×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

رمضانيات / برامج رمضانية / ادعوني أستجب لكم / الحلقة (20) صلوا عليه وسلموا تسليما

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3896

السَّلامُ عَليكُمْ وَرحْمةُ اللهِ وَبركاتُهُ.. أَهْلاً وَسَهْلاً ومرْحَباً بِكُمْ أيها الإِخْوةُ والأخَواتُ.. في هَذِه الحلقةِ الجدِيدةِ مِنْ بَرنامجكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْغافر:60  .
الحمدُ للهِ الَّذي أَرسلَ رسُولَهُ بِالهدَى ودينِ الحقِّ بيْنَ يدَيِ السَّاعة، بَشِيراً ونَذِيرا أرْسَلهُ اللهُ عامةً للناسِ، كَما قالَ ـ جلَّ في عُلاهُ ـ: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًاالأعراف:158   فلَهُ الحمْدُ عَلَى ما أَرْسلَ مِنْ رحْمةٍ مُهْداةٍ، وَرَسُولٍ دَلَّ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَحَذَّرَ مِنْ كُلِ شَرٍّ، وأَشْهدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ، إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرينَ، ربِّ العالمينَ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.
وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُاللهِ ورسوله، وصفيهُ وخليله، وخيرتهُ من خلقه، بعثهُ اللهُ بِالهُدَى، ودينِ الحقِّ بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بَشِيراً وَنَذِيرا، دَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيرا، بلَّغَ الرِّسالَةَ، وأَدَّى الأَمانَةَ، وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وَتَرَكَها عَلَى سَبِيلٍ وَاضحٍ بَيِّنٍ لا لبْسَ فِيهِ، وَلا غَبَشَ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبعَ سُنَّتَهُ، وَاقْتَفى أَثَرهُ بإحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
ففِي هذهِ الحلقةِ الجديدةِ مِنْ بَرْنامَجِكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ سنتحَدَّثُ عَنْ مَوْضُوعٍ بالِغِ الأَهَمِّيَّةِ، لَهُ أَثرٌ كَبِيرٌ في إِجابَةِ الدُّعاءِ، هُوَ مِنْ أَسْبابِ قَبُولِ الدَّعَواتِ، وَإِجابَةِ السَّائِلينَ، وَإِغاثَةِ المسْتَغِيثينَ، إِنَّهُ الصَّلاةُ عَلَى النبيِّ مَحمدٍ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّم ـ فَالصَّلاةُ عَلىَ النبيِّ محمدٍ ـ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَعَلَى آلهِ وسَلَّم ـ يَفتَحُ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِها عَلَى عَبْدهِ مِنْ أَبْوابِ الخيْرِ، ما لَيْسَ لَهُ عَلَى بالٍ، لَيْسَ ذَلِكَ في دُعاءٍ فَحَسب، أَوْ في مَسْأَلَةٍ، وَطَلَبٍ، بَلْ في مُْجمَلِ حالَهِ، وَلِذَلِكَ أَمرَ النَّبيُّ ﷺ بِالإِكْثارِ مِنَ الصَّلاةِ عَلَيْهِ ﷺ في سيِّدِ الأَيَّامِ، وأَشْرَفِها، ففِي السُّنَنِ، وَالمسْنَدِ، مِنْ حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ أَوْسِ الثَّقَفِيِّ، يَقُولُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَسَلَّم ـ: «إِنَّ مِنْ خَيْرِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الجمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنَ الصَّلاةِ عليهِ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ»سُنَنُ أَبي دَاوُد (1047)، وَصَحَّحَهُ الأَلْباني  .
هَذا الخبرُ النَّبَوِيُّ يُبيُّن أَنَّ تَخْصِيصَ هَذا اليوْمَ، بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ ـ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ علَيْهِ ـ وَهَذا اليَوْمُ هُوَ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، وَتَخْصِيصُ هَذا اليَوْمِ بِهذا العَمَلِ، يَدُلُّ عَلَى شَرَفِهِ، وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ، وَرَفِيعِ مَكانَتِهِ، فَيَنْبَغِي لِلمُؤْمِنِ، أَنْ يَعْرِفَ حقَّ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلهِ وَسَلَّمَ ـ بِالصَّلاةِ عَلَيَه، فإنُّهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلهِ وَسَلَّم ـ أَعْظَمُ الخلْقِ إِحْساناً إِلَى الخَلْقِ، لمْ يطْرُقِ البَشرِيَّةِ، بَلْ لمْ يَطْرُقِ العالمَ مِنَ الخَلْقِ أَحَدٌ، أَعْظَمَ إِحْساناً إِلَى الخَلْقِ، مِنْ مُحمَّدٍ بْنِ عَبْدِاللهِ ـ صَلَواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيْهِ ـ لِذَلِكَ بَشَّرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِهِ، وَأَمَرَ بِالفَرْحَةِ بِهِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌالتوبة:128   وفي الآية قال: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَيونس:58   وَمما قِيلَ في تَفْسِيرِ الآيةِ: أنَّهُ رَسُولُهُ ﷺ؛ ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ﴾ قِيلَ: رَحْمتهُ محمدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ ﷺ، كَما قالَ اللهُ ـ جلَّ وَعَلا ـ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَالأنبياء:107  .
وَالمقْصُودُ أَنَّ النَّبيَّ – صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ – حقُّهُ عَلَى البَشَرِ عَظِيمُ، عَلَى كافَّةِ النَّاسِ، لَيْسَ فَقَطْ عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ، بَلْ عَلَى عامَّةِ البَشَرِ، وَكافَّةِ الوَرَى مِنِ الإنْسِ، وَالجنِّ، حَقُ النَّبيِّ ﷺ أصْلُهُ، أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، وَأَنْ يُشْهَدَ لَهُ بِالرِّسالَةِ أَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، هَذا أَصْلُ الحُقوقِ لِلنبيِّ ﷺ، فَإذا شَهِدَ العبدُ للنبيِّ بِذلكَ، كانَ ذَلِكَ مِفْتاحاً لِكُلِّ خَيْرٍ.
الصَّلاةُ عَلَى النَّبيِّ ﷺ، وَرَدَ فِيها فَضائِلُ كَثيرَةٌ، مِنْها ما في الصِّحيحِ، مِنْ حَدِيثِ عبدِاللهِ بْنِ عَمْرو بْنِ العاصِ – رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهُ – أَنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «مَنْ صلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةٍ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ بِها عَشْرا»صَحِيحُ مُسلمٍ (384)  .
وقدْ أمرَ اللهُ ـ تَعالَى ـ المؤْمِنينَ، بِالصَّلاةِ عليهِ، فَقالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ جاءَ ذلكَ بَعْدَ خبرهِ عنْ نَفْسهِ، وَملائكَتِهِ، وَهُمْ منْ خِيارِ خَلْقِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّالأحزاب:56   بعدَ ذلك أمرَ اللهُ أهلَ الإيمان، بما فعلهُ ربُّ العالمين، وبما كانَ يفعلُهُ ملائكتهُ المقربُونَ، يَقُولُ ـ جلَّ وَعَلا ـ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ فأمرَ اللهُ بالصلاةِ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ، وَرَتَّبَ عَلَيْها هَذا الأَجْرَ العَظِيمَ، والفَضْلَ الكَبِيرَ، الَّذي قالَ فِيهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً، صَلَّى اللهُ علَيْهِ بِها عَشْرًا»صَحِيحُ مُسْلِمٍ (384)  وَلِذَلِكَ أَنَّ جَزاءَ الحَسَنَةِ عشرُ أَمْثالِهِا.،

 وَقَدْ جاءَ في بَيانِ فَضِيلَةِ الصَّلاةِ عَلَيْهِ، أَنَّها تَجْلِبُ لِلإِنْسانِ كُلَّ خَيْرٍ، وَتَدْفعُ عَنْهُ كُلَّ شَرٍّ، جاءَ في التِّرْمِذِيِّ، مِنْ حَدِيثِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ – رَضِيَ اللُه تَعالَى عَنْهُ – عَنْ أَبِيهِ أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ – أَنَّهُ قالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: "يا رَسُولَ اللهِ: إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ علَيْكَ" أَيْ أُكْثِرُ الدُّعاءَ لَكَ بِالصَّلاةِ، وَما أَشْبَهُها مِنَ الصِّيغِ، الَّتي يُصَلِّى بِها عَلَى النَّبيِّ ﷺ: "فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتي؟" كَمْ أجْعَلُ لكَ مِنْ دُعائِي، إِذا دَعَوتُ اللهَ عزَّ وَجَلَّ، في دُعاءٍ خاصٍ، إمّا في دُعاءِ ليْلٍ، أَوْ في غَيْرِهِ، كَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ دُعاءِ؟ قالَ النَّبيُّ ﷺ: «ما شئْتَ» يَعْني اجْعَلُ لي ما شِئْتَ مِنَ القَدَرِ: فَقالَ: "الرُّبُع"، فَقالَ النَّبيُّ ﷺ: «ما شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، فَقالَ "النَّصْفَ"، فَقالَ: «ما شِئْتَ، فَإِنْ زِِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، فَقال: "الثلُثين"، قالَ: «ما شَئْتَ، وإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خيرٌ لكَ» فَقالَ أُبيُّ بْنُ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ ـ: «أَجْعَلُ لَكَ صَلاتي كُلَّها» أَيْ: أَجْعَلُ لَكَ دُعائي كُلهُ، فَكُلُّ ما يَدْعُو بهِ هُوَ الصَّلاةُ عَلَى النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ـ قالَ النبيُُ ﷺ في بَيانِ، ما الَّذِي يَتَرتَّبُ عَلَى جَعْلِ الصَّلاةِ، جَعَلَ الدُّعاءَ كامِلاً لَهُ ﷺ، في دُعاءٍ خاصٍ؟ قالَ ﷺ: «إذاً تُكفَى همُكَ، وَيغْفَرُ ذَنْبُكَ»سنَنُ التِّرْمِذِيِّ (2457)، وَقالَ: هَذا حَديثٌ حَسَنٌ  .
«إذاً تُكفَى همُك» فيَكْفِيكَ اللهُ ـ تَعالَى ـ ما أَهْمَّكَ «ويُغفرُ ذَنْبُكَ» فَيَغْفرُ اللهُ ـ تعالَى ـ لَكَ ذُنُوبُكَ، وَخَطاياكَ، هَذا الفَضْلُ العَظِيمُ، يُبيُّن عَظيمَ مَنْزلَةِ الصَّلاةِ علَى النَّبيِّ ﷺ، وأَنَّها سَببٌ لِكِفايَةِ الهمُومِ، وَالهَمِّ هُوَ كُلُّ ما يقُومُ في قَلْبِ العَبْدِ، مما يُشغِلُهُ في أَمْرِ مُسْتَقْبَلِهِ، وَفِيما يَلْقَى مِنْ أَيَّامِهِ، وَفِيما يَسْتقبلُ مِنْ أَحْوالِهِ، إِنَّْ طَرِيقَ الكِفايَةِ، هُوَ الإِكْثارُ مِنْ صَلاةِ النَّبيِّ ﷺ، وَقدَ جاءَ في رِوايةٍ أُخْرَى، أَنَّهُ قالَ: «إذاً يكْفِيكَ اللهُ ما أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْياكَ، وْآخرتِكَ» هَذا البيانُ النَّبَوِيُّ لفضيلَةِ الصَّلاةِ عَلَى النبيِّ ﷺ، وأَنَّهُ سَبَبٌ لِكفايَةِ الهمِّ، وغُفْرانِ الذَّنْبِ، نَحْتاجُ أَنْ نَقِفَ مَعَهُ وَقْفَة، لماذا؟ لماذا بَلَغَتْ هَذِهِ العِبادَةُ؟ هَذِهِ الدَّعَواتُ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ ﷺ؟ هَذِهِ المنزلَةُ العُلْيا أَنَّها سَبَبٌ لِكفايَةِ الهمُومِ، وَمَغفرَةِ الذُّنُوبِ؟
الجوابُ يَتبيُّنُ مِنْ أَمْرَيْنِ:
الأمرُ الأولُ: أنَّ النبيَّ ﷺ أَعْظمُ الخلْقِ حَقاً عَلَى الخَلْقِ، فَهُوَ أَعْظمُ الخَلْقِ حَقاً علَيْكَ، حَقُّهُ أَعْظَمُ مِنْ حَقِّ أَبِيكَ، وَأُمِّكَ، وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ سائرِ الحقُوقِ الَّتي عَلَيْكَ، فَلِذَلِكَ كانَ مُقَدَّماً، فالاشْتِغالُ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ، هُوَ أَداءٌ لِبَعْضِ حَقّهِ، وَقِيامِ بِشَيءٍ مما يَسْتَحِقُّهُ صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عليهِ.
قَدْ يَقُولُ قائِلٌ: ما الَّذِي جَعَلَ النَّبيَّ ﷺ يَتَبَوَّأُ هَذِهِ المنزَلَةِ؟ وَيَكُونُ حَقُّهُ عَلَى هَذا النَّحْوِ؟ الجوابُ: أَنَّ النَّبيَّ ﷺ اصطفاهُ الله: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُالأنعام:124   وَقَدْ قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِالحج:75   اصْطفَى اللهُ ـ تَعالَى ـ محمَّداً بْنَ عَبْدِاللهِ – صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ – فَهُوَ صَفْوَتهُ مِنْ خَلْقِهِ، فَأَفاضَ عَلَيْهِ الرِّسالةَ، وَأَفاضَ علَيْهِ فَضْلَهُ بِالوَحْي إِلَيْهِ، وَلَيْسَ باِلوَحْيِ كَسائِرِ الوَحْيِ، بَلِ الوَحْيُ عَمَّا نَفَعُهُ البَشَرَ كُلَهم، فَهُوَ رَسُولٌ لِكُلِّ البَشَرِ، لا يخرُجُ عَنْ رِسالَتِهِ – صَلَواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيْهِ – أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَأخْرَجَ اللهُ ـ تَعالَى ـ بِالنَّبِيِّ ﷺ البِشرِيَّةَ، مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، مِنَ الضَّلالِ إِلَى الهدَى، مِنَ الغَيِّ إِلَى الرَّشادِ، مِنَ الانْحِرافِ إلَى الاسْتِقامَةِ، هَدانا اللهُ بهِ الصِّراطَ المسْتَقِيمَ.
نَحْنُ لَوْلا هَذِهِ الرِّسالَةِ الَّتي جاءَ بِها النَّبيُّ ﷺ، وَكابدَ وَاجْتَهَدَ في تَبْلِيغِها، وَبَذَلَ غايَةَ جُهْدِهِ، وَمُنْتَهى طاقَتِهِ في إِخْراجِنا مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، لكُنَّا في جاهِلِيَّةٍ جَهْلاءَ، لَكُنّا في عماءٍ، لكُنّا في ضَلالَةٍ، وَحَتَّى يَتَبيَّنَ لَكَ ذَلِكَ، تَأَمَّلْ حالَ النَّاسِ قبْلَ بِعْثَةِ النَّبيِّ ﷺ، فَإِنَّهُمْ كانُوا في ظَلامٍ دامِسٍ، وَعَماءٍ مُطْبقٍ، لَيْسَ لَدَيْهِمْ مِنْ أَسْبابِ الهِدايَةِ، وَالخُرُوجِ مِنَ الضَّلالِ، ما يُخرجُهُمْ مِنْ تلْكَ الظُّلُماتِ، جاءَ في حدِيثِ، عِياضِ بْنِ حِمارٍ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ – في صَحِيحِ الإِمامِ مُسْلِمٍ، أَنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «إنَّ اللهَ نَظرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ» أَيْ قَبْلَ بعثةِ النبيِّ ﷺ: «فمقَتَهُمْ عَربَهُمْ، وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقايا مِنْ أَهْلِ الكِتابِ»صَحِيحُ مُسْلِمٍ (2865)   إِلَّا نَفَرٌ قَلِيلٌ مِمَّنْ كانَ عَلَى دِينِ النَّبيينَ السَّابِقِينَ، وَغالبُ مَنْ في الأَرْضِ كانَ في ظَلامٍ دامِسٍ، فَلَوْلا بَعْثَتِهِ ﷺ، وَلَوْلا النُّورُ الَّذِي جاءَ بِهِ ﷺ، ما عَرفَ الناسُ الهدَى، قالَ اللهُ ـ تَعالَى ـ: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍالشورى:52   نُحِبُّهُ ﷺ لِعَظيمِ إِحْسانِهِ إِلَيْنا، فَلَمْ يَتْرُكَ خَيْراً إِلَّا دلَّنا عَلَيْهُ، وَلا شَراً إِلَّا حَذَّرَنا مِنْهُ، تَرَكَنا عَلَى سَبيلٍ بيٍّن، وَطَريقٍ وَاضِحٍ لا لَبْسَ فِيهِ، وَلا غَبَشَ، دلَّنا عَلَى ما فِيهِ خَيرُ مَعاشِنا، وَما فِيهِ خَيْرُ مَعادِنا، فَجَمَعَ لَنا خَيْرَ الدُّنْيا، وَالآخِرَةِ، وَلِذَلِكَ كانَتِ الصَّلاةُ عَلَيْهِ كِفايَةُ لهمُومِ الدُّنْيا، وَهُمُومِ الآخِرَةِ، كَما جاءَ في حَدِيثِ أُبيِّ: «إِذاً يَكْفِيكَ اللهُ ما أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْياكَ، وآخرَتِكَ».
نَسْأَلُ اللهَ العظيمَ ربَّ العَرشِ الكريمِ، أَنْ يَرْزُقَنا ذِكْرَهُ، وَشُكْرَهُ، وَحُسْنَ عِبادَتِهِ، وَأَنْ يَرْزُقَنا تَمامَ الإِيمانِ بهِ – صَلَواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ – وَالقِيامَ بحقِّهِ، وَأَنْ يُشْغِلَ أَلْسِنَتَنا بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ، وَأَبْدانَنا بِاتِّباعِ هَدْيِهِ، وَأَنْ يَرْزُقَنا السَّيْرَ عَلَى سُنَّتِهِ ظاهِراً، وباطِنًا، إِلَى أَنْ نَلْقاكُمْ في حَلْقَةٍ قادِمَةٍ مِنْ بَرْنامجُكُمْ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ أَسْتوْدِعُكُمُ اللهَ الَّذي لا تَضِيعُ وَدائِعُهُ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرحْمَةُ اللهِ وَبَركاتُهُ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات95031 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات90702 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف