اللهُ ـ تعالى ـ بهِ من العمى، هدانا بهِ من الضلالة، لم يترك خيراً إلا دلّنا عليه، ولا شراً إلا حذّرنا منه، فحقهُ – صلوات الله وسلامه عليه – أن يُعظّمَ، وأن يؤمنَ به، وأن يُحفظَ حقّهُ في أمته، ومن ذلكَ أن يُصلى عليه، فالصلاةُ عليه حقٌ من حقوقه ﴿صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا  الأحزاب:56   اللهم صلي على محمد وعلى آلِ محمد، كماصليتَ على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم، إنك حميد مجيد، أمّا بعد:

فحياكم الله أيها الإخوة والأخوات.. في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ  غافر:60   اللهُ ـ جلّ وعلا ـ أمرَ العبادَ بدعائه، وذلكَفي آياتٍ كثيرة، إلا أنَّ هذه الآية تضمنت الأمرَ، والوعد، والوعيد، فتضمنت ثلاثة أمور:

الأمر الأول:الأمر بالدعاء في قوله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.

الأمر الثاني: الوعد في قوله: ﴿أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.

الأمر الثالث:الوعيد في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ  غافر:90  .

هذه الآية الكريمة أمرَ اللهُ فيها بالدعاء، والدعاء المأمور بهِ هو دعاء العبادة، دعاء الذّل، دعاء الخضوع، دعاء الانقياد لله ـ عزّ وجل ـ بالقلب، والقالب، دعاء الصلاةِ، والزكاةِ، والصومِ، والحج، والإحسان إلى الخلق، وأداء الحقوق، كُلُّ هذا من دعائه المأمور بهِ في قوله: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وداخلٌ في ذلك أيضاً الدعاء الّذي لا ينفكُ عنهُ أحد من الناس، فالكلُ لهُ من الحاجات، ولهُ من الرغبات، ولهُ من الأماني، ولهُ من الكروب ما يُنزِلها لله.

"الصمد" فإنَّ اسمَهُ الصمد من معانيه:الّذي تصمدُ لهُ الخلائقُ كُلُها، فجميع الخلقِ من الأنس، والجن، وسائر خلق الله إنما يُنزِلون حاجاتهم بالصمد، بالله، الواحد، الأحد ـ جلّ في علاه ـ فالكلُ يُنزِلُ حاجتهُ بالله، يطلبُ منهُ قضاءها، ويسألوهُ بلوغ أمانيه، وآماله، ما منّا إلا ولهُ أمنية، لهُ أمل، ما منّا إلا ولهُ حاجة، وعندهُ هم، ما منّا إلا ولهُ مسائل يرجو بلوغها، ويُؤمّلُ السلامة منها، طريقُ ذلك كُلُه الدعاء، ولهذا الدعاء دعاء المسألة داخل فيما أمر اللهُ ـ تعالى ـ بهِ في قوله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ فكلُّ من سأل الله امتثل أمرهُ، وإذا سأل غيرَه فإنهُ خرجَ عن ما أمرَ اللهُ به، وقد يكون هذا موبِقاً، مُهلِكاً فيما إذا سأل من لا يقدر من الأموات، أو الغائبين، كما يفعلهُ بعضُ الناس في إنزال مسائلهم وحاجاتهم لغير الله، فتجدهُ يستغيث بالأموات، ويسألهم قضاء الحاجات، وهُنا لم يدعوا الله، لم يُحقق ما أمرَ اللهُ بهِ في قوله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ إنَّ الّذي يقول: يا حسين، وذاكَ الّذي يقول: يا بدوي، والآخر الّذي يقول: يا فلان من الملائكة، أو من الرسل، أو من الصدِّقين، أو من الشهداء، لم يمتثل ما أمرَ اللهُ بهِ في قوله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي﴾ لا تدعوا غيره، ولذلك يقول اللهُ ـ تعالى ـ: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا  الجن:18   أي العبادات لهُ، فلا يجوز أن تصرف إلى غيره، ولذلك يقول: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ كما إنك لا تُصلي إلا لله، ولا تزكي إلا لله، ولا تحج إلا لله، ولا تصوم إلا لله، ولا تفعل من العبادات في السرِّ، والعلن تقرباً من الذبح، وعبادات القلوب: الخوف، والمحبة، لا تفعلُها إلا لله تقرُباً إليه، فكذلك لا تدعوا غيره، فإنَّ دعاء غيرهِ مهلكة، يقول الله ـ جلّ وعلا ـ: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ  الأحقاف:5   ليس هناك أضل ممن يُنزل حاجتهُ، الفقير، المسكين، بالّذي لا حول لهُ ولا قوة، لو كان هذا طريقاً لتحصيل الرغبات، وإدراك الحاجات، كان حصّل الناس ما يدركون بسؤال غير الله، لكن لا يُحصّل الناس بدعاء غير الله إلا الضلال: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَايَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ  الأحقاف   فالّذين تدعوهم من الخلق، وتُنزل بهم حاجاتك لا يدرون، ولا يسمعون، ولا يعلمون: ﴿وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ   فاطر:15   لو أدركوا ما تسألون لما استجابوا لكم، هذا الّذي يقف على مقبور، ويقول: اغثني، انجني، بلّغني ما أؤمّل من ولد، أصلح حالي، شأني، في الحقيقة غائب العقل، إذ لو أنَّ هذا عندهُ ولو بصيص نور من عقل لقال: لو كانَ هذا يستطيعُ أن ينفع أحداً لنفعَ نفسه، لكنّهُ لا يستطيع أن ينفعَ نفسه، فهو حسير، مقصور على عمله، قد طويت صحائفه، يرجو رحمةَ ربه، فليسَ ثمةَ أحدٌ تُنزل بهِ الحاجات، ويؤمّل منهُ قضاؤها إلا الله، فلذلك لا تسأل سواه، عندما تصرف العبادة، الدعاء لغير الله، فقد صرفت العبادة لسواه، بعض الناس يُزين هذا، ويقول: هؤلاءِ لهم جاه عندَ الله، ولهم منزلة، وبالتالي نحنُ نطلب منهم، ونسألُهم الحاجات، الله لم يجعل بينهُ وبينَ خلقهِ واسطة في دُعاءه، ولم يجعل بينهُ وبينَ خلقهِ مانِعاً من أن يصل العباد إليه، بل فتحَ الباب لكّلِ سائل، في كّلِ وقت: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ  البقرة:186   الله تولى الجواب، ولم يجعل ذلكَ بواسطة، بل تولى الجواب بنفسه ـ جلّ في علاه ـ يقول: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ لا أحتاج إلى أن اجعل بيني وبينَ عبادي واسطة ليصلوا إلي، العباد ليسوا بحاجة إلى واسطة في دعاء الله، وعبادته، وسؤاله، بل هم يلجأون إلى ربهم بمناجاته، بدعاءه، بإنزال الحاجة به دونَ وسِطات: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ  البقرة:186   أتظنون أنَّ الدعاء لا يبلُغ اللهَ ـ جلّ وعلا ـ ويحتاج فيهِ إلى واسطة تُبلّغه، النبيﷺسمع أصحابه في سفرة من السفرات، يذكرون الله تعالى بصوت مُرتفع، فقال لهم: - صلوات الله وسلامه عليه – موجِهاً، ومُنبِّهاً، قال لهم: «إنَّ الّذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنقِ راحلته»  مسند أحمد (19599)، وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين   وهذا بيان لعظيم قُربِ الله من عبادة الداعين، أقرب الأحوالِ يكونُ العبدُ فيها قريباً من الله، وهو في حال الدعاء، حيثُ قال ـ جلّ وعلا ـ: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ أي من الداعي، وقال النبيُﷺللذاكرين، وهو نوعٌ من الدعاء، قال: «إنَّ الّذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنقِ راحلته» وقال النبيُﷺ: «أقرب ما يكون العبدُ من ربه وهو ساجد»  صحيح مسلم (482)   لأنَّهُ محلُ الدعاء: «وأمّا السجود فأكثروا فيهِ من الدعاء»  بهذا اللفظ في صحيح ابن خزيمة (602)، وتتمة حديث مسلم السابق: «فأكثروا فيه الدعاء»   إذاً نحنُ بحاجة إلى أن نستحضر هذه المعاني، وأنهُ لن نبلُغ حاجاتنا، ولن نُدرك مطالِبنا إلا بإنزال الحاجةِ بهِ، ولهذا كلُ من التفت إلى غيرِ الله، يمنةً، أو يسره، يرجو نوالاً، ويؤمّلُ عطاءً، ويرغبُ في هبات، فإنهُ سيعود صفرا اليدين، خالي اليدين، كالّذي يريدُ شربُ الماء بيدٍ مبسوطة، فإنهُ لا يصلُ إلى فمهِ منها شيء، لذلك وصيتي أن نستحضر هذا المعنى، وأن نكف عن الالتفات إلى غير الله في مطالِبنا، فإنَّ قوتك، وسلامة دينك، ودنياك، وسلامة توحيدك، إنما يتحقق بألاّ تتوجه ولا تقصد إلا الله، وستلتذ بقوة، وعظيم يقين، وعظيم ثقة، وبهجة، وسكون، وطمأنينة، لأنك تأوي إلى المَلك الّذي بيده ملكوتِ كُل شيء، إلى ربِّ الأرض، والسماء، الّذي: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ  يس:82   عندَ ذلك تنقطع أطماعُك عن الورى، وينقطع رجاؤك عن غير الله، فيشرقُ قلبك بما يفيضُ اللهُ ـ تعالى ـ عليك من أنوارِ دينه، وطاعته، وفيوضِ توحيده، ولهذا لا يُدرك الإنسان القوة على وجه الكمال إلا عندما يُحقق لله التوكل التام، يقولُ ربُنا جلّ في علاه: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ  الطلاق:3   أي الله كافيه، يكفيه كُلَ ما أهمّهُ، فكل ما تهتم له، كُل ما تخاف فواته، كُل ما تؤمّل بلوغه فأنزلهُ بالله، ولا تلتفت إلى سواه، عندَ ذلك تُدرك خير الدنيا، والآخرة، عندَ ذلك تمتثل ما أمرَ اللهُ ـ تعالى ـ بهِ في قوله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.

أسأل الله أن يرزقنا تمام توحيده، وأن يملأَ قلوبنا بمحبته، وتعظيمه، وأن يجعلنا من خُلّصِ عبادة، إلى أن نلقاكم في حلقةٍ قادمةمن برنامجكم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾أستودعكم الله الّذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المادة السابقة

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93805 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89673 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف